46/04/15
الموضوع: غاية الأعمال آثارها العقائدية
مر بنا ان هذه الشريفة في كفاية الاثر عن الامام الصادق مفروغ عنه فيها ان الرياضات الروحية بالاليات المباحة فضلا عن الاليات الراجحة كالذكر والتفكير في امر الله والحب في الله لها دور عظيم يعني هذه الاليات في نفسها مباحة لكن هذه الايات عندما توظف كدورة رياضية للروح وختمة من الختومات فتكون اعظم ومعروف في عالم الرياضات الروحية ان الختمة لها دور وتأثير كبير مثلا عمل يومي من الاعمال الرياضات الروحية وذكر وفكر يستمر الانسان عليه سنة سنتين فيعطى محصولا ملكوتيا تلقائيا لا سيما اذا مارسه ليس بقصد شيء معين وانما للقربة المطلقة والعبودية المطلقة يعني لم يكن طمعه في النتيجة فغالبا هذه الختومات اذا تمارس مع عدم نية طمع شيء معين دائما يأتي بحبوة ملكوتية .
في هذه الرواية الشريفة اللي موجود في كتاب كفاية الاثر لزميل الصدوق وهو كتاب عظيم كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر يبين الامام عليه السلام ان الرياضات الروحية امر راجح وتكاملي لا سيما انه هو عليه السلام انتقل من تخطئة المجسمة عند المذاهب الاخرى الى بحث الرياضة الروحية مما ينبه على ان الهدف من الرياضات الروحية كما مر بنا ليس فقط تزكية النفس وتهذيبها وانما كمال النفس الاعظم هو اداء الوظيفة العقائدية يعني الاعمال الصالحة الهدف منها ليس فقط اسقاط اوامرها بالامتثال وتجنب المعصية وانما الهدف الاعظم من طاعات الاعمال في الفروع هو تحصين العقيدة كما ان الخطر الاخطر في المعاصي ليس عصيان الاوامر وارتكاب المعاصي وانما الاخطر في المعاصي هو تزلزل ولاية العبد بربه وبالنبي وبامامه يعني المخاطر الاعتقادية الناجمة من المعاصي اخطر من المعصية ، فالمعصية تزرع الولاية بين الانسان والشيطان او الطاغوت وهذه مفسدة اعظم من نفس المعصية وهذه موبقة دينية عقائدية اخطر من نفس الزنا واللواط والفجور والقتل .
لعل المراد في الاية الكريمة والفتنة اشد من القتل يعني بلحاظ العقيدة يعني التأويل الاعظم له ان الاضلال اخطر من القتل وسفك الدماء لان هذه انما تقضي على حياة الدنيا بينما الاضلال يقضي على الدوام الابدي اذ تبرا الذين اتبعوا من الذين اتبعوا انا في العذاب مشتركون فالمشكلة في المعاصي او القضية في الطاعات ليس نفس الطاعات وانما الاعظم هو على صعيد العقيدة .
مثلا الانسان يذنب ثم يعصي يعصي الى ان ينتكس قلبه فهنا الخطورة تكمن وتبدأ المعصية كنقطة سوداء في القلب ويدمن الانسان عليها فتستولي على قلبه فيكون قلب الانسان وروحه منكوسة يعني بدل ما يتصاعد ويتكامل يهوى الى الهاوية والى جهنم فالخطورة في المعاصي وفي الفروع نتائجها عقائدية وليست قضايا فكرية ، فالقضايا العقائدية الركن الروحي فيها هو حب وبغض و ولاية وتبري فلا يتمكن ان يوالي الله ورسوله وقرباه وما يقدر يحب الله ورسوله فهناك حالة كراهة ونفرة فيمكن ان تشتد هذه الكراهة الى عداوة وصد لاصل حقيقة الاسلام والايمان فالخطورة في نفس المعصية وما تحدثه المعصية من نسبة ارتباط بين العاصي والشيطان وشجرة الزقوم .
لذلك مر بنا كلام الامام الصادق لا ينال شفاعتنا مستخفا بالصلاة فهذه الرواية الشريفة تبين عظمة الولاية على الصلاة ان هدف الصلاة وهدف التقوى في الاعمال الصالحة ان يتهيأ الانسان ليوالي اهل البيت ، حيث اهل البيت جنسهم نور وطهارة وطهر ولا يمكن الاقتراب اليهم الا بالطهارة والطهر والنور بخلاف الظلمة والنجاسات والقذارات هذه النجاسة الروحية الحاصلة من المعاصي توجب تعلق مع شجرة الزقوم ومع جهنم فانا اصلي هذه الصلاة الفريضة اليومية قربة الى الله وقربة الى رسوله وقربة الى ال الرسول لان قربى الرسول وقربى ال البيت يحصل بذلك الشفاعة منهم وبدون الشفاعة منهم لا تقبل الاعمال بنص القرآن .
مر بنا كلام الالوسي ينقل عن كثير من اهل المعنى يقول ولو انهم اذ ظلموا انفسهم هذا غير خاص بالتوبة الاصطلاحية هذا كله اوبة يعني كل رجوع عبادة الى الله ورجوع الى الله فكل عبادة بدون ان يمضي عليها النبي لا يقبله الله كما ان نص اية سورة الاعراف الاية الاربعين ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم ابواب السماء لصعود عقيدتهم فضلا عن اعمالهم ولا يدخلون الجنة .
ربما البعض يقول عندنا رواية ان الباب الثامن في الجنة لعموم المسلمين من غير شيعتنا فهذا نص على انه يمكن دخول الجنة بدون ولاية اهل البيت .... كلا الايات الكريمة كلها تشترط الولاية في دخول الجنة وهناك عشرات الايات نعم هذه الروايات لها تفسير انه يمتحن المستضعفون يوم القيامة فان فازوا بالولاية فيدخلون الجنة وفي بيانات اهل البيت لا يكون معهم من ليس بموالي لهم في الدنيا والبرزخ والرجعة وانما من والاهم في القيامة ولا تكن منزلته كمنزلة من كان موالي في دار الدنيا .
فاذن في نص الاية الكريمة ولو انهم اذ ظلموا انفسهم ان الولاية لابد منها ... واستغفر لهم الرسول التوسل والتوجه بالنبي وباهل بيته ثم العبادة لله يمضيها النبي كي يتقبله الله ... جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول فشفاعة النبي في كل العبادات هكذا وويل لمن كان شفعاؤه خصماؤه .
كذلك الاية الكريمة ان الذين كذبوا باياتنا وهي مخلوقات وحجج لله ناطقة ان الذين كذبوا باياتنا لا تفتح لهم ابواب السماوات يعني الان تفتح يعني الكلمة الطيبة لهم لا يصعد واني لغفار لمن امن وتاب وعمل صالحا ثم اهتدى يعني هادي مهتدي ويقتدي بامام انما انت منذر ولكل قوم هاد فهذه الاية الكريمة تدل ان الولاية شرط الصحة وليس شرط القبول فالاية ليس فيها اني لمدخل الجنة وانما اني لغفار يعني سقوط العقوبة والنجاة من دخول النار بالولاية فالولاية بدونها يدخل النار هذي شرط الصحة وليست شرط القبول .
فايات كثيرة موجودة لدينا في هذا الخضم ان العقيدة والايمان فضلا عن الاعمال لا تصح الا بالشهادة الثالثة فاني لغفار لمن امن في تشهد الصلاة وعمل صالحا في تشهد الصلاة وتاب ثم اهتدى يعني بالشهادة الثالثة هذا ليس تأويل براني وانما نفس الشرطية وصحة الشهادتين مثل اليوم بالشهادة الثالثة رضيت لكم الشهادتين دينا واكملت لكم الشهادتين والاسلام دينا وبدونه ليس التشهد المرضي عند الله تشهد يتشهد به المنافقون .
فهل العمل يهيئنا لشفاعة النبي؟ هذا ليس تأليه للنبي ولاهل البيت انما هم شفعاء وليسوا شركاء وسيلة وليسوا ند لله وانما السبيل والوسيلة الى الله يقول الامام الباقر كل الانبياء يوم القيامة مع انه عندهم نبوة وعندهم وحي واصطفاء وطهارة وعصمة لا تنجيهم من اهوال يوم القيامة الا شفاعة سيد الانبياء وسيد الاوصياء فما بالك بالاخرين؟ فلا نزول التوراة على موسى ينجيه ولا نزول الانجيل ولا نزول صحف ابراهيم ولا امامة ابراهيم وانما قمة ما ينجي شفاعة النبي ص ، وهذا ورد في القرآن ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك او ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها لا تفتح يعني حتى الانبياء لا تفتح لهم وبنفس الكلام واني لغفار كذا كذا .
فالتكاليف لا يستثنى منها احد بل اول من يكلف بالتكاليف هم الانبياء وليس غيرهم فكل من جرى له الحق جرى عليه الحق الا الله فالمقصود انه لا ينال شفاعتنا مستخفا بالصلاة يعني الولاية اعظم من الصلاة لا ان الصلاة نستخف بها لكن اهمية الصلاة كي توصلنا الى الولاية والا ما نستكشف شفاعة النبي وما تتم ولاية الائمة ان عصينا الله في الصلاة او في الصيام او في بقية الطاعات ، فاعظم شيء في الطاعة وفي الفروع ان توصلك الى طاعة عقائدية لا ان الطاعة العقائدية لها طريق غير الطاعة والعمل هذا هو طريق منحصر لها ولكن غاية الطاعة هو العقيدة .
ونحن لسنا كالصوفية نقول اذا كانت الطاعة عقائدية اذن فنطيع عقائديا من دون ان نطيع في الاعمال هذا كذب لان الطريق كما يقول الامام الصادق لا ينال يعني لم يصل الى شفاعتنا وولايتنا الا عن طريق الصلاة كما ان المعصية اخطر شيء فيها زلزلة الولاية العقائدية الباطلة فالمعصية عندما يقع الانسان فيها الاعظم من نفس المعصية حصول نوع من ولاية الشيطان ونوع النفور بينه وبين الله وبينه وبين رسوله وبينه وبين ال الرسول لان هؤلاء اطهار فكيف انت تقترب اليهم؟
اذا كان مرقد النبي ومرقد الال لا يلجه مجنب فمن اجنب عن المعصية كيف يدخل معهم؟ هذه الجنابة هي قذارة نازلة والمعصية قذارة اعظم كيف الانسان يلتحم به ؟ فالفروع نتائجها في الطاعة وفي المعصية خطرة وهذه النتائج مرتبطة بحالة الروح واذا ابتلي الانسان بالمعصية ليراقب نفسه سيجد ان الخطورة الظلمانية الروحية الحاصلة من ذلك الذنب اعظم واعظم من مفسدته فكيف يطهر نفسه من هذه الخطورة العقائدية ؟ مثل ما قال الله عز وجل ونبهت عليه العقيلة سلام الله عليها ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوأى المشكلة هي هذه ان يكذبوا بايات الله .
فهنا في هذه الرواية ربط عليه السلام بين الرياضة والطهارة والعقيدة الصحيحة اذن الهدف من الرياضات الروحية كما هو في الفروع الهدف منها اسمى من نفس الرياضة الروحية وهي العقيدة السليمة والخطورة في عدم الرياضات الروحية.