الأستاذ السند

بحث الفقه

33/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: القراءة في الركعة الثالثة والرابعة
 كنا في في الشق الثاني من الوظيفة القولية في تسبيحات الركعة الثالثة والرابعة فهل هي أربع أو ثلاث وهل هي تسبيحات أو تسبيحة أو مطلق الذكر تقدمت الاقوال فيها والمشهور انها تسبيحات ثلاث أو أربع
 فالطائفة الاولى دلت على ان التسبيح هو مطلق الذكر وتقدم انها من باب أصل التشريع ولكنه يفيد تعدد المطلوب كما هو دأب القدماء فاذا تعددت الألسن في الواجب فيحمل على تعدد المطلوب
 والطائفة الثانية مادل على إجزاء ثلاث تسبيحات (سبحان الله سبحان الله سبحان الله) وهذه الطائفة صحيحة السند
 والطائفة الثالثة مادل على إجزاء تسبيحات ثلاث (سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله) من دون أخذ التكبير فيها وهذه الطائفة دلت عليها صحيحة زرارة
 الطائفة الثالثة: مادل على إجزاء ما عدا التكبير
 الرواية الاولى: صحيحة زرارة في الباب 51 من أبواب القراءة الحديث الاول عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لاتقرئن في الركعتين الاخيرتين من الأربع ركعات المفروضات شيئا اماما كنت أو غير امام قال قلت فما أقول فيهما فقال اذا كنت اماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله ثلاث مرات تكملة تسع تسبيحات ثم تكمّل وتركع فالصورة المذكورة في الرواية التسبيحة من دون الله اكبر، فالبعض قال ان هذه الصحيحة هي نفس الصحيحة الاتية في الطائفة الرابعة اي مع ذكر الله أكبر فهذا الاحتمال لايأتي لأنه (عليه السلام) يقول تكملة تسع تسبيحات ومعه فلايحتمل السقط في الرواية
 وهذه الرواية ليس طريقها واحد فقد رواها الصدوق في الفقيه ورواها ابن ادريس في المستطرفات من كتاب حريز
 الطائفة الرابعة: مادل على كون التسبيحات رباعية
 الرواية الاولى: صحيحة زرارة في أبواب القراءة الباب 42 الحديث 5 قال قلت لابي جعفر (عليه السلام) مايجزء من القول في الركعتين الاخيرتين قال تقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله اكبر وتكبر وتركع وقد رواها الكليني في الكافي ورواها ابن ادريس عن حريز عن زرارة فاحتمال من عدم ضبط النسخة
 ولعل هذه الصحيحة التي رواها الكليني يحتمل فيها الزيادة لأنه هناك قد صرح بالعدد أي بتسع تكبيرات بينما هنا لم يذكر العدد، هذا لو اريد التشكيك في وجود زيادة في الرواية والاّ فالاصل هو الأخذ بالمتن الموجود
 الرواية الثانية: معتبرة محمد بن عمران في الباب 51 الحديث 3 انه سأل ابا عبد الله (عليه السلام) فقال لأيّ علة صار التسبيح في في الركعتين الأخيرتين أفضل من القرائة قال إنما صار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لأن النبي (صلى الله عليه واله) لما كان في الاخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عزوجل فدهش فقال سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله أكبر فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة وهذ أيضا مروية عن محمد بن حمزة
 الرواية الثالثة: صحيحة سالم أبي خديجة المتقدمة في الباب 51 الحديث 13 عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال اذا كنت امام قوم فعليك ان تقرأ في الركعتين الاولتين وعلى الذين خلفك ان يقولوا سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله أكبر وهم قيام فيحتمل ان تكون والله واكبر تكبيرة الركوع ولكنه خلاف الظاهر فالظاهر الاولى انها جزء التسبيحات
 الرواية الرابعة: رواية الرداء بن أبي الضحاك انه صحب الإمام الرضا (عليه السلام) فكان يسبح في الاخراوين يقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله اكبر ثلاث مرات وهذا تصريح من الرواي
 ومقتضى الجمع بين هذه الطوائف الأربع هو اتفاق بثلاث تسبيحات (سبحان الله سبحان الله سبحان الله) وتحمل بقية الصور على الاستحباب أو القول (سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله) ثلاث مرات فوهذا هو مقتضى الجمع، نعم الأحوط الاتيان بها أربع مرات والأفضل ثلاث مرات
 واذا كانت الثلاث مرات للندب فالمرتين والأربع والسبع ندبا فما ذكره ابن أبي عقيل ومال اليه الشهيد الأول في محله لأن الشارع هو الذي بين مراتب الندب فهي طبقات الاستحباب
 طبعاً الحد الأدنى ثلاث تسبيحات أي (سبحان الله سبحان الله سبحان الله أو سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله) والمرات الاخرى ندبية، والسبب في ان الفرد مستحب كالسبع والخمس فلما ورد في الروايات ان الله تعالى وتر يحب الوتر ففي الافعال دائما الوتر أكثر استحبابا من الزوج
 وهذا محصل الجمع بين الطوائف
 قال الماتن (قده) ومن لايستطيع يأتي بالممكن منها والاّ أتى بالذكر المطلق فلا حاجة الى قاعدة الميسور للدلالة عليه بل تدل عليه نفس الطائفة الاولى لما مرّ من ان القدماء عندهم الطبيعة المطلقة بعد التقييد ليس معنى التقييد ان تنسف الطبيعة المطلقة من راس في الموارد التي قيدت فيها بل تجمد مادام المخصص فاعلا
 وهنا اذا قدر على الحمد فتتعين الحمد لأن التسبيحة المفروض انها ناقصة والغضاضة بلحاظ الفرد الكامل لكن بالنسبة للفرد الناقص هي أتم
 مسألة 1: إذا نسي الحمد في الركعتين الأوليين فالأحوط اختيار قراءته في الأخيرتين لكن الأقوى بقاء التخيير بينه وبين التسبيحات لما تقدم من النصوص ان من نسي القراءة في الاولتين يتعين عليه القراءة في الأخيرتين لكن هذه النصوص لايتمسك بها في ظهورها في التعين لما تقدم من صحيحة معاوية بن عمار أكره ان اجعل آخر صلاتي اولها فلذا تحمل على الاستحباب بل حتى الاستحباب فيه اشكال فدعوى السيد اليزدي فيها اشكال
 مسألة 2: الأقوى كون التسبيحات أفضل من قراءة الحمد في الأخيرتين لكن الأقوى بقاء التخيير بينه وبين التسبيحات سواء كان منفردا أو مأموما أو امام وهذا هو الأشهر ان لم يكن مشهورا وقد دلت عليه الطائفة الاولى
 وليس من مهارة الفقيه في مهارته الفقهية ان يرجح بين الروايات أو يخصص بل مهارة الفقيه ان يعرف كل لسان لماذا ورد بهذا القالب وبهذا الاطار فالفقيه هو الذي لايرتكب حتى التخصيص بمعنى ان التخصيص ليس رفع العام أو المطلق في حصة بل هو تجميد لذا فان الماهرة في الفقه يجب ان لايرتكب جمعا عرفيا لأجل عدم التنافي وان كان هناك توليف بين الألسن
 لذا فان خبرة الفقيه ومهارته ان يبين ويكتشف المناسبة بين الروايات الضعيفة وبين مجموع روايات الباب لا انه يكتفي ببعضها التي هي أقوى سندا فان هذا يسبب له الغفلة عن جوانب اخرى لاتكشفه لها الاّ الروايات الضعيفة
 وتتمة للبحث السابق فان التقية التي اعتمدنا عليها ليست هي التقية في مقام الترجيح (ماوافق العامة فاطرحه عرض الجدار) بل التقية التي اعتمدنا عليها هي تقية الاستظهار في متن الرواية
 ومثال هذا في جملة من موارد كتاب المستمسك للسيد الحكيم (قده) فيشكل السيد على المشهور بان روايات صحيحة السند وردت في ان اخراج الدم من البدن ناقض للوضوء ومس العورة ناقض للوضوء وقص الشعر ناقض للوضوء وغيرها من النواقض التي ذهب اليها العامة فهذه الروايات لم يعمل بها مشهور الامامية وعدم العمل بها مشهور شهرة عظيمة بل لم يعملوا بها لأصل المطلوبية أي حتى لم يحملوها على الاستحباب فيستشكل السيد ويقول نجمع هنا جمعا عرفيا ونحملها على الاستحباب ومعه فلا تطرح الرواية
 والجواب ان المشهور انما لم يعمل بهذه الروايات لامن باب الترجيح بل لم يعمل بها من باب ان هذه الروايات بسبب موافقتها للعامة فيها خلل ذاتي لا انها تامة ذاتا وبسبب التعارض والترجيح طرحت
 فهنا يتبين ان التقية التي هي من شرائط حجية الخبر على سنخين، سنخ في مقام الترجيح وسنخ في أصل حجية ذات الخبر مع غض النظر عن المعارض
 فمن شرائط حجية الخبر ان لايخالف الكتاب فالكتاب والسنة شرط في حجية الخبر بنمطين فتارة الكتاب والسنة مرجح وتارة عدم مخالفة الكتاب والسنة، فالشرط تارة شرط في أصل حجية الخبر بغض النظر عن التعارض وتارة هو في مقام التعارض شرط
 فاذا كانت المخالفة للكتاب والسنة بنحو التباين فالشرط في مقام أصل حجية الخبر أما لو كان الخبر لايخالف الكتاب والسنة بنحو التباين بل المخالفة بنحو العموم والخصوص من وجه فهنا لايحدث خلل ذاتي في الخبر نعم في مقام التعارض فان الخبر الذي يخصص يطرح
 فالمخالفة للكتاب سنخان سنخ مخالفة تباينّة وهي ليست مرجح فانه شرط ذاتي للخبر وسنخ بنحو الاطلاق والتقييد أو العموم والخصوص فهو ليس شرطا ذاتيا للخبر بل هو شرط اذا ابتلي الخبر بمعارض
 فالتقية تارة تخل بأصل حجية الخبر بغض النظر عن المعارض وتارة التقية لاتخل بأصل حجية الخبر بل تخل به عند المعارضة
 والتمييز بين هذين السنخين من التقية يحتاج الى فطنة فقهية مهمة قد يغفل عنها الأكابر، والطائفة الاولى التي تقدمت تنبه على الخلل في نفس الروايات التي تظهر تعين القراءة في تلك الحالة أو غيرها