46/05/07
الموضوع : شؤون الروح و الرياضات في بيانات الوحي
لا زلنا في هذه الرواية الشريفة المروية في كتاب كفاية الاثر للخزاز القمي الاشعري وهو معاصر وزميل للشيخ الصدوق وابن قولويه استاذ الشيخ المفيد وقد تعرض الامام الى مدارس الرياضات الروحية وتعرض اهل البيت لشؤون الرياضات الروحية كما مر في ابواب عديدة وفي الادعية وفي روايات اسئلة المعارف الى ما شاء الله فهي بالسنة مختلفة وكذلك خطب امير المؤمنين بعضها مختصة بهذا البحث وهو عنده وصية طويلة يبحث فيها عليه السلام عن الرياضات الروحية المحرمة والمحللة .
علماؤنا الابرار قليل منهم من انجز في هذا العلم نعم صحيح السيد ابن طاووس وابن ورام والديلمي وبحر العلوم في رسالة مختصرة له وصاحب العروة ايضا له باع في هذا المجال ، فالاخير باللغة الفارسية له دورة كامل للرياضة الروحية في منازل النفس وان كنت لم اقف عليها ولكنه ذكر في ترجمته ذلك مما ينبه على انه صاحب مدرسة معنوية في الرياضات الروحية وعندما يقال صاحب مدرسة يعني ضمن الضوابط الشرعية عنده تجربة وممارسات .
احد تلاميذ النائيني والسيد الخوئي ادرك تلميذا للسيد اليزدي وذكر عن ذلك التلميذ عجائب من الامكانيات الروحية الموجودة لديه فهذا باب واسع لكن انجاز الاعلام فيه قليل كعلم وكابواب وقواعد مستمدة من اهل البيت وليس من غيرهم ولابد من انجازه .
مثلا السيد علي خان شرح الصحيفة السجادية رياض السالكين وهو نعم الكتاب ومتضلع في هذا الفن وشرح الكثير من النصوص الروائية في هذا المضمار .
فبعد ما ذكر عليه السلام وجود الاطباق السبعة للانسان وطي المرتاض لهذه الرياضة الروحية لهذا الباب يصل الى قوله فاذا بلغ هذه المنزلة ومر بنا كلمة منزلا يعني مسافر متحرك ذو سير فسير الروح ليست جغرافية كجغرافية البدن وانما سير اخر سير عوالمي في العوالم وفي الملكات فتسير انت ولكن بعد ذلك يكشف عن بصر الانسان فيرى كيف كانت سيره .
النبي يوما كان جالس في مسجده ويخطب وسمع المسلمون هدة يعني كأنما هد الجدار ففزع من في المسجد كانت هذه الهدة صوت من البرزخ وليس صوت من الدنيا وكثيرا ما كان الرسول يكشف للاخرين بقدرته بعض مشاهد الغيب وهذه من المعاجز والقدرات الغيبية التي زود بها سيد الانبياء وهي كثيرة عند اولاده الائمة المعصومين .
هذا شبيه حديث الجذع يعني النبي كشف بكاء الجذع للحاضرين لا ان بكاء الجذع قد تخيل بعض المتكلمين او المحدثين يعني النبي قام باعجاز ان يبكي الجذع وانما هذه الجوامد حوالينا هي تعيش حياة غير مستشعرة من قبلنا وترصد وتسبح كما تشير اليها النصوص القرآنية والروائية ولكنكم لا تفقهون تسبيحهم وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم فما قال لا تسمعون تسبيحهم ولم يقل لا تشعرون تسبيحهم وانما قال لاتفقهون اي لا تفهمون فثبت العرش ثم انقش فكما لو تكلم معي احد باللغة الصينية لا افهم ماذا يقول لكني اسمع وكذلك لو تكلمت معه بالعربية لا يفهم ما اقول له ولكن يسمع فالقرآن لا يقول لا تسمعون او لا تبصرون وانما لا تفهمون يعني انتم ترون وتسمعون لكنكم لا تفهمون يعني هذه الحركات والظواهر فيما حواليكم ترونها وتسمعونها لكنكم لا تفهمون ان هذا تسبيح وسيأتي يوم بعد ذلك الانسان لما يذهب الى البررخ يفهم ان الذي كان يرى او يسمعه هو تسبيح .
فكان للنبي ان يكشف هذا الغطاء وكثيرا ما يمارس النبي والاوصياء هذا الشيء فالمعجزة في كشفه البرزخ والغيب للحضور لا انه ابكى الجذع كلا هو يبكي او كما رواه الفريقان ان جبل احد جبل يحبنا اهل البيت يعني هو شعور روحي وليس شعور فكري وهذه بديهيات في نصوص الايات والروايات لا انه رواية وروايتين وانما متواترات فسمعوا هدة في محضر الرسول قالوا يا رسول الله ما هذه الهدة? قال انه رأس من رؤوس المنافقين ثمانين عاما كصخرة انحطت من شفير جهنم والان وصلت الى قاعة جهنم فعلموا ان المنافق الفلاني قد مات وهلك وعمره بقدر ذاك السن .
هناك باب عقده الصدوق في الاعتقادات وهو كتاب عظيم لانه خلاصة الفاظ وقواعد منصوصة من متواترات او مستفيضات الروايات عدا ما زل من قلمه من سهو النبي اما بقية الابواب التي ذكرها الصدوق كلها قواعد روحانية في المعارف وكان كتاب تدريسي وتداول في الحوزات العلمية وشرحه المفيد وعلق عليه وكثيرا ما تعليقات المفيد او طعونه او تاويلاته انما هي بحسب مستوى علم الكلام في زمن المفيد وما التزمه الصدوق امتن مما التزمه المفيد .
من ضمن الابحاث التي ذكرها الصدوق تبعا لقوالب الفاظ الروايات ان الارواح اما تتصاعد عروجا في التكامل بالاعمال او العقائد او تهوي في الدرجات وعندما يموت الانسان ينكشف له انه كان في حالة هوي ، فالانسان وهو حي في دار الدنيا اما هو في حالة عروج وهو حالة السير الذي يقولها الامام الصادق نزل منزلة وفي روايات عديدة الامام الصادق يقول ما دامت الولاية في قلبك ومودتنا وولايتنا في قلبك انت الان في الجنة ولا تخرج منها فلا تدعو الله ان يدخلك الجنة وتفسيره نفس المطلب فسير الارواح غير سير البدن وقيامة الروح قبل قيامة البدن ومعاد الروح قبل معاد البدن وان كان معاد جسماني ضروري لا كلام فيه مع ان الروح جسم ولكن معاد الروح على الجسم اللطيف قبل معاد البدن الغليظ فموت الروح يعني تخلصها من الاغلال قبل موت البدن .
موتوا قبل ان تموتوا هل هذا تناقض من سيد الانبياء? كلا هذه البيان لا صلة له بالقوة الفكرية ولا العقل النظري وانما مرتبط برياضات الروح يعني الموت الروحي للانسان وتخلصه من العلائق الدنيوية والشهوات والهوى قبل ان تنفصل روحه عن البدن يعني لتتخلص روحكم وتعرج ، فالروح دوما هي اما في حالة عروج او هوي ، الزقوم هي دركات اما الروح هي حالة صعود بعد ذلك ينكشف الانسان انه الان ما دام تريد ان تتطعم جو الجنة وتستشعر بها روحيا فدوما بين الطلوعين كن ذاكرا لله بعد ولا تنم بسرعة فحاول تستشعر هذه النسمات الروحية الجناوية ، فالبهجة والنور الذي تستشعر به هي للجنة .
فاذن طبقات الروح في حالة سير اما عروجا او هويا وهذا البحث حتى الفلاسفة لم يخوضوا فيه بينما الصدوق عنون له بابا وكذلك العرفاء بحثوه ، فالمقصود ان ما يقوله الامام نزل منزلة انه طبيعة الانسان انه في حالة سير حتى في النوم البدن يسكن يجمد كانه ثوب بالي ولكن الروح في حالة سير ومن ثم الاذكار التي يمارسها الانسان قبل النوم او اول اليقظة مؤثرة في الروح جدا .
عندنا كثير من بيانات اهل البيت انه اذا اردت ان تكون روحك في المنام في فضاء نوراني حاول ان تقرأ الذكر الفلاني قبل ان يأخذك النوم مباشرة مما يدل على انه الروح دائما في حالة سير .
او ان اردت ان يضرب الله لك عمود من نور بين الكعبة وبين روحك كما يقول الامام الصادق وملؤها الملائكة فاذكر الذكر الفلاني مما يدل على ان الروح دائما في حالة سير وكثيرا ما الرياضات الروحية قبيل النوم وبعيد اليقظة له حالات عجيبة ويكون بالتركيز عليه ان يستكشف ويستشعر الشؤون الروحية الموجودة لديه ايضا ما بين الطلوعين وقت مناسب جدا للرياضات الروحية الشرعية ووصفه ائمة الغيب بانه ليس من اوقات الدنيا ولا من اوقات البرزخ وانما اعظم ونسماته قوية جدا لمن يظل ذاكرا تأتيه النسمات .
هذه كلها توصيات من ائمة اهل البيت فبعد ان ذكر الامام تسع منازل قال فاذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته في خالقه ولم يقل جعل محبته ، كيف يصير شهوته في خالقه؟ وذكرت لكم اصل تعرفي على هذه الرواية الشريفة اني سألت احد الكبار من تلاميذ السيد الخوئي وكان من اهل المعنى الكبار وكان السيد الخوئي منفتح عليه في المعنى وما كان السيد الخوئي ينفتح الا على نادرين فسألته يوما ان ممارسة المعصوم للقوى النازلة كيف تكون? هل مثل بقية البشر? او له شفافية خاصة نورانية خاصة ؟ فاوقفني على هذه الرواية والتدبر في هذه الرواية فيها نقاط كثيرة من اجوبة هذه الاسئلة .
جعل شهوته في خالقه فاذا فعل ذلك نزل منزلته الكبرى ، لاحظ التقسيم الذي يذكره الامام في سير الروح وعوالمه فهذه الاصطلاحات بعضها تفسر بعضا كما في الحديث او الايات فما معنى منزلة الكبرى? تارة يعبر مقام والمنزلة ، والمقام شيء والمنزلة شيء والتمكين شيء فاذا فعل ذلك نزل منزلة الكبرى فعاين ربه معاينة ، والمعاينة ليس بمعنى الاكتناه ، فعاين ربه المعاينة ليس عن اكتناه ولا بمعنى ان الله روح من الارواح ونحن روح من الارواح يكون ارتباط روحي بيننا ، كلا الرؤية القلبية يعني هي رؤية الايات وليست رؤية بالكنه الرؤية بالكنه باطلة والمعرفة بالكنه باطلة وانما المعرفة هي بالايات وبالوسائط فاذا فعل ذلك نزل منزلة الكبرى فعاين ربه في قلبه فاصل بداية الحديث كان عن رؤية الله عز وجل والمذهب المالكي كان يفسره بالرؤية الجسمانية وهذا باطل فالله ليس جسم والله منزه عن حدود الروح وحدود العقل والجسم والله منزه عن كثرة الاسماء فهي مملوكة له تعالى وليس ينحبس بها فضلا عما دون الاسماء .