الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الآيات طريقية في عين الموضوعية

مر بنا هذا الحديث الشريف وهو حديث الامام الصادق يستعلم فيه مدارس الرياضات الفكرية بل من جهة اخرى يقرر رجحانها وليس فقط يقتصر على مشروعيتها وتقرير المعصوم وامضاؤه حجة ، فزيادة على ذلك يقول الامام الصادق هذه الرياضات الروحية المختلفة هي طبائع روحية تكوينية في الارواح سواء ارواح الانس او ارواح الجن او ارواح الملائكة او ارواح الحيوانات لان الاخيرة بعضها قريبة الافق من البشر او لهم مشتركات مع الانس والجن .

اذن هذه البيانات منه عليه السلام يبين خصائص تكوينية ويخبر عن خصائص تكوينية وليس قضية تشريع فقط وانما خصائص تكوينية مثل اخبارات عن خصائص تكوينية لعالم البرزخ هذا ليس تشريع يعني الطبيعة التكوينية للبرزخ هكذا والطبيعة التكوينية للموت هكذا فهذه ليست قضية تشريع وتقنين وانما قضية معرفة الطبائع التكوينية او طبيعة الملك والنبوة في بعدها التكويني كذا كذا نعم الانسان له وظيفة ان يؤمن بها بحث اخر ولكن النبوة فيما هي هي هكذا الملائكة هكذا والملائكة طبيعتهم كذا كذا .

مثلا كما في نهج البلاغة الملائكة علم وعقل من دون شهوة بخلاف الانس والجن ففيهم شهوة فاذن في بيانات الوحي العقائدية والمعرفية هناك بعد بياني للخصائص التكوينية لكي يستثمر الانسان هذه الخصائص التكوينية وهكذا في النفس .

فابتداء الحديث الراوي يأتي للامام الصادق يقول ان جماعة مالك او فلان من فقهاء الجمهور او فقهاء العامة يشبهون الله بجسم من الاجسام فالامام يستنكر اشد النكير على المجسمة والتجسيم وان الله ليس بالجسم الى ان يقول الامام فالله منه ونحن منه براء لانه نوع نقص وحدوث للباري فمع ان الحديث هكذا كان في بدايته يعرج عليه السلام الى المدارس والرياضات الروحية فما صلة هذا بهذا? وهذا يدل على ان اعظم ايات فقه القلوب والرياضات الروحية ليس تهذيب النفس وتزكيتها وان كانت هذه غاية عظيمة ولكن الاعظم منها هي القيام بالاعتقاد الصحيح يعني كما ان الانسان يدرك بعقله الفكري علما حصوليا بامكانه ان يدرك بقلبه ادراكا حضوريا ، والحضور ليس ان الانسان يستحوذ ويحيط ويحتوش الباري تعالى ولا الملائكة ولا العرش فاذن كيف يسموه علم حضوري? يعني رؤية قلبية ما كذب الفؤاد ما رأى هذه الرؤية القلبية والفؤاد ليست رؤية انعكاس صور هي رؤية التجليات وانعكاس انوار ولو بمليون واسطة وبما لا متناهي من الوسائط هذه الانوار تنعكس في القلب ويخشع القلب لها فيصبح القلب مثلا شوق له ويتأثر استشعاره في الروح فهذا تأثير تكويني يسمى حضور يعني مؤثر اكثر حضورا في المدرك لان العلم الحضوري حضور لا ان العلم الحضوري هو حضور المدرك لدى المدرك هو الانسان ضعيف كيف يحضر الله عنده?

فاذن كما يرى الانسان بفكره صورة مرآتية كالصور في المرآة تسمى علم حصولي يرى الانسان بقلبه وتلك الرؤية اعظم في منطق الوحي والعقل وكل المدارس البشرية مثل ما قلت مدرسة الاشراق يعني يشرق شيء في القلب فهناك اتصال استشعاري روحي فكما ان الفكر يرى او العقل النظري يرى حصوليا القلب والعقل العملي والروح ترى وشتان بين الرؤيتين فهناك طبقات الوجدان وطبقة القلب وطبقة الفؤاد وطبقة الصدر والروح والنفس والسر والخفي والاخفى كل هذه طبقات .

فاذن كما يرى الانسان بفكره يرى بقلبه ومر بنا الان الابحاث الحديثة تجعل من القلب المادي الذي هو اعلى من القلب الروحي تجعل منه كانما مخ في خلايا تخزن الذاكرة الاعصاب وهذا يقرب كلام القرآن الكريم لهم قلوب لا يفقهون بها جعل الفهم للقلب وليس الفهم فقط للفهم الفكري عندنا فهمان ادراك فكري وعقل نظري وصور حصولية ناقصة وعندنا فهم حضوري وعلم حضوري والفهم الحضوري له درجات وطبقات .

بعدما فصل وبين وبحث الامام عليه السلام حول بطلان التجسيم في معرفة الله الفكرية عرج الى الرياضة الروحية ان الادراك والمعرفة كما تكون فكرية هناك معرفة قلبية ما كذب الفؤاد ما رأى فيثبت القرآن ان للقلب رؤية ما كذب ما كذب يعني لم يشتبه وهذه في المعراج مما يدل على ان المعراج ايضا قسمان معراج جسماني الى الى الى الى ... وبعد ذلك يبدأ المعراج المعنوي للنبي ما كذب الفؤاد وليس ما كذب البدن وليس النظر والبصر ما كذب الفؤاد ما رأى افتمارونه على ما يرى ولقد رأى من ايات ربه الكبرى وفعلا في رواية المعراج يبين فيها اخر مطاف المعراج بعد البراق ووصول الجنة والرفرف وهذا دابة او شيء اعظم من البراق يأتي نوبة العروج الروحي للنبي والوحي الذي اوحي للنبي حينها اعظم مما دون ذلك هناك يبلغ النبي بولاية امير المؤمنين والائمة المعصومين وفاطمة .

فانتقال الامام من بحث عقائدي الى بحث رياضات الروح دليل واضح على ان الوظيفة الكبرى والهدف والغاية الكبرى من الرياضات الروحية والقلبية والعقيدة ليس تهذيب النفس او تزكيتها فقط وان كان هذا امر عظيم ولكن هناك ما هو اعظم منه ، وابو بصير نقل للامام انه هؤلاء يقولون انه يرى الله يوم القيامة ولكن الان ما يرى فالامام ايضا استنكر وقال اذا هي ليست رؤية جسمانية فهي باطلة في الدنيا والاخرة ان الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم فليس موقع جغرافي في عالم القيامة يذهب اليه كي تقام المحاسبة القضائية في المحكمة الالهية فالله ليس الجسم له موقع جغرافي اذن حاشا لله ان يحبسه جغرافيا من عالم الجنة او من عالم القيامة او من عالم البرزخ او من اي عالم اخر فالامور كلها حاضرة في قبضة الله لا انه هو يحتوشه شيء فهذا ليس اله .

فالامام الصادق يقول هذه رؤية قلبية وليست رؤية جسمانية يعني الرؤية رمز للتجلي والظهور ثم الامام ببركاته اعمل تأثيرا روحيا قال لابي بصير او لا تراها الان? قال بلى يا ابن رسول الله فهذه رؤية تجليات وليس رؤية كنه فهو تجليات لايات الباري تتشعشع في قلبه فربط الرياضة القلبية مع معرفة التوحيد اي ربط? فانتقل الامام من نفي التجسيم الى رياضة فكرية او قلبية قال عليه السلام ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة يعني يريد ان يقول القوة الفكرية والادراك الفكري احد الاليات النافعة الكبيرة للرياضة القلبية لان اعظم وزير للقلب هو الفكر او قل العلم الحصولي او قل العقل النظري هو وزير العقل العملي وهو القلب واكبر وزرائه يعني معاونيه .

ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله يعني كثرة الذكر الفكري تورث المحبة القلبية والمحبة القلبية نوع قرب واتصال بالباري تعالى قوله تعالى لا يجرمنكم شنئان قوم الا تعدلوا اعدلوا هواقرب للتقوى ، فالمستفاد من الادلة كذلك مواد كثيرة في القرآن هكذا حتى ورثوا منه حب الله فان حب الله اذا ورثه القلب هذه وراثة تكوينية وليست اعتبارية يعني صارت العاقبة والنتيجة هنا معنى الوراثة يعني النتيجة المتولدة هي حب الله فان حب الله اذا ورثه القلب استضاء به فالقلب تارة يستضيء ويبتهج وتارة يظلم فتصيبه كآبة او حزن او انقباض فاذا يستنير يبتهج .

وهذا كالانسان اذا اجلس بدنه في مكان مظلم ينقبض و روحيا يتأثر واذا اجلس في مكان فيه انارة ينشرح صدره وفي روايات واداب اهل البيت ان الانارة في المنزل والغرف من اول العصر تجلب البركة وتطرد الشياطين فلا اسراف في النور يعني هذه جهات مادية لكنها تؤثر روحيا .

وفي ضمن معالجة من لهم اكتئاب روحي او مس جن او اضطراب روحي بسبب السحر او الجن او الشياطين احد الادوية لهم بحسب الروايات هو مكثهم على الدوام في غرف ومنازل مضيئة يعني حتى لو ذهب بيت الخلاء يكون مضيء فالاضاءة تشل حركة الشياطين او تعرقلها وهكذا قلب الانسان هو جسم لطيف من طبقات الروح والطبقات هي اجسام لا اقول ليس في الانسان منطقة مجردة عن الاجسام ولكن طبقات الارواح اجسام الطف فالطف فالطف فلها نور يناسبها فاذا عاشت في نور يبتهج الانسان واذا عاشت في ظلمة يكتئب.

الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور يعني ليس فقط نور مجرد حتى نور معنوي يعني بلحاظ الاجسام الالطف فالالطف فقال ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله فان حب الله اذا ورثه القلب استضاء به فضياء القلب يوجب نزول وبركات اللطف الالهي فان حب الله اذا ورثه تكوينا القلب استضاء به واسرع اليه اللطف .