45/11/07
الموضوع: ترابط رياضة الفكر ورياضة القلب
وصلنا في القراءة السطحية السريعة في الرواية الى هذا مقطع وان المقاطع التي مرت فيها جهات من البحث عديدة اذا اردنا الدخول فيها والاستغراق فيها سيفوتنا المتن الاصلي والبحث الاصلي في الرواية ولكن من باب الاشارة فقط .
فهذا بيان عظيم : فوجه الله انبياؤه ...
هذه قاعدة معرفية متواترة وليس هي فقط خصوص هذه الرواية الكريمة فوجه الله انبياؤه يد الله كذلك لسان الله هكذا عين الله وجنب الله ،... الانبياء يعني بالتالي هم المصطفين وهذه قاعدة كبيرة عظيمة وقوله خلقت بيدي استكبرت فاليد يد القدرة وليست اليد يعني عضو جارحي كقوله وايدكم بنصره ... فمن زعم ان الله في شيء او على شيء او تحول من شيء الى شيء او يخلو منه شيء هذه كلها حدود ومحددات فقد وصفه بصفة المخلوقين والله خالق كل شيء لا يقاس بالقياس ولا يشبه بالناس لا يخلو منه مكان ولا يشغل به مكان قريب في بعده بعيد في قربه ذلك الله ربنا لا اله الا غيره فمن اراد الله احبه بهذه الصفة فهو من الموحدين ومن احبه بغير هذه الصفة فالله منه بريء ونحن منه براء .
فانظروا التعبير في بيان المعصوم ومن احبه ... وهو فعل القلب بغير هذه الصفة وبهذه الصفة فعل العقل الفكري ، لاحظ كيف الايمان يمتزج ويتركب من فعل القلب وفعل الفكر والعقل ، فمتعلقها بفعل من العقل الفكري فمن اراد الله ... اراد يعني توجه الى الله يعني فعل القلب ، احب الله شأن القلب بهذه الصفة يعني الفعل العقلي النظري الفكري .
فلاحظ الايمان بعد منه وركن من الايمان فعل القلب وركن منه العقل النظري وللاسف في تعاريف المتكلمين او الفلاسفة لا سيما الفلاسفة يركزون في المعرفة وفي التوحيد فقط على بعد شأن العقل النظري الفكري من دون ان يمزجوه ويضموا اليه فعل العقل العملي او قل القلب والروح والحال انه ولما يدخل الايمان في قلوبكم فدور القلب فهنا يبدأ الامام لكونهما مركب من فعلين فعل العقل الفكري وفعل القلب مع العقل الفكري وهو ما يسمى بالعقل النظري والقلب وهو الذي يسمى بالعقل العملي وهو يسمى ضمير ويسمى فطرة ويسمى باسماء عديدة.
فمن اراد الله بهذه الصفة فهو من الموحدين ومن احبه بغير هذه الصفة فالله منه بريء ونحن منهم براء ، فهنا كما يقول امير المؤمنين اول الدين معرفته فعل العقل الفكري وكمال معرفته التصديق به والتصديق فعل القلب وكمال التصديق به توحيده فعل مشترك بين العقل الفكري والقلبي وكمال توحيده الاخلاص له ايضا فعل مشترك او بالدقة اكثر فعل القلب والعقل.
فلاحظ اول الدين نفس الدين كايمان وكاعتقاد ممتزج من فعل العقل الفكري والعقل القلبي وفعل الروح فلان الدين والايمان فعل مركب من العقل الفكري العملي و القلب هنا يبدأ الامام يبين مدارس رياضات القلوب ولذلك قال عليه السلام : فمن اراد الله يعني ايمان واحبه يعني لابد من جانب العقل الفكري بهذه الصفة يعني ايضا عقل فكري فعرف الموحد والتوحيد لم يعرفه بالعقل الفكري فقط وانما اخذ فيه فعل القلب فهي ارادة ومحبة ولم يقتصر على فعل القلب فقط واخذ فيه فعل العقل الفكري فاخذ كلا الفعلين في الايمان بينما انت لاحظ تعريف الفلاسفة في التوحيد او المتكلمين غالبا لا يأتون بكثير تركيز على فعل القلب وكانما مذكور هامشيا تبعيا وهذا غير صحيح .
ثم قال عليه السلام ... وهنا يبدأ في بيان مدارس الرياضات القلبية والمدارس الروحية ثم قال : ان اولي الالباب ولم يقل ان الانبياء والرسل والأوصياء لأنه عليه السلام يتكلم في حجية العقل او حجية الفطرة وليس بصدد ان يتكلم في حجية الوحي وهذه نكتة مهمة في خطوات بيان الامام انها معادلات كلية ، ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة ، والفكرة هو فعل العقل الفكري ، كان اكثر عبادة ابي ذر التفكر في امر الله يعني نفس التفكر عمل لكنه عمل علمي وهي مدرسة من مدارس الرياضات والروح فالتفكر عبادة ولكن عبادة عقلية وليست عبادة بدنية العقل كقوة فكرية يعبد الله والعقل له ركوعا وسجود وخضوع وذكر وتوجه ولكن بنمط يناسب العقل وهو الفكر والعقل العملي العلمي الفكري وعبادة العقل اعظم من عبادة البدن .
ركعتين يصليهما بتفكر خير من سبعين صلاة وهذا يشرحه سيد الانبياء يقول ركعتان تأتي بهما بتفكر التي هي احد انواع التوجه القلبي يا من يطالب بالرياضة بتوجه القلب هذا بيان سيد الرسل التفكر آلية من توجه القلب في الصلاة ولكن التفكر في الله لا في السوق والمعيشة والمادة حديث نبوي عظيم في الصلاة ركعتان يأتي بهما مقتصدتان يعني حتى ما يطول وانما متوسطة بتفكر خير من ان يأتي بكذا كذا . اذن التفكر هو توجه في الصلاة ونفس التفكر هو الية سهلة للتوجه في الصلاة الى الله التفكر في شأن الله فاذا لم يسيطر الانسان على قلبه وهواجيس قلبه يعني في الفكر يستطيع الى حد ما اكثر سيطرته على الفكر والخواطر فاذن هذه مدرسة قلبية وروحية .
ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة وهذا بيان تكويني من الامام الصادق وليس تعبد بيان تكويني لرياضة القلب والروح والفكر ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله يعني ورثوا من العمل بالفكر حب الله فكثرة التفكر في امر الله يورث حب الله يعني يورث حالة تكامل ورياضة قلبية في القلب هذه مساعدة من العقل الفكري للقلب.
هناك مدرسة اخرى سيذكرها الامام وهي معروفة وذكرها اهل البيت عليهم السلام حيث عندهم بيانات كثيرة في المدارس الروحية والرياضات القلبية احد بياناتهم انه من اكثر ذكر شيء احبه انت افترض محبة لله غير موجودة عندك او بشكل ضعيف اذا تكثر الذكر في امر الله وشأن الله والشؤون الالهية لله تلقائيا قهريا تورث المحبة في القلب واكثار ذكر معصوم من المعصومين تلقائيا يوجب محبة خاصة مع ذلك المعصوم .
احد الاعلام الكبار الذي تشرف كرات مرات بشهادة مراجع على وزان السيد ابو الحسن الاصفهاني او السيد البروجردي والسيد الخوئي وامثالهم كثيرون يقرون له بالتشرف فهذا كان يذكر هذه الالية للتشرف وهذا المفتاح ويا له من مفتاح صعب جدا وهو شدة الحب والولاء بصاحب الزمان وسيد الزمان ، ولكن من يستطيع ان يوجد في قلبه شعلة شدة شوق ومحبة بصاحب العصر والزمان ؟ وكثير ممن تشرفوا مثل علي ابن مهزيار وغيره عندما يشتعل القلب حبا حقيقيا لا متصنعا لا محالة يفتح له الباب لانه وصل الى الذروة ولكن من يستطيع يوصل قلبه الى هذه الدرجة? ام على قلوب اقفالها. انتم لاحظوا جذع النخلة وهذا الحديث متواتر تشعلل في حب النبي فجرجر النبي من اعلى منبره الى ان ينزل ويعانقه وهو جذع جامد يابس اشتعل في محبة النبي ففتح الله له قدرة تكوينية انه يسمع صوته ويصير رادود وخطيب في المسجد النبوي وبكى وابكى كل في المجلس وعلى صوته وكلما رفعوا اصواتهم ارتفع صوت بكاء الجذع فاشتد البكاء من الطرفين ، ثم كيف جذب النبي اليه? بحيث عانقه وهذه نفس المعادلة التي يقول بها هذا العالم هو صحيح شعللة القلب بمحبة احد المعصومين يعني ليس فقط صاحب الزمان وانما مثلا بحب النبي تلقائيا الانسان عندما يزور النبي يسمع صوته ويراه ولو تشعلل قلوبنا بمحبة امير المؤمنين تلقائيا لما نزوره نسمع صوته وهذه ليست نبوة ولا امامة ولا نيابة خاصة ولا دجل وانما قانون وناموس تكويني وكذلك حب فاطمة وكذلك حب الحسن والحسين وبقية الائمة الكلام الكلام .
انظر الحب ماذا يصنع حسب كلام الائمة من احب حجرا حشر معه هذا كلام سيد الانبياء انت مع من? فاذا تشتد حبا تشتد تلقائيا و روحيا وتنبني المعية ، وهنا آليتان ومدرستان يذكرهما اهل البيت والنبي والقرآن للرياضات القلبية احدهما التفكر او كثرة الذكر اللساني ، التفكر ذكر عقلي واللسان ذكر بدني ذكر خواطري يورث المحبة .
انظر البيان التكويني الارشادي لا التعبدي والامام ليس يستعمل هنا المولوية هذا بحث عقائدي الامام يبين فيه براهين تكوينية معرفية ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة كما يقول الجواد حفيد الصادق ان قصد الله بالقلوب اسرع من قصد الله بالابدان وهذا البيان من الامام الجواد عبارة عن بيان احد المدارس للرياضات الروحية والقلبية اصلا الامام الجواد جملة من حكمه ليست فقط فكرية عقلية وانما كثير من حكمه قواعد في رياضات القلوب لذلك ركز على القلوب وتعبير الامام الصادق ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة وفي اماكن خاصة يقول النبي موسى الهي اجلك ان اذكرك فيها يعني في بيت الخلاء ولكن الذكر بالفكر ليس منه .
ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة يعني عمل فكري وسجدوا فكريا وركعوا فكريا يعني تسلم الفكرة لله وتمجد بالفكر وتتفكر في جمال افعال الله وجمال الاء الله وهذا نوع ثناء الله عز وجل ، في الروايات ورد ان العبد اذا تذكر بفكرة ونعمة الله يعتبر الله عز وجل ذلك اعظم الشكر واعظم حتى من الشكر اللساني ، قال الامام الجواد عليه السلام القصد الى الله بالقلوب ابلغ من الابدان فهي حركة القلب ومغناطيس القلب ابلغ يعني وصولك الى الغاية اقرب واسد واقصر وارشد من السعي البدني .
ولذلك فسر في بيانات اهل البيت ايضا اني ذاهب الى ربي الذهاب ليس سفر جغرافي وانما ذهب الى ربه يعني يتوجه بقلبه الى الله ، فالذهاب الى الله وزيارة الله هي بالتوجه القلبي الى الله فالتوجه الى الله بالقلب والقلب مسير سير طريق ما شئت فعبر الى الله عز وجل فحتى الامام هنا لم يستشهد باية او بحدث متواتر وانما امور تكوينية عقلية ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة .
هذه قاعدة كما يقول الامام زين العابدين ان الراحل اليك ليس رحلة جغرافية وانما رحلة فكرية وقلبية ، الرحلة القلبية والتوجه القلبي الى الله اثمن عند الله من اتعاب البدن الصلاة ركعتين بتوجه افضل من الف ركعة بلا توجه لان هذه الصلاتين فيها توجه قلبي وفكري وازداد ثمنها والف ركعة بدون توجه خواء في خواء في خواء نعم فيها ثواب ولكن خواء حتى الصوم هو جوع البطن وثواب فيه لكن الصوم الذي فيه توجه قلبي هو الصوم القلبي وهذا موجود في الروايات الصوم القلبي ان لا تعرض عن الله وتمسك عن اللغو والسهو والغفلة عن الله هذا الصوم كما يقول الامام الصادق في رواية في الوسائل اعظم عند الله من صوم البدن ، الصوم عن المحرمات تمسك النفس عن الميول المحرمة اعظم عند الله من صوم البدن وهذي البيانات موجودة في بيان سيد الانبياء ليس الصوم مثلا في البدن وانما الصوم عمدته اعظم شيء فيه امساك النفس والشهوة عن المحرمات نفسانيا يمكن تكون صايما وان كنت بدنيا غير صائم .
القدماء الى القرن السابع بنوا في حقيقة الصوم ونحن تابعناهم في هذا الشيء ان الامساك عن الكبائر دخيل في الصوم وهناك ادلة مستفيضة كما في الاعتكاف الامساك عن الكبائر جزء ماهية الصوم والروايات عديدة في هذا المجال ولكن انا ما اريد ادخل في هذا البحث اجمالا لاحظوا هنا التدقيق بينها الامام الصادق في مدارس روح والرياضات الروحية والقلبية وبقية المعصومين بدءا بسيد الانبياء ثم الاوصياء .
ان اولي الالباب ... متى يكون الانسان عنده لب وليس خواء وفراغ ؟ اذا عمل بالفكرة واللب ، اللهم ارزقني لبا راجحا قاعدة العمل بالفكرة حتى ورث منه حب الله ، فيبدا بالفعل الفكري وينتهي الى الفعل القلبي ، شبيه بما ورد في اداب الزيارة : وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم ، الفكر جناحان متعاضدان في الرياضات العقلية والقلبية والروحية.