الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرياضات الروحية والاصطفاء والمواهب اللدنية

الرواية كما مر بنا في كفاية الاثر وهو مصدر اساسي عند علماء الامامية وهو حافل بالمعارف ليس فقط في خصوص النصوص لانه اسمه كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر فهو حافل بالمعارف كثيرة ومنها الرواية التي يتعرض فيها الامام بالربط بين العقيدة الصحيحة والرياضات الروحية .

بداية الحديث كان سؤال الراوي للامام حول انحراف المجسمة والتبري من افكارهم وعقائدهم وانها لا تمت للاسلام بصلة ثم ربط عليه السلام الاستقامة في المعرفة من الرياضات الروحية .

مر بنا امس الرياضات الروحية حسب هذه الرواية وحسب هذا البيان والبيانات المتواترة عن النبي واهل البيت الرياضات الروحية اعظم غاياتها العقيدة وليس سقفها النهائي تهذيب او تزكية النفس او الطاعات العملية البدنية وانما اعظم غايات الرياضات الروحية هو المعرفة العرفان هو من زار الامام عارفا بحقه ومعرفة لديه فغاية الرياضات الروحية هو المعرفة والعرفان بالله والنبي واهل البيت او بالولاية هذي اكبر غايات واهداف ودواعي الرياضة الروحية وكمال الرياضة الروحية لترويض القلب فضلا عن الروح والنفس وهذه الرياضات الروحية كما مر بنا فجأة ما يمكن الانسان يصير مرتاض مع ان السحر ايضا رياضة ولكن رياضة محرمة وبتعبير فرعون كبيركم الذي علمكم السحر فالسحر ايضا درجات او قالوا ابعث في المدائن ويأتوك بكل سحار عليم يعني ليس كل ساحر .

فالسحر هي رياضة روحية من الارتباط بالشياطين والمحرمات والجن والشرور والعالم الظلماني ولكنه رياضة محرمة وكلما ارتاض الساحر اكثر كلما كان عفريت في الشر اكثر انه لكبيرهم الذي علمهم السحر ، كما هناك في الرياضات البدنية هناك لاعب اقوى ولاعب اول وهذا لا بد ان يحافظ على لياقته اذا اراد ان يبقى في الصدارة فالنبوة رياضة روحية وبتعبير السيد الخميني نقلا عن الشيخ الشاه بادي صاحب كتاب رشحات البحار ان النبوة رياضة ولكن ليست رياضة اكتسابية وكذلك الامامة رياضة وليست اكتسابية وانما اختيارية .

ومر بنا المقامات الاصطفائية ليست جبرية ولا اكتسابية ولكنها اختيارية لان الاختيار اما ينتهي الى الاصطفاء او الى الاكتساب فالاختياري ينقسم الى قسمين اصطفائي ونتيجته اصطفاء الله .

المواهب اللدنية هذا اصطلاح معنوي في العلوم المعنوية المواهب اللدنية موهبة من الله ملكوتية قد تكون اصطفائية وقد تكون اكتسابية وكليهما اختياري الاصطفاء اختياري وليس جبري وكذلك المواهب اللدنية فالامامة والنبوة والخلة موهبة الهية لكن اصطفائية وهذه تقسيمات معقدة وغامضة حتى الفلاسفة الغربيين يتيهون فيها وكذلك المستشرقين .

الان الكمالات هناك شجاعة اكتسابية وهناك شجاعة اصطفائية وقد تكون كليهما اي موهبة لدنية او العفة او اي كمال من الكمالات يمكن ان يكون اكتسابي ويمكن ان يكون اصطفائي البعض يظن ان معنى الاكتسابي فقط في الفعل الاختياري والكمال الذي يستحصل من اعمال البدن في قبال المواهب اللدنية وهذا قد يستعمل في العلوم والمعارف عند المتكلمين والمحدثين والمفسرين والفلاسفة والصوفية ولكن هذا استعمال اصطلاحي ولكن الاكتساب بمعنى العقلي هوليس كل الافعال اختيارية ، البعض يتوهم ان الاكتسابي يساوي الفعل الاختياري وكل اكتسابي اختياري لكن ليس كل فعل اختياري هو اكتسابي .

في عقيدة ائمة اهل البيت والقرآن وعلماء الامامية النبوة حبوة من الله وليست من فعل البشر ولكن ليست جبرية وانما اختيارية فكيف هي اختيارية وهو فعل الله? يتوهم من عبائر كثير من متكلمي الامامية والمفسرين انه عندما نقول النبوة فعل الله يعني ليس للبشر فيها اي دور ، ولكن هذا غير صحيح النبوة فعل الله لكن ليست جبرية هي فعل اختياري ففي حين انه فعل الله ولكنه اختياري القرآن يقول الله يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من امرهم ، فاختيار الامام واختيار النبي فعل الله وليس فعل البشر لكن هذا الذي ينبأ لا بد ان يستحصل قابلية يكونها بافعاله الاختيارية يتأهل فيحبيه الله ويهب له الله الاصطفاء او لنقل علم الله بنجاح هذا الشخص في الامتحانات المستقبلية من البداية يعطيه الاصطفاء .

فعطاء الله الاصطفاء ليس مجان وليس جزاف ولا قهري ولا جبري كما يبين ذلك عدة بيانات في القران واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما فما اعطاه مجانا وانما امتحنه فاعطاه او قتل داوود جالوت فاتاه الله الملك الكل كان يائس في جيش طالوت قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده هو شعب النبي موسى كان متخاذل قالوا اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون ان فيها قوما جبارين يعني دولة عظمى وقوم موسى يسفهون الوحي يقولون كيف تريد ان تجابه دولة عظمى? قال ربي اني لا املك الا نفسي ففرق بيني وبين القوم متخاذلين والمؤيسين قال اثنان من الذين انعم الله عليهما ادخلوا ... فهذه يعني كلها دولات فقاعات .

حتى ان داوود كان رجلا فقيرا حافيا رثا يرعى الاغنام لكن همته قوية لاحظ طالوت متزلزل ومتخوف لان دولة عظمى امامه وابراهيم كان يخرج من مسجد السهلة لحرب العمالقة من الدول العظمى وهذه سنة عند الانبياء النبي موسى وابراهيم ان يناطح الدول العظمى اذهب الى فرعون انه طغى يعني صارت دولة عظمى ، نعم في البداية قولا له قولا لينا لكن بعد ذلك جاوبوه .

فداود كان حافي وليس عنده اية حرب وليس له الات لا الحديد ولا الرماح الا الحصيات ولكن قيض الله وسبب تغيير استراتيجي انه يكون بابسط الالات باذن الله والتدبير ليس عند الدول العظمى وانما بيد الله فانت استقم ولا تنهزم نفسيا فانت لا تخذل المؤمنين ولا تجعل يدب الفزع والخوف في قلوبهم يعني يصير بوق من ابواق العدو لئن لم ينتهي الذين في قلوبهم مرض والمنافقون والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم فالانهزام النفسي هذه هي المشكلة بينما النبي داوود مثال عظيم في القرآن باسلحة بسيطة بدائية حقق النصر الاستراتيجي للنبي موسى والانبياء بين نبي موسى وداود ما حققوا ذلك .

فهزموهم باذن الله وقتل داوود جالوت واتاه الله الملك فلاحظ هذا الفعل الاختياري من النبي داوود وهو كان مصطفى من البداية ولكن لما اتى بهذا يعني حتى الله عز وجل عندما يصطفي احد يستمر يمتحنه من ولادته الى مماته وليس امتحان واحد وانما امتحانات مستمرة ... شرطت عليهم الزهد في هذه الدنيا الدنية فعلمت الوفاء منهم فاعطيتهم ذلك يعني بنود العصمة البنود التكوينية لها هو ثلاثي شرطت علمت اعطيت فعلم الله بنجاحهم وبتفوقهم الكامل الاختياري وهذا يسمى اصطفاء بسبب اختيارهم الفائق سواء يجازيهم الله بالاصطفاء قبل الفعل وحين الفعل او بعده هذا كله اصطفاء فالاصطفاء فعل الله ان تنصروا الله ينصركم لكن ليس فعل الله جبرا وانما فعل منوط بفعلنا لانه في المورد الاخر يقول وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم يعني قيامكم بنصرة الله لها دور ومعنى نصرة الله لايعني ان ليس لكم اي دور فبهذا اللحاظ يمكن ان يقال ان نصر الله اختياري للبشر يعني فعلنا يهيء الارضية لان يفيض الله عز وجل هذا العطاء بهذا اللحاظ .

فاذن عندما يقال الاصطفاء فعل الله محضا هذا صحيح لكن لا يعني انه لا يناط بفعل البشر الاختياري يعني الاختيار الفائق قمة بخلاف المواهب اللدنية الاكتسابية هي لا يبلغ القمة في الاختيار فالهداية من الله لكن لما يستجيب الانسان الى اوامر الله عز وجل يعطيه الهداية ، فهل يقال لان الهداية من الله اذن نحن جبريون? فعدم هداية الله للانسان ليس بمسئولية الانسان ؟ كلا ففعل الله منوط ومشروط بطاعة الانسان وان كانت الهداية من الله .

هذي مغالطة الجبريين في هذا الجانب فكون الشيء فعل الله لا يعني انه اختيار الانسان ليس له دخل وكون اختيار الانسان له دخل لا يعني ان الفعل هو فعل الانسان هذي عملية معقدة فمن جهة ان فعل الانسان له دور ومن جهة ان الفعل محضا هو فعل الله ، ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم وهناك عدة ايات في هذا المعنى ، ففعل الله منوطة بافعال البشر مثل ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا كذا كذا او مثل قول النبي نوح استغفروا ربكم يمددكم باموال وبنين فالفعل لله وليسوا فعل البشر اصلا لكن هذا ليس جبر فهو ليس من فعل الانسان اصلا لكنه فعل الانسان شرط في فعل الله الان مثلا حركة يدي تسند الي وخيرها يسند الى الله فهو فعل واحد يسند الى اثنين هذا فرق الفعل الاختياري الاصطفائي عن الفعل الاكتسابي والمواهب اللدنية والبحث غامض نواصله غدا ان شاء الله تعالى .