بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/02/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلّم
 عبّرنا عن مصحح زرارة في الاقعاء بأنه مصحح مع ان غالب أعلام العصر اعتبروه مرسل لأن ابن ادريس لم يذكر سنده من الكتب التي ذكره منها في المستطرفات ولكننا نبني على ان الكتب مسنده ومشهورة
 مصحح زرارة في أبواب التشهد الباب الأول الحديث الأول قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) لابأس بالاقعاء فيما بين السجدتين ولاينبغي الاقعاء في موضوع التشهد إنما التشهد في الجلوس وليس المقعي بجالس ويمكن حمله على الحقيقة لا على المبالغة لأن اقعاء الكلب فانه لايجلس على وركيه ولا على اليتيه
 نعم في صحيح زرارة الآخر في أبواب أفعال الصلاة الباب الأول الحديث 3 عن أبي جعفر (عليه السلام) قال وإياك والقعود على قدميك فتتاذى بذلك ولاتكن قاعدا على الأرض فتكون إنما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهد والدعاء فهذا الإقعاء اذ سمي إقعاء فانه يفترشه الجَمل أو أي حيوان آخر ثم يثني عليه الساق ثم تأتي الفخذ وتنثني الى الأسفل، فعلى هذا المعنى يكون ورك ساق الكلب أو فخذه متكية على عقبيه لا على الأرض
 وان لسان هذه الرواية الصحيحة يناسب الكراهة فان لسانها لسان الآداب وهو ملازم للكراهة ولايناسب اللزوم
 فتحصل من مجموع الروايات ان الاقعاء اذا لم يكن جلوس من الوركين والاليتين على الأرض أو على الجسم بتجافي كما في بعض أنحاء ومراتب الاقعاء فهذا مشكل في التشهد
 وأما الاقعاء الذي هو كما يقال جلسة العبد أي التجافي الذي لايجوز فهو ان يجافي ساقيه على الأرض أي يثني رجليه منصوبتين في الهواء وان كان لاصق اليته على عقبه
 أما اذا كان الاقعاء بصورة انه قد لاصق ساقيه الأرض وجلس بوركيه واليتيه على الأرض فهذا هو مورد صحيحة زرارة الأخيرة وهي جلسة العبد فهذا مجزية ويصدق عليه انه جالس وغير متجافي لكنه مكروه والأحوط تركه والأفضل والمستحب التورك لكن التورك غير متعين
 وهذا الجمع هو ابقاء الروايات النهاية على حالها وحملنا الروايات الاخرى على الكراهة
 مسألة 3: من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلّم وقبله يتبع غيره فيلقنه ولو عجز ولم يكن من يلقنه أو كان الوقت ضيقا أتى بما يقدر ويترجم الباقي وإن لم يعلم شيئا يأتي بترجمة الكل وإن لم يعلم يأتي بسائر الأذكار بقدره والأولى التحميد إن كان يحسنه وإلا فالأحوط الجلوس قدره مع الإخطار بالبال إن أمكن وهذه هي مراتب التعلم ولكنها من أين؟
 ان أصل لزوم التعلم مفروغ عنه لأنه أداء للواجب
 قد يقال انه ليس من الضروري التعلم بل يتكل المكلف على من يلقنه وهو يكفي لصحة الصلاة كما في أعمال الحج فهي مجزية ولو عن متابعة
 فنقول هذا الكلام تام ولكن في باب الصلاة اذا لم يكن واثقا من توفر الملقن أو المداقة في التلقين بمعنى انه قد يكون الملقن غير ضابط للتجويد الصحيح في الصلاة بمعنى انه لايسد مسد الواجب
 ومع كل هذه المعرضية فالصحيح ان التعلم متعين رتبة لأن التلقين في معرض عدم الأداء التام
 نعم لو وثق من الأداء التام فيكون مخيرا بين التلقين وبين التعلّم أما وجوب التعلم فهو مقدمة لأداء الواجب فان لم يمكنه التعلم مع توفر التلقين فتصل النوبة للتلقين
 والنوبة الثالثة هي الترجمة والدليل على الترجمة جملة من الروايات
 منها موثقة مسعدة بن صدقة في أبواب القراءة في الصلاة الباب 59 الحديث 2 قال سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول انك قد ترى من المحرم من العجم لايراد منه مايراد من العالم الفصيح وكذلك الأخرس في القراءه في الصلاة والتشهد وماشابه ذلك فالمحرم لايراد منه مايراد من العاقل المتكلم الفصيح أي يكتفى منه بالملحون لانه عاجز
 وهذه رواية عامة في الواجبات القولية أو في الاقوال الواجبة على الانسان في العبادات بل حتى في غير العبادات من المعاملات
  ففي باب العبادات ان الاذكار القولية الواجبة ليست ذات مرتبة واحدة بل ذات مراتب ونستفيد المراتب المتعددة من هذه الرواية
 ومن ثم نستفيد جواز الترجمة أيضا لأن لغة الأخرس ليست لغة لسانية بل هي لغة اشارة فاذا كانت لغة الاشارة مجزية فان اللغة اللسانية بالترجمة أيضا تجزي لأن لغة الترجمة اللسانية دلالتها أقوى من لغة الاشارة
 ومنها موثقة السكوني في أبواب القراءة في الصلاة الباب 59 الحديث الأول عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القران في الصلاة تحريك لسانه واشارته بأصبعه وهذا أيضا يدل على ان التلفظ الواجب ذو مراتب
 لذا التزمنا في التذكية في الذبح اذا عجز عن اللغة العربية أو عجز عن اسم الجلالة فجزئة أسماء الله الاخرى فيما لو لم يكتفى بها وذلك لأنه في الاخرس يجزي
 ولايشترط في تحقق هذا العجز عدم وجود شخص يلقنه فهذه مراتب العجز في الأبواب المسوغة للمراتب الاضطرارية ليست على وتيرة واحدة في الأبواب
 فمن هاتين الروايتين المعتبرتين يتضح ان الأقوال الواجبة في أبواب العبادات ذات مراتب
 لايقال ان هذه الروايات وان دلت على بعض المراتب لكنها لاتدل على كل الراتب
 فنقول بل انها تدل على كل المراتب كالترجمة وغيرها
 ولو سلمنا بعدم دلالتها على كل المراتب فنلتزم بقاعدة الميسور لايسقط بالمعسور كما هو عند المشهور ولكن ليس استنادا الى هذه الروايات المراسيل وان كانت هي مؤيدة بل استنادا الى قاعدة الاضطرار وحديث الرفع
 فقاعدة الاضطرار وحديث الرفع ليست فقط رافعة كما هو المعروف عند مشهور المعاصرين بل نبني انها رافعة ومثبتة بشرائط وقيود معينة كما هو مشهور القدماء
 ومع كونه رافعا ومثبتا فقد يكون حديث الرفع رافعا لمرتبة ومثبتا لبقية المراتب فيكون نفس حديث الرفع أو قاعدة الاضطرار وهي كل شيء اضطرّ اليه ابن آدم فقد أحله الله وهي نفس قاعدة رفع مااضطروا اليه وسنبحثه في محله وهو الاصول
 فتكون قاعدة الرفع والاضطرار رافعة ومثبته معا فكيف هذه تكون بديلة عن قاعدة الميسور بشرط ان يكون الشيء الذي نريد ان نثبت له الميسور كونه ذو مراتب في الجملة بادلة مسبقة
 ونشترط ذلك لأن الأدلة الاخرى المستقلة لو دلت على انه ذو مراتب بالجملة فنستغني عن حديث الرفع انما نحتاج له لأن دلالته في الجملة
 ومعروف ان الاستصحاب معين الأدلة بمعنى ان الدليل لو لم يكن عمومه قوي فنستعين بالاستصحاب في العموم الأزماني مقابل العموم الأفرادي بمعنى ان الاستصحاب هو معين في الأدلة الاجتهادية للدلالة على العموم الأزماني
 وقاعدة الرفع في الاضطرار هي شبيه للاستصحاب فهي معينة للأدلة على المراتب أي لو كان الدليل يدل على المراتب في الجملة لابالجملة فنجعلة يدل على المراتب بالجملة باعتبار ان هذه الأدلة الخاصة اذا دلت على ان طبيعة هذا الفعل من الواجبات أو من العقود فهذا العنوان والماهية ليست طبيعة بسيطة لاتقبل التعدد بل هي مركب ذات مراتب وبضميمة الاضطرار تتم دلالته على المراتب بالجملة وليس فقط في الجملة
 ففي الاصول قالوا ان بحث الصحيح و الأعم على قسمين فقسم بمعنى الوجود والعدم وقسم بمعنى المركب التام والمركب الناقص فلذا نستكشف انه ذو مراتب ومركب وليس ببسيط وذلك بتوسط الأدلة الواردة في الجلمة
 وبعبارة اخرى ان قاعدة الاضطرار والرفع هي معاضدة الى عموم الدليل الخاص في مراتبية الطبيعة