الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العقائد بين علم الكلام و بقية العلوم الدينية

 

لا زلنا في مبحث فقه القلوب ودور علم فقه القلوب في العقيدة وان ما عرف من ان علم العقيدة منحصر في علم الكلام هذه المقولة غير صحيحة ، فقه القلوب ايضا هو الاخر يتكفل علم العقيدة فليس المناهج المتبعة في علم الكلام هي حصرا لها صلاحية البحث في العقيدة بل كذلك الحال في علم فقه القلوب وعلم التفسير وعلم الحديث والبحوث الفلسفية والعلوم الاخرى .

وهذا لا يعني ان مناهج الفلسفة في العقيدة سليمة غير مشتملة على غث وانحرافات لكن بالتالي اللغة العقلية في الفلسفة هي ايضا من اللغات الباحثة في العقيدة هناك ابعاد عقلية تبحث في التوحيد او في النبوة وحقيقة النبوة او حقيقة الامامة بصراحة لم يغص فيها علماء الكلام بينما حلق فيها البحث الفلسفي بشكل سليم لا اقول كل ما في الفلسفة ومدارس الفلسفية صحيح بالتالي المدارس الفلسفية نتاج بشري وانما يستعين بالوحي ويستعين بكذا وهلم جرا ولكن هناك بين علم الكلام وعلم الفلسفة عموم وخصوص من وجه بعض الامور التي خاض فيها علماء الكلام لم يتسنى للفلاسفة وبعضهم بالعكس وكلا نتاجين بشريين قابل للتمحيص والنقد والفحص والدراسة لا ان الفلسفة وحي منزل ولا ان علم الكلام ايضا وحي منزل وانما تخصص من الاعلام في مواد الوحي ولكن ليس من الضروري ان كل الزوايا بحثوها .

كذلك علم العرفان او التفسير او الحديث ومر بنا انه كثير من مباحث علم الحديث لم يتطرق لها لا علم الكلام ولا الفلسفة ولا العرفان وانما حصرا تطرق لها علم الحديث وما اكثرها ، هذه المباحث الموجودة في بصائر الدرجات سبعين بالمئة منها غير موجودة في الفلسفة ولا في علم الكلام وهذا كما هو الحال حتى في علم الحديث عند العامة اوسع من علم الكلام او علم التفسير الذي يمزج بين علم الحديث وعلم التفسير يكون افقه واسع مثل الطبري في تفسيره جامع البيان وهو معاصر للكليني في الغيبة الصغرى جمع هذا التفسير بالمأثور وهو كتاب ضخم وفيه تقارب مع معارف الحديث عند اهل البيت الشيء الكثير عكس كتب الكلام عندهم وهذا مر بنا .

اذن علم العقائد لا ينحصر صلاحيته وتوسطه وتخصصه بعلم الكلام حتى علم الفقه مع انه من الفروع لكن هناك ابواب ومسائل منتشرة فيه من بداية كتاب الطهارة الى اخر الديات مرتبطة بالعقيدة لم ينقحه علماء الكلام وانما نقحها علماء الفقه مع انها بالدقة جملة من حيثياتها خارجة عن علم الفقه وليست فرعيات مع ذلك اضطر علماء الفقه لتنقيحها لانها لم تنقح فلسفيا ولا كلاميا ولا في التفسير وانما نقحها علماء الفقه .

حتى انه في الصيف الماضي في بعض الجلسات مع الاخوة من مراكز علمية ربما خمس جلسات استعرضت لهم قائمة جدولية بالمسائل العقائدية التي غاص وبحثها الفقهاء في الابواب الفقهية وهذا ليس شيء مستبعد نظير ما يقوله الاصوليون نقحوا مسائل عقلية تخدم مباحث المعقول في الفلسفة نفس الفلاسفة ما بحثوا فيها باعتراف العلامة يمكن ان يكون علما يقدم خدمات خارجة عن تخصصه لاضطرار لها في ذلك العلم يعبر عنه بالخدمات المتقابلة للعلوم .

اذن بحوث العقيدة اذا تريد ان تجدها كاملة في علم الكلام لن تجده لابد تبحث عنها في العلوم الدينية ستجد ان علم العقيدة موزعة بين العلوم الدينية وليس مختصة بعلم الكلام ، البعض يقول لماذا لم يفتح الاعلام بابا خاصا في حجية و ولاية فاطمة في علم الكلام ؟ اقول نحن لا ندور على مدار الفهرسة التي بوبوها هم وانما نحن علينا بالادلة او بقية العلوم في علم الحديث الى ما شاء الله الكلام والبحث عن ولاية فاطمة وطاعتها وانها كانت مفترضة على جميع الانبياء عدا ابيها مع ان البحث بشأن فاطمة الصدوق ممن يذهب وصرح بهذا الشيء ان الشهادة بولاية فاطمة في الاذان كان مقررا وهو فصل حي على خير العمل فهو نداء بولاية فاطمة وان ولدها ورثوا الولاية منها ومن ابيهم امير المؤمنين والكليني ايضا ممن يذهب الى ان ولاية فاطمة مفترض على بقية الانبياء الا ابيها حتى على الاربعة اولي العزم وتبنى الكليني هذا المضمون والصفار وغيره من علمائنا مصحف فاطمة .

لكن مع ذلك هب ان علماء الكلام لم يفردوا ولم يخصصوا بابا خاصا بفاطمة وليكن هذا الطعن على علماء الكلام لانهم اغفلوا ونسوه فهل نحن نقتصر في اخذ العقائد من علماء الكلام فقط? كلا وانما علماء التفسير والحديث خاضوا في هذا الامر وفي حجية فاطمة وطاعتها وولايتها وان ولاية الائمة الاحد عشر موروثة من ابويهما امير المؤمنين وسيدة النساء ، فجملة من علماء الحديث وزعماء المذهب ذكروا ذلك ، اذن الموروث العقائدي ليس من الصحيح ان اقول اقتصر فيه على علم الكلام .

الدائرة الاصطفائية الاولى هم الاربعة عشر معصوم اما الدائرة الاصطفائية الثانية بعض ما ينتسبه لبني هاشم عبدالمطلب اباء النبي عبدالله ابو طالب حمزة جعفر ابراهيم ابن النبي المحسن ابن فاطمة علي الاكبر ابو الفضل العباس خديجة الكبرى امنة بنت وهب فاطمة بنت اسد ووو هؤلاء تبنى الشيخ الطوسي اصطفائهم في جملة من كتبه والكليني كذلك والصدوق تبنى اصطفاء بعضهم بل حتى البخاري يروي عن النبي فضاءل اصطفائية في فاطمة بنت اسد وفي حمزة وفي جعفر وكذلك صحيح مسلم يعني عند الفريقين نصوص اصطفاء حمزة وجعفر مستفيضة بل متواترة .

فاذا لم يذكر علماء الكلام من الامامية هذا ليس طعنا على الدائرة الاصطفائية الثانية وانما خلل في بحثهم فالموروث العقائدي غير مختص بعلم الكلام وانما بكل العلوم الدينية ومن الفريقين المتفق عليه بينهم روى واعتمدوا ذلك وان لم يسلموا ولم يؤمنوا به فنزاع فاطمة مع السقيفة نزاعان نزاع في ولاية امير المؤمنين ونزاع في ولايتها ، فدك ليست ارض فدك عنوان للفيء المذكور في سورة الحشر وهو مصداق وليس حصر ، فحقها ليس ارض او فدك فقط وانما حقها ولاية الفئ وهذه ولاية عظيمة وفي ولاية الخمس هي تتشاطر وتتشارك مع امير المؤمنين .

ااغصب ارثي هذه ارث اصطفائي مذكور في سورة الحشر التي استندت اليه وليس ارث بشر اعتيادي فمن اكبر الاخطاء ان نقرأ هذه المادة المتواترة البديهية بين الفريقين قراءة سطحية هابطة لو كان نزاع فاطمة مع الطرف الاخر على بعد مادي فردي هذا ما يدل على بطلان ذلك الطرف وانما هو خلل في زوايا معينة ولكن النزاع مبدئي عقدي .

البعض يقول في النزاع في طرف مع من المعادين لاهل البيت نذكر الجانب الاخلاقي ؟ هل هو البحث في الجهة الاخلاقية او نزاع مبدئي اعتقادي ؟ كيف نحن نقوم بتحريف بوصلة الوعي? فهذي نكتة مهمة انه ليس مصدر العقائد هو علم الكلام حتى علم الفقه وعلم الاصول فيهما اثارات عقائدية لم تثر في علم الكلام وان كانت هي خارجة عن تخصص علم الاصول الا ان الاصوليين ارتأوا ان ينقحوها لابتناء مسألة اصولية عليها وان لم يروا تنقيحها من علماء الكلام او علماء اخرين كما يقول العلامة الطباطبائي المعنى الحرفي او حقيقة الاعتبار مبحث خطير في الفلسفة ، الفلاسفة قصروا فيه عن بكرة ابيهم والذي شيده علماء الاصول وهو تأثيره مصيري في الفلسفة فهو مبحث مصيري نخاعي عمود فقري في علم معين نفس ذلك العلم يغفلون عنه .

لاحظوا كتاب الرسائل السبعة للعلامة الطباطبائي رسالة الاعتباريات يعترف ان هذا المبحث عمود فقري في علم الفلسفة الا ان الفلاسفة اغلبهم غفلوا عنه فهذه المباحث دخيلة في العقليات المتخصصون غفلوا وعلماء الكلام غفلوا عن ابواب في المعارف موجودة في الروايات والايات فلا نقول هذا بدعة .

استاذنا السيد الروحاني العبقري في علم الاصول هو يقول عن كبار قبله يقول المعنى الحرفي مبحث عمود فقري في التوحيد وهذا المعنى الحرفي الفلاسفة ما خاضوا فيه بقدر ما خاض فيه علماء الاصول وغفلوا عن زوايا كثيرة فيه فهل يجب الا نبحثه لان الفلاسفة ما بحثوه? وانه ليس عقلي ولا توحيدي ؟ بالعكس هو صميم في التوحيد وغفل عنه الفلاسفة والعرفاء وشيده علماء الاصول بل علماء النحو او علماء البلاغة بزوايا غفل عنها العرفاء او الفلاسفة مع انه عمود فقري في التوحيد في معنى التجلي والظهور وهلم جرا .

فاذن كثير من العلوم المختصة لا تقوم بكامل دورها في التخصص اللي هي فيها وانما علم اخر بمناسبة ما يقوم بذلك ، لذلك لاحظ الاسلام مبحث كلامي حقيقته وفي الفقه تعرض الفقهاء للاسلام الظاهري والاسلام الواقعي وتعدد اقسام الاسلام وما هي اركان الاسلام الظاهري فضلا عن الواقعي بما لم يتعرض له حتى علماء الكلام وهذا التعرض من الفقهاء لبحث الاسلام كما مر بنا خلال جلستين او ثلاث جلسات الماضية ليس فقط الاقرار بالشهادتين او الشهادات الثلاث وانما ينضم اليه ما يذكره الفقهاء في الفقه والفقهاء ايضا ما بحثوا هذا المبحث في باب واحد او اثنين او ثلاثة او اربعة وانما وزعوه في ابواب متعددة فاذا لم يلملم الباحث مباحثهم في الابواب المختلفة لن تكتمل لديه الصورة عن الاسلام الظاهري .

فالاسلام الظاهري او اقسام الاسلام ليس يكفي فيه مجرد الشهادتين بل يشترط فيه عدم انكار الضروري وهذا ذكروه في باب اخر ويشترط فيه عدم الاستهزاء او الاستخفاف بالمقدسات العظيمة ، كثير من الفقهاء قالوا ان الاستخفاف يرجع الى الانكار الا ان اساطين الفقه قالوا خطأ وانما بين الاستخفاف والانكار عموم وخصوص من وجه هذه ضابطة ثالثة ، وهناك ضابطة رابعة عدم بغض اهل البيت علنا لان حب علي ايمان وبغضه مروق من الدين او نفاقه فان كان بغضه مكتوم فنفاق وان كان مجاهر به رد عن الدين بتسالم المذاهب لان نفس الحب عقيدة حب الله وحب الرسول وحب قربى الرسول .

الان وقفنا على هذه الكلمات من الفقهاء وهناك اركان اربعة اخرى واللطيف ان ولاية اهل البيت مأخوذة في الركن الثاني حتى في الاسلام الظاهري ان لا ينكر اية المودة او فضائل اهل البيت في القرآن وفي الركن الثاني ان لا يستخفف بالنبي ولا باهل البيت فمن يشتم النبي او اهل بيته لا يبقى على ظاهر الاسلام والركن الرابع ايضا بغض الله او بغض النبي او بغض اهل البيت ما يبقى على ظاهر الاسلام ، اين من يتوهم انه ولاية اهل البيت غير مأخوذة في الاسلام الظاهري? هي مأخوذة ويجب ان يلتفت الباحث ان في كلمات الفقهاء في الاسلام تسعة اقسام ، اسلام هدنة اسلام تعايشي اسلام واقعي اسلام انتحالي هذه عبارات الفقهاء في الابواب ولها ادلة ولها نصوص .

اذن هناك اسلام ظاهري جدا ضعيف وهذا شبيه بعقد الذمة مع اهل الكتاب وتترتب عليه ثلاث اثار انت يجب ان تفحص الابواب ثم تلتفت الى هذه المطالب حتى هذا الاسلام الظاهري اللي هو اضعف ماخوذ فيه عدم الانكار لفضائل اهل البيت في القرآن وعدم الاستخفاف بهم فاذا كان يشتم النبي او اهل بيته لا يبقى على ظاهر الاسلام اذا كان يظهر البغض نفس اظهار البغض ردة عن الدين بغض النظر عن الانكار والاستخفاف وبين هذا الركن الثاني والثالث والرابع عموم وخصوص من وجه ، هذه الابحاث بحثها الفقهاء الا انها موزعة منتشرة في الابواب تغيب عن الباحث الساذج غير المتمرس ، هذا مبحث عقائدي اثاره علماء الفقه لم يستوفه علماء الكلام .