الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث العقائد

46/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فقه القلوب وظيفة عظمى اعتقادية

كان الكلام في فقه القلوب وافعال القلب وانه ليس الغاية منها تزكية النفس فقط كما هو معروف وان كان هذا هدف عظيم ومهم ولكنه ليس هدف نهائي وليس غاية الغايات بل بحسب بيانات الوحي فقه القلوب اعظم غاية واعظم ثمرة هو اداء الوظيفة العقائدية ففعل القلب هو امتثال للوظيفة العقائدية فليست الوظيفة العقائدية مجرد ادراك نظري بل ميول قلبية ، افمن شرح الله صدره للاسلام ، شرح الصدر هذا هو الاسلام الحقيقي كمن كان صدره ضيقا حرجا يكاد يتصعد في السماء يعني هذه الاية الكريمة تبين ان الاسلام الواقعي يجب ان يكون فيه شرح الصدر وانبساط الصدر فينبسط صدره للدين اما اذا انقبضت روحه من الدين هذا ليس ايمان ولا اسلام فحب الله وحب الرسول ليس مجرد وظيفة فرعية وانما هو نفسه اعتقاد فكيف ادراك الله بالعلم الحصولي والعقل النظري هو نفسه ايمان وتوحيد كذلك انبساط القلب .

قوله تعالى من كفر بالله بعد ايمانه الا من اكره يعني كفر على اللسان ولكن قلبه مطمئن بالايمان ، اذن بيانات متظافرة في القرآن وفي والروايات على ان فعل القلب ركن ركين في الاسلام الواقعي او في الايمان وفي الاعتقاد كما يقول امير المؤمنين اول الدين معرفته يعني الادراك النظري يعني يقول الاخلاص هو فعل القلب ، اذن الاعتقاد وهو التوحيد ثم النبوة وووو فعل القوى الفكرية وفعل القوى القلبية .

فالاعتقاد ليس هو الاقرار بوجوب التوحيد وان كان هذا الاقرار بمعنى الادراك والتسليم والاذعان من توابع التوحيد ولكن بالدقة التوحيد هو نفس المعرفة ونفس ادراك التوحيد وانبساط الميل القلبي للتوحيد وفعل القلب وحب الله والوله مع الله اما وجوب هذا الادراك وهذا الميل ليس هو التوحيد او الاقرار بهذا الوجوب وان كان من شؤون التوحيد لكن ليس هو اساس التوحيد ، يعني فعل القوة الفكرية وفعل القوة القلبية هو التوحيد وهو الاعتقاد ومن لوازمه وتوابعه التسليم بلزوم التوحيد وان كان المتكلمون والفقهاء عندهم ان فريضة الايمان بالله حكم عقلي وليس حكما شرعيا مولوي .

المحدثون يقولون فريضة التوحيد حكم مولوي والحق معهم وذكرنا ذلك في كتاب الامامة الالهية الجزء الاول لكن ليس التوحيد لاني امتثلت الفريضة وانما نفس ادراك ومعرفة التوحيد وحب والميل الى هذا المعتقد هذا هو ركنية التوحيد والا المتكلمون ينكرون اللزوم الشرعي للتوحيد وينكرون اصل وجوده والفقهاء هكذا يقولون لزوم عقلي وليس لزوم مولوي ولكن المحدثون قالوا لزوم مولوي وليس لزوم عقلي فقط .

فالتوحيد في الحقيقة ليس اقرار بهذا اللزوم وان كان من شؤونه وتوابعه وانما التوحيد هو الحب والميل والانبساط لهذه المعرفة والتسليم لها بنحو المشاعر القلبية اما التسليم لمولوية فريضة التوحيد هذا من توابع التوحيد .

مثلا الصلاة وهي عمود الدين اداء الصلاة ليست من الاركان وانما من الفروع والذي من الاركان هو التسليم القلبي بوجوب الصلاة عندما يقال الاركان وجوب الصلاة يعني التسليم هي طاعة قلبية الطاعة القلبية لوجوب الصلاة هذه من الاركان وكذلك وجوب الزكاة اداء الزكاة من الفروع فاركان الفروع اداؤها من الفروع والتسليم بوجوبها ليس من الفروع وانما من الاركان يعني من اصول الدين التسليم لوجوب الصلاة والاقرار واذعان القلب واللسان لوجوب الصلاة من الاركان وليس من الفروع الصلاة الزكاة الحج الصوم الجهاد هكذا اما في التوحيد على العكس في التوحيد الادراك هو الاصول اما الميل والشوق القلبي والحب القلبي لابد له ، فالمعرفة هذا هو الاصل اما فريضية التوحيد مختلف بها عند الاعلام فوجوب التوحيد المولوي الوحياني مختلف فيه ما بين علماء الامامية فضلا عن علماء المذاهب الاخرى ففريضيتها عقلا متفق عليها ولكن الفريضة المولوية مختلف بها والصحيح فريضيتها وكل الشبهات التي ذكرها المتكلمون او الفقهاء او الاصوليون اجبنا عنها والحق مع المحدثين فالمحدثون اكثر صناعيا من المتكلمين .

البعض يظن بان مسلك المحدثين من الصدوق او الكليني او غيرهم اقل صناعة من المفيد كلا ليس من الضروري ذلك وانما جملة من المباحث المشي الصناعي العقائدي للصدوق امتن من المفيد او الطوسي مع احترامنا للاعلام الكبار .

مثلا المحدثين عند العامة مثل ابن حجر العسقلاني في شرحه البخاري او شراح مسلم او شراح بقية الصحاح مشيهم العقائدي اقرب واسلم من مشي متكلمي العامة فهم يؤمنون بعقيدة المحدث ان هناك قناة وحيانية تسمى التحديث الالهي لا هي نبوة ولا هي رسالة ويؤمنون نظريا بقراءة الاية الكريمة وما ارسلنا من رسول ولا نبي ولا محدث في سورة الحج ففي موارد عديدة محدثي العامة اقرب الى الامامية والى مذهب اهل البيت من متكلمي العامة فمحدثي الامامية يبنون على ان التوحيد فريضة مولوية وكل الشبهات التي يذكرها المتكلمون الامامية او فلاسفتهم او اصوليهم او فقهائهم اجبنا عنها في كتاب الامامة الالهية والبحث معقد شيئا ما .

فلاحظ الوجوب الوحياني للتوحيد محل اختلاف بين علماء الامامية فضلا عن غيرهم لكن بالتالي اصل التوحيد نفس فعل التوحيد ومعرفته والميل القلبي والروحي والشوق للتوحيد هذا هو الايمان وهذا هو اصل الايمان واساسه اما التسليم بمولوية الفريضة للتوحيد هو من توابع التوحيد هنا الاداء هو الاصل بل اصل الاصول اما الحكم والتسليم بالحكم تبعي من ثم المحدثون لم يكفروا المتكلمين في هذه المسألة مع انه عندنا روايات مستفيضة في بيانات القرآن اول ما افترض الله على العباد الايمان به .

فحكم التوحيد ليس اعظم من التوحيد نفسه التوحيد هو اصل الاصول وحكمه تبع له لا العكس بخلافه في باب الصلاة وباب الصوم والزكاة والحج يجب ان ننتبه اليه كذلك الحال في قضية نبوة سيد الانبياء معرفة النبي بالنبوة وحب النبي ومودته هذه اعظم من ان نقول افترض الله على العباد اتباع النبي ، نفس الايمان بالنبوة ومعرفته بالنبوة والرسالة والتسليم بذلك والانبساط القلبي والشوق والمحبة القلبية اعظم من قضية فريضية النبوة ، فنحن لا نقول في الشهادة الاولى اشهد ان الله اوجب التوحيد وانما اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله ولم نقل اشهد ان الله الزم بالنبي فالشهادة الثانية بنيتها وحقيقتها ليس الحكم وانما نفس المعرفة بنبوة النبي وحب النبي وشوق النبي وهذا عكس الصلاة ، في الصلاة اشهد ان الله افترض الصلاة واداء الصلاة فرع ، العقيدة في الصلاة اشهد ان الله الزم بالصلاة اشهد ان الله اوجبها وافترض على عباده الصلاة وكذلك في الزكاة وكذلك في الحج اما في التوحيد الحكم ذيل وذنب وتبع نفس المعرفة هي اساس واصل .

لاحظ كلام ابليس مع الله ارأيت هذا الذي فضلت علي? فهذا ليس اعتبار واقرار بنبوة ادم كذلك الحال في الشهادة الثالثة الولاية فنفس المودة هي عقيدة مودة امير المؤمنين واهل البيت وقربى النبي فالمودة هنا ليس فعل فرعي والمحبة القلبية ليست فعل فرعي المحبة كما يبين اهل البيت والقرآن المودة هي الايمان لا الاقرار بوجوب المودة هوالاصل وان كان هو وجوب ويوجب ان نقر به وهو من اصول الدين لكن الاصل الثالث ليس هو اقرار بوجوب المودة وانما نفس المودة القلبية لاهل البيت .

الان لاحظ منكر وجوب الصلاة خارج من الدين اما تارك الصلاة ليس خارج من الدين منكر وجوب الصوم ووجوب الحج خارج اما تارك الصلاة وتارك الزكاة وتارك الحج وتارك الصوم ليس خارج من الدين ولكن في التوحيد والنبوة والولاية على العكس فاصل التوحيد هو المعرفة ، الان المتكلمون او الفقهاء لا يسلمون بان التوحيد فريضة مولوية وانما يقولون فريضة عقلية اذن اي شيء التوحيد عندكم ؟ يقولون التوحيد نفس هذا الاداء التوحيد القلبي هذا الحب القلبي لله هذا هو الايمان هذا هو التوحيد وكلامهم صحيح من هذا الجانب يعني اساس التوحيد نفسه متعلق الحكم والنبوة هكذا والولاية هكذا .

فلاحظوا هنا كيف ان الولاية اعظم من الصلاة فالصلاة عظمتها بحكمها وليس بادائها اما في التوحيد عظمته بنفس التوحيد لا بحكمه يعني فعل قلبي الاعتقاد بالنبوة وعظمة النبوة نفس معرفة النبوة والايمان بها هكذا في الولاية ، الولاية محبة اهل البيت هي عقيدة فالقرآن في اية المودة وازن وكافأ وجعلها مقابلة بين المودة لا بين حكم المودة والدين قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ولم يقل الا التسليم بفريضة المودة ، جعل المعادلة بين نفس المودة وليس حكم المودة ، نفس المودة هي دين هي اعظم شيء اعظم من حكم المودة التوحيد اعظم من حكم التوحيد وكذلك النبوة والرسالة .

المعرفة بالنبوة والرسالة والمحبة للرسول اعظم من حكم الرسالة حكم الرسالة عظيمة لكن تبع ، وهكذا في الولاية الولاية المودة القلبية اعظم من حكم المودة قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى وليس التسليم بفريضة وحكم المودة فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك هذا ليس حكم قل لا اسألكم عليه اجرا الدين كله في مقابل فعل المودة وفعل القلب ، اذن المودة ليست فرع هي العقيدة ومن ثم تسالمت المذاهب الاسلامية ان من بغض اهل البيت يمرق من الدين ويمرق من ظاهر الاسلام ، فالناصبي المعلن بالعداوة ما يحكم عليه بالاسلام الظاهري فضلا عن الاسلام الواقعي لان الاسلام الواقعي ايمان واقعي عقيدة واقعية وهذا ليس لديه عقيدة لانه لم يؤد المودة التي عظمها الله من شأنها بعد التوحيد .

كما مر بنا مرارا اية المودة هي محبة الله ومودة الله ومودة الرسول تبعا ومودة القربى تبعا قل لا اسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ، المودة الاصلية هي للله وبتبعه مودة النبي ومودة قربى النبي ، الاضافة هنا معناها ان اصل المضاف اليه يترشح من المضاف اليه الى المضاف مثل يقول لك احترم ابن زيد لكن الاصل احترام زيد وبتبعه هو احترام ابن زيد .

فالمقصود تسالم المذاهب الاسلامية الا من شذ ان الناصبي المعلن خرج من ظاهر الاسلام فنفس نصب العداء هو مخرج من ظاهر الاسلام بغض النظر عن انكار الحكم وعن اسباب اخرى هو يوجب الردة لانه مودة ال البيت والولاية القلبية هي الايمان وهي العقيدة ليس الاقرار بوجوب الولاية هو الاصل وانما اصل تبعي .

اذن فرق شاسع بين الولاية والصلاة فالصلاة عندما يقال من الفروع يعني اداؤها من الفروع ولكن حكمها من الاصول كثير من النواصب يقولون بان الله افترض المودة علينا ولكن نحن لا نود عليا يعني هم ما انكروا الحكم لكنهم لم يؤمنوا لان الايمان ليس الاقرار بالحكم في الولاية وانما نفس المودة القلبية فحب علي جنة وليس الاقرار به .

على ضوء هذا المطلب يتبين لنا هذه النكتة وامس ذكرناها ان الاقرار الشهادتين في الاسلام الظاهري والشهادات الثلاث في الاسلام الواقعي وعدم انكار ضروري الدين وعدم الاستخفاف بمقدسات الدين والجزء الرابع في الحكم بالاسلام الظاهري فضلا عن الواقعي عدم ابراز واعلان بغض الله او رسوله او القربى ، فبالنسبة للاسلام الواقعي يجب ان لا يكون في الواقع وان لم يبرز في قلبك بغض لله ولا للرسول ولا لذي القربى ولا لاهل البيت ، اذن الاسلام الظاهري ليس صرف الاقرار بالشهادتين وانما عند كل المسلمين شرط ثاني وهو عدم انكار الضروريات وشرط ثالث وهو عدم الاستخفاف بالمقدسات والشرط الرابع عدم ابراز البغض لان البغض والحب هو ركن مستقل بحيال نفسه في الاسلام الظاهري او الواقعي كما تبين.