الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القلب وتنوع الرياضات في لسان الوحي

 

كنا في هذا المبحث ان الامام الصادق يبين في هذا الحديث الشريف وان كان هذا ليس حديث واحد وانما منظومة وزوايا لابحاث عظيمة في الرياضة الروحية والمعرفة القلبية والرياضة القلبية ومحاورها وزواياها يعني هو حديث جامع عظيم صدر قبل ان يخلق الغزالي وابن عربي وقبل ان تتولد الصوفية في الاسلام وذكره الامام الصادق وباعتراف الكثيرين ان فرق الصوفية والعرفاء هي مواليد عن الفرق الباطنية الشيعية والتي انحرفت عن اهل البيت يعني بغض النظر عن انحراف الفرق الباطنية الشيعية والانحراف الموجود عند الصوفية لكن التاريخ العلمي لسلسلة البحث هو هكذا حيث التصوف والصوفية راوا رياضات مبهرة من امير المؤمنين فبدأ فلان وفلان يتصوفون وهذا باعتراف الكل .

اذن هناك رياضات روحية وقلبية وقال امير المؤمنين انما هي نفسي اروضها لتأتي سالمة او امنة يوم الفزع الاكبر ونحن بعد هذه الرواية سننقل مقطوعة خطيرة في الرياضة الروحية موجودة في نهج البلاغة ويذكر فيها امير المؤمنين دورة من منازل الروح كما هنا الامام الصادق يبين منازل الرياضة النفسية والروحية .

هذا لا ادعاء نبوة ولا ادعاء رسالة ولا ادعاء اصطفاء وانما هذه رياضة قلبية تساعد المسلم والمؤمن الصالح وفي الغلبة على النفس والوصول الى الهدف وهذا هو عين ما يرويه الفريقان عن النبي ان الجهاد الاكبر هو مجاهدة النفس فهذا التشريع اساسه نبوي ومر بانه اعظم مرتاض في المخلوقات على الاطلاق بحسب براهين علوم الرياضات الروحية والقلبية هو سيد الانبياء وقد اشرنا الى هذا عدة مرات ببيانات متواترة عن النبي .

فسيد الانبياء لا يقول ان الجهاد في ساحات القتال هو الجهاد الاكبر او الاوسط مع ان هناك فرق بين الاوسط والوسط والوسيط كما ان هناك فرق بين الاكبر والكبير وفرق بين الاصغر والصغير فسفك الدماء في سبيل الله والمهج يقول عنها سيد الانبياء هو ادنى مراتب الجهاد وهذا حديث ثابت عند الفريقين مع ان الشهادة في ساحات القتال في سبيل الله عظيمة جدا مع ذلك يقول سيد الانبياء هذه ادنى مراتب الشهادة والجهاد واعظم مراتب الشهادة والجهاد هي جهاد النفس يعني بين جهاد النفس والجهاد في ساحات القتال بون ومراتب شاسعة ولم يقل صلى الله عليه وعلى اله : الجهاد الفكري او جهاد التعلم وانما قال جهاد النفس حيث النفس هي جانب المشاعر الباطنة عند الانسان والميول الباطنة وحالات الروح ، وترى النفس تقبل وتدبر وتميل وتهوى وتنفر .

نعم بلا شك اعظم وزير للعقل وللقلب هو الفكر العلمي الكسبي فلا يخدعنك الفرق الضالة والمنحرفة باسم الرياضات الروحية ان نشطب على العلوم الكسبية بالعكس اعظم مصباح ونور ومساعد ووزير للقلب والعقل العملي هو العلم الكسبي والفكر كما قال الامام الكاظم والصادق ولكن ليس هو فقط الفكر وانما هو اعظم جندي ولكن النفس عالم اخر .

فاذا كان هذا هو كلام سيد الانبياء كيف تجد ان هذا النظام النفساني والروحي والقلبي لا تبحث فيه الحوزات العلمية من لسان الوحي دعونا عن الصوفية والعرفاء والفرق الباطنية الاخرى اذا كان هو الشيء الاعظم فكيف يترك؟ فهذا تقصير من عندنا لا سيما يبين القرآن وسيد الانبياء والائمة عليهم السلام ومنهم الامام الصادق ان معرفة حقائق العقائد ما يمكن للقلب فضلا عن الفكر وانما الفكر هو معرفة من بعد ومن بعيد يعني ايه ومرآة من بعد بينما القلب يعطيك نوع من العروج الملكوتي رأته القلوب بحقائق الايمان او ما كذب الفؤاد ما رأى فيطرح هنا قضية الفؤاد وليس الفكر افتمارونه على ما يرى؟ فرؤية القلب للمعارف والحقائق والعقائد اعظم من رؤية الفكر .

مثلا انت في الارض وتلاحظ ما فوق العرش بالتلسكوب هذا يمكن ولكن هي رؤية من بعد فالعين المسلحة الفكرية تلاحظ ما فوق فوق العرش ولكن هذا ليس كالعروج حيث يقول الله وهو بالافق الاعلى وليس هو في الارض فهو في الافق الاعلى يعني معراج فمعرفة القلب هو عروج بينما معرفة الفكر رؤية من بعيد او قوله تعالى ولقد رآه بالافق المبين فليس هو في الارض فبالافق المبين قيد للرائي يعني كون النبي في الافق المبين وهو راى من ثم ذكر الافق المبين والافق الاعلى فما الفرق بينهما؟

يجب التروي والتدبر في الاية يقول لا تهذ القرآن هذا انت عود نفسك كي تفكر في كل عنصر عنصر من معاني الايات وتتدبر معناها وتتلو القرآن حق تلاوته يعني بتدبر اذن كينونة سيد الانبياء هو عروج بالافق الاعلى ما كذب الفؤاد ما رأى اذن رؤية القلب هي عروج من ثم قال ائمة اهل البيت عليهم السلام الصلاة معراج المؤمن وليس الصلاة رؤيا وتصفح لنفحات الغيب من بعد نعم تلقائيا الصلاة مع التوجه والتركيز يصير عندك عروج وانطلاق ولكن ليس عروج البدن وانما عروج القلب ولكن بالتركيز وقدرة التركيز رياضة من الرياضات الصعبة ومن الرياضات العظيمة جدا .

وهذا كما هو الحال في الشمس اذا اشعتها ركزت في مركز معين بالالواح الشمسية تولد الكهرباء او مثلا مثل العدسة الزجاجية التي تركز اشعة الشمس فتحرق الورقة التي امامها كذلك تركيز اشعة الشمس في مكان واحد يولد طاقة ، فالانسان عنده اشعة وعنده تركيز اذا ركزه يصير عنده طاقة من الطاقات فهذه رياضة قوية تكوينية ويعبر عنه ائمة اهل البيت بتوجه القلب يعني التركيز وباللغة الفارسية اذا يريدون ان يطلقوا صفارات الانذار في الحرب يعبرون عنه بالتوجه يعني ركز والتفت ولا تغفل .

فعملية تركيز القلب هي رياضة عجيبة وهي رياضة راجحة والسيد بحر العلوم في الرسالة المنسوبة اليه في الرياضة الروحية تجد منه التأكيد على التركيز وكذا العلامة الطباطبائي عنده رسالة شبيهة برسالة ابن عمه اسمها الولاية ايضا يركز على تركيز القلب فهو شيء عجيب وهو عبارة عن عروج قلبي في الملكوت لا انه لا سمح الله سفول في الظلمات وانما يكون في النور .

وتركيز القلب في الصلاة مطلوب وكذلك في نية الطواف وفي نية السعي والموقف وعرفة ومزدلفة وفي الدعاء حيث ورد لا يستجيب الله نداء قلب ساه او لاه ، او رجال لا تلهيهم تجارة ولا بييع يعني تركيز القلب هو روح العبادة ولبها ولب الدعاء ولب الصلاة .

انما الاعمال بتركيز القلب وهذا شرح لكلام سيد الانبياء انما الاعمال بالنيات وهذا التركيز شيء عجيب غريب خض فيه سترى كيف تتغلب على شهوتك وهواك وغضبك لان القلب غرفة القيادة لمملكة النفس ويقول الشيخ حسن زاده املي ان كلام سيد الانبياء انما الاعمال بالنيات هذا الكلام استنبط منه علماء العلوم النقلية والعقلية ستة وثلاثين قاعدة وليس 36 مسألة وانما ستة وثلاثين قاعدة لانه ص اوتي جوامع الكلم يعني يجمع لك ام المعادلات والتي تنشأ منها معادلات كثيرة وهذه خاصية سيد الانبياء ولم تؤتى لبقية الانبياء وامير المؤمنين اوتي جوامع العلم فلا نبي غير سيد الانبياء ولا وصي غير سيد الاوصياء اوتيا جوامع الكلم و جوامع العلم فهذه الخاصية فقط لسيد الانبياء ولسيد الاوصياء وان كان فرق بين جوامع الكلم وجوامع العلم .

هذه القاعدة انما الاعمال بالنيات احد التفسيرات الاعجازية التي تثبت سؤدة سيد الانبياء على جميع الانبياء فضلا عن نبوته احد الترجمات لها انما الاعمال بتركيز القلب فهذه الرياضة القلبية هي في الحقيقة معراج وفرقها عن الرؤية الفكرية انه انت في الرؤية الفكرية تنظف العدسات والتلسكوب او العين المسلحة من بعد وانت على الارض ولا تعرج ولكن العروج هو رؤية ، فالتفكير عروج ورؤى من بعد اما القلب هو عروج كينوني بحسب بيانات الوحي وبالتالي تركيز والتركيز كما هو مذكور في كلام الامام الصادق يختصر لك عشرين رياضة او خمسين رياضة سيما التي تبدأ من القلب فتختصر لك الطريق وتقفز فيها .

فاذا اعظم جهاد هو جهاد النفس كما يقول سيد الانبياء لا جهاد ساحات القتال لانه حتى في ساحات الجهاد ومهجة النفس هل انت تنوي رفع راية الله وسبيله وهم اهل البيت؟ ام تنوي مكاسب دنيوية؟ او تنوي فيها نصرة ائمة الطاغوت ؟؟ هذه سبيل الشيطان وليس سبيل الله فالنية مهمة جدا والنية هي فعل القلب ورياضة القلب .

اذن سيد الانبياء يركز على جهاد النفس وهو قمة الجهاد بينما جهاد ساحات القتال مع انه محترم ومقدس ولكنه ادنى الجهاد ومر بنا انه ليت يكون هناك شرح لمقتل سيد الشهداء و لوقائع عاشوراء فكون هناك قراءة للجهاد النفسي كيف كان عند ابطال كربلاء؟ وهذا اعظم من جهاد البدن وجزى الله الشعراء خيرا حيث هم يلتقطون هذه العدسة وهذه العدسة لا يفهمها الطبري ولا ابو مخنف وايما يفهمها المؤمن من خلال المشاهد .

احد الاعلام اشار الى انه لماذا سمي المحراب بالمحراب؟ لانها هي ساحة حرب وعندنا في الروايات ان مسجد السهلة كان منطلق عسكرية للنبي ابراهيم يحارب فيها الدول العظمى العمالقة حيث من سنة الانبياء ان يحاربوا الدول العظمى مثل موسى وفرعون وابراهيم ونمرود لكن المحراب سمي بالمحراب لانه منطلق ان يحارب فيه النفس بالصلاة والعبادة ومن ثم يحارب الطواغيت الاخرى لكن طاغوت النفس اخطر من طاغوت السياسة وان كان طاغوت السياسة ايضا يجب ان تتطهر الارض منه ولكن ارض النفس وارض القلب اعظم لزوما في التطهير .

فهنا الامام الصادق يقول هذه المقامات والرياضيات والرياضات اولا هي عبارة عن نظام تكويني يرشد الشارع الى حقائق كما في المعارف والعقائد يرشد الشارع الى حقائق ومعارف مر بنا انه ما الفرق بين الحكم في العقائد والحكم في الفروع الفقهية ؟ والجواب ان الحكم في الفروع الفقهية اعتبار قانوني انشائي اما الحكم في العقائد تكويني وليس اعتباري ولكن مع ذلك نحتاج فيه الى هداية الله بل الحاجة في الزم وهذا الفرق يوقفنا على ان نظام العقائد او نظام القلب هو نظام تكويني تعبدي ولكن هناك ضرورة لهداية وارشاد الوحي فهو ليس تعبد اعتباري وليس تعبد قانوني ولكن ضرورته اشد من الفروع فكيف التوفيق بين هذين البعدين عند المتكلمين والفقهاء ؟

هذا مبحث حساس في العلوم القلبية والرياضة الروحية .