45/11/26
الموضوع: الوحي ولغات القلب والعقل والخلاق
كنا في هذا الحديث الشريف المبارك في احوال والروح ومر ان هذه العناوين والالفاظ اللغوية التي استعملها الامام الصادق مختصة بامتياز بعلم القلوب واحوال القلب وفقه القلوب وهذه ليست من عناوين علم الاخلاق او علم الاداب ولا من عناوين العلوم العقلية البحتة كالفلسفة ولا من الفاظ عناوين علم الكلام وانما هذا علم اخر استعمله الوحي في روايات وادعية المعصومين او في الايات الكريمة علم مستقل اما ان نقول اذا وردنا دعاء معين من الادعية حتى غير المشهورة ان هذا الدعاء الفاظه انسب للصوفية منه لاسلوب ال البيت ومن قال الصوفية اسبق في هذا المجال اي مجال احوال القلب من ائمة اهل البيت ؟ والحال ان الفرق الصوفية الاسلامية نشأت ما بعد عهد ائمة اهل البيت ومن قال ان ائمة اهل البيت والقرآن ليس له هذه الالفاظ وهذه الاصطلاحات في علم القلوب ؟
مر بنا مصادر ومنابع عديدة استعمل فيها القرآن والروايات الفاظ فقه القلوب واحوال القلوب وليس الفاظ الاخلاق ، الاخلاق شيء اخر ، فالفاظ الاخلاق مستعملة في القرآن وروايات العترة كلامنا في خصوص احوال الفاظ القلب وهو علم متميز عن الفلسفة والكلام حيث كلاهما علم بشري كلامنا في اللغة فهو علم اخر احوال القلوب واجعل قلبي بحبك متيما الذي في دعاء كميل .
هذا باب خطير في ابواب احوال القلب وعلم القلوب بحث الرجاء مامرتبط بالاخلاق ولا بالعقل الفكري وانما هو بحث من احوال القلب وخشية الله بحث مرتبط باحوال القلب فتمنوا الموت ان كنتم صادقين فيأتي القرآن الكريم ببرهان من احوال القلب .
اصلا عندنا بيان عن النبي والائمة انك اذا اردت ان تستكشف انك ولي الله ام لا ان زعمتم انكم اولياء لله من دون الناس فهو ليس يخاطب اليهود فقط وانما كل البشر اذا يزعم انه ولي الله لينظر هل الموت حلو عنده ام لا ، يقول اميرالمؤمنين والله ان الموت لانس بابن ابي طالب من الطفل بثدي امه هذه دعوة حق وهو رجل معصوم فكيف يدعي انه مانوس بالموت شديد جدا? انت انظر كيف الطفل انسه بالرضاعة اصل حياته هو الرضاعة يعني آنس من الطفل بمحالب امه .
سئل الامام الصادق ما اطعم الماء? قال طعمه الحياة تحرز انك حي فاذا كان انس امير المؤمنين بالبرزخ وبالغيب يعني كأنما اصل حياته منه ومتى يستأنس الانسان بشيء ؟ عندما يتفقده كثير ويستطلعه كثير لعله ينساه يغفل عنه كثير هذه كلها بحوث احوال القلب هي لا قضية اخلاق ولا اداب ولا فكري عقلي والى ما شاء الله من كلمات صدرت عن الله تعالى وعن النبي وعن امير المؤمنين وعن الائمة واحدا واحدا كلهم في مجال احوال القلب ، الان في البرزخ الذين موجودون فيه عندهم اجسام برزخية ولهم قلوب ولهم اخلاق ولهم اداب بدنية كما ان الجن الان مع انه وجود غير مرئي نفس الكلام هو طبقات كما ان الاجسام وكما ان الملائكة ايضا اجسام لهم طبقات يعني نفس الملك الواحد وجوده طبقات وله نفس وقلب وروح .
حتى عندنا في البيان المتواتر عن اهل البيت ان الملائكة لهم اجسام او ارواح من عالم الاظلة وهو عالم فوقاني غيبي وبل العرش العظيم وبكت له اظلة العرش يعني نفس العرش هو موجود روحي روحاني ملكوتي هذا العرش ايضا طبقات ، ساق العرش وبطنان العرش ويمين العرش واليمين واليسار قد يكون المراد به علو ونزول في العرش موجود حي شاعر اشد حياة واشد شعورا مما دونه من الموجودات فبالتالي هو طبقات .
فاذن قضية الالفاظ اللغوية المختصة بعلم القلوب او احوال القلوب اذا استأنس الانسان بها لغة واختصاصا سيلتفت الى ان اسلوب الوحي قرآنا وسنة احد اساليبه احوال القلب وعلم القلوب هو مفتاح الاحوال الروحية ومفتاح الاخلاق يعني مهيمن على الاخلاق كما ان الاخلاق مهيمنة على علم الاداب فهي طبقات ومقصودي من الهيمنة يعني بالتالي ادوية الاخلاق في علم الاحوال القلب اسهل واكثر تأثيرا من ادوية علم الاخلاق من نفس صيدلية الاخلاق وسيبين الامام الصادق ان الادوية للاخلاق من صيدلية علم القلوب اكثر تأثيرا واسرع واكثر قوة سواء في الجانب الايجابي او السلبي.
اذن انظر مرتبة علم القلوب اين هي? وهو علم المختص الفاظه كذا لغوية وغير لغوية تختلف عن علم الاخلاق وعن علم الاداب وهنا فائدة اذكرها احد اسباب ابتلاؤنا نحن البشر ووالعوائق الاخلاقي فينا حيث المعوق اخلاقيا اخطر من المعوق بدنيا ، والزمانة الاخلاقية اشد من الزمانية البدنية ، الزمانة الاخلاقية سببها ان غالب البشر ليس لديهم علم مركب بالاخلاق ، مثلا حسن الخلق ، فالعلم المركب يعني ماذا والعلم البسيط يعني ماذا?
العلم البسيط يدرك ان الخلق الحسن جميل ورائحته طيبة تسر منه البشر هذا علم بسيط العلم المركب هو ان تستطيع ان تفسر حسن الخلق تفسيرا ماهويا سلسا ، الان مثلا اللين كأنما في بيان الوحي مترادف مع الرفق ، باب عقده الكليني خاص في الجزء الثاني في باب العشرة يعني النظام الاخلاقي في التعامل مع الاخرين فعقد باب اسم الرفق هذه ليس الية وانما نظام اداري ومر بنا في الفقه ان الاخلاق نجاح اداري وقواعد ادارية ناجحة في القائد او في اي فرد بشري او في المسؤول .
الان في العصر الحديث البشري ينظرون الى القواعد الاخلاق الحسنة او السيئة اذا علمت انت بعلم مركب بهذه القواعد الاخلاقية الحسنة او السيئة ستجتنب السيئة وترتكب الحسنات ، هذه القواعد الاخلاقية عبارة عن نجاح اداري ونجاح تدبيري في تربية الطفل والاسرة وفي تربية ادارة الوزارة وادارة المؤسسة والشركة ، الاخلاق ينظر اليها قواعد ادارية ناجحة حتى على الصعيد الدولي فضلا عن الاسري والدولة والاجتماع علم المفاوضات علم التفاوض لحلحلة النزاعات الدولية هذا منبثق من علم الاخلاق .
اذن علم الاخلاق ينظر له في قواعد ادارية ناجحة في تربية الادارة والمدير والتدبير والاستراتيجيات ، فعلم الاخلاق متى يسيطر عليه الانسان? ومتى يسيطر الانسان على اخلاق نفسه? اذا حصل لديه علم بالاخلاق ، اما بعلم القلوب وارتباط علم القلوب بعلم الاخلاق درجة اعظم او نفس علم الاخلاق يسيطر عليها بالعلم المركب لا البسيط .
احد انزلاقات من يلج في الملكوت كابليس قبل ان ينحرف سببه عدم العلم المركب بالاخلاق ، فقط عنده علم بسيط لكن الانسان مبتلى بمرض في بدنه او او في روحه واخلاقه وهو اعظم يقول الامام الصادق تاويل الاشياء على صعيد الروح اعظم من تأويلها على صعيد البدن من قتل نفسا على صعيد الفكر اعظم من البدن كيف ان المرض الفكري اذا الانسان تمرس في المرض الفكري يفهم ما هو الشيوعية وما هو الالحاد فحتى لو يأتي بتعابير ليست فيها اصطلاحات شيوعية او الحادية او مادية او علمانية ولكن المعنى هو مسيطر عليه يلتفت ان هذا مشرب مادي مشرب الحادي لانه عنده علم مركب بالمدارس الفكرية حتى لو تبدلت الالفاظ يشم القضية بسرعة ، كذلك الحال في علم الاخلاق ، اهل البيت عليهم السلام يبينون ولا سيما امير المؤمنين في روائعه في نهج البلاغة حول ابليس كيف بلغ الملكوت وهوى? وهو كان من الاول يهوي ولكن لا يعلم سببه وهو انه ليس لديه علم مركب بداء اخلاقي وقلبي فاستفحل هذا الداء كما في السرطان عندما يكبر ولا يمكن ان تسيطر عليه هو يصرعك قبل ان تصرعه فهو لم يجر فحوصات وليس لديه علم مركب قد حتى علم بالشبهة الموضوعية ما عنده ، ما اعظم بياناتهم عليهم السلام في دعاء عظيم يقرأ يوم الغدير فيه معرفة النفس وطبقات الانسان ايها الانسان انك تجهل نفسك فضلا عن صفحات نفسك فضلا عن نفسك ، وجهلك بهذه الاحوال في النفس سيقودك الى ما يقودك من دون ان تلتفت ومن دون ان يصير عندك انذار مبكر حيث عندنا امراض الجحود والشرك والغلو والتقصير ونصب العداء لاهل البيت وحتى بالنسبة لنا الموالين ، يعني هناك طيات موجودة في العقل الباطن هذه بعدها لم تصفى ولم تنقح .
ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها هذه الفجور كيف تقلعها? هذا الفجور كيف ينقلع? الا اذا عندنا معرفة مركبة واما اذا ما عندنا معرفة مركبة كيف نقرأها? فلكي نكون اطباء انفسنا وهذا الطب النفساني والطب اخلاقي والطب الروحاني ضروري باسترشاد من الوحي لان الانسان مصيره مرتبط به لا اقل يصير عنده المام بالطب الاخلاقي وطب الاداب وطب الروح وطب القلوب .
يصف امير المؤمنين سيد الرسل وهذا وصف كنائي مجازي وحقيقي طبيب الله طبيب القلوب طبيب العقول يعني الطبابة للعقول ضرورية وطبابة القلوب ضرورية وطبابة الارواح ضرورية وطبابة النفوس والاخلاق ضرورية والطبابة بالاداب الضرورية .
في بيان الامام الصادق لو نظرت الى الناس لرأيتهم اكثرهم عي في الاداب ، الاداب مرتبة اعلى من الاخلاق ، الاخلاق مرتبة خفية والاداب مرتبة جلية ، يقول لو فتشت الناس يعني كلنا مخاطبين بهذا الكلام ما من احد الا وعنده سوء في الاداب وامراض في الاداب لا يلتفت لها فضلا عن الاخلاق فضلا عن طب الارواح وطب القلوب وطب العقول .
كيف انت اذا تمارس المباحث العقلية الفكرية تشم الانحراف من بعيد ؟ كذلك في القلوب اذا لم تكن متضلع في الاخلاق هكذا ، مثلا ما الفرق بين اللين والرفق وبين المرونة ، وبعبارة اخرى ما الفرق بين التواضع والذل وما الفرق بين العز والتكبر ، احد اليهود يقول الامام المجتبى ان فيك كبرا قال بل في عز بالاسلام ما الفرق بين العزة والتكبر? مثلا لو يصير عندنا بحث في كتب اللغة مثل لسان العرب نموذجا ان نتوسع في المعاني اللغوية لعناوين الفضائل والرذائل سنلم بوفرة عجيبة في معرفة العلم المركب بالاخلاق وهذه الخطوة الاولى وهي خطوة ادارية من علوم الادارة ومن علوم الاستراتيجية لا تفكر انها هي علم الاخلاق لان الاخلاق استثمرت اداريا بشكل عجيب وغريب .
نحن نقرأ جملة من الاخلاق في امير المؤمنين في زياراته كأنما هو بعد اخلاقي كلا هذا ليس بعد اخلاقي وانما هذه شرائط القيادة الالهية مثلا هائج الغضب كاظم الغيظ كيف تجمع? ولابد من الاثنين وهذه من صفات الادارة للقائد النموذجي الالهي ، فهذه نكتة مهمة في علم الكلام ان الاخلاق الواردة في بيانات اهل البيت وفي صفات الائمة ليست بعد اخلاقي هي شرائط قيادية اصطفائية ، الائمة لا يستفزون الذي يستفز ليس قائد حكيم الان في العقل البشري يسمونه الصبر الاستراتيجي .
فالبحوث الاخلاقية وظفت الى بحوث ادارية اجتماعية رهيبة وبالتالي هي عقائدية كلامية وهلم جرا ونحن وان كان بحثنا في علم القلوب ولكن هذه البحوث مترابطة متشابكة فاول خطوة في علم الاخلاق هي الخطوة اللغوية بتدبر لا بسطحية سريعة قشرية حشوية وانما بتدبر تحليلي كما في تفسير القرآن اول خطوة هو الجانب اللغوي مثل ما قيل غريب لفظ القرآن ، القرآن ليس غريب نحن غرباء عن القرآن .
وهذه خطوة جدا مهمة في علم الاخلاق حاول ان تتبحر في معنى كل لفظة تستطيع ان تؤلف موسوعة عجيبة غريبة بعد ذلك تأتي خطوة ثانية وهي خطوة الاستعانة ببيانات القرآن واهل البيت حول تلك العناوين الفضائل والرذائل ما الفرق بين اللين والمرونة? المرونة هل هي اللين او شيء اخر? يقول الله عز وجل فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك ، فهم داخليا رحماء بينهم واشداء على الكفار في الخارج بينما بعض القياديات تراهم بالعكس اشداء في الداخل ورحماء مع الخارج فهذه قواعد ادارية وقيادية والجمع فيه مهم والتوسع فيه مهم والعلم المركب في الاخلاق مهم ومؤثر .
نفس التبحر في المعاني اللغوية يكسب الانسان معرفة اخلاقية جمة اكثر انزلاقا في الرذائل او عدم اكتساب الفضائل لجهلنا بالعلم المركب التحليلي التفصيلي لماهيات العناوين الاخلاقية ان كانت ايجابية او سلبية ، فنبتلى بامراض خطيرة من حيث لا نشعر فالنقص في الفضائل ايضا مرض لكن لا نشعر به فالخطوة العظيمة الاولى في الطب الاخلاقي وفاتحة المسيرة هو التعرف على المعاني اللغوية ولكن بتبحر لا بسطحية ، ثم تأتي الخطوة الثانية استرشاد الوحي في هذه المعاني نعم تطلع على مدارس اخرى لا بأس بها وتقارب بها بين مدرسة الوحي وعظمة مدرسة الوحي لا بأس فالمهم لا يدعي مدع ان لسان الوحي في بيانات المعصومين بعيد عن لغة علم القلوب وان لغة علم القلوب استحدثها الصوفية والعرفاء وهذا قاله بعض الكبار الاعلام ان مناجاة الخمسة عشر لا نقبلها لان فيها اصطلاحات علم القلوب وهل اهل البيت والقرآن تركوا علم القلوب واحوال القلوب وهذه غفلة مسامحة رضوان الله عليهم اجمعين.