الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

45/11/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الكلمات اللغوية في احوال القلوب أو العقول أو النفوس

مر بنا امس هذه الرواية الشريفة عن الامام الصادق عليه السلام في كتاب كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر للخزاز القمي استعمل الامام كلمات علم فقه القلوب حتى انه لم يستعمل كلمات لغوية في علم العقلي الفكري بل استعمل الكلمات اللغوية الخاصة المرتبطة بفقه احوال القلوب كفوائد ولطائف ونازلة منزلة و ورثه فاستعمل هذه العناوين في بداية القرن الثاني الهجري وهي ليست عناوين علم الاخلاق والكلمات اللغوية لعلم الاخلاق ولا الكلمات اللغوية لعلم الاداب البدنية مثلا الشرعية ولا كلمات لغوية للبحوث العقلية الفكرية يعني ليست حتى فلسفية وهذا مما ينبه ان الائمة عليهم السلام يخوضون في العلوم العديدة .

اصلا الادعية برمتها من يحيط بالكلمات اللغوية دعنا عن الكلمات الاصطلاحية للعلوم الروحية مع انه ماخوذة من علم اللغة فلو استأنسنا واستطلعنا واحطنا شيئا ما بالكلمات اللغوية لرأينا الادعية مليئة بذلك لا اقول الادعية فقط مختصة بمراتب فقه القلوب ايضا لغة العقل الفكري موجود فيها : يا من دل على ذاته بذاته هذه لغة عقلية وليست قلبية هناك كلمات لغوية مشتركة بين اللغة العقلية الفكرية واللغة القلبية ولكن هناك كلمات متميزة .

وكذلك بين علم القلوب واحوال القلوب وبين علم الاخلاق هناك كلمات مشتركة لغوية بين علم الكلام وعلم الفلسفة وبين علم الكلام وعلم العرفان ولكن هناك كلمات لغوية باحوال القلوب وهذا غير احوال النفس وغير احوال الاخلاق وانما القلب سكناته ومساراته ومسيره وشؤونه ، فهذه الكلمات ناصة والمشكلة ليست في الكلمات وفي الايات وانما في الباحث نفسه اذا لم يكن مأنوسا بعلم معين لايشمشم من ذلك العلم .

البعض يظن ان لغة الوحي هي ويتو تعبدي وان معنى ان دين الله لا يصاب بالعقول انه يجب الا تناقش نهائيا وتسلم تسليما وكلها املاءات وليست تعاليم ، بينما هذا امر خاطئ في القواعد والمعارف وفي قوى العقل الفكري وانما اللغة الاصلية هي التعليم ويعلمهم الكتاب ، والذي ادلى به الانبياء للبشر هو بنفسه علم بغض النظر عن سيد الانبياء حجيته بذاته اما انتسابه لسيد الانبياء فهي حجية اخرى .

الى الان بعض الباحثين لا يلتفت الى ان البحوث الكلامية في القرآن هي برهانها في نفس الاستدلال لا في صدورها عن المعصوم الان مثلا مرت بنا امس كلمة الامام الصادق يقول فاذا صار من اهل الفوائد تكلم بالحكمة ففي تعليم الله عز وجل في الوحي الذي ينزله على نبيه هي الحكمة ايتاء الله لجميع الانبياء الحكمة كما في موسى ولما بلغ اشده اتيناه حكما وعلما فحجية ما اوحى الله به لانبيائه حجيتها ذاتية قبل ان تكون منتسبة الى جبرائيل .

ابليس عندما اتى ليفتن ابراهيم عن الرؤيا التي رآها قال الرؤيا التي رأيتها اضغاث احلام وليست وحي فالسند فيه اشكال يعني السياسة ماكرة منه ، ثم قال له انت تريد ان تقتل نبيا من الانبياء وهو اسماعيل برؤيا فقط ؟ وهو فلذة كبدك ولم يأت بما يستحق العقوبة واذا اتخذت هذا عملا سيستن بك بقية البشر الى يوم القيامة فالكل سوف يذبح ابناءه فابليس عنده تجارب الامم مع ابراهيم الخليل فيقول ما اراك الا وقد اغري بك والان هذي المرأة العجوز الام هكذا تؤذيها انت ؟ وكل ما اتى به قواعد عقلية وشرعية ، فابليس ركز الاشكالات مضمونا وصدورا .

بعد ذلك اجابه النبي ابراهيم بانه دين الله لا يصاب بالعقول وحكم الله عز وجل فوق هذه الامور فليست القواعد محصورة بهذا كما انه سبب غواية نفس ابليس هذا المطلب انه حفظت شيئا وغابت عنك اشياء ، ولذلك قوله تعالى فلما اسلما وتله للجبين وناديناه ان يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا يعني لم تشكك في مصدر الوحي .

الامتحان الاعظم الذي امتحن الله به ابراهيم ايقانه بالوحي انه وحي او وسوسة شياطين كذلك النقاش الذي حصل بين موسى والخضر هذا النقاش بين صاحب وحي وصاحب وحي اخر فما هي العبرة في هذه الحوارية بين موسى والخضر? كما انه ما هي العبرة في نقاش وامتحان ابراهيم? حيث لم يكتف بابراهيم بل ذهب الى هاجر وحسسها وحركها وكذلك قبلها ذهب ووسوسة حواء يعني يستفز من جهات عديدة مع ان هاجر معصومة من الارحام المطهرة ونطفة سيد الانبياء من ابراهيم ذهبت الى رحم هاجر فهاجر من الارحام المطهرة ومعصومة فهاجر ليست امراة عادية .

بل الله عز وجل يمتحن اولوا العزم منه بالفكر والعقل ، فاولي الالباب لا ان اولي الالباب فقط على نتاج البشر في النتيجة انه قال له قد صدقت الرؤيا وما شككت فيها رغم الاعتراضات العقلية التي استدل بها ابليس .

ما هي العبرة في حوارية النبي ابراهيم مع ابليس ؟ او حوارية النبي موسى والخضر ؟

العبرة هو التسليم بالوحي المطلق والتفكر به ، لذلك النبي خضر في بداية ونهاية لقائه لم يقل العلاقة بيني بينك معلم ومتعلم قائمة على العقل والفكر ولا تناقش بل قال لا تسألني اعتراضا ولم يقل لا تسألني مطلقا ، وانما اسأل تفهما ، ففرق بين ان تسال تفهما وبين ان تسأل اعتراضا وجدلا ، او لا تسألني عن شيء الا ان احدث لك ذكرى يعني انا لا انفي السؤال ولكن قبل ما ابين لك لا تسأل فلم يقل هل اتبعك على ان اكون لك عبدا? وانما قال ان تعلمني مما علمت رشدا يعني المطلب الذي فيه حجية ذاتية اريد ان استلمه ، قال ان اتبعتني فلم يقل لا تسأل مطلقا .

الان لا يمكن ان تدرس دكتورية في المرحلة الابتدائية لماذا لم يخاطب الباري النبي ان يعلمك الكتاب وانما قال يعلمك الكتاب والحكمة ، يعلمك هل يعلمه لان جبرائيل نزل بذلك? او ان هذا الوحي وهذا علم حجيته ذاتية والحكمة حجيتها ذاتية ؟

الدور الاعظم لسيد الانبياء انه يتلو عليهم اياته ويزكيهم كلاهما تعبديان او حجية تكوينية ؟ فهذا التكوين ايضا هو من الله وكونه تكوين لا يعني استغناؤه عن الله ، فاذا حتى الوحي قائم بالعلم حجية من جهة عنا هو نزل به جبرائيل ومن جهة انه نفس حجيته ذاتية ، زرارة يسأل الامام الصادق والامام اجابه قال كيف علم النبي ان الذي يأتيه هو جبرائيل عن الله او هو الشيطان ؟ وهو سؤال حساس ومهم وعظيم ، اجابه الامام بلغة فقه القلوب وليس علم العقول هو موجود هو في اصول الكافي قال :علم ذلك بالسكينة التي هي حلية جبرائيل فهذا جواب قلبي اما الجن وابليس خلقا من النار ودائما حالة فز واضطراب ، فالجن والشياطين دائما حالة كهرباء ومغناطيس اما الملك هو حالة سكينة والله عز وجل يحتج في مواطن عديدة انه انزل السكينة على النبي وعلى المؤمنين ، فالسكينة حالة قلبية وحجة ذاتية فالسكينة حجية مهيمنة على حجية جبرائيل وذات الوحي فيه سكينة ووقار في حالة نزول الوحي والسكينة وتلألؤ نور وطمأنينة عظيمة .

هل انبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل افاك اثيم ، وهذا كالسحر والشعوذة والافاكين ، يصف القرآن الكريم الجنابة التي ابتلي بها بعض المسلمين في واقعة بدر يسميها رجس يعني الجنابة والاحتلام لا تكن الا رجس ولذلك من صفات المعصوم انه لا يحتلم ولا تغشاه الشيطان . اذن فالوحي يعلمهم الكتاب يعني يصير عنده علم لا تعبد وانما علم بالحكمة ، والبحث شيق وطويل فلا تقل لي ان المناجاة الخمسة عشر اسلوبها ليست من اسلوب الائمة ، حيث للائمة اسلوب في علم القلب وليس لديهم فقط اسلوب العلم العقلي الجاف وانما عندهم احوال القلب والروح ولغات عديدة.