الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الوظيفة العقائدية والأقسام الثلاثة

 

مر بنا ان من معاجز الوحي الالهي في القرآن والعترة بيان هذه النكتة المهمة الخطيرة جدا ان غايات الرياضات الروحية نفس العقيدة والعقيدة في الاساس هي وظيفة قلبية قبل ان تكون وظيفة لسانية او وظيفة بدنية فاذن اعظم غايات الرياضات الروحية هي الرياضة القلبية وفقه القلوب وبالتالي اداء الوظيفة القلبية هي العقيدة ، وليس اعظم ونهاية الرياضات الروحية هو كمال الاخلاق او تهذيب النفس او تزكيتها وان كانت هذه الغاية عظيمة جدا هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين فهذه غاية مهمة لكن ليست هي الغاية النهائية وهذا خلافا للعرفاء او لعلماء الاخلاق او لاهل المعنى او للفلاسفة والمتكلمين فالدور العظيم للرياضات الروحية توظيفها في اداء الوظيفة العقائدية وهذه من الاعجازيات العلمية للوحي .

فاذن هو خلاف لما يذكره المتكلمون والفلاسفة والعرفاء ان الوظيفة العقائدية الغائية هي وظيفة العقل الفكري والقوة الفكرية بل في بيانات الوحي بالعكس ان الوظيفة العقائدية فعل يتشاطر فيه الفكر والقلب او قل العقل النظري وهو الفكر والعقل العملي وهو القلب وليس هو برمته او جله يقوم به الفكر والعقل النظري وانما الفكر اعظم وزير ومناصر للقلب لاالعكس وهذا بسبب مسلك سلكه ابن سينا واختلف فيه عمن قبله من فلاسفة المشاء مثل الفارابي وهو فيلسوف اثنى عشري وارسطو وسقراط سابقا منتبهين للعقل العملي وللقلب ودوره يعني تأثير العمدة له وكأنما هذا البيان من الوحي العظيم ليس في هذه الرواية وانما في كل منظومة القرآن ومر بنا الاشارة لذلك في منظومة بيانات اهل البيت فكانما هي توصية من الوحي انك حينما تروض نفسك وقواك النفسانية والروحية توجه بها توظيفا ادويا الى اداء الوظيفة العقائدية من محبة الله ومودته ومودة رسوله وذوي القربى والرضا عن الله ورسوله والاقبال عليهم بقلبك والخضوع لهم كما هو خضوع لله ، فاصالة الخضوع للنبي وتبعا له اهل الرسول طأطأ كل شريف لشرفكم طأطأ بالرأس يعني كأن يكون خضوع بالايماء طأطأ كل شريف لشرفكم وخضع كل متكبر لطاعتكم او خضع كل جبار .

فالمقصود هذه وظائف قد يتخيل الانسان هي وظائف اخلاقية ولكنها وظائف عقائدية كما مر بنا حسن الادب مع الله عقيدة وليست فرع فقهي ومن ثم اتفق الفقهاء لدى المذاهب الاسلامية ان الذي يقوم بهتك حرمة الكعبة المشرفة هتكا شديدا يمرق من الاسلام ويتزندق مما ينبه على ان الاسلام الظاهري فضلا عن الواقعي قوامه ليس فقط الاقرار بالشهادات بل لا بد من عدم انكار الضروري وعدم الاستخفاف بالمقدسات ، فعدم الاستخفاف هذا ليس ادب كما قد يتخيل انه من احكام الفروع او بعد اخلاقي وروحي وانما يرتبط بمتن العقيدة ومأخوذ في البقاء على الاسلام وعلى الايمان الواقعي المأخوذ فيه ان لا يستخف ولا يستهزئ بالمقدسات وهذا شرط ثالث في الحكم بالاسلام الظاهري فضلا عن الواقعي .

من ثم مر بنا ان ولاية اهل البيت مأخوذة حتى في الاسلام الظاهري يعني يشترط ان لا ينكر اية المودة فهذا من الولاية لاهل البيت حتى بالاسلام الظاهري وان لا يستهزئ ولا يشتم النبي او يشتم ال النبي فهذا امر ثالث وبمثابة الشهادة الثالثة والامر الرابع ان لا يكون مبغضا ويعلن البغض لله او الرسول او لذي القربى لان المودة اصل في العقيدة بحسب بيان القرآن قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى فهل هذه المودة فريضة فرعية فقهية ام فريضة عقائدية؟ هذه المودة مثل امنوا بالله هي ليست فريضة فقهية وانما فريضة عقائدية نعم لله عز وجل طاعة في الفروع لكن هذا غير اصل الايمان به فانها فريضة عقائدية كذلك المودة فريضة عقائدية في الاصل وليس فقط فريضة فرعية فقهية كذلك مودة النبي وقرباه فالانفساخ عن هذه الوظيفة خروج عن الاسلام الظاهري اذا كان معلنا .

ومن ثم في كلمات المذاهب الاسلامية جلهم من يعلن البغض لله او للرسول او لقربى الرسول يمرق من الاسلام فافعال القلب وظائف عقائدية ، طبعا الوظائف العقائدية قد تكون من اصول الدين وعندنا وظائف عقائدية في تفاصيل بعيدة في العقائد وذكرها الاصوليون في تنبيهات الانسداد كبحث كلامي وذكروه في تنبيهات حجية خبر الواحد لكن في الانسداد اكثر بسطوا الكلام وموضع ثالث في تنبيهات القطع وحتى علماء الكلام بسطوا البحث فيه في الوظائف العقائدية قسم منها في دائرة اصول الدين وقسم في دائرة ما وراء اصول الدين وهناك تقسيمات اكثر من هذه الاثنين فقسم الوظائف العقائدية في اصول الدين حكمها حكم اصول الدين فزعزعتها تزعزع اما الاسلام الواقعي اي الايمان او يزعزع حتى الاسلام الظاهري ولكن هذا بالنسبة الى اصول الدين اما القسم الثاني اجمالا من تفاصيل العقائد الاخلال بها بمثابة العصيان في فقه الفروع ويحكم عليه بالضلال والانحراف ولكنها لا تزعزع اصل الاسلام الواقعي فضلا عن الظاهري ولا اصل الايمان نعم تنقص من الايمان وتوجب الفسق وكأنها بمنزلة الفروض الفقهية .

طبعا هذا المبحث في العقائد الباطلة فليس كل عقيدة باطلة يوجب المروق من اصول الدين بعضها يوجب فقط الفسق والضلال يعني مثل شرب الخمر والزنا فلا يزعزع صفة الايمان او اصول الدين او الاسلام الواقعي والظاهري مثلا بعض درجات الجبر اللي هو عقيدة باطلة هو من القسم الثاني وبعض درجاته من القسم الاول وكذلك التفويض ليس كله من القسم الاول الجلي هو من القسم الاول اما غير الجلي فهو من القسم الثاني وكذلك الغلو .

هناك قسم ثالث مختلف فيه اجتهاديا في العقائد فهو قسم بديهي من اصول الدين القسم الثاني متفق عليه لكنه ليس من اصول الدين وبمثابة فروع الدين ومن تفاصيل العقائد فالذي مثلا يرتكب الزنا لا يخرج من الايمان ولا يخرج من اصل الاسلام الواقعي او الظاهري نعم عاصي وفاسق واتى بكبيرة ويذهب عنه نور الايمان وكمال الايمان لكن اصل الايمان الناقص موجود عنده .

هذا القسم الثاني اما القسم الثالث المختلف فيه اجتهادا البعض يقول جبر والبعض يقول ليس بجبر مثل نظرية الارادة والاختيار عند صاحب الكفاية قسم من الشراح يقولون هذا لا يوجب الفسق ومختلف فيه فلا يمكن ان تقول من التزم بنظرية صاحب الكفاية في الارادة والاختيار انه فاسق وان تطعن عليه بانه جبر وانما اقول هذا جبر نظري والطعن العلمي عليه صحيح ولكن ليس طعن عملي اعتقادي كذلك القسم الثالث من الغلو او التفويض او التجسيم قسم منه بديهي يعني يلزم منه الخروج من الاسلام وقسم منه متفق عليه وقسم ثالث مختلف فيه مثلا ملا صدرا يقول نلتزم بالجسم العقلي لله وهذا ليس فيه كفر او تجسيم فليس المقصود ان الله جسم ولو الشراح اختلفوا في كلامه وتوجيهه ، فالمرحوم الاصفهاني يوجه كلامه انه ليس مقصوده ان الله جسم يعني هذه الكمالات الوجودية الثابتة الموجودة للجسم ثابتة بلا نقائص جسمانية فهل هذا التأويل صحيح باطل؟ السيد الخوئي يقول حتى هذا التأويل باطل .

اذن لاحظ نوع من التجسيم قسم ثالث هو محل طعن علمي لذلك السيد الخوئي طعن علميا على القول بالجسم العقلي لله ولكن هذا لا يدعو الى الطعن الفقهي او الطعن العلمي العقائدي فهنا يجب الالتفات ان هناك من يخلط المباحث مع بعضها البعض في القسم الاول من اصول الدين والقسم الثاني ليس من اصول الدين ولكن ارتكاب المخالفة فيها يوجب الفسق والضلال الفقهي وليس الخروج عن الايمان افترض جماعة من الاثني عشرية يؤمنون بشيء معين باطل مثلا النيابة الخاصة في الغيبة هذا باطل لكن هذا لا يخرجهم عن الاثني عشرية لكنه بمثابة الفسق كما يقول السيد الخوئي طبعا القدماء مبناهم شيء اخر في النيابة الخاصة انه من يعتقد بها في الغيبة الكبرى يخرج من الايمان ولكن يبقى على الاسلام الظاهري .

بل حتى بعض المباحث عند الاعلام مختلف فيه انه يندرج في القسم الاول او الثاني او الثالث فتارة كلام في اصل التنظير الكلي وتارة في اندراج هذا المبحث من الجبر والتجسيم في القسم الاول والثاني ، هذه الامور يتداخل فيه علم الفقه والكلام فاقسام العقائد الباطلة ليست على قسم واحد فليس ان يقال عقيدة بمعنى اصول الدين وهذا صرح به الشيخ الانصاري في تنبيهات القطع وتنبيهات حجية خبر الواحد ولكن اكثر تفصيلا في الانسداد ونقل كلمات جمهور علماء الطائفة فيه وحتى الوهابية والسلفية يخلطون بين هذا الاقسام فليس كل عصيان عقائدي هو من القسم الاول ولا مرتبط بالقسم الثاني قد يكون من القسم الثالث.

الان ماء الشعير الذي يباع في الاسواق هناك من يقول هذه بيرة من النوع التمام وهناك من يقول هذا ليست بيرة وانما حلال فالذي يجزم بانه حرام وبيرة وهو الصحيح لا معنى له ان يفسق الطرف الاخر الذي لا يؤمن بهذا الشيء فهو ليس من القسم الثاني وانما من الثالث هذه ضوابط في باب الاجتهاد والتقليد يجب ان لا يخلط فيها الان مثلا بعض المبلغين للاحكام الشرعية يظنون انه اذا كان امام الجماعة والمأمومين يختلفون في التقليد فهذا يقلد الف والمأموم يقلد باء او العكس فهل تنعقد الجماعة وتصح ام لا؟ هذا لا يخل بصحة صلاة الجماعة ، فاذا لم يختلف امام الجماعة مع المأمومين في الاركان كالوضوء والوقت والقبلة والركوع والسجود وتكبيرة الاحرام فان صلاة الجماعة صحيحة لان هذه الاختلافات من القسم الثالث وليس من الثاني .

فالقسم الثالث من يهرج ويجعلها من القسم الثاني سواء في الفروع او في العقائد والا اذا لانومن باختلاف الاجتهاد والتقليد نصير مذاهب فتعدد المرجعيات وتعدد التقليد لا يوجب ذلك لانها تندرج في القسم الثالث فلا حق لاتباع مرجع معين ان يناوئوا اتباع مرجع اخر مهما خطؤوه في قناعاتهم في التقليد والاجتهاد فهذه تندرج في القسم الثالث وليس في القسم الثاني وحتى التفسيق في غير محله فهذه معجون من كتاب الاجتهاد والتقليد وعلم الكلام والانسداد وهذه للاسف حتى فضلاء غافلين عنه وهذا جدا خطر فلا بد انه اصل التقسيم الثلاثي يصير واضح ، من ثم ادراج القسم الثالث في الثاني خطأ فضلا عن ادراج القسم الثاني في القسم الاول علاوة على الالتفات الى ان بعض المسائل اندراجها في الاول او الثاني او الثالث هناك خلاف بين الاعلام فيه فاذن كيف نقول هي مسلم انها من القسم الاول؟ لا يمكن القول به وهذا من اسرار علم الفقه وباب الاجتهاد والتقليد والقضاء .

فاذن ليست كل كل وظيفة عقائدية من القسم الاول رغم انها عقائدية قد تكون من القسم الثاني وقد تكون من القسم الثالث يعني لا يمكن ان تتعصب انت للمسالة العقائدية وتدرج القسم الثالث في الثاني او تدرج الثاني في الاول وحتى قد بعض اساتذة البحث الخارج يغفل عن هذا المطلب ونحن ناقلين لهذه المطالب عن الاكابر ولسنا مبتكرين لها وكذلك ليس كل مسألة فقهية من القسم الثاني او الثالث فبعض المسائل الفقهية الفرعية تندرج في القسم الاول يعني عكس العقائدية فالمسائل الفقهية غالبها من القسم الثاني او الثالث وبعضها من القسم الاول وحتى اكابر غفل عن هذا المطلب فبعض الفقه يندرج في القسم الاول فليس كل ما في الفقه من القسم الثاني والثالث فبعضه من الاول كما انه ليس كل ما في العقائد من القسم الاول ، ففي الذهن هكذا يتبادر يعني ان العقيدة من القسم الاول والفقه من القسم الثاني يوجب الفسق فقط او الثالث هذا خطأ فبعض ما في الفقه من القسم الاول واكثره في القسم الثاني والثالث بعض ما في الكلام كثير منه في القسم الاول لكن ليس كله في القسم الاول بعضها من القسم الثاني او القسم الثالث .