46/04/23
الموضوع: العلم والمشيئة والعرش والكرسي
كان الكلام في هذه الرواية الشريفة ومنظومة من الايات التي مرت بنا في الرياضات الروحية او الرياضات القلبية ومر بنا مغايرة الرياضات القلبية للرياضة الروحية ، فالرياضة الروحية انزل منها والرياضة النفسانية انزل منهما ورياضة قوى البدن انزل يعني رياضة قوى البدن مرتبطة بالنفس وتسمى بالاداب انزل رتبة من النفس فعندنا اربع طبقات من الرياضات رياضة الاداب وقوى النفس وقوى البدن رياضة النفس ورياضة الروح ورياضة القلب والتركيز على رياضة القلب لانها غرفة التحكم فيما دونها .
فمر بنا رياضة القلب بالدقة هي الوظائف العقائدية ولا نظن انها فقط فكرية فالوظائف العقائدية مودة ورجاء ولا يقنط من روح الله فالقنوط فعل القلب ليس له ربط بالفكر نعم له ربط نوعا ما بالفكر بلا شك لكنه ليس متنا هو الفكر ، فاليأس هو فعل القلب والروح الايمان له ركنان الرجاء والخوف الخوف فعل القلب والروح وليس فعل الفكر والرجاء فعل القلب .
اذن من الواضح ان القلب له دور كبير في العقائد في اصول الدين وليس مجرد فكر كما يوهمه كلام المتكلمين او الفقهاء او الفلاسفة او العرفاء ومر بنا امس تقسيم العقائد انه اذا كان طابع فقهي عقائدي تقسيم هذه الوظائف القلبية الى ثلاث اقسام :
القسم الاول هو المرتبط باصول الدين
القسم الثاني يعبر عنه الشيخ الانصاري او من قبله من طبقات الاعلام بتفاصيل العقائد اي التفاصيل المترامية وهذا ليس حكمها حكم اصول الدين وهذا التقسيم الثلاثي كما مر بنا تقسيم اجمالي ولكن هناك تقسيم تفصيلي ثمان اقسام ولسنا في صدده ، فالقسم الاول هو اعتقاد لكنه يترتب عليه الاسلام الظاهري او الاسلام الواقعي .
القسم الثالث وظائف عقائدية اختلفت فيها الانظار.
القسم الثاني وهو تفاصيل مترامية العقائد وان كانت متفق عليها ادلتها ولكن هذي في الغالب لا يترتب عليها الا الفسق فمع ان الامر عقائدي ولكن العصيان عليها يلزم منه الفسق والضلال لكن ليس بدرجة مخرجة عن الاسلام الواقعي وانما ينقص من الايمان .
القسم الثالث وظائف عقائدية اختلفت فيها الانظار حتى في المذهب الواحد هذه لا توجب فسق ولا توجب ضلالة كالقسم الاول الذي توجب مروقا من الدين ومن الاسلام ولا مثل القسم الثاني التي توجب الفسق لكنها فيها تخطئة او تصويب والمعتقدات الحقة او الباطلة تقسم بهذه الاقسام الثلاثة قسم مرتبط باصول الدين والعصيان فيه مروق وتمرد والقسم الثاني يوجب الفسق يعني تستطيع ان تقول الجبر على درجات قسم يرتبط باصول الدين وقسم يوجب الفسق من دون ان يكون مروق وانما بعض درجاته مختلف فيه منهم من يرى انه جبر ومنهم لا يرى ذلك مثل صاحب الكفاية وامثاله يعني نظريات الاعلام في الجبر والتفويض فهم مختلفين في تصوير الامر بين امرين لكن في القسم الثالث لا توجب فسق ولا مروق وكذلك التفويض .
مثلا الصدوق يقول هكذا روته المفوضة اي مفوضة ؟ القسم الاول او الثاني او الثالث ؟ فالصدوق رأيه ان من ينكر النسيان والسهو في المعصوم هذا اول درجات التفويض والغلو هذا ليس متفق عليه ولا يوجب فسق ولا يوجب المروق من الدين ومن هنا يقول الوحيد البهبهاني وحتى تلميذه بحر العلوم وكثير من الكبار والميرداماد والاخير مع انه فيلسوف لكنه رجالي متبحر جمع بين جوانب من العلوم فقضية الغلو الذي يذكره ابن الغضائري مع ان كتابه ليس فيه سند ونحن نحاكم به روايات مسندة وهو غير مسند فتلك قسمة ضيزى ؟ فطعن الغضائري او النجاشي والاخير ولو كان متبحر في الرجال لكنه ليس متبحر في علم الكلام فهو مطلع لكن ليس بقوي وليس له مؤلفات في علم الكلام فهل هناك اراء حسية منقولة؟ كلا ليس سند له ، فهو عمن ينقل ؟
القميون والبغداديون مختلفين في موارد الغلو والجبر وموارد التفويض يعني من القسم الثالث لاحظوا كلام الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقاد عنده نقد شديد للقميين يقول اصحابنا القميون مقصرون في معرفة الائمة ومقاماتهم طبعا ليس كل القميين يعني ما يراه مفيد مما هو حق القميون يرونه غلوا راجعوا تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد في بحث الغلو .
فهناك مساحات سواء في التقصير او الغلو او التفويض او الجبر او التجسيم او التشبيه او التعطيل وكذلك الشرك فالاخير قسم منه جلي وقسم منه خفي فالجلي يعني من اصول الدين اما القسم الاخر مختلف فيه شرك ام لا؟ الان نحن اسبوعين في التفسير هناك معركة بين جماعتين من العرفاء في قبال الفلاسفة والمتكلمين انه هذا النمط من التوحيد هل هو خالص او مشوب بالشرك؟ هم مختلفين فيه وبحث صعب جدا ترجل فيه الميرزا علي القاضي والعلامة الطباطبائي فصارت معركة علمية قبل ثمانين سنة في النجف الاشرف ومبحث صعب دقيق الشيخ جعفر كاشف الغطاء عنده رؤية لطيفة وعلاج جدا دقيق.
فلاحظ قسم التوحيد الخامس غير المشوب بالشرك لكنه مختلف فيه البعض يقول انا توحيدي خالص والبعض يقول انا التوحيد الخالص فهذا ليس الشرك يوجب الفسق وانما شرك خفي يعني حتى الشرك فيه اقسام ثلاثة والتفويض كذلك والتعطيل كذلك والتشبيه كذلك والتجسيم كذلك فبغض النظر عما يقوله ملا صدرا في التجسيم هل صح ام لا؟ والا هو رئيس علم الكلام اربع سنين كما ذكر الشيخ محمد رضا المظفر رحمة الله عليه فملا صدرا لم يكن فيلسوف وانما بعد ذلك انخرط في الفلسفة فهذه ليست بديهيات وقطعيات وانما نظريات موجودة الى ما شاء الله فيجب ان نلتفت في الرجال او الكلام او الفقه ان نقول هذا مشبه او مجسم او مجبر ليس بالسهل .
البعض طعن على صاحب الكفاية انه قائل بالجبر مثلا فهذه رؤيته لكن هذا لا يحكم عليه بالفسق فالمقالات الحقة او الباطلة تنقسم الى ثلاثة اقسام فمن ثم انا لي ان اقول على النجاشي انه يقول هذا غلو ما هو الضابط عندك ؟ وبتعبير بحر العلوم وقبله الوحيد البهبهاني كم من نظرية يراها القدماء غلو الان المتأخرون يرونها من ضروريات المذهب فهو عندهم ضرورية البطلان والمتأخرين يعتبروها ضرورية الصحة مما يدل على ان القضية ليست ضرورية وانما هي بالدقة من القسم الثالث لا من الثاني فضلا ان تكون من الاول ومن ثم التعويل على الجرح والتعديل العقائدي في علم الرجال لا يمكن ان يقبل بشكل عمياوي هناك مباني مختلفة وهذا ما يؤكد عليه الوحيد اللبهبهاني في دورته الفوائد الرجالية .
فليس كل ما يعتقد او يلزم اعتقاده هو من اصول الدين وتترتب عليه احكام الاسلام الواقعي او الظاهري فالقسم الثاني بمثابة حكم الفقهي وهذا الاشتباه اللي يصير عند الكثير انه ما ان يرى شيئا يزعم انه من اصول الدين وقد يكون هو اصله من اصول العقائد ولكن مع ذلك لا يوجب الفسق يعني مختلف فيه الانظار والمجتهدون يخطئ بعضهما البعض في الفروع ، البعض يقول ماء الشعير حرام والاخر يقول حلال فليس معناه ان يفسق بعضهم بعضا فصرف التخطئة في العقائد لا يعني انه من القسم الاول ولا الثاني قد يكون من الثالث وهذا اشتباك في بحث العقائد والفقه والكلام واشتباك حتى في الاجتهاد والتقليد مع هذه الابحاث فالتخطئة موجودة بخلاف التفسيق .
فالوظائف العقائدية القلبية تنقسم الى ثلاثة اقسام :
القسم الاول هو عقائد وحكم عقائدي
والقسم الثاني هو عقائد ولكن حكمه فقهي
القسم الثالث هو عقائدي مختلف فيه غاية ما فيه من دون تفسيق ومن دون تكفير .
والمغالطة والتهريج في الدمج بين هذه الاقسام موجود اما ما هو الحال بالنسبة الى ما هو فقهي هناك خلط ومغالطة حتى من الاكابر مثلا كل ما هو فقهي وفعل فقهي في الفروع فحكمه من الفروع البعض هكذا يتوهم وهذا غير صحيح لان الافعال المذكورة في الفقه ايضا هي تنقسم الى ثلاثة اقسام:
القسم الاول يترتب عليه حكم عقائدي مع انه فقهي
والقسم الثاني حكم فقهي يترتب عليه حكم فقهي فيوجب الفسق
والقسم الثالث فعل فقهي مختلف فيه لتعدد الاجتهاد والتقليد فلا يترتب عليه الفسق ولا حكم القسم الاول العقائدي ولا القسم الثاني الفقهي بل هو تخطئة او تصويب ، غالب الافعال الفقهية من القسم الثاني او الثالث وقليل منها من القسم الاول ، فهو فقهي كيف يصير عقائدي مثل وجوب الصلاة وليس اداء الصلاة هذا حكم عقائدي وهو حكم فقهي وهو من اركان الفروع لكن حكمه عقائدي يعني الذي ينكر وجوب الصلاة والزكاة والحج يترتب عليه ردة عقائدية عندما يقال اركان الفروع ليس فروع وانما مرتبط بالفروع لكن حكمه عقائدي ، ومودة ال البيت كذلك لكن اداء الصلاة والزكاة والصيام والحج فعل فقهي وحكمه فقهي الغيبة والفجور هذا القسم الثاني القسم الثالث من افعال مختلف فيها هناك من يرى ماء الشعير في الاسواق بيرة وان كتب عليه حلال وهناك يرى ان هذا حرام فهذا تخطئة مع ان الشرب ماء الشعير لو احرزه الانسان حرمته كحرمة الخمر وحده حد الخمر يعني شيء عظيم ولكن مختلف في مصاديقه .
اذن الافعال الفقهية هي تنقسم الى اقسام ثلاثة القسم الاول حكم فقهي لكن حكمه عقائدي وهي الضروريات كوجوب حرمة الخمر من الضروريات فمن ينكره يترتب عليه حكم عقائدي وان كان لا يشربه فهو لا يذعن بحرمة الخمر او حرمة الربا فاركان الفروع كلها هكذا يعني يترتب عليه حكم عقائدي لانه من القسم الاول ونحن نستعرض هذا البحث لانه هناك خلط ولغط او مغالطات او غفلات او انواع من الاشتباه في تقسيم الفعل الفقهي والعقائدي ويجب لا نخلط بينهما .