الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : أبواب الرياضات القلبية الروحية في الدين

 

الكلام في الحديث الشريف للامام الصادق يستعرض فيه الرياضات الروحية والقلبية ومر بنا وجه الصلة بين صدر الحديث وذيله باعتبار ان القلب له وظائف ومر بنا معنى الاطباق السبعة مع ان هذه الاطباق السبعة يترنم بها العرفاء والصوفية ولكن اصلها من بيانات اهل البيت مع انهم عليهم السلام ليسوا في مقام التأسيس هنا وهذا امر معهود لاصحاب الرياضات الروحية والرياضات القلبية ، فمن يلاحظ نبوات الانبياء يشاهد انهم لديهم رياضات روحية بنمط شديد فلذلك يصلون الى النبوة وان كانت النبوة هي اصطفاء ولكن رغم انها اصطفاء لا تعطى للانبياء لقمة سائغة مجانا بل تعطى لهم بعد رياضات روحية ونفسانية جدا شاقة .

ومن ثم للاسف ما يتناول المتكلمون هذا البعد بينما هو واقعي وكان النبي في غار حراء كل عام كما في نهج البلاغة ومعروف ان الاعتكاف نوع من الرهبانية وان كان سيد الانبياء يقول لا رهبانية في الاسلام مع ذلك يقول رهبانية امتي الجهاد او الحج فينجم المشكلة اللي سلكه الرواة الجموديين انه يحفظ الشيء وتغيب عنه اشياء فيجب ان ترى مجموع الطوائف ، فالمشكلة في الفقاهة وعندنا المكث في المساجد هي رهبانية امتي او انتظار الصلاة وموجود تعابير عديدة

طبعا الاعتكاف هو نوع من الرهبانية يعني نوع من الصومعة ولكن ليس من نمط المسيحية والنصرانية مع انه في نفس رهبانية النصارى رهبانية ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ شبيه الاعتكاف كما الاعتكاف فيها تروك ونوع امساك فالاعتكاف صومعة يعني نوع رهبانية فما رعوها فالبدعة بمعنى الحرام فاذا كانت هي بدعة حرام كيف يعاتبهم ما رعوها حق رعايتها وانما معناها الزموا انفسهم بها مثل النذر فهذا باب اخر وباب الرياضة الروحية .

فالنبي نفى رياضات معينة كالانعزال والصومعية ولكن حدده بالاعتكاف وبشرائطه وهو النبي كان يعتكف كل عام عشرة ايام في العشر الاواخر من شهر رمضان دفعة واحدة متواصلة في مسجده حتى كان لا ينام الا قليلا جدا يعني يحيي الليل والنهار فالرهبانية هي رياضة روحية وليست قضية فكرية هذه احد مباحث الرياضة الروحية في القرآن والعترة ان الانسان يحتاج الى رياضة ، والاعتكاف رياضة والصوم رياضة حتى الصلاة هي رياضة روحية وقلبية.

فكان النبي يتعبد في غار حراء ونزل عليه جبرائيل طبعا نبوة النبي ليست منوطة بجبرائيل فالنبي عنده اسباب النبوة ومن اسباب الوحي قبل ان ينزل عليه جبرائيل من طرقنا وطرقهم وفي نهج البلاغة موجود قول امير المؤمنين اني كنت ادخل عليه في فترة اعتكاف النبي في غار حراء كل عام لا يدخل عليه غيري .

المقصود ان الرهبانية او الاعتكاف او حتى الصلاة فيها تأكيد على التوجه القلبي وهذه رياضة قلبية كما في صحيحة حماد بن عيسى ما اقبح احدكم يأتي عليه ستون عاما لا يحسن صلاته وعندنا مضامين كثيرة لا تقبل الصلاة الا ان الانسان يعانق الصلاة يعني الصلاة هي معانقة وليست قضية فكرية وانما قضية روحية فلا يقبل من صلاتك الا ما اقبل عليه قلبك اذا اقبل ثانيتين دقيقتين خمس دقائق فصلاتك بقدره وحتى النبي قال هذا الذي يستطيع من اول الصلاة ان يتوجه بقلبه الى اخرها نادر في الناس فمسك القلب رياضة وكانما في كلام المعصومين ان روح الصلاة هو التوجه القلبي والا فليس من صلاته الا حركات البدن وتعب البدن يعني الصلاة البدنية الزم بها الانسان لاجل الصلاة النفسانية والصلاة الروحية والقلبية وهي لب فكيف انت تريد ترفض ذلك وتقول لان الصوفية عندهم ذلك فلا اقبله ؟؟ هذا لا ينافي انحرافهم هذا خلط في المباحث والعلوم انت تعال الى النصوص القرآنية والروائية انظر المفاهيم .

امير المؤمنين في دعاء كميل يقول واجعل قلبي بحبك متيما ما معنى المتيم? هذا مقام خطير في القلب هناك مطالب ضرورية متواترة وعجيبة وهذا اللجاج او عدم البصيرة في المنهج العلمي ان تخلط بين انحراف الصوفية او العرفاء مع الوحي او تخلط بين انحراف الفلاسفة وتريد تحارب اللغة العقلية هذه نظرة عوامية .

طبعا هذه السنة من الاعتكاف في غار حراء بدأها عبدالمطلب فكان يتعبد في غار حراء قبل ولادة النبي مما يدل على ان عبدالمطلب من المصطفين الاوصياء او الانبياء المستسرين وقد امضى الله خمسة تشريعات لعبد المطلب في الاسلام متفق عليها بين الفريقين مما يدل على الشأن العظيم لعبد المطلب مع ان اوصياء النبي عيسى موجودين مما يبين على ان عبدالمطلب لم يكن تابعا لشريعة النبي عيسى وقد مدحه سيد الانبياء في ذلك وقال خمس سنن سنها عبد المطلب في الجاهلية وامضاه الله في الاسلام .

المهم شان عبدالمطلب عظيم اصطفائي وليس زخرفي فالتعبد في غار حراء رياضة روحية قلبية كان يمارسها عبدالمطلب وثم سيد الانبياء وهو اعظم فالمقصود ان النبوة وان لم يتعرض المتكلمون لها في علم فقه القلوب والرياضات الروحية والقلبية لكن النبوة لا يصل اليها الانبياء طرا الا برياضات ومجاهدات نفسانية وروحية وان كانت هي اصطفائية وليكن لكن كما في دعاء الندبة بعد ان شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها ولم يقل شرط التعليم والتفكر في العلوم الكسبية والزهد هي مجاهدة .

فالانقلاع عن الشهوات شرط الاصطفاء وبدون الرياضة الباب مغلق والامامة كذلك والحجية كذلك والنبوة كذلك وكل مقامات الاصطفاء وانواعها من رسالة ونبوة وامامة هي مع الرياضة حتى مريم بلغت ما بلغت واحصنت فرجها يعني رياضة روحية وليس قضية فكرية فاذن هذه القاعدة صحيحة يعني ان نبوات الانبياء والاصفياء والائمة بالرياضات القلبية واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن ، فابتلاء امتحان وناديناه فلما اسلما وتله للجبين اسلما يعني تسليم روحي وقلبي ثم قال اني جاعلك للناس اماما انظر النص القرآن ايضا كذلك يؤكد المجاهدة والمكابدة والمكافحة النفسانية والقلبية والروحية كي يحصل اصل الاصطفاء .

مر بنا ان الاصطفاء من الله ولكنه ليس جبري وانما بالاختيار والمجاهدات والرياضات والنصوص القرآنية حافلة بهذا الشيء وكذلك نصوص الروايات فالمقامات الاصطفائية لا يمكن الوصول اليها الا عبر الرياضات الروحية والنفسانية فالاصطفاء ليس جبر وفي بيان الامام الصادق ان لقمان كان شديد الورع وشديد العفة وهذي كلها رياضات روحية فنزلت عليه النبوة والحكمة وخير بينهما فاختار الحكمة ولم يختار النبوة .

فيبين الامام الصادق ان هذه الرياضة الشديدة للقمان اوصلته الى ما اوصلته فعندما يقال ان النبوة بالرياضة الروحية هذه على القاعدة الموجودة في بيانات الوحي وليس مجرد تفكر وان كان التفكر هو احد الرياضات ومر بنا احد الرياضات الروحية هو التفكر لكن بمجرده ما يصل الانسان من ثم صح ما يقال ان اعظم روح قلبي في العالم يفوق الملائكة والجن والانس هو سيد الانبياء .

فاذن قضية الرياضة الروحية والقلبية والنفسانية امر لابد منه في التكامل والاصطفاء والمواهب الادنية وان لم تكن اصطفائية فالله يعطيها بالمكابدة والمكافحة بالطرق الموزونة والمباحة شرعا ، ففرق بين ان تصلي صلاة الفريضة من باب حشر مع الناس عيد وهذا ظاهر الاسلام وظاهر الايمان وبين ان تأتي الى الصلاة كمجاهدة روحية قلبية نفسانية واستثمارك للصلاة خمس مرات يوميا يختلف عن ان تنظر لها رياضة روحية وهي ايضا رياضة بدنية يعني هذه النوافل رياضة بدنية صحية عجيبة غريبة ولكن هذا بعد سطحي في الصلاة والبعد القوي في الصلاة انها رياضة فلا حاجة الى رياضة البوذيين والصوفيين هذه الرياضة وهي الصلاة ببابك ولكن مارس الصلاة كرياضة لا كقشر صوري خوائي والا الصلاة رياضة قلبية في الدرجة الاولى وفي الدرجة الثانية روحية.

فانت تدخل الصلاة كأنك تدخل مباراة مصارعة مسابقة قلبية روحية رياضية بينك وبين الشيطان وبينك وبين القوى الشهوانية او اللهوية ففي الصلاة تحول روحية فهناك امواج روحية تحسسها واستشعرها الامام الصادق يقول طوبى يعني شجرة الطوبى لمن عانق الصلاة يعني هذا الانجذاب موجود لا انه يأتون الصلاة وهم كسالى متململ متبرم هذه ليست رياضة وانما تأتي للصلاة بالتذاذ روحي وانجذاب روحي ولو كان تصنع والتصنع يفيد .

اذا باب الاعمال والطاعات لا نأخذها قضايا قانونية جافة فكرية هذا شطر سطحي من الدين ، الدين خذه من جانب الرياضة الروحية ورياضة الصلاة ورياضة معراج قربان فيها حركة روحية حركة قلبية نفسانية فهذه عوالم ومن عرف نفسه ليست قضية فكرية وانما قضية عرفان ورياضة روحية قلبية من عرف نفسه عرف ربه هذا ليس فقط فكريا وانما حضوريا يشاهد مشاهدة مكاشفة وليس لقلقة فكر .

فتعابير الوحي في الروايات والابواب الدينية من الفروع او من غيره في العقائد نشاهدها ، فالنبوة عقيدة وكذلك الامامة ولكن باب الرياضات الروحية القلبية متواتر في الانبياء انه اذا نبي من الانبياء يريد ان يبث له الوحي من النوع العالي يصوم صوم الوصال سبعة ايام بلا تناول الطعام فالبث الوحياني لا يتنزل عليه الا برياضة مستمرة مستدامة .

يقول الامام الباقر في مصادرنا ان هذه الاية ثم دنى فتدانا وليس فتدلى نزلت مرتين في شأن رسول الله مرة وهو في المعراج ومرة نزلت عليه وهو يرتاض رياضة شاقة جدا من الطواف حول الكعبة حيث هو والوصي في عام الفتح ثلاث مئة وستين مرة طافا حول البيت وكل طواف 7 اشواط في اخر هذه المرحلة عندما ذهب النبي الى الصفا والمروة نزلت ثم دنى فتدانا فواضح اذن سيد الانبياء هذا شأنه وهو من اعلى المقامات الروحية لسيد الانبياء مع ذلك الرواية تبين هذا المقام .

فمع انه وهو سيد الانبياء وسيد النبوات لكن اوج الوحي على النبي ان يجدد رياضات روحية قلبية شاقة ونفس الكلام القرآن في سورة طه يقول طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى ، فهي رياضة روحية شاقة حيث عشر سنين في بيان امير المؤمنين النبي يقف على رجل واحدة وهذا نوع من كبح النفس والشيخ جعفر كاشف الغطاء يقول هذه السنة من النبي غير منسوخة ولا زال يستحب ان يقف الانسان على اطراف اصابعه وهو في نوافله اذا لم يهتز ، فاذا كان سيد الانبياء هذا شأنه فماذا عن الاخرين?

امير المؤمنين رياضاته الف ركعة وعندنا استحباب لكل المؤمنين ولكل مسلم صلاة الف ركعة اما في الاربعة وعشرين ساعة او في الليلة الواحدة وهذا ليس في العمر مرة وليس في ليلة القدر وانما كل ليلة فهذا باب وسيع جدا في الدين وبنصوص الدين وقواعد الدين فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليعاند .