الأستاذ الشیخ محمد السند

بحث الفقه

32/11/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: وجوب قرائة السورة بعد الحمد

 في مسألة القرائة وصلنا الى وجوب قرائة السورة بعد الحمد ومرّ بنا ان المشهور من الاصحاب ذهبوا الى وجوب السورة بعد الحمد لكن جمع من المتقدمين في بعض كتبهم ذهبوا الى عدم الوجوب

 وسبب الاختلاف في وجوب السورة بعد الحمد هو الاختلاف في طوائف الروايات الواردة

  وقبل استعراض طوائف الروايات وكيفية الجمع بينها لابد من ذكر نكتة صناعية مهمة وهي:

 ان اساطين وفحول الفقه وعلم الحديث ديدنهم ليس فقط انهم يعالجون التعارض بل يكشفون ان هذه ليست بازمة

 فالشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار وحتى صاحب الوسائل والشيخ المفيد والسيد المرتضى في بعض الموارد غالبا لايعالجون التعارض بعلاج اضطراري وموقت بل علاجهم للتعارض بنحو من المتانة بحيث لاتوجد ازمة في البين أصلا

 فالترجيح بالسند هو علاج مسكّن وموقت لذالك قالوا ان الجمع العرفي امتن من الترجيح فانه اكثر عمقا واكثر تمكينا من العلاج بالترجيح

 وصاحب الوسائل اورد روايات للتعارض في حدود مائتين وخمسون رواية والعلامة المجلسي ايضا اورد هذه الحدود من الروايات في التعارض وبينهما عموم وخصوص من وجه

 بينما المتاخرون يذكرون عشرون رواية في التعارض

 وهذا عكس القدماء فهم يتعرضون في الاصول في بحث التعارض لتلك المآت من الروايات بشكل الألسن لاالتعداد

 والسبب ان المتاخرين قصروا النظر على العلاج بالتعارض والتخيير وهذا العلاج اضطراري لمن يعجز عن توفير انواع ومراتب العلاج الاخرى

 والروايات الاخرى تذكر علاجات اعلى مستوى يمكن ان نعنونها بالعلاج المضموني لا العلاج في الصدور أو جهة الصدور

 والفرق بين العلاج المضموني او جهة الصدور

 فان العلاج بالمضمون عبارة عن فقه الرواية ودراية الرواية اي مضمون الحديث، فقد ورد في ذالك حديث تدريه خير من ثلاثة احاديث ترويها وورد ايضا حديث تدريه خير من عشر احاديث ترويها وفي رواية اخرى حديث تدريه خير من مائة حديث ترويه وفي رواية رابعة حديث تدريه خير من الف حديث ترويه لذا فلابد من دراية الرواية وفهمها

 اما جعل تمام البحث في الرواية هو بحث الصدور فهذا ليس بصحيح وليس بتام

 فان الروايات العلاجية خمسة وتسعون منها هي بصدد علاج المضمون اي ان مايتوهم من وجود تناقض في المضمون لابد من الذهاب فيه الى المضمون

 فالشيخ الطوسي في الاستبصار اكثر علاجاته في المضمون لافي الطريق وفي التهذيب كذالك

 فالمتقدمين لديهم درجات في الجمع والدرجة العليا عندهم هو ان لايتصرف في الظهور بل يلتفت الى اختلاف مسير الظهورات بحيث لاتتخالف ولايحتاج الى تكلف حتى يؤوّل او يرفع اليد عن ظهور مقابل ظهور اخر

 وبعبارة اخرى ان اساطين الفقه يسعون الى انكشاف اسباب تعدد لسان الروايات من دون ان يكون بينها تنافي

 وجملة من فحول الفقهاء حتى التخصيص والتقييد يحاولون ان لايرتكبوه بل وحتى الجمع العرفي كذالك فكل مفاد يبقونه على حاله

 كما ان حقيقة التقييد والتخصيص عند القدماء تختلف عن حقيقتهما عند المتاخرين فان حقيقة التخصيص والتقييد للقدماء هو بقاء العام مكانه ولايزول عنه حتى في موارد الخاص

 واجمالا ان الجمع والعلاج بين الروايات المتعارضة هو مهارة وتضلع للفقيه فالعلاج في المضمون مقدم رتبتا وصناعتا وعلما على العلاج في الطريق

 وان من يذهب مسرعا الى التعارض أو الترجيح في الروايات فان هذا دليل ضعفه وعدم احاطته وعدم تتبعة اما الذي يتتبع القرائن فهذا يدل على احاطته وتتبعه

 وان اهل البيت (عليهم السلام) يغطّون زوايا عظيمة في كلامهم ورواياتهم لسعة الافق عندهم وعظمتهم وتنوع الالسنة عندهم

 وعندما بدأت بالبحث الفقهي في بحث الكر رأيت صاحب الجواهر وكان في بدايات عمره يقول ان الرواية مطروحة لانه قد يكون المعصوم (عليه السلام) غير ملتفت الى الجهة الرياضية فذكرت ان هذه الروايات التي تحسب انها متعارضة في الكر هي معجزة رياضية وفيزيائية فانك اذا جعلت معيار الكر وزنا واحدا فيستحيل ان تكون وحدة وزنية في الارض بحجم واحد لان الماء بعضه كثيف وبعضه خفيف وغير ذالك، وامثال ذالك الكثير

 فتحصل ان البحّاث العلمي اذا استطاع ان لايطرح رواية واحدة فان له باع كبير في العلم