46/04/16
الموضوع: الرياضات الروحية وتداعيات شؤونه
في هذه الرواية الشريفة المروية في كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر هذا الكتاب وزانه وزان كتاب كامل الزيارات طبعا الاخير اعظم يعني اهتمام علماء الامامية به لا سيما عند السيد الخوئي لكن صاحب هذا الكتاب سبق ان اشرنا الى انه زميل الصدوق ومعاصر له وهو ابن ولايته فهو اشعري وخزاز وفي مقدمة كتابه ذكر عين الذي ذكره ابن قولويه في كامل الزيارات ففي هذه الرواية الشريفة التي سبق العام الماضي ان استعرضنا فيها ما ذكره عليه السلام من منازل الرياضات الروحية وان كانت هي ليست مدحا للصوفية وانما تقرير مشروعية الرياضات الروحية يعني كون الرياضات الروحية بعضها او كثير منها يمارسها الصوفية ويخلطونها مع رياضات باطلة وهذا لا يعني ان الرياضات الروحية كلها باطلة فهذه تداعيات ذهنية موجودة عند كثيرين وهذا من الخطأ العلمي .
الحر العاملي عنده كتاب في اثني عشر حديث في ذم وتقريع الصوفية وانحرافهم في بعض الزوايا يعني ان النتيجة المحصلة لا يعني عدم الانحراف عندهم لكن لابد للانسان ان يفكك في الفرقة الواحدة بين زواياها المنحرفة وغير المنحرفة فكما عند الصوفية انحرافات مذمومة مستنكرة اما الرياضات الروحية اذا كانوا هم يمارسوها ويمارسها غيرهم من المتقين فلا يمكن انكارها ولا يمكن ان يبلغ احد درجة المتقين الا برياضات روحية .
فشاهدنا وسمعنا كثير من اهل التقوى عندهم رياضات شديدة لكن لا ربط لهم بالصوفية فالرياضة الروحية ليست حكرا على الصوفية والتصوف بل ربما كثير ممن ينتسبوا الى الصوفية يقوم بالرياضات الروحية الصورية وليست جدية حتى ان الصوفية والذين هم عشرات الفرق فيما بين بعضهم البعض ما يقرون ان كلهم يقومون بجدية في الرياضات الروحية لان فيها مكابدة ومرارة وجهد جهيد فليس الكل يقوم به وانما كثير ما يقوم به هو صوريا شكليا .
والرياضات انواع وكل نوع من الرياضات ايضا درجات وسبق ان مثلنا برياضة الابدان ككرة القدم وكرة السلة والسباحة والرمي يقولون هناك مئات انواع الرياضة البدنية معترف بها دوليا فنفس الشي في الرياضة الروحية بل انها اضعاف اضعاف اضعاف اضعاف اضعاف الرياضات البدنية من حيث الانواع وهذا يشير له الامام الصادق ان الرياضات الروحية انواعها لا حد ولا حصر له حتى ان في بيانات اهل البيت عليهم السلام انه قد بعض الصالحين المتقين يمتازون برياضات وامتيازات روحية عن كثير من الانبياء يعني الباري تعالى يعطيهم خاصية تكوينية وكرامة يحبيهم بها فهذا المرتاض او المتقي او اهل الاحسان عنده رياضات روحية معينة قام بها كالنبي داوود في زمانه عنده خاصيات اصطفائية نبوية جعله الله اماما وخليفة وهو اول من اقام دولة بني اسرائيل ولكن الله حبى لقمان خصائص ملكوتيا لم يعطها للنبي داوود مع انه لقمان حكيم وليس بنبي ولا بامام وفي بيانات اهل البيت نفس النبي داوود وان كان مصطفى منذ ولادته ولكن تفتقت النبوة بعد ان قتل داوود جالوت فهذا القتل عند الله سبب سبق داود على طالوت فاصبحت الامامة بيد داوود لا طالوت بل حتى في الشجاعة والسخاء الكرامة والعفة من جد وجد ومن اكثر قرع الباب اوشك ان يفتح له .
ربما تجد احد المتقين الصالحين شديد في امر معين يحبيه الله كرامة لم يعطه الله لنبي من انبياء بني اسرائيل لان الروح والنفس القوى التي فيها لا حد لها ولا حصر واذا يرومها الانسان يصل الى الانبياء ويصل الى مراحل عظيمة وبيانات اهل البيت ومعارفهم في تراث الحديث الواصل الينا شيء يدهش العقول .
مثلا في بياناتهم ان عالما من العلماء معاصر للنبي يونس وهو من اولاد الانبياء لكن لم يكن مصطفى ولكنه عالم اوقفه الله بسبب العلم على امر خفي عن النبي يونس فهذا لا ينافي اصطفاء نبي يونس لان العلم رياضة فكرية وهذا ارتاض اكثر في الرياضة القلبية ولم يعتمد فقط على الطاقة القلبية مع ان علمه اكتسابي هذا العلم الاكتسابي من عالم معاصر للنبي يونس لتراث الانبياء اوقفه على حقيقة خفيت على النبي يونس .
شبيه بما يروى ويسند الى سيد الانبياء علماء امتي افضل من انبياء بني اسرائيل هذا ليس تفضيل العلماء بما هم هم وانما بما هم حملة لعلم سيد الانبياء فعلم سيد الانبياء يفضل ويعظم على انبياء بني اسرائيل كما ان الامام الصادق في رواية في اصول الكافي يبين ان هشام ابن الحكم توصل بقواه الفكرية الى صحيفة من الصحف الوحيانية التي نزلت على النبي ابراهيم وذلك عبر اصول اخذها من الامام الصادق .
فعالم الوصول الى الحقائق والمعارف والمغيبات والكمالات ما تنحصر بالنبوة وان كانت نبوة سيد الانبياء شيء اخر ولا تنحصر بالامامة وان كانت امامة اهل البيت شي اخر ولا ينحصر بالاصطفاء وان كان اصطفاء اهل البيت شيء اخر فيمكن لمن يجاهد نفسه ان يعطيه الله هذه الكرامات ولا تعني انه ذو حجية اصطفائية ابدا .
مثلا لقمان ليست لديه اصطفاء نبوة او امامة ، والقرآن يعقد له سورة وورد عندنا عن سيد الانبياء ان سلمان حكمته اعظم اعظم اعظم من لقمان فالحجية المدار ليس في شخص لقمان مع احترامنا لشخصه وانما فيما يقول وهو متضمن للبرهان ، اصلا معنى الحكمة هي هذي اذن باب الرياضات الروحية مفتوح وهذا لا يعني الحجية .
الان افترض شخص حصلت له مكاشفة مع اهل البرزخ فهو ليس بحجة وليس اصطفاء ولكن هذا العلم في نفسه حجة لانه بيقين شهد عوالم غيبية اخرى موجودة فالعلم فيه حجية وليس الشخص .
كما انه اهل البيت بينوا ان ابليس في علمه بجهنم وصل الى درجة عين اليقين وليس علم يقين وذلك قبل انحرافه مع ان النبي يحيى سيدا وحصورا وخذ الكتاب بقوة واتيناه الحكم صبيا وبكت عليه السماء دما لما استشهد لكن النبي يحيى لم يصل اليها تلك الدرجة وهذا لا يعني حجية ابليس على يحيى ، فيبقى الاصطفاء اصطفاء ولا يعني هذا استقامة ابليس فالنبي يحيى لما اصطفي يعني معصوم ما يزل ولا يخطأ ولكن ابليس ليس مصطفى في حين ان ابليس وصل في عالم الملكوت ما وصل .
هذه البيانات لا يعلم بها ابن عربي ولاالغزالي ولا الميرزا علي القاضي ولا الطبطبائي وانما يعلم بها اهل البيت حصرا حتى النبي ابراهيم الخليل ما يعلم بها هم بيت الملكوت وسبق ان ذكرنا هذا وان ابليس وصل في مجاهداته الروحية الى السماء السابعة انا لم اسمع من هؤلاء المرتضين من قدر ان يكون من اهل السماء الاولى فضلا عن السماء السابعة يعني كل ما ينزل من فوق الى تحت يعلمون به يعني ترانزيت بالاصطلاح الحديث فهو محل الملائكة الكروبيين والملائكة المقربين .
هذا كله موجود في بيانات اهل البيت وهم ادرى بما في البيت وليس احد يناددهم وهذه حماقة من يستخف بتراث الحديث هذه اسرار الغيب التي لا يدري بها حتى الملائكة المقربين بل حتى جبرائيل لو لم يقلها اهل البيت لا يدري بها ويأتيك هذا يستخف بالتراث الحديثي لاهل البيت وينيط حجية تراث اهل البيت بالرواة المغلوب على امرهم ، الرواة مستضعفون في المعارف وفي العلوم حتى زرارة واعظم به بالنسبة للمعصوم مستضعف في علمه وفي كل شيء فضلا عمن هو دونه زرارة .
ففي بيانات اهل البيت ان جبرائيل وميكائيل كانا معجبين بعبادة ابليس في السماء السابعة فترى مخلوق يصل الى درجة وبعد ذلك يهوي مع ان هناك ليست عصمة واصطفاء ولكنها رياضة من ابليس ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يصعده الله الى السماء السابعة والسماء السابعة ذات قدرات هائلة مهولة ، وموجود في روايات اهل البيت الذي جعل الجبل وخر موسى صعقا من التجلي وانهد الجبل ترابا هو ملك من الملائكة الكروبيين طاقته هكذا وبمقدار رأس الابرة طاقة تجلت الى الجبل الذي عند موسى فانهد الجبل كما هو الحال في الطاقة النووية وما تصنع في الاجسام? هذه ليست نووية هذه سماء سابعة وما يقاس بها النووي .
فابليس مثال للرياضة الروحية انه كيف يرتاض الانسان ويصل وليس يدل على الاصطفاء فهو كما يقول امير المؤمنين عبرة للكل ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره هذه البحوث لم يشمها علماء الكلام ولا علماء التفسير وانما علماء الحديث يشمها نتيجة عكوفهم على احاديث وبحر معارف اهل البيت عليهم السلام .
ورد بيان عجيب عظيم ان ابليس كان بمجاهداته موكلا على السماء الخامسة يعني ما يمكن يعبر شيء من فوق الى تحت ومن تحت الى فوق الا عبر الجمرك للسماء الخامسة ومع ذلك انزلق لانه ليس مصطفى فعندنا في بيانات اهل البيت ربما افراد بشريين يصيرون نائب خاص للامام لكن ينحرف ونص القرآن الكريم واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا ... فالله عز وجل يعلم بان بلعم سوف ينحرف فلماذا اتاه ذلك ? لان الله عدل لا يجور فبلعم ما دام لم ينحرف وارتاض يعطيه واذا انحرف يسلبه منه اما الانبياء والمرسلين والائمة يبقون على الاستقامة لكن غيرهم يسلب منه وقد يعطون ما يعطون لان النيابة الخاصة في مذهب الامامية ليست اصطفاء وليست عصمة .
من ثم علماء الامامية ما كانوا يكتفون بتنصيب النائب الخاص وانما يظلون يراقبون حركاته وسكناته واستقامته مع انه محل اعتماد المعصوم لكن مع ذلك هو مراقب وفي بيانات اهل البيت ان الامام يشبه المغيرة ابن سعيد ببلعم ابن باعورة يعني اوتي النيابة الخاصة ولكن سلبت منه وابن الخطاب ايضا هكذا ولكن النيابة الخاصة كما في روايات التهذيب للشيخ الطوسي نوع اتصال نوري ملكوتي مع المعصوم من دون ان تكون اصطفاء او حجية الان ابليس له قدرة على معرفة تواجد اجمالي لانوار المعصومين مع انه منحرف لكن هذا لا يدل على العصمة والاصطفاء فالمقصود ان عالم الرياضات الروحية عالم عجيب وغريب يجب ان يضبط ببيانات اهل البيت فالحديث عن الرياضات الروحية طويلة الذيل والرياضات الروحية المباحة نتائجها عجيبة عظيمة لكن لا ضمان على بقائنا او تمكننا منها فاذا زل الانسان تسلب منه نتائجها وثمارها .
نقطة اخرى كما في الرياضات البدنية ربما شخص هو اول لاعب كرة قدم في العالم لكن بعد فترة يتقهقر لكن اذا يبقى يمارس قد يبقى على حاله الرياضات الروحية فهذا اول لاعب في كرة القدم هل يحصل لديه هذا التفوق دفعة? كلا وانما تدريجا وبمكابدة ، كذلك الرياضات الروحية هو امير المؤمنين الف ركعة ليلية يداوم عليها وكان دائم الذكر لان الله لا يعطي شيء مجانا فالرياضات نتائجها لا تحصل دفعة وانما تدريجا وبمكابدة ، فكما يقال في الرياضات البدنية نفسه في الرياضات الروحية اكثر واكثر .