الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

46/02/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: سلسلة في الشعائر الحسينية (33) / اعتبار كتب المقاتل المتأخرة/

 

مر بنا ليلة امس ان الوقائع التاريخية في عاشوراء ليست مجرد تاريخ يؤرخ ويسرد محضا وليست معلومة تاريخية بحتة بل مساحة من تلك الوقائع التاريخية في عاشوراء امر اعتقادي وهي التي وصلت لدرجة الضرورة وترتبط بصفات الامام وبافعاله وموقفه وليست بدرجة الظن او القطع بل ما فوق ذلك تصل الى درجة الضرورة فلانها ترتبط بفعل المعصوم وتقريره وموقفه ومنهجه وبدرجة الضرورة فمن ثم تكون امر اعتقادي في الدرجة الاولى ثم تكون في المساحة الثانية فريضة فرعية فقهية من وجوب اقامة العزاء والرثاء والندبة والمواساة لاهل البيت ، اما في الدرجة الاولى فهي عقائدية ، اشهد انك قتلت مظلوما واشهد انه قد انتهك حريمك والشهادة في الزيارات الكثيرة سواء في زيارة امير المؤمنين او الحسين او بقية الائمة كما يقول المجلسي الاول وان كنت لم اقف عليه مباشرة ولكن احد المحققين في التتبع نقل لي ذلك وهو من تلاميذ العلامة الاميني فنقل لي انه في شرح المجلسي الفارسي او العربي على من لا يحضره الفقيه ورد ان الزيارات عبارة عن منظومة ودورة مركزة لابواب ومعالم الدين وهويته على خلاف كثير ممن يظن ان الزيارات باب تسامحي تساهلي هي باب للمعارف وللعقائد ولبقية العلوم الدينية يعني هي تربية وزرع لهوية الدين وهوية المذهب في كل الابواب لعلوم الدين .

ففي هذه الزيارات ورد فيها : اشهد السلام على ائمة الهدى السلام على اهل التقوى السلام عليكم يا قوام البرية بالقسط والحجج على اهل الدنيا السلام عليكم يا اهل النجوى اشهد انكم قد بلغتم وكذبتم ، ففي هذه الزيارة لائمة البقيع يلخص لك ما جرى من ظلامة على ائمة البقيع فلماذا يتقصد في كل هذه الزيارات جعل هذه الامور العقائدية التاريخية المرتبطة باحوال المعصومين بما يرتبط بمظلوميتهم وغصب ونهب حقهم فاذا كان مجرد امر تاريخي بحت لماذا ورد اشهد ؟ واضح انه مرتبط بفعل المعصوم وقوله وموقفه ومنهجه ومسلكه ومذهبه وطريقته .

مثلا موقف الزهراء من السقيفة ليست قضية تاريخية فقط وانما مرتبطة بمنهجة الصديقة لمسير الدين وهذا امر عجن بالامر العقائدي فهي حقيقة واحدة ذات وجهين وجه تاريخي ووجه عقائدي وانكار هذه القضية التاريخية انكار للوجه العقائدي ، اذ شدة البينونة في مسيرة الزهراء مع مسيرة السقيفة لا يمكن ان تظهر بدون هذه الابعاد التي توافق الفريقان على قصاصاتها وحتى في البخاري ورد ذلك ، فان هذه القضية الحقيقية لغتها العقائدية جسدتها الزهراء سواء بلغة تاريخية او لغة الحوادث وقبل ذلك انبأ الرسول وحيا عن الله بما يجري عليها ويجري على امير المؤمنين وعلى الحسن والحسين لان هذه البينونة العقائدية في الهوية هي ترجمت عند الله وقدر لها ان تكون بلغة تاريخية فلا معنى للتغافل والتعامي عنه ، على ان هذا الطابع التاريخي معجون وشيج ومتشابك مع الطابع العقائدي ، فزعزعة هذا الجانب التاريخي هو زعزعة الامر العقائدي ان موقف الزهراء والمبدأ العقدي لها مباين لمبدأ السقيفة فمن ثم عقيدة كذلك .

كما ان البعد الجغرافي كذلك الان من القساوسة والنصارى من ينكر ان بيت الله الحرام بناه النبي ابراهيم او ادم او ان الانبياء حجوا اليه ، في الحقيقة هي ليست قضية جغرافية وتاريخية بحتة وانما هذا طابع عن قبلة للانبياء وعن مشعر الهي عظيم .

احد القساوسة التقى بي ودار النقاش بيننا فقال لي ان النبي ابراهيم كيف يذهب الى مكة والمسافة البعيدة الف وخمسمائة كيلومتر او الفين من فلسطين الى مكة فقلت له المسافة من الحلة او الناصرية مولد النبي ابراهيم الى مصر كم هي؟ ثلاثة الاف كيلو متر فهل المسافة يطويها النبي ابراهيم ولا يطوي تلك المسافة ؟ فكل الانبياء حجوا الى بيت الله الحرام حسب بيانات اهل البيت فالمقصود ان هذا ليس طابعا جغرافيا، هذه حقيقة واحدة واحدى وجهيها جغرافية والوجه الاخر عقائدي رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبالكعبة قبلة هذه الجغرافيا عقيدة لا انها مجرد جغرافيا .

اذن هذه نكتة مهمة ان هذه الوقائع مساحة منها عقيدة وليس تاريخ محض والاصطدام بها اصطدام بصخرة صلبة وهي صخرة العقيدة فلاحظ كيف القصاصات توصلنا الى بنية وبنيان عقائدي وسيرة المعصومين هكذا انه قتلوا وظلموا وشردوا ، انظر هذا المقطع في دعاء الندبة فاضبت على عداوته واكبت على منابذته وقطيعة رحمه واقصاء ولده فهذه حقيقة لانهم ذو استحقاق واصالة في الدين فانت لما تقول ما جرى على الامام الرضا جدد احزان كربلاء فالقضية مرتبطة بجهة عقدية وكذلك ما جرى على الجواد وعلى العسكري وعلى الامام الهادي ، نعم فجرى لهم ما يرجى له من حسن المثوبة اذ كانت الارض لله يورثها من يشاء والعاقبة للمتقين فاذن هذه الامور ليست تاريخ محض والاعلام ركزوا في فتاواهم على وقائع عاشوراء على المقطع الثاني ان هذه النقول التاريخية لوقائع عاشوراء موضوعة لاقامة فريضة الرثاء وشعيرة البكاء والعزاء وهذا وان كان امر عظيم لا يستهان به ولكن بالدرجة الاولى يجب ان يبين انها هي اولا عقيدة اذا بلغت درجة الضرورة ثم تاتي فريضة البكاء والعزاء والرثاء والمواساة والحزن وفي الدرجة الثالثة البعيدة هي القضية التاريخية.

فاذن وقائع عاشوراء وامثالها من سير المعصومين في الحقيقة في الدرجة الاولى عقيدة والعقيدة لا تثبت بالدليل الظني المعتبر وانما تحتاج الى قطع ويقين بل يمكن ان تبلغ الى درجة الضرورة ، مثلا قضية ما منا الا مسموم او مقتول لو تصفحناها لوجدنا استفاضة وليس بالضرورة استفاضة وتواتر لفظي وانما معنوي حيث اجمع المسلمون كما سيأتي في ذكرى سيد الانبياء انه مات بالسم اما ما هو السبب فهذا بحث اخر فهذه المقاطع ليست جغرافيا وليست زمان وليست تاريخ بحت وانما هي ترتبط ببعد عقائدي والمساحة الثانية بعد وظيفي فقهي فرعي شعيري حسيني عزائي من اقامة الندبة وفي الدرجة الثالثة بعد تاريخي وسيأتي في البعد الثاني انه كيف ارتباط هذه المادة التاريخية بالوظيفة الرثائية.

بتعبير السيد محسن الحكيم تشييد ذكر مصابهم او بتعبير السيد محمد سعيد الحكيم تشييد الحق ودحض الباطل يعني عندنا عدة وظائف فقهية فرعية مرتبطة بشعائر واقعة عاشوراء فما هو الارتباط الصناعي بينها? يعني ما هو الربط بين التاريخية والقضية الفقهية ، حيث عدة وظائف فقهية عندنا منه احياء امر اهل البيت سواء حزن او فرح وهلم جرا واحياء حقهم والترويج والنشر وارشاد الناس الى هذه الحقائق لكي يقوموا بعهد الولاية الذي اخذه الله عليهم فعدة وظائف عندنا في القسم الثاني فضلا عن القسم الثالث اللي هو بحث اخر وهذا نستطيع ان نقرأه في الزيارات كما نبه على ذلك المجلسي الاول ان الزيارات دورة كاملة مختصرة او مضغوطة لابواب الدين ومعالمه وهويته .

قبل ان نواصل ضوابط الصدق والكذب التي انتهينا اليها في المجموعة الاولى من سلسلة هذه الابحاث ولا زلنا في فنون الكلام وبحث الصدق والكذب لان هذا المبحث هنا يتوسع فيه الفقهاء اكثر مما توسعوا في المكاسب المحرمة وكما مر هناك اربعين رسالة من مجتهدين وفقهاء الف في هذا المضمار بما يرتبط بالشعائر الحسينية وبحث الصدق والكذب ايضا ما ربطه بالرواية التاريخية او ما الربط الصدق والكذب في الرواية التاريخية مع وظيفة العزاء والرثاء والبكاء واقامة ما ندب اليه الائمة من الحث الاكيد الشديد بانشاد الشعر في مصابهم واحوالهم وفضائلهم ، يعني من انشد فينا شعرا من جانب مصائبهم وابتلاءاتهم او فضائلهم ومقاماتهم في مجالس العزاء او في مجالس المواليد في الحقيقة هي مجالس الفضائل والمقامات ومجالس معرفية فهناك حث شديد اكيد من اهل البيت سيرة ورواية وامرا على انشاد الشعر في اهل البيت في مصائبهم وافراحهم ومقاماتهم ومعارفهم فكيف يتدخل فيها قضية الصدق والكذب?وربط بحث الوقائع التاريخية في عاشوراء وما نحن فيه هو ربط الصدق والكذب .

اجمالا مر صناعيا بيانه وسنعاود اكثر واكثر لكن الكلام في هذا المطلب وهو مدى خطورة العلم الاجمالي كيف ان العلم الاجمالي يكون بنية مركزية في سيرة المعصومين وفي واقعة الطف وهو جانب عقائدي قبل ان يكون جانب فقهي ، اذن منهج العلم الاجمالي منهج عظيم واكيد وهام وهي علوم اجمالية عديدة وليست علم اجمالي واحد .

ربما يتساءل انه نحن لماذا نعتمد فقط على العلم الاجمالي ؟ والجواب انه نحن اعتمدنا على وجوه عديدة من اهمها العلم الاجمالي ومنها منهج تراكم الاحتمالات والظنون واصالة حجية المتن والمحكمات الدستورية وهل لواقعة الطف اسس دستورية تاريخية? هل هو قانون ام تاريخ?

واقعة الطف في الدرجة الاولى عقيدة ثم فقه ثم تاريخ وهذا نظام بينه ائمة اهل البيت ان سيرة النبي التاريخية في الدرجة الاولى عقيدة وفي الدرجة الثانية فقه وفي الدرجة الثالثة تاريخ وهذا مبحث مهم وانا مشتاق اليه كثير ولا ابالغ اذا قلت ان ما انجزناه من اربع مجلدات في الشعائر الحسينية في كفة وسلسلة هذه البحوث في كفة اخرى .

التساؤل المطروح على المناهج اللي ذكرناها في قبال منهج السيد الخوئي الذي يركز على السند والطريق واحوال الرواة ووو التساؤل يثار ان مسلك السيد الخوئي منضبط على ان الراوي ضعيف ام ثقة والسند صحيح معتبر ام ضعيف ، فالضابطة موزونة ، فمسلك السيد الخوئي موزون منضبط اما مسلك تراكم القرائن والظنون ودراسة المتن اين موازينه? واين انضباطه? وسيما اذا اعتمد على الاطمئنان او على الوثوق صار البحث شخصاني .

هذه التساؤلات جيدة لكي يصير نوع من العمق في اختلاف منهج السيد الخوئي عن منهج مشهور القدماء ومدرسة الوحيد التي لها امتداد الى يومنا هذا ، والجواب عنه انه من قال بان مسلك احوال السند والطريق والرواة منضبط ، هو منضبط على مبنى من? ربما شخص يضعف ولكن مثل الوحيد البهبهاني العالم الاصولي خالف النجاشي وابن الغضائري والعلامة الحلي وابن داوود في اكثر تضعيفاتهم وتبعه على ذلك السيد بحر العلوم وقبله الشيخ سليمان الماحوزي والميرداماد والشيخ علي النمازي وكذلك الميرزا محمد صاحب منهج المقال فهم جماعة كبيرة كثيرة مختلفة انظارهم ، الان حتى بين الشيخ الطوسي والنجاشي لو تجرد قائمة تجد اختلافات كثيرة بينهما في الجرح والتعديل .

وعلى هذا يخدش في دعوى السيد الخوئي ان الجرح والتعديل في الرجال كلها شهادات حسية فاذا هي حسية كيف يختلفون فيها ? فهما يختلفون مع بعض والثلاثة يختلفون مع ابن الغضائري والبرقي والعقيقي ، فانت تتبع اي نظر في الجرح والتعديل واي انضباط وما هي الموازين? فاذا صار مجرد اختلاف انت لا تتحير فالمتحير ليس بمجتهد وفقيه قوي اما اذا انت قوي في العلوم الدينية لا يسود لك الفضاء قضية اختلاف العلماء بالعكس الاختلاف بالنقض والابرام يعطيك قوة في التمحيص والتحقيق والتدقيق لا انه يشوش عليك فهذا النقد الاول .

مثلا ابراهيم بن هاشم سبعة قرون كانوا يعتبرونه مجهول ثم بعد ذلك صار مستحسن ثم صار من الاجلاء او مثلا عمر ابن حنظلة كانوا يقولون انه روايته مقبولة ثم بعد ذلك اتت التحقيقات واثبتت ان رواياته صحيحة وليست مقبولة فعمر ابن حنظلة من اتراب زرارة واكثر علم الرجال في حالة تنقيب وتدقيق ، فالاردبيلي صاحب جامع الرواة استطاع ان يستكشف احوال المئات من المجهولين بدل ان يكونوا مجهولين وذلك عبر طريق الطبقات وتجريد الاسانيد وهذان مصدران اخران في علم الرجال غير نصوص ارباب الجرح والتعديل .

فمر بنا ان علم الرجال له ثمانية عشر منبع ومصدر وليس صرف نصوص رجالية بالجرح والتعديل فاذا في نفس الجرح والتعديل مدارس ربما ثمانية عشر فصلا ، فشخص ربما هو مجتهد في الفقه والاصول ولكن ليس مجتهد في الرجال فكون علم الرجال ميزان ضابط ناظم للاستنباط او للتحريات التاريخية الدينية بخلاف المسالك الاخرى فاولا في علم الرجال يجب ان نكون مجتهدين ونترك التقليد ونقطة اخرى ضبط السند وضبط الطريق هذا ليس ضبطا كاملا وانما ان تلاحظ انه موافق للكتاب او مخالف له او هل له معارض من السنة او مخصص او مفسر او وارد ؟ فالعمدة هو منظومة المتن وموازين المتن انها في الغالب ثبوتية وموازين الطريق اثباتية فح يتساؤل انه ما الفرق بين الميزان الاثباتي مع الميزان الثبوتي وقلما يتثبت عنها الفضلاء ؟

الفرق هو كالفرق بين الادلة الاجتهادية والاصول العملية ، الموازين الثبوتية مقدمة على الاثباتية كتقدم الادلة الاجتهادية على الاصول العملية ، لماذا الشيخ الانصاري قدم القطع وحجيته على حجية الظن? الظن هو اثبات القطع يعني كانما يوصلك الى العلم ويوصلك الى الواقع والواقع يعني ثبوت والثبوت مقدم على الاثبات ، كيف انت تظن بان موازين الاثبات منضبطة وموازين الثبوت ليست منضبطة ؟ بالعكس موازين الثبوت اكثر انضباطا وانتظاما .

الان كبيان عرفي لاحظ قانون وزاري صدر من احد الوزارات الحكومية او احد البلديات او المحافظات او من احد اللجان صوت عليه البرلمان فالبرلمان مستوى اعلى والوزارات مستوى ادنى وكذلك البلديات والمحافظات مستوى انزل فهي طبقات تتلو بعضها البعض فاذا صدر هذا القانون في مجلة رسمية وناطق رسمي باسم البرلمان او باسم الوزارة الفلانية او باسم البلدية الفلانية فهذا المخبر مؤتمن ومعتمد عليه وهو اثباتي لكن هل يا ترى دستورية هذا القانون يكتفى فيها بذلك? كلا العقلاء يقولون لا نكتفى به هذا مجرد تقرير وتمشية امور مؤقتة وليست دائمة وانما اثباتية اذن ما هي الضابط الثبوتية? الضابطة الثبوتية الراسخة الباقية المستدامة يقول لابد المحكمة الدستورية تقرره لترى ان متن هذا القانون مطابق للقانون الدستوري فتمضي عليه ام لا ؟ اما الناطق باسم البرلمان وباسم الوزارة وباسم البلدية وباسم المحافظة هذا مجرد اثبات طبعا هذا الاثبات له رسمنة وعرفنة وله مشروعية ظاهرية هذا مبحث اخر لكن لابد من مراجعة المتن .

فانظر الى الفارق بين موازين المتن ومسلك المشهور اللي هو مسلك المفيد اللي يسميه بالخبر العلمي وكذلك السيد المرتضى والشيخ الطوسي وان كان الشيخ الطوسي له مبنى خبر الاحاد فكل القدماء الى ابن ادريس وحتى الشهيد الاول والوحيد البهبهاني وتلاميذه وبحر العلوم تابعهم اصولا ورجالا الى ان تصل الى الشيخ الانصاري وصاحب الجواهر وصاحب الرياض وكاشف الغطاء والميرزا القمي الى ما شاء الله لا يعد ولا يحصى وكثير من تلاميذه ، فبالتالي هؤلاء الاعلام الكبار سواء قدماء او متأخرين الاعصار من مدرسة الوحيد في القرن الثالث عشر بقيت الى زمن الشيخ الانصاري هذه المدرسة عندهم مدارية المتن وانما الطريق هو زعنف من الزعانف تضم اليه وليس هو اصل الميزان فالميزان هو دستوريات الرواية وعرضها على الكتاب ومحكماته ومحكمات السنة القطعية وهذا انضباطي وهذا عمل الفقيه والمجتهد النحرير وليس عمل الراوي والرجالي وليس شغل المؤرخ وانما هو عمل المحقق .

القواعد في كل علم سواء علم الكلام او التفسير او الفقه ليست شأن الرواة وليس شأن علماء الرجال من حيث هم علماء رجال ، هم لا يشموا شيئا من هذه الامور هذا نظام اخر قواعد علم اصول الفقه واصول الاعتقاد وقواعد التفسير وقواعد الفقه وقواعد كل العلوم الدينية وهذه هي الموازين الاصل والاساس ، فلا تقل الموازين هي في جانب الرواة حيث مع احترامنا للراوي من حيث هو راوي لكن زرارة مثلا له حالتان حالة راوي وحالة فقيه فزرارة كفقيه غير زرارة كراوي وكذلك محمد بن مسلم وابان ابن تغلب .

اذن موازين المتن اللي هي موازين المشهور وهي المدار عندهم وفي مركز الحجية مثلا كيف انا اكتب دورة فقهية ولكن هي دورة رجالية فهذه هل هي فتاوى رواة ام فتاوى فقهاء? الفقيه مهارته في موازين القواعد الفقهية وليس فقط بعد رجالي وان كان هذا البعد مهم فالعلوم تخدم بعضها بعضا ، الان مثلا دورة شرح العروة ترى ثلثها رجالي يعني هل انت تنقح الاستنباط بعلم الرجال او بفتوى فقهية? فالمتن موازينه فقهية او كلامية او تفسيرية حسب العلم وليست موازين روائية محدثية وهذا ليس عيب في المحدث يمكن الانسان يكون محدث وراوي وكذلك فقيه ، فيكتب عن الشيخ الطوسي محدث راوي فقيه رجالي اصولي متكلم ولكن لا يسوغ الفتوى بمجرد ان الانسان يكون راوي .

حتى في الاية الكريمة فلولا نفر من كل فرقة نفر يعني روى ولينذروا يعني يفتوا لان الفتوى تعتمد على منظومة لكن الراوي يأخذ رواية واحدة فيحصر ويحبس نظره في بعد واحد وهي بعد الخبر الواحد وهذا هو اشكال الشيخ المفيد انه ما يصير بعد واحد خذ الابعاد كلها وهذا يسمونه الخبر العلمي المنظومي فاي منهج اسلم ؟ منهج الرواة او الفقهاء ؟ فقهاء يعني لابد ان يكون رواة فقهاء روى حديثنا وعرف احكامنا ونظر في حلالنا وحرامنا وليس فقط روى اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة احاديثنا حادثة واقعة روات احاديثنا كمنظومة كيف يطبقوه ؟ فهذا من الخيال ان نفكر ان الموازين الرجالية تنقح لنا استنباطات فقهية .

وهناك تساؤل اخر انه اي المنهجين اسلم? المشهور ام منهج الطريق ، واشكال اخر انه على مسلك الطريق اللي هي محورية ومركزية الطريق لدى السيد الخوئي في وقائع عاشوراء وفي كتب المقاتل والعلوم الدينية هذا صد للغلات او الفرق المنحرفة بخلاف منهج جميع القرائن فهذا المسلك لا يوجد فيه ضمانة لصد الفرق المنحرفة .

هذا التساؤل الثاني اللي يقدمه احد الفضلاء ظنا منه ان مسلك السيد الخوئي فيه ضمانة عن تسرب الفرق المنحرفة عن ان يؤخذ منها معالم الدين اما هذا المسلك الاخر الباب مفتوح على مصراعيه كل ما هب ودب ، فاصحاب التعصب لمسلك الطريق هكذا يدعون .

الجواب انه اول نقطة ان بحث الغلو والانحراف هل يشخص بعلم الرجال او بعلم الكلام وعلم الفقه ؟ ومن ثم ذكرنا ان الشيخ الطوسي في هذه المباحث اعلم من النجاشي لان النجاشي ليس تخصصه علم كلام فالرجالي اذا لم يكن داخل في بحوث المعارف والبحوث الكلامية كيف يشخص الفرق المنحرفة واين مساحة الانحراف? قضية ان هذا غالي او جبري هذا ليس حس وانما اجتهادية ومن ثم لا يمكن ان اخذ بجرح الرجالي اذا كان له بعد عقائدي أخذه على عماية واقلده سيما اذا هو ضعيف في علم الكلام وفي العقليات وفي اللغة القلبية يظن انها كلها هوس ، مع ان النبوات ليست كلها فكر وانما هناك ملكوت وتميز النبوة عن السحر والشعبذة فاما انت متضلع او اترك هذا المجال ، بحث الفرق ليس من اختصاص الرجالي بما هو رجالي وانما يعتمد على علم الكلام بل علم الكلام لوحده لا يكفي وانما بحاجة الى علم التفسير وعلم الفقه لان القضية مرتبطة بعدة علوم دينية وحتى العلوم العقلية .

من قال لك ان المدرسة الكلامية حتى عند الامامية واحدة ومشرب واحد ؟ السيد ابن طاووس يقول هناك اختلاف بين المفيد والسيد المرتضى في خمسمائة مسألة كلامية وهذا النقل قرأ علي احد الاخوة ولم اره بعيني فمن قال بان تمييز الفرق من اختصاص علم الرجال? بالدقة هو من اختصاص العلوم الدينية الاخرى اختصاص الفقهاء في علم الكلام وفي علم الفروع وعلم التفسير وعلوم الدين الاخرى فالرجالي من حيث هو رجالي ما عنده امكانية في هذا الجانب مثلا هذا الراوي رافضي من اين عرفوا انه رافضي? لانه مبحث كلامي .

اشكال طرح ...

علماؤنا القميون ذو مسلكين : مسلك الشدة ضد المعارف والفضائل ويسميهم الشيخ المفيد في كتاب تصحيح الاعتقاد بالمقصرة طبعا هو يطلق لا يفصل لكنه بقرائن وشواهد ان من زمن امام الرضا والجواد هناك مسلكان مسلك متضلع في المعارف والفضائل والمقامات لاهل البيت مثل البرقي وبصائر الدرجات سعد ابن عبد الله الاشعري وجمع كثيرون وهم زعماء قم وليسوا ناس عاديين وهناك خط ثاني كاحمد بن محمد بن عيسى الاشعري او محمد بن الحسن بن الوليد استاذ الشيخ المفيد او الصدوق ، فالصدوق في بداية عمره العلمي كان متأثرا بشيخه ابن الوليد ولكن بعد ما توفى ابن الوليد تحرر الصدوق من حبوسية استاذه بحيث التلميذ يتأثر باستاذه شاء ام ابى ، فاذا التلميذ يتلمذ على عالم واحد فتلك مصيبة اما اذا تتلمذ على علماء متعددين فافقه يصير انضج ، فالصدوق عندما توفي استاذه وانطلق من قم ورأى مشايخ اخرين توسع افقه في كتبه ورواياته ومشربه العلمي اختلف عما كان في قم وان كان له بقية اثار من بصمة استاذه ابن الوليد لكنه اختلف في كثير من الامور فالصدوق له حالتان في بداية حياته العلمية بشكل وفي نهايتها بشكل اخر فقم كانت تشتمل على نمطين وعلى مسلكين .

انظر سعد ابن عبد الله مثل استاذه الصفار الف بصائر الدرجات الان مختصر بصائر الدرجات الذي فيه احاديث عظيمة جدا في المعارف هي اختصار لكتاب بصائر الدرجات التلميذ الاستاذ وللاسف هذا كتاب البصائر الاصلي للتلميذ لم يصل الينا ربما وصل لصاحب الوسائل يعني من بعض عباراته يفهم ذلك لكن بالنسبة الينا لم يصل لكن تلميذ الشهيد الاول اللي هو الحسن بن سليمان الحلي اختصره وهو معجم في الامامة والوحي ولعلمكم كتاب البصائر درجات للصفار هذا ليس كامل وانما ناقص وقد تلف او ضاع منه فصول واجزاء وسمعت ان احد الباحثين عنده نسخ ويستدرك على هذه النسخ المطبوعة النسخ التي ضاعت لكنه للاسف لم ينشر لحد الان وهو بحاجة الى المزيد من العمل العلمي والنسخ لانه كتاب عظيم جدا كما ان كتاب محاسن البرقي لاحمد بن محمد بن خالد هذا الكتاب ايضا فقد منه عدة اجزاء وهذا الموجود الان ناقص فالكتاب الاصلي اوسع منه بمرات وحتى العلامة الطباطبائي نقلا عن الشيخ يحيى الانصاري يقول ان اسرار التوحيد في المحاسن مذهلة ولذلك المستشرقين والمسيحيين والقساوسة افق البحث عندهم دون مذهب اهل البيت بمسافات كبيرة حتى عند اليهود وكذلك المذاهب الاسلامية فرقها عن مذهب اهل البيت ذلك .

هناك قسم من القساوسة يدعي انه درس الانجيل والتوراة اربعين مرة فكان يقول الروح الامري هو الله فقلت له اين افقكم? واين افق اهل البيت? الروح الامري هذه من خدام اهل البيت يعني شبيه مقصرة الشيعة عندهم بعض القضايا هو الله ، روح القدس في الصاغورة نال من حدائقنا الباكورة ، رواية رواها المجلسي عن الامام الحسن العسكري باكورة يعني حديقة صغيرة يعني اشتقاق العربي صاغورة الباكورة يعني الفواكه التي لم تستو . وهذه هي الرواية منبهة على ما في القرآن .

القرآن هو الثقل الاكبر وعندنا ان الثقل الاكبر هم اهل البيت وهذا لا تناقض فيه لان القرآن طبقاته العليا ال البيت اذا تريد الطبقة العليا من اهل البيت شيء اخر ولقد اتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم فهذا الواو ليس عطف جزء على الكل ، المذاهب الاسلامية كانت مجسمة واهل البيت انتشلوا مذهب المسلمين من التجسيم ومن الجبر ومن الوحل المنزلق الى شموخ الاعجاز العلمي بل انتشلوا حتى الفلاسفة من الجبر وانتشلوا حتى العرفاء ، والصوفية او العرفاء اذا عندهم شيء فكلها اقتباسات من بيانات اهل البيت .

مثلا العالم العقلي عند الفلاسفة والعرفاء وعند الشيخ احمد الاحسائي وعند الشيخية مجرد لكن عند اهل البيت ليس مجرد في بيانات اهل البيت هو اول خلق روحاني وليس بمجرد خلافا لما يتوهمونه الفلاسفة كما توهموا ان الملائكة مجردين كلا الملائكة اجسام لطيفة ولكن من لطافتها ترى الفصل كانها مجردات فانت لاحظ الافق المعرفي لاهل البيت حتى مع علماء الطائفة فالفاصل كبير فضلا عن الملل والنحل الاخرى مثلا عند كل علماء المؤمنين والمسلمين حتى علماء الخاصة الاختيار والامتحان الى الموت واما ما بعد الموت ينتهي ، نحن نقول كلا ما بعد الموت الامتحان والابتلاء اشد واشد وحتى في الجنة امتحان وجزاء ولكن بنمط اخر كل ما تتصاعد في العوالم الامتحان اشد فاشد وليس اقل اليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل يعني عمل بلا حساب معجل يعني بلا جزاء معجل مع ذلك قوم فرعون لما عجلهم الله لهم ؟

فبيانات اهل البيت فوق عقول متكلمي وعرفاء الامامية وفلاسفتهم ومفسريهم وفاصل معرفي بين اهل البيت وهؤلاء .

المستشرقين يطعنون في معارف اهل البيت هم معرفتهم نازلة فكيف تتبعهم في المعرفة? هناك مستشرق الماني صحح كتاب القراءات لاحمد بن محمد السيار البصري في المقدمة قال البرقي اشد الغلاة ثم بعده تلميذه الصفار يعني هم حتى التوحيد عندهم غلو يعني لا تغلوا في الله فالعقل ليس مجرد وانما هناك مخلوقات اخرى موجودة مجردة عن الجسم ، فهذا المستشرق الالماني يقول اشد الغلاة البرقي وتأثر به تلميذه الصفار في بصائر الدرجات فهل تريدني ان اتبع هذا المستشرق الالماني? ويقول الكليني غالي لكن اقل غلوا من استاذه الصفار والصفار اقل غلوا من البرقي .

انا لا يمكنني ان احكم في المعارف احمد بن محمد بن عيسى الاشعري القمي وهو وان كان فقيه وزعيم قم لكن مستواه في المعارف كانت باي درجة ؟ احمد بن محمد بن عيسى الاشعري سجلت عليه بسند صحيح مؤاخذة في النص على الامام الجواد واخذته عصبية عرقية معينة ان الشاهد لابد ان يكون اشعري وانا اذكر هذا الشيء ليس لاجل سلب التعظيم عن هذا الزعيم من زعماء علماء الامامية لكن حيث انه غير معصوم وان كان زعيما والفاصل بينه وبين معرفة الوحي كبير كيف تحكمه على التراث? هذا لا يمكن الوحي يحكم على الوحي وليس يحكم على الوحي عقل البشر وان بلغ ما بلغ .

 

وصلى الله على محمد واله