الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أفعال القلوب عقائدية والأقسام الثلاثة

 

مر بنا في فقه القلوب او رياضة القلوب وهي اعظم من رياضة الروح ورياضة اعلى من رياضة النفس ورياضات النفس اعظم من رياضة الاداب تتلو بعضها البعض فالقلب هو مركز التحكم ومنضبط ما دونه واذا انفلت القلب انفلت ما دونه كما ان الفقهاء يقولون ان قوام العبادات بالنية والنية فعل القلب وكما ورد في النصوص ان حظ المصلي من صلاته بقدر الصلاة القلبية التي لديه فاذا كانت هي ثانية فصلاته تصير ثانية ولدينا صلاة بدنية وصلاة نفسانية وصلاة روحية وصلاة قلبية اما عمدتها هي الصلاة القلبية ، كذلك الصوم القلبي والحج القلبي عمدته القلب وليس كما يقول الصوفية ينفلتون في البدن هذا انحراف وخلاف ضرورة الدين بل لا بد في العبادة من كل طبقات .

مر في الوسائل نقلنا انه اهل البيت يعظمون من الزكاة القلبية على ما دونها من الزكوات فتلك ضرورية الزامية ولكن زكاة القلب اعظم فالروايات تركز على الصلوات القلبية اعظم من الصلوات لما دونها مثلا في صحيحة حماد بن عيسى الجهني يبين الامام مراتب الصلاة ولكن ايضا يركز على الصلاة القلبية وكذلك في الطواف يركز على طواف القلب وان الامام المعصوم فرقه عن غيره ان قلب المعصوم على الدوام يطوف حول الله رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله يعني ما يلهو القلب والفكر عندهم عن ذكر الله ففي حين يمارسون التجارة ويمارسون ويمارسون ولكن قلوبهم ما تنقطع عن ذكر الله ، كما ان قضية يخافونه قضية قلبية .

كما انه ورد في سورة فاطر ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا يعني اورثنا الكتاب بعد سيد الانبياء لمجموعة وهناك وردت روايات ايضا ان المعصوم قلبه يطوف على الدوام حول الله وهذه احد معاني والذين هم على صلاتهم دائمون وكذلك في الطواف وفي الوضوء فاذا القلب صار طاهر من المعاصي دائما في حالة طهارة قلبية اعظم من الطهارة الروحية والروحية اعظم من الطهارة النفسية والنفسية اعظم من طهارة قوى البدن وقوى البدن اعظم من طهارة البدن فالطهارة درجات ويبين الامام الصادق وبقية الائمة ان الصوم القلبي اعظم من الصوم البدني والرواية هي عن احمد بن محمد بن عيسى الاشعري والرواية التي يرويها صاحب الوسائل عن الاشعري رئيس قم ومن اصحاب الجواد وربما الرضا والهادي عنده مسلم الرياضة الروحية والرياضة القلبية لان هذا البحث يرتبط بالرياضات .

ففي بيانات اهل البيت كل طبقات الانسان لها ركوع ولها سجود ولها طواف ولها وضوء ولها غسل ولها زكاة ولها اعتكاف ولها جهاد فالرسول صلى الله عليه واله بعد فتح هذا الباب قال الجهاد الاكبر هو جهاد النفس يعني بما يشمل الروح والقلب فهو اعظم من جهاد البدن واعظم من سفك الدماء في سوح الجهاد وانما درجات الشهداء في سوح الجهاد بقدر جهاد النفس .

طبعا لا يترك الجهاد ولكن هو الجهاد يثمن بقدر الاخلاص وهذا ليس معناه ان من ليس لديه اخلاص يترك الجهاد او يترك الصلاة فان هذه من تسويلات الشيطان فما لا يدرك كله لا يترك كله او جله فلا اقل الصلاة البدنية افضل من العدم لكن الافضل والاولى ان الانسان في جهاده وصلاته وزكاته ووضوءه يكون له قلب نقي ، فكيف يكون نقي اذا كان فيه شهوات? طبعا نقصد الشهوات المحرمة لاالمحللة فالزواج ينقي القلب.

فاذن طبقات العبادات درجات وعمدتها وسلطانها القلب والتركيز على احوال القلب اخطر واعظم من التركيز على احوال الروح او احوال النفس ، والاخلاق وان كان لابد منه هو اعظم من التركيز على قوى البدن ، فرقابة القلب اعظم ويستتبعها تعبيد الطريق على الرقابة في الطبقات النازلة ومر بنا ان عمدة رياضة القلب هو اداء العقائد فالاعتقاد اعظم شيء فالعقائد والاعتقاد ليس فقط فكر واذعان وانما يضم له افعال القلب من المودة ومن الاقبال والذي قال الله عنه ان الذين كذبوا باياتنا يعني جانب فكري واستكبروا عنها فالاستكبار ليس فعل الفكر فقط ولكن عمدته فعل القلب ثم لم يقل استكبروا عليها وانما عنها ففي علم النحو يقال هنا فعل اخر مقدر يعني استكبروا عليها واعرضوا عنها فكذبوا واستكبروا واعرضوا الاعراض جانب قلبي ، فالتصديق فكري وقلبي معا .

فلاحظ حصة القلب في الاعتقاد عظيم لا تفتح له ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فهذا مرتبط بالعقيدة ومر بنا في موارد عديدة ان فعل القلب هو العمدة في العقيدة غاية الامر ان فعل القلب من الاعتقاد ليس على قسم واحد وانما ثلاثة اقسام فالقسم الاول هو علم عقائدي يترتب عليها حكم عقائدي في اصول الدين والثاني فعل عقائدي يترتب عليه حكم فقهي فقط وهو الفسق وليس حكم عقائدي فليس كل فعل عقائدي عصى الانسان فيه يترتب عليه حكم عقائدي وانما نقص الايمان ولكن ليس يترتب عليه مروق من الايمان نعم هناك نقص في الدرجات العليا في الاخرة ولكن يعني افعال فقهية.

وهذه الاقسام ذكرها الشيخ الانصاري في تنبيهات الانسداد بشكل مفصل وكذلك الكمباني والعراقي والسيد الخوئي وغيرهم من الاعلام فالبحث مهم فاذن القسم الثالث قلنا لا يترتب عليه حكم عقائدي مع انه فعل عقائدي لكن لا يترتب عليه حكم عقائدي ولافقهي فلاتستطيع ان تفسق وانما تخطئ ومذهب الامامية هو مذهب التخطئة لا التكفير وهذا كاختلاف الفقهاء في الفروع فاختلاف الفقهاء في الفروع كل له موازينه لكن هذا لا يستلزم ان يفسق احدهما الاخر فالتخطئة لا تعني التكفير والتفسيق ولا التمذهب وهذا هو السر ان في مذهب اهل البيت لم تنشأ مذاهب طيلة اربعة عشر قرن ، فالتخطئة مساحتها غير التفسيق والتفسيق غير التمذهب الذي هو في القسم الاول فالتمذهب انما ينشأ من القسم الاول.

طبعا الطرف الاخر الضوابط مشوشة عنده لذلك حصروا المذاهب في الاربعة فما السر انه قالوا الشافعي مذهب ولم يقولوا مجتهد يمكن ان يخطأ ويصيب من ثم سدوا باب الاجتهاد اذن الفعل العقائدي ينقسم الى ثلاثة اقسام اجمالية واحكامها مختلفة واليوم عندنا اضافة على القسم الثالث اللي يترتب عليه فقط التخطئة لا التفسيق الفقهي والمروق العقائدي ففي القسم الاول المروق عقائدي والقسم الثاني تفسيق فقهي والقسم الثالث عملية تخطئة علمية بحتة فقط هذا القسم الثالث يمكن ان يكون الاختلاف منشأه ادلة قطعية يعني الطرف يخطئ طرف اخر بدليل قطعي ولكن قطعي نظري وليس قطعي بديهي ولو اليقين هو لا يتكثر وهو شيء واحد فالقطع يغاير اليقين فاليقين لا يمكن ان يتعدد لكن القطع وهو الجزم يمكن فيه ذلك .

ورد في دعاء كميل فباليقين اقطع فلو كان معنى القطع واليقين فهل باليقين يستيقن? فباليقين اقطع فالجزم شيء واليقين مقدمات الجزم والاستدلال والبرهان فالقسم الثالث وهو الذي يترتب عليه صرف التخطئة ربما الادلة عند الطرفين بدرجة القطع ومع ذلك يتخالفون كما ذكرت لكم هناك من يرى ناظرية صاحب الكفائية في الارادة والاختيار نظرية جبرية فالدليل قطعي لكن هذا لا يوجب اندراج القسم الثالث في القسم الثاني فضلا عن الاول فلا يمكن ان يفسق وانما تخطئه لان هذا قطع نظري وليس بديهي فالقسم الثاني والاول لابد ان يستند على البداهة .

نحن نثير هذه المباحث لانه من تداعيات علم الكلام هذه الابحاث فقضية المروق من الدين او هل هذا يندرج في الفرقة الاثني عشرية او خارج ؟ وكانما فوضى في البحث وتنقيحها اذا لم يلم الانسان بكلمات العلماء وطبقاتهم المختلفة من العلوم المختلفة لم يستحصل الرؤية الواضحة اذن ليس كل ما ثبت بدليل قطعي يندرج في القسم الثاني فضلا عن الاول لان هذا الدليل القطعي ليس بديهي وانما نظري وان كان هذا الدليل التنظيري قطعي وقد وصل عند القائل به ولكن ليس له ان يفسق الاخرين الذين لم يحصل لديهم القطع .

افترض هو عنده القطع بان هذا جبر او تشبيه او تفويض او تجسيم او تعطيل ولكن لا يمكن ان يحكم على الاخرين بالقسم الثاني فضلا عن الاول وهذه نكتة جدا مهمة نعم يمكنه ان يقوم بارشاد الاخرين بان هذا يستلزم الجبر وكذا اما الحكم بالتفسيق او المروق من الدين والتكفير فكلا ففي القسم الاول اذن قطع يقيني مبده عند الكل او النوع والقسم الثاني الدليل متسالم عليه ولكن لم يبلغ الدرجة الاولى والقسم الثالث قد يكون مختص .

هذا الكلام بنفسه هو في الفقه افترض في الشهادة الثالثة هو جزء في التشهد والادلة تولد لدى الانسان القطع فليس له ان يحكم على الاخرين وحتى لو الاخر قال عندي قطع بعدم الجزئية هذه القطوعات الاجتهادية ما تدرج المسألة في القسم الثاني فضلا عن الاول فقد يكون هي مسألة فقهية وهي من القسم الاول مثل وجوب الصلاة وحرمة الخمر وحرمة الربا صحيح احكام فقهية ولكنها من القسم الاول فيترتب عليها حكم عقائدي حيث اركان الفروع هكذا فاذن يجب ان يلم الانسان بهذا البحث فان الافعال على اقسام ثلاثة والافعال عقائدية على اقسام فليس كل فعل فقهي حكمه فقهي قد يكون حكمه عقائدي وليس كل فعل عقائدي حكمه عقائدي قد يكون حكمه فقهي وقد يكون حكمه علمي فيمكنك التخطئة فقط فجمع كلمات الاعلام في الفقه وفي التفسير والكلام والاصول يستحصل للانسان هذا التقسيم وهذا لملوم ومجموع من ابواب عديدة وصعب على الانسان ان يجدها من عالم واحد في باب واحد وفي علم واحد ويمكنكم ان تراجعوا بانفسكم كلمات الاعلام .

من ثم قضية رمي النجاشي او ابن الغضائري الروات بالغلو هذا ليس من القسم الاول لان الغلو من القسم الثاني بدليل ان في كثير من الموارد النجاشي رمى اناس بالغلو ولكن الشيخ لم يرمهم فاذا اختلاف نظري يصير من القسم الثالث وليس الثاني فضلا عن الاول والعجيب ان جماعة من الناس يريدون ان يجعلوا كل من وصف من الرواة بالغلو من القسم الاول او انه اذا كانت نظرية احد العلماء في الجبر او الغلو او التقصير كذا فهو من القسم الاول فليس فتوى هذا العالم من اصول الدين .

فاذن المسألة اختلافية لا تكون من القسم مثل الاول ولا الثاني فضلا عن القسم الاول بل اجعلها من القسم الثالث .