46/03/28
الموضوع: لكل أصل في الدين فعل الفكر والقلب
خلاصة ما مر التركيز ان الصحيح مطابقا لبيانات الوحي ازدواجية او تقارن تعريف الاصول العقائدية بلغتين لغة العقل الفكري ولغة الافعال القلبية وهذا ليس من باب التبيان والبيان وبسط البيان بل من باب ان الايمان والمعرفة متقومة ركنيا بدعامتين دعامة العقل الفكري مع دعامة الفعل القلبي نظير ما يشير له قوله تعالى قالوا امنا قل لم تؤمنوا بل قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم هذا ليس البعد الفكري وانما بعد قلبي .
فالصحيح اذن الالتزام العلمي بكلا اللغتين او بكلا الوظيفتين البعد المعرفي وبعد الفعل القلبي المودة الميل النفسي التسليم انشراح الصدر لا التبرم ولا ضيق الصدر وما شابه ذلك هذه وظائف ضرورية في الايمان اذن هذا اساس ، طبعا كل من الطرفين يؤثر في الاخر فالمعرفة تؤثر في القلب والقلب يؤثر في المعرفة وان كان في بيان حديث جنود العقل والجهل يظهر ان العقل الفكري من اكبر وزراء القلب ، فملك القوى النفسانية هو القلب والعقل الفكري وزير له فالعقل النظري وزير عند الرئيس وهو العقل العملي او القلب او الوجدان بينما التركيز على البعد الفكري النظري التنظيري هو تركيز على الوزير .
مثلا ما اغفله المتكلمون والفلاسفة في التوحيد ان الاخلاص لغة فعل القلب اذا اردنا لغة العقل الفكري نقول توحيد فوجهان لحقيقة واحدة وهذا يستدعينا ان نستكشف ونقف على الترادفات والترجمة بين لغة العقل الفكري ولغة العقل العملي او قل لغة العقل الفكري ولغة القلب فالاخلاص هو عبارة اخرى عن التوحيد .
الان كلمة لا اله الا الله هل لغة العقل الفكري او لغة القلب؟ او كليهما؟ فلغة العقل الفكري هي التي يكون فيها المحمول وجود وعدم اما لغة القلب ليست وجود وعدم وانما ينبغي او لا ينبغي وهذا من افعال القلب لا افعال النفس فقط ولا افعال الروح ولا افعال البدن فعندما يقال عقل عملي ما ينبغي فعله ليس فعل البدن فقط ولا فعل النفس فقط والغرائز فقط وفعل الروح فقط وانما يتصاعد ويترقى ويتنامى العقل العملي الى فعل القلب وهو اعظم الافعال لدى الانسان ومر بنا الكبائر المنصوص عليها في روايات وسائل الشيعة في ابواب جهاد النفس سبعين بالمئة منها افعال القلب .
اذن ما يذكر من تعريف في بحوث العقل العملي ما ينبغي فعله هو اي فعل ؟ حيث الافعال في الانسان طبقات ودرجات وليست طبقة واحدة واعظم ما في الانسان قلبه ومر بنا مرارا ان الانسان في دار الدنيا الاولى انما مهيأ للمرحلة الابتدائية حتى هذا البلوغ والتمييز والكهولة والشيخوخة هذه كلها مرحلة ابتدائية هناك مراحل اخرى عندما نذهب للبرزخ هناك مرحلة متوسطة والامتحان فيها متوسط ولما نرجع من البرزخ الى الرجعة ايضا الامتحان اكثر واشد واشد .
الجن بمنطق القرآن مكلفون وهذه حقيقة في منطق الوحي ففي زاوية من الزوايا تكليف الجن مشترك مع الانس لكن طاعات الجن بمعنى اشق من طاعة الانس يعني هو نفس التكليف لكن هذا التكليف المشترك طاعة الجن فيه اشق من طاعة الانس من زاوية لا من كل الزوايا انا اريد ان امثل لماذا البرزخ التكليف فيه اشق من التكليف في دار الدنيا؟ ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى ، فذي القوة لما يكلف بشيء التكليف له اشق من الفقير ، فغني ويتعفف اشد من الفقير المفلس بل سالبة بانتفاء الموضوع اما الغني المتمكن اشق عليه فطبيعة الغناء والقوة تعطي للانسان غرور ومفسدة وامساك النفس صعب والجن في قدراته البدنية اقوى من الانس وهذا الذي هو خدع ابليس خلقتني من نار وخلقته من طين فمن ثم يكون التكليف له اشق .
فمن هذه الزاوية تكليف الجن في نفس التكليفات المشتركة اشق اذا انت تقول للجن تورع في القضايا الجنسية صعب عليه لا انه ممتنع ولكنه باستطاعته ان لا يغض بصره عن كل شيء بينما الانس الجدار يحجبه والظلمة تحجبه ، فالجن في زوايا التكليف اشق عليه من الانس اما من الزاوية العقلية او القلبية تكليف الانس اشد واشق من تكليف الجن لان عقل الانسان اكثر وتكليف العقل اشد واشق من تكليف البدن فاذا ذهبنا الى البرزخ او الرجعة لان الرجعة رجعات لكل انسان وليست رجعة واحدة هناك رجعات الزامية وهناك رجعات خيارية اختيارية وهناك رجعات دور ثاني عليك ثالث فكما في بيانات الواحد سيكون من قدرة الانسان لا سيما المؤمن ان يعيش في السماء الاولى او الثانية او الرابعة او اكثر ونادر من تتبع الروايات والايات في هذا المبحث هذه العوالم التي ستأتي مستقبلا نحن في التكليف اشد واشق .
يقول القرآن الكريم لابليس اخرج منها ليس لك ان تتكبر فيها فالتكبر النفساني في عالم السماوات يحاسب عليه المخلوق جنا كان او انسا او ملكا لاحظ الانبياء يحاسبون على ترك الاولى فترك الاولى ملكوت عالي لانهم بلغوا ملكوت العالي فعاتبهم الله عز وجل وحاسبهم لان هناك سفرة روحانية وحيانية ملكوتية يحاسب فيها الانسان حتى على الخواطر القلبية ومن ثم يقول امير المؤمنين انما بعثة سيد الانبياء التي قبل الف واربعمائة سنة هي بعثة وبشارة ونذارة ابتدائية اما البشارة والنذارة والبعثة الكبرى لسيد الانبياء ستكون في نهاية الرجعة يعني هناك امور عظائم واهوال لم ينذر النبي فيها الجن والانس هناك بشارات عظيمة جدا لم يبشر بها النبي والبشر لا يفهموها كي ينذروا بها.
من اسماعيل الى عبد الله ابن عبد المطلب وابو طالب كان لهم التمهيد الاعظم لسيد الانبياء ببراهين قطعية تاريخية حضارية وحيانية فكان الذي يمهد لسيد الانبياء في بعثته قبل اربعة عشر قرن سلسلتان اولهم الانبياء المعروفين وثانيا اباؤه من نسل اسماعيل وتمهيد ابائه اعظم من تمهيد اولي العزم بالبرهان الوحياني القطعي العقلي فتمهيد بشر من قبل اباء النبي لتلقي التعليم العالي من سيد الانبياء اباء النبي اعظم من اولي العزم وذلك بالبرهان القطعي الوحياني العقلي بل براهين وليس برهان وسبق ان تعرضنا لها الان لا اريد ادخل فيها .
كذلك الائمة في دول الرجعة يمهدون للنذارة الكبرى لسيد الانبياء فالنذارة التي حصلت من سيد الانبياء كانت نذارة صغرى مهد لها اباء النبي واولي العزم وسلسلة الانبياء ولكن هؤلاء مهدوا تمهيدا للنذارة الصغرى والذي يمهد للنذارة الكبرى فقط الائمة الاثني عشر وفاطمة هؤلاء يؤهلون البشرية والجن والانس والملائكة حتى المقربين يؤهلونهم لنذارة لسيد الانبياء فالانبياء واباء النبي سلسلتان السلسلة ظاهرة هم الانبياء والسلسلة المغمورة الخفية هم اباء النبي فالنذارة الكبرى لسيد الانبياء هذي ستكون لامور لم يفصح بها النبي في النذارة الصغرى والتي ستأتي ليست نذارة كبيرة وانما كبرى هذه يمهد لها الائمة الاثني عشر وفاطمة في دول الرجعة ان النذارة الكبرى لسيد الانبياء محورها القلب والخواطر كقوله تعالى فاهبط منها او اخرج منها كل ما تروح لعوالم الملكوت تحاسب حسابا دقيقا كحساب الانبياء .
فاي كائن صاعد في العوالم يشتد حسابه لذلك الانبياء يشتد حسابهم لذلك اهل الجنة ما يدخلون الجنة حتى يتطهرون من الغل ونزعنا ما في قلوبهم من غل وليس ما في ابدانهم يعني في صدورهم يعني حتى الغل يجب ان ينزع ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرور متقابلين لذلك لندقق ان حساب اهل الجنة كحساب الانبياء يعني البشر اذا يرتقون الى درجة الانبياء يدخلون الجنة واذا لم يرتقوا لدرجة الانبياء لا يدخلون الجنة فليس هناك من دخل الجنة الا ويكون كمالاته ككمالات الانبياء يحاسب حتى على الخواطر .
هناك من يبلغ هذه المراتب في هذه الدار موتوا قبل ان تموتوا وما يأتي في المستقبل هو سيتكامل اكثر فاكثر هناك من يدخل الجنة ولكنه اكمل من عالم الجنة يعني من هنا بلغ الجنة فالوحي يذكر لنا امور وراء ما يذكره الفلاسفة والعرفاء وان كانوا هم يشمشمون بعض الخطوط الكلية .
فنحن نركز على كلمة لا اله الا الله تهليل لغة قلبية ام لغة فكرية ام هما معا؟ سبق ان مر بنا الفرق بين لا اله الا هو؟ ولا اله الا الله او لا اله الا انت او لا هو الا انت فما الفرق بينها؟ هذه مراحل بعد لم نصل اليها نحن فقط في لا اله الا الله فنحن في بداية التوحيد وليس في كمال التوحيد فهذه بحوث وحيانية عقلية تقرأ بلغة العقل من الوحي يجب الالتفات اليها مما يبين اهمية فقه القلوب وهو بحث مصيري علمي .