46/04/25
الموضوع: الرياضة القلبية وإبطال التجسيم
كنا في هذا الحديث المبارك في الرياضات الروحية الذي رواه الخزاز في كفاية الاثر ورواه ثلاثة من الاعلام وهم اعمدة المذهب في بدايات الغيبة الكبرى فالامام مع انه في الرواية يريد ان يعالج ويستنكر عقيدة التجسيم مع ذلك الامام عالج المسألة ليس بلغة الفكر والبراهين فقط وانما بلغة القلب ايضا وعرج على الرياضات القلبية وكانما هي توجد الرؤية لله تعالى فهي اسمى من القوة الفكرية فالرؤية القلبية اشرف واسمى من الرؤية العقلية والذي يحيله اهل البيت هو الرؤية الجسمانية البصرية وهذا معروف في كلمات علماء الامامية .
وان كنا بينا في السنين السابقة انه في الحقيقة الرؤية بالكنه ممتنعة في كل الاصعدة وانما بيان اهل البيت ان الرؤية القلبية ممكنة والرؤية العقلية الفكرية النظرية ممكنة المقصود هو الرؤية بالايات فلان في الرؤية القلبية لا يتوهم الرؤية بالكنه فهم عليهم السلام اطلقوا ان الرؤية القلبية صحيحة لكن مقصودهم بضميمة بياناتهم الاخرى المتواترة ان الاكتناه ممتنع لانه تحديد الباري كما يقول الامام الصادق في جوابه للمفضل بن عمر يقول الذي يدرك شيئا بكنهه وتمامه وكماله يكون محيطا والذي يصف شيئا بقضه وقضيضه يكون محيطا به وان لم تكن الاحاطة جسمانية .
فالاحاطة ليست من الضروري ان تكون جسمانية وانما الاحاط علمية وقدرتية والباري محال ان يحاط به فالادراك بالكنه ممتنع وانما هذا الادراك تجلي ولمعان لاشعة الباري ومعرفة الباريء بالوجه يعني بتوسط الوجه وليس بالكنه لان الوجه يوصلك الى الذات وليس الى الاحاطة بالذات فالاية توصلك الى الباري وليس الى الاحاطة بالباريء فالمعرفة بالكنه باطلة ممتنعة من اي مخلوق حتى من سيد الانبياء لانه محيط وليس محاط باي معنى من معاني .
فالاحاطة ونفي المعرفة كلاهما من رأس باطلة وتعطيل المعرفة بالكنه تشبيه لانه تشبه الخالق بالمخلوق يعني كنه المعرفة ان تحدده فاذا حددته شبهته بالمخلوقات المحدودة فالتشبيه باطل والمعرفة بالكنه او بالذات كذلك والتعطيل الباطل يعني اصل المعرفة غير موجود امر بين امرين فالمعرفة بالوجه وجه الله وبالايات والكلمات والا التوحيد نفي التعطيل ونفي التشبيه واخطر انواع التشبيه ليس جسماني لان التجسيم هو تحديد او ادعاء المعرفة بالكنه فالتشبيه العقلي محال وكذلك التشبيه فوق العقلي محال فمن شبه الله باسمائه فاسماء الله عالم فوق العالم العقلي ومع ذلك لا يشبه الله باسمائه نعم له الاسماء الحسنى ولكنه منزه عن الاسماء يعني ليس عين الاسماء تحققا سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره وهذا من المعاجز العلمية عند اهل البيت والتي عجز الفلاسفة والعرفاء والصوفية والمتكلمون للوصول اليه .
فالتنزيه والتسبيح الاعظم ان تنزه الله عن الاسماء طبعا ليس تنزه الله تقول ليست له الاسماء الحسنى فله الاسماء الحسنى يعني الاسماء الحسنى لله يعني هي حاكية عن الله ، فهي يعني له ، ما الفرق بين له وبين هي? فهي هي هي وهو هو وهي هي وهو هو وهي هو وهو هي اربع معادلات لكن مع ذلك هي هي وهي هو يعني تحكيه وهي هي يعني مخلوقة وهو هو يعني منزه عن المخلوقين وعن الاسماء .
فاذن هو فوق الاسماء عز وجل بل هو تعالى فوق (هو) والى هنا ينقطع الخطاب وهذي لقلقة لسان يعني محاذاة وتعلم من اهل البيت ولكن حقيقة لا يدركها الا اهل البيت فاذا لا تعطيل في المعرفة ولا تشبيه فالتشبيه درجات ومر بنا امس اقسام ثلاثة والتشبيه الخفي وقع فيه الفلاسفة والمتكلمون والعرفاء والصوفية التشبيه الخفي هوشرك خفيف فالامام عليه السلام لكي يعالج هذه السفاسف عند المجسمة وهي الرؤية الجسمانية عرج الى القلب حيث القلب عنده رؤية فالقلب يرى ما لا يراه البدن الفكر عين مسلحة بالنسبة للبدن كثير من الامور يراها العقل ويدركها بوجودها مع ان البدن لا يراه .
من ثم في المعراج الباري تعالى بين ان رؤية قلب النبي اعظم من رؤية بدنه ما كذب الفؤاد ما رأى فلقد رأى من ايات ربه الكبرى افتمارونه على ما يرى? ما زاغ البصر وما طغى واوحى الى عبده ما اوحى افتمارونه على ما يرى فما زاغ البصر وما طغى هنا بصر القلب مراد وليس بصر البدن فالامام يدحض ادلة للمجسمة والرؤية بالبدن سواء بدن اخروي او دنيوي .
لاحظ المعراج وهو ما وراء عالم القيامة عرج النبي الى ما وراء عالم القيامة والجنة عالم اعظم من القيامة وهذا معنى الورائية وليس وراء جغرافي دائما السماوات ليست ترتيب جغرافي وانما الترتيب من جهة القوة واللطافة فالروح وراء الجسد ليس وراء جغرافي وراء يعني في الهيمنة والقدرة فالاخرة تارة تطلق على القيامة واخرى تطلق على ما وراء عالم القيامة وهو الخلود الابدي في الجنة او في جهنم فالجنة في عالم اعظم من القيامة وعوالم القيامة عوالم وراء البرزخ ووراء الرجعة يعني بمعنى اعظم فالنبي عرج به الى عوالم ما وراء القيامة وما وراء الجنة يعني عوالم اعظم من كل الجنان هذه العوالم الرؤية القلبية فيها للنبي اعظم من الرؤية البدنية هناك فكك الله في عالم اعظم من عالم الجنة فكك وميز الله بين الرؤية القلبية والرؤية الجسمانية وان الرؤية القلبية اعظم يعني حتى ما وراء القيامة والجنة الرؤية القلبية اكثر تسلحا وقدرة ونفاذا من الرؤية الجسمانية فكيف بك في عالم القيامة وفي عالم الدنيا?
ان الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم ، الاياب في عالم القيامة هل الله جسم كي نؤوب اليه? في عالم ما وراء القيامة الله ليس بالجسم ولا يرى بالجسم وانما يراقب بالقلب فكيف بالقيامة نعم المعاد جسماني لكن لقاؤنا مع الله في هذا العالم الجسماني ليس جسماني فالله ليس جسم في الجنة فضلا عن القيامة بل ليس لله جسم فوق الجنة لان الله لا يتحدد لا باجسام القيامة ولا باجسام الجنة ولا باجسام الدنيا ولا البرزخ فان الينا ايابهم يعني اللقاء القلبي ولو في تلك العوالم ولو في الجنة . فهذا الاياب ان كان جسماني فليس الى الله اما الاياب المعنوي فبحث اخر .
لذلك يقول الامام الصادق لابي بصير يا ابا بصير اذا كانت الرؤية لله ليست جسمانية فالان قلبك يرى الله ؟ فهو تدبر واعانه الامام معنويا قال نعم يا بن رسول الله يعنى ارى ايات الله بقلبي ، فبين الامام الصادق ان الرؤية القلبية في عالم الدنيا هي في طبقة من ذواتنا فوق اللجنة وهذه هي المعاجز العلمية لاهل البيت فالان الانسان يستطيع ان يفعل طبقات من ذواته يرى بها ما فوق الجنة وفوق اللقيامة . فاتى الامام هنا ببراهن بطلان الرؤية الجسمانية عبر رياضة القلب لان هذه الرؤية الجسمانية ما وراء الاجسام والله من ورائهم محيط .
فسبب انتقال الامام الصادق في هذه الرواية ان الرياضات القلبية اكبر برهان على ابطال المجسمة وهي سبيل للتوحيد وتنزيه له الخالص عن الشرك في المجسمة والا الكلام كان عن كلام فكري برهاني عقلي لابطال تجسيم الباري الذي عند مالك واتباعه فلم انتقل الامام الى الرياضات القلبية ؟ لكي يبين ان هذه الرؤية القلبية هي اعظم من الجسمانية فما لكم لا ترجون لله وقارا فتجعلوه محدود في الاجسام فهذا محاط لا محيط .