بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/02/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: في التسليم
 كنّا في بيان الأدلة والروايات التي يتوهم من ظاهرها المنع عن وجوب أو جزئية التسليم
 وقد تعرضنا الى طائفة من الروايات المستفيضة التي تقول ان من أحدث أو أتى بناقض أو قاطع في الصلاة قبل التسليم لاتبطل صلاته وقلنا ان هذه الروايات المستفيضة الواردة في أبواب التسليم والتشهد و أبواب اخرى لاتنافي جزئية أو وجوب التسليم لأن غاية دلالتها هو ان التسليم ليس بركن ولاتدل على ان التسليم ليس بواجب أو ليس بجزء ومن هذه الروايات كما تقدم موثق غالب وموثق زرارة
 وكذا حسنة الحلبي التي هي من نفس الطائفة المروية في أبواب التسليم الباب 3 الحديث 4 حيث ورد فيها ان الالتفات الفاحش بعد التشهد لايبطل الصلاة ولو قبل التسليم بخلاف ما اذا كان الالتفات الفاحش قبل التشهد
 وهذا الحمل مشترك في جميع روايات هذه الطائفة مع مكان حمل التسليم في هذه الطائفة في جملة من رواياتها على التسليم الثاني بمعنى ان المراد من جملة قبل التسليم هو قبل التسليم الثاني وليس التسليم الأول ففي التسليم الأول يخرج به عن الصلاة
 ومنها: صحيحة علي بن جعفر في أبواب صلاة الجماعة الباب 64 الحديث 2 عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يكون خلق الامام فيطوّل الامام التشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف على شيء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال يتشهد وينصرف ويدع الامام فهنا توهم انه ينصرف بدون تسليم
 ومنها: صحيحة محمد بن مسلم في أبواب التشهد الباب 4 الحديث 4 قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) التشهد في الصلوات؟ قال مرتين، قلت كيف مرتين؟ قال اذا استويت جالسا فقل أشهد ان لا اله الاّ الله وحده لاشريك وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ثم تنصرف
 فهناك صحيحتان أو أكثر تفيدان وتدلان على ان الإنصراف يحصل بعد التشهد وبدون تسليم، فما علاج هذا المفاد؟
 ان العلاج لهذا المفاد هو ان كلمة (الانصراف) استعملت في الروايات على نفس التسليم
 ثم ان صحيحة علي بن جعفر هذه التي رواها الشيخ الطوسي والصدوق في موضع آخر من التهذيب وموضع آخر من الفقيه فيها زيادة وهي: يُسلّم وينصرف
 ونذكر فائدة مهمة حديثية ودرائية وهي انه غالبا روايات التهذيب مروية في أكثر من موضع وفي كل موضوع مروية بطريق غير الطريق الآخر
 وان الميرزا النوري في المستدرك قد أخذ على جملة من كبار المحدثين انهم يقطعون في الروايات استنادا واجتهادا الى مباني كلامية في مبحث العقائد من باب الحفاظ على الاستقامة بالنسبة للآخرين
 ومن باب المثال لهذا المطلب فقد قارنت انا بين روايات حساسة في اصول الكافي ج 1 وبين كتاب الاختصاص للشيخ المفيد وجدت ان الكليني في جملة من الفصول والأبواب لم يرو روايات وردت في نفس الباب فهو لم يروها لنفس هذا السبب وهو الغلو أو لأجل الامور العقائدية
 فلابد من الالتفات الى ان التقطيع في الروايات أو التتبع في مضان تعدد الرواية الواحدة بأسانيد عديدة هو أمر ضروري فقد ثبت انه كلما تتبع الانسان أكثر في الروايات فانه يلتفت الى كيفية الاستعمال اللفظي في الروايات ويصل الى الإطار الدقيق من المعنى المراد من الروايات أكثر
 فلابد من ان يتتبع الانسان تكرار الاستعمال التركيبي للجمل سواء في الآيات أو الروايات فانه يُخرج الانسان الى دقائق المعنى المراد الصحيح من الآية أو الرواية فمن الأخطاء ان يكتفي الانسان في الاستظهار على رواية واحدة فان هذا الأمر ليس بسديد
 ففيما نحن فيه نلاحظ في نفس صحيحة علي بن جعفر يرويها الشيخ الطوسي نفسه في موضوع آخر بلفظ زائد وكذا الشيخ الصدوق يويها بلفظ زائد
 ومن القرائن التي تدل على ان كلمة (ينصرف) تستعمل في التسليم هو صحيحة الحلبي الباب 4 من أبواب التشهد الحديث الأول يقول (عليه السلام) وان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت فهذا يدل على ان التسليم هو إنصراف
 وكذا رواية أبي كهنس في أبواب التسليم الباب 4 الحديث 2 قال سألته عن الركعتين الاولتين اذا جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته إنصراف هو؟ قال لا ولكن اذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين هو الأنصراف فهنا تصريح في هذه الروايات على ان التسليم هو الانصراف