الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العقل النظري الفكري أو العملي المشاعري

 

نقرأ متل الرواية التي مرتبطة بفقه القلوب من باب ان نكون في الجو قال عليه السلام في رد تجسيم بلغة فقه القلوب بعدما دحض الامام الصادق القول بالتجسيم بلغة البرهان الفكري بدأ بلغة فقه القلوب في دحض هذه النظرية فقال عليه السلام : ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة ... فهم يستثمرون تفكيرهم كرياضة فكرية لناتج قلبي روحي فالفكر هو من ادوات الرياضات القلبية والروح ، وورد في زيارات المعصومين : وفتحت باب قلبي مناجاتهم فعندما تقول لذة يعني استشعار ونجوى وتكلم القلب والروح فالفكر هو بوابة للاستشعارات القلبية .

فقال ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله ، فالحب ليس فكر وانما هو شعور باطني في القلب فمفهوم الحب شيء فكري اما وجود الحب شيء مشاعري قلبي او نفساني او روحاني ففرق بين واقع وجود الحب وبين مفهوم الحب كذلك فرق بين الكراهة والسخط وبين مفهوم الكراهة حيث الكراهة امر فكري وواقع الرضا امر قلبي روحي لكن مفهوم الرضا امر فكري والمفهوم هو صورة الشيء وليس هو الشيء .

هذا الخلط والاختلاط وقع على ابن سينا في النصف الثاني من عمره العلمي في العقل العملي والعقل النظري فمفهوم الحسن والقبح امر فكري عقلي نظري ودائرة العقل النظري تمييزها عن دائرة العقل العملي بحث حساس سواء في الفلسفة او العرفان او الرياضات الروحية والقلبية .

كذلك الحال عند الشيخ المظفر رحمة الله عليه في الجملة او عند نصير الدين الطوسي في متابعته لابن سينا وان كانت هي تارة وتارة وكذلك الطبأطبائي فهناك فرق في مفاهيم قضايا العقل العملي فهذه هي عقل نظري وليس عقل عملي ولكنها مفاهيم وبين مسائل العقل العملي هي ادراكات عقل نظري وليس عقل عملي ومن ثم التبس الامر على ابن سينا والى يومنا ان العقل النظري والعقل العملي قوة واحدة واشار اليه الشيخ المظفر رحمة الله عليه في اصول الفقه وكذلك اشار اليه في منطقه وكذلك في شرح الكفاية للمرحوم الكومباني وكذلك العلامة الطباطبائي في موارد عديدة من تفسيره.

هذا خلط بين مفهوم قضايا العقل العملي وواقع وجود قضايا العقل العملي ، فالعدل حسن كمفهوم هذا عقل نظري وان كانت القضية هي مرتبطة بالعقل العملي ولكن هو مفهوم فكري يعني عقل نظري ومرآة ، فهو علم صوري مرآتي اما واقع العقل العملي كما يقوله الامام موسى ابن جعفر ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان يعني عمالة دافعة وليست قوة متفكرة ، القوة المتفكرة ما ينبغي فعله وما لا ينبغي ، فان كان هذا الكلام مفهومي فهو عقل نظري كما قال ابن سينا وفرق العقل النظري عن العقل العملي فرق باعتباره هو فرق بلحاظ المعلومة لا بلحاظ القوة فالقوة هي واحدة وهذا الكلام منه صحيح بلحاظ مفاهيم احكام العقل العملي ومفاهيم قضايا العقل العملي اما العقل العملي لا يتعاطى مع المفاهيم وانما يتعاطى مع الوجودات الواقعية .

الظلم يشمئز منه ويقبحه هذا شعور باطن وليس فكر ، اذن قضايا العقل العملي او قضايا القلب ليست مفاهيم فكرية وانما واقعها وجودات ملؤها الشعور والاستشعار الان لما نقول الله عز وجل خالق كل شيء ليس مفهوم الله وانما واقع الله عز وجل ولذلك قال ائمة اهل البيت هذه المفاهيم التي انتم تعرفون بها الله هذه المفاهيم ليست هي الله هي مخلوقة ومصنوعة منكم ومردودة عليكم انما هذا تلسكوب وعين مسلحة .

فالمفهوم عين مسلحة مصنوعة مخلوقة منكم مردودة عليكم لا تنظر بها انها هي الحق تعالى ، انظر هذا البيان العقلي من اهل البيت وانه حتى الفلاسفة لا يلتفتون اليه ، احد زوجات النبي في قوله تعالى فلما نبأها قالت من انبأك به وهذه في رواية الفريقين انه هي تقول للنبي هل الله فوق السقف يسمعنا؟ انظر عقلية التجسيم بينما ائمة اهل البيت وفاطمة الزهراء انى يقاس بهم احد ففي كلام اهل البيت كل ما تصورتموه مصنوع لكم وهذا ليس خالق .

احدهم يهذي ويقول ان اسماء الله هي هذه المفاهيم كلا هذه معاني ينظر بها الى اسماء الله ولكن اسماء الله وجودات ملكوتية مهولة والعرش نقطة فيها وهي مجردة عن الجسم فلما تقول اسماء الله نفس الكلام مفهوم اسماء الله هي ليست اسماء هذه صورة عاكسة يجب ان نفرق بين وجودات واقعية وغير واقعية الان زيد هل هو المفهوم او هو هذا الوجود الخارجي؟ انه الوجود الخارجي .

لاحظ عظمة علم اهل البيت لا الصوفية ولا العرفاء ولا الفلاسفة ولا المتكلمين يدركوه ، ويقولون القرآن هذه المفاهيم والاصوات كلا انها تنزيل الكتاب وليس حقيقة الكتاب ونازلة منزلة الكتاب اما نفس القرآن وجود غيبي ملكوتي روح امري ، وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا وليس روح معاني وليس اصوات هذا غير لا تحرك به لسانك لتعجل به هذا نزول اخر روحا من امرنا هذا الروح الامري كما يقول اعجاز علم ائمة اهل البيت في القرآن يقولون هذا القرآن روح امري مهول في افعاله . ذاك هو القرآن وذاك لا يمسه زيد وبكر وانما يمسه فقط اهل البيت خاصة .

ذاك القائل قال حسبنا كتاب الله ... انت اين حصلت كتاب الله حتى تقول حسبك ؟ انت حصلت تنزيله ، نعوذ بالله من هذه المقالة ومن هذا الشخص ومن هذا الفهم فاذن لاحظ فرق بين تنزيل القرآن وتنزيل الكتاب فهو اصوات ومفاهيم ، اما واقع الكتاب شيء ملكوتي مكنون فلا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم انه لقرآن كريم ولكن ليس عندكم وانما في كتاب مكنون يعني هذا الذي عندكم تنزيل مرآة عاكسة لذاك الواقع ، مثل مفهوم زيد و واقع زيد .

كذلك في العقل العملي اشتبه والتبس الامر على ابن سينا وعلى جماعة كثيرة من الفلاسفة خلطوا بين مفاهيم العقل العملي قالوا هو نفس العقل النظري وهو فكر وبين واقع العقل العملي الذي هو وجوده محركية خارجية فامره محرك ونهيه رادع .

لاحظ قوله تعالى واما من امن واتقى ونهى النفس عن الهوى يعني منعها ، وهذا ليس بالانشاء فهو وجود المنع وليس مفهوم المنع فهو وجود المنع وليس امرا اعتباريا انشائيا الامر الاعتباري هذا شأن الفكر اما شأن العقل العملي هو ممانعة تكوينية وجودية وعملية دفع تكويني وليس فكر ، نعم الفكر يقوم به العقل النظري ويدرك قضايا العقل النظري ويدرك قضايا العقل العملي فهو يدرك كلتا المساحتين ولكن هذا وظيفة ونشاط العقل النظري اما العقل العملي في متن الوجود ومتن المشاعر وعنده جذب ونفرة وتولي وتبري وحب وبغض وانجذاب ونفرة وميول وتبرم هذا واقع العقل العملي سواء العقل العملي او القوة الغضبية او القوة الشهوية هذه كلها قوى ، فالشهوة ليست فكر نعم فكر الشهوة بحث نظري لكن الشهوة واقع عملي وجودي في الروح .

فنظام الروح ونظام النفس مشاعر دفاقة وقادة نشطة فالفكر حارس مراقب من بعيد اما معمعة العسكر هي هذه القوى الروحية النفسانية سواء قوى الخير او الشر هي عمالة تحت امرة القلب او العقل او الوجدان لذلك في بيان اعجازي للائمة وكلام الامام الكاظم العقل ما عبد به الرحمن يعني واقع عملي يزجك ويدفعك بدون جبر .

اذن نظام فقه القلوب يستعين بالفكر لكنه واقع مشاعري دفاق نشط ولذلك الانسان لا يلتهي بالفكر فقط ، الفكر تنظير اما العقل العملي يعني عمل للقوى الشاعرة الباطنة فاستشعر وتفقد والتفت الى مشاعرك الباطنة كما تلتفت الى القوة الفكرية فالقوة الفكرية نور لكن اذا استخدمت ووظفت في الطريق الصحيح ولكن ليس كل حقيقتك ايها الانسان فكر فقط وانما التفت الى جانب المشاعر التي لديك والميول راقبها لاتذهب يمين ويسار ، راقب هذه الميول ثانية ثانية لحظة لحظة وسيطر عليها ان كانت خير تستطيع ان تعطيها وقود وان كانت شر تحجمها وتكبحها ، هذا هو نفس المراقبة ونفس الاستثمار الذي يعطي للانسان سيطرة ومراقبة النفس وهذه هي رياضة .

احد المدارس الرياضات الروحية والنفسية هي المراقبة والالتفات نسوا الله فانساهم انفسهم يعني الالتفات للنفس يعطي الانسان سيطرة على النفس من عرف نفسه وليس فكره يعني نفس الجانب الاهم لوجود الشاعر الحي الدفاق النشط في الانسان وهو الروح والنفس والقلب ، راقب ميولك هذي المراقبة هي حاسبوا انفسكم يعني التفتوا لها فنفس الالتفات يولد لدى الانسان قوة وسيطرة وما يحتاج لشيء اخر ، كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا يعني القائد المسيطر هذه احد الرياضات وهي احد الاليات وليس كل الاليات.

لذلك عندما يقول عليه السلام ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه يعني وراثة تكوينية وليس وراثة اعتبارية قانون ورثوا منه حب الله هو واقع الحب وليس مفهوم الحب ، هل نحن نأنس بالله تعالى؟ هل للقلب شهوة وهوى؟ نعم له شهوة وهوى ولكن ليس حيوانية وانما واجعل قلبي بحبك متيما ، المتيم يعني شدة في الحب وفي اللغة العربية المتيم غير اليتيم كلام امير المؤمنين هو هذا ويقال اشد من الوله وهذا بحث تكويني يعني ما هو المتيم كي نستطيع ان نوصل قلوبنا الى ذلك؟ هذا غير الوهام واشد من الايهام لاحظ هيام هام يهوم هوما فايهما اقوى؟ فالهائم والواله شيء والمتيم شيء .

﴿فيقول عليه السلام : احد اسباب زرع الحب في قلب الانسان وهواه تذكره فكريا لنعم الله فيورث حب الله وهو احد اسباب زرع محبة الله في الانسان لان الانسان عبيد الاحسان فاذا تذكر تفاصيل نعم الله يوميا والتي تغرق الانسان غرقا تلقائيا يولد المحبة والعبودية لله ويولد التسليم والانقياد من تذكر نعم الله ، وورد في الروايات ان تذكر نعم الله اعظم مصاديق و اليات شكر النعمة﴾