الموضوع: اشتراط الوساطة الإلهية بشرطين قرآنياً

مر بنا في رواية الامام الصادق التي رواها محمد بن الحسن الاشعري الخزاز القمي المعاصر والزميل للصدوق ان فعل القلوب في الدرجة الاولى اهميته عقائدية قبل ان تكون اخلاقية وروحية معنوية ، فضرورة البحث في فقه القلوب تنطلق من لزوم المعرفة العقائدية ان المعرفة الحصولية بمفردها لا تكفي ، لاحظوا كلام امير المؤمنين وهو من الخطب والعلوم التي بينها في النحل والاديان والمذاهب : اول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التوحيد الاخلاص له فالاخلاص فعل قلبي وليس فعل ذهني فكري كيف ربط امير المؤمنين من الفعل الفكري الى الفعل القلبي مع ان ادلة كثيرة تبين ان التوحيد ذو جانبتين جنبة فكرية وجنبة قلبية فضلا عن الاخلاص فالاخلاص فعل قلبي بامتياز .

فذكر امير المؤمنين هذه المنازل وهذه المحطات للدين في صراط واحد مستقيم؟ اذن فقه القلوب ليست ضرورته تمت بصلة فقط بالاخلاق والرياضة الروحية والتهذيب وتزكية النفس وان كانت هذه في الجملة اغراض الزامية ولكنها دون الفريضة العقدية فهذا الجانب يجب الالتفات اليه ان البحث في فقه القلوب ليس بحثا اخلاقيا او بحثا روحيا بل في الدرجة الاولى اداء لوظيفة الاعتقاد .

فمن ثم في حكمة لامير المؤمنين منقولة عند الليثي صاحب حكم امير المؤمنين وهو قد جمع ربما اربعمائة وتسعين حكمة كلها اصول العلوم في مجالات عديدة وقسم اخر من حكم امير المؤمنين جمعها الامدي من علماء الجمهور ولا يبعد انه صوفي في الفروع لا في المعارف فمن ضمن الحكم التي ينقلها ان المودة تعاطف القلوب وائتلاف الارواح وسميت الصلاة بالصلاة لان فيها انعطاف القلب الى الله .

انظر الارتباط بين المودة وبين قوله تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا من الجن والانس والملائكة وكل الموجودات صلوا عليه وسلموا تسليما لان يا ايها الذين امنوا في الخطاب القرآني ليس خاص بالانس ولا بالجن وانما الملائكة من الذين امنوا فالمودة هي نفس الصلاة لان المودة على هذا البيان لامير المؤمنين المودة تعاطف القلوب والصلاة سميت صلاة لانها فيها انعطاف يعني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض احد المراتب المهمة لوجه الانسان ليس بدنه وانما قلبه يعني وجهت قلبي للذي فطر السماوات والارض توجيه القلب فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم ذرية ابراهيم الذين اسكنوا من ولد اسماعيل في الحجاز فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وليس اليك يا رب العالمين او ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك وليس جائوني لان سيد الانبياء باب الله الاعظم فالناس عندما يطرقون باب النبي او عندما يتوجهون الى سيد الانبياء فقد طرقوا باب الله الاعظم .

وهذا معنى الوحداني يدركه العقل في مواطن عديدة فالمودة شيء والصلاة شيء وتهوي اليهم شيء كيف انت تمزجها فهذا يجمد على الالفاظ ولا يلتفت للمعنى ولماذا فسر امير المؤمنين المودة بتعاطف القلوب? وائتلاف الارواح ؟ فتعاطف القلوب يعني فعل القلب وهي اعظم فريضة عقائدية في القرآن يعني الدين برمته اجره مودة الله ومودة الرسول وانبثقت منها مودة القربى ، وهذا مقتضى عقلي للاضافة اي اضافة القربى .

يقال لم يذكر اسماء الائمة في القرآن ؟ هي هذه تسمية القربى اعظم مما لو ذكر علي والحسن والحسين ومحمد وجعفر وموسى فلو ذكر الاسماء قالوا هذه الاسماء المراد بها كذا وكذا وكذا بينما لما يقول قربى هذا نسيج تنسيل تكويني وهذا اصرح مما له ذكر الاسماء ففي اللغة العربية القربى اصرح مما لو قال علي وفاطمة والحسن والحسين واكثر علمية وهذا غير ان الكناية ابلغ من التصريح لانهم ذكروا ان العلم ستة اقسام ابرز علمية العلم هو الضمير وليس زيد فالقربى يعني بمثابة قربى النبي .

فاية المودة اعظم اية في القرآن فاية المودة تكون مودة الله والرسول والقربى اعظم من الصلاة والحج والجهاد والقتل في سبيل الله والزكاة والبر والخير لان كل الدين جعل في كفة ومودة القربى في كفة اخرى الاجر يعني عدل الدين برمته فاي شيء في الدين جعله في كفة اخرى وهم مودة القربى حتى في اصول الدين لم يجعل المعاد ونص هذه الاية الكريمة تدل على ان الاصل الثالث الاعتقادي في الدين هم القربى وليس المعاد .

انت تقول اشهد ان الجنة حق هناك شيء اعظم منه حيث الجنة فرع من فروع ولاية القربى ولاية الله والرسول واله فهل انت تترك الاصل وتأخذ بالفرع? الم يقال علي قسيم الجنة والنار يعني هما فرع له هي اصول الدين بينها مراتب كيف ان النبوة والتوحيد والجنة والنار تبع لامير المؤمنين هو وليها او وليهما وهو اعظم منهما هما موالين له ، الم يقال الصبي كالمولي عليه فالجنة مولي عليها كيان تكويني ملكوتي وليه امير المؤمنين بضرورة المسلمين وكذلك النار وليها امير المؤمنين مفاتيح الجنة والنار اعطاها الله لنبيه واعطاها النبي لامير المؤمنين .

فانت تقول في التشهد انه تتبع الفرع وتترك الاصل هل هذا اقتضاء عقلي? اليس هذا كناية? بل ازيد من الكناية هذه احد وجوه الشهادة الثالثة بتشهد الصلاة والنصوص وردت فيه فهل انت تأخذ بالفرع وتترك الاصل? ففي اية المودة انما وليكم ومودودكم الله ورسوله وقربى الرسول مفترض عليكم كل ما غير هذه الثلاث تبع لها .

فالاصل الثالث عقديا اعتقاديا بحسب اية المودة هم ولاية القربى هذه المودة التي هي فريضة اعتقادية ثالثة في اصول الدين وليست رابعة ولا خامسة وكل ما غيره تبع لها هذه المودة يبينها امير المؤمنين فعل القلب وليس فقط الفكر ، تعاطف القلوب وائتلاف الارواح .

انت ايها المستشكل في هذه الاستظهارات استشكل على الفقهاء والاصوليين عندما قالوا ان الصلاة انعطاف فان الله وملائكته يصلون صلوا يعني اولا في الصلاة ان تعطفوا قلوبكم تجاه النبي عندنا في روايات عوالم الخلقة عندما خلق الله القلم وهو موجود ملكوتي اعظم من جبرائيل وميكائيل اسرافيل وعزرائيل وما يموت اللوح والقلم لما خلق الله القلم وقام الله عز وجل باراءة نور النبي للقلم ورد في الرواية سكر القلم ولم يفق منها الا بعد كذا امد وامر بالطواف حول نور النبي لذلك امير المؤمنين يقول ذيل ان الله وملائكته يصلون على النبي هذه الاية اصطفاء للنبي ولا يدانيه اي اصطفاء لنبي اخر وهذا في كتاب الاحتجاج عندما احتج عليه السلام على اليهودي عندما قال ان الله حبى ادم يعني اني جاعل في الارض خليفة مع ان الاية لم تقل اني جاعل ادم فقط نعم جعل عام ولكن بداية واول الخلفاء هو ادم يعني اولهم زمانا وليس رتبة مع ذلك امير المؤمنين حجاه بشيء اخر قال ان هذه الاية ان الله وملائكته يصلون اعظم من اني جاعل في الارض خليفة فاعظم اصطفاء ذكره الله في الوحي شخص هذه الاية ان الله وملائكته يصلون على النبي فصلوا عليه يعني عندما تريدون ان تتوجهون الى الله توجهوا الى النبي واجعلوه كعبة قلوبكم وسماها صلاة .

فهذه البيانات تفيد ان الاعتقادات دور القلب فيها اساسي فهل معنى هذا النبي محور حتى لله ؟ وانما معناه ان الفيض الالهي الذي يأتي وصلاة الله للنبي رحمة من الله للنبي فيض الله للعباد يمر بالنبي يعني رحمة الله تأتي للنبي وتنتشر منه لسائر عوالم التكوين مثل وما ارسلناك الا رحمة للعالمين فان الله وملائكته يصلون على النبي في حديث لسيد الانبياء ان هذه الاية ولايتي وولاية اهل بيتي فاخذ الصلاة على النبي والال في جزء التشهد وجوبا عند كافة المسلمين مع ان التشهد عقيدة يعني هذه الاية مفادها الاصلي اعتقادي عقدي وليس فرعي كما يقول امير المؤمنين فان الله وملائكته يصلون على النبي هي عبارة عن ابداع الولاية للنبي والال .

لا تصلوا علي الصلاة البتراء هذا حديث مستفيض متواتر عند الفريقين فالمودة التي هي فريضة ذكرت في سورة ابراهيم تهوي الافئدة اليهم وذكر في سورة الاحزاب صلوا عليه يعني واله وذكر بعناوين مختلفة هي مفاد اعتقادي بامتياز وهي وظيفة القلب وعطف القلوب الوظيفة منها تجاه الله وتجاه النبي وتجاه اله في الدرجة الاولى وظيفة قلبية ان تميل وتنعطف وتتوجه قلوبنا اليه .

الشيخ جعفر كاشف الغطاء في منهج الرشاد قال التوجه والتوسل والاستشفاع واللواذ والاستغاثة هذه العناوين كلها بينها جامع معنوي عقلي اما ائتلاف الارواح كيف يصور ؟؟ على كلام المعصومين الارواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وهذه من القواعد التي تميز بها اهل البيت ومن الامور العظيمة في معارف ومعجزات العلمية لاهل البيت الارواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، اذا كانت الارواح في عالم الذر والعوالم السابقة تتألف او تختلف كيف تكون وظيفة عملية حسب بيان امير المؤمنين ان المودة ائتلاف الارواح كيف تكون وظيفة لنا وهي شيء جبلي في الارواح وطبعي ؟ فهل تكون وظيفة اختيارية? نعم هي وظيفة اختيارية ويمكن تصويره بما سنذكره في الجلسة القادمة لبيان اهمية قضية فقه القلوب وانها في الدرجة الاولى وظيفة اعتقادية عظمى فضلا عن ان تكون متوسطة فضلا عن ان تكون بعد اخلاقي ورياضة معنوية تأديبية للنفس ففقه القلوب في الدرجة الاولى كيان وقوام العقائد قائم به وان غفله علم الكلام والمتكلمون ربما حتى في تعارف الفقهاء او المفسرين ولكن هذه غفلة علينا بالادلة القطعية التي تنبهنا الى هذه المباحث .