الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

45/11/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المنهج العلمي في المكاشفات القلبية والروحية

 

هذي الرواية في كفاية الاثر التي توقفنا في بداياتها كثيرا والغرض من التوقف هو البصيرة العلمية الصناعية بالمنهج الصناعي لكيفية الوقوف على مواد الوحي وكيفية الاستنباط من مواد الوحي في الرياضات القلبية والرياضات الروحية وهذا المبحث اصل المنهج فيه يحتاج لتنقيح وخوض طويل من زاوية صناعية وزاوية فقهية وزاوية كلامية وبالتالي الادلة والقضايا الوحيانية لانه نستطيع ان نقول ان الاعلام قل من خاض في البحث المنهجي في هذا الباب وهذا كما هو في الرياضات القلبية فقه القلوب او الرياضات الروحية كذلك في الاخلاق .

الان مؤسسات عديدة في حوزة قم وكذلك في النجف الاشرف حول نظام الاخلاق في الدين لان الاخلاق لغة بشرية عامة والكل يفهمها فالاخلاق لغة مشتركة فطرية انسانية مع كل الشعوب وكل الملل والنحل واشار الى ذلك امير المؤمنين في عهده لمالك الاشتر في نهاية العهد وتضاعيفه اثناء العهد اشار ان الاخلاق هي عبارة عن معاهدة بشرية مشتركة بين الشعوب والملل والمحل وان بدونها لا تقوم للمجتمعات البشرية الانسانية قائمة ، وهذا هو الذي جلب كوفي عنان ليجعل من عهد امير المؤمنين لمالك الاشتر مصدر للتقنين الدولي وصادقت عليه الامم المتحدة في سنة الفين وهذا الحدث العظيم بحمد الله لا شارك فيه العرب ولاالمسلمون وانما اختص به المسيحيون وانا احمد الله بهذا المعنى ان اولئك عرفوا قيمة تراث امير المؤمنين واما المسلمون العرب وغير العرب ما عرفوا هذا الامر مع ان كوفي عنان ليس بعربي وليس بمسلم سني وليس مسلم شيعي وانما هو مسيحي وزوجته سويسرية وهي التي اشارت على هذا المطلب .

فالنظام الاخلاقي لغة مشتركة يمكن ان يكون الخطاب الديني مع انه ديني لكن ينطلق من لغة مشتركة مع كل الملل والنحل ، اذن الخطاب الديني فيه لغة مشتركة مع الملحدين واللطيف في مبحث الالحاد لعامين في شهر رمضان اربعين جلسة مرت بنا هناك مر التنبيه والتنويه على ان القيم الاخلاقية حتى الملحدين لا يستطيعون ان يتنكروا له وهي في الاصل من الدين ، فاللغة الاخلاقية والقيم الاخلاقية هكذا .

لذلك مر بنا قول سيد الانبياء / بعثت لاتمم مكارم الاخلاق وليس لاسس مكارم الاخلاق ولم يقل لاكمل والفرق بين الاكمال والاتمام مر بنا مرارا الاتمام يعني لا يغير ما سبق وانما يضيف اليه اما الاكمال فيه تحوير وتبديل جوهري ، من ثم هذا السر عظيم في اية الغدير في سورة المائدة ما قال اليوم اتممت لكم دينكم ولو قال اتممت يعني اضيف لما سبق وانما قال اليوم اكملت يعني اليوم ولد ولادة جديدة للدين يعني كأنما من دين اعدادي تهيؤي الى دين حقيقي ، ذاك كان دين صوري ، فالشهادتان بدون الشهادة الثالثة يعني توحيد صوري والان حصل توحيد حقيقي وحصل تصديق بنبوة سيد الانبياء حقيقة والان هو ايمان بجميع ما انزل ، واما اذا اؤمن ببعض ما انزل على النبي ولا اؤمن ببعض اقول يا نبي الله ان ما انزل عليك بما يرتبط بعموم البشر نؤمن به واما ما انزل عليك بما يرتبط بقرباك فلا نؤمن به هل هذا يمكن? فلا يمكن ان نقول نحن عندنا عناد او عندنا حساسية من ذويك ولايمكن ان نرد على الله ورسوله .

فلذلك الاية لم تقل اليوم اتممت لكم دينكم هنا قالت اليوم اكملت يعني ولادة جديدة للدين قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ، بينما في النعمة قال اتممت ورب العزة عالم ، نعم ابواب الدين يمكن ان تنضاف الى بعضها البعض انت ايها الشخص الانساني لو كنت ملحدا لكن التزمت بعفاف الاسلام تحصل للفوائد ، انت ولو كنت مسيحيا لكنك استهواك اخلاق الاسلام او بنود صلة الرحم في الاسلام تحصل على فوائدها لان نعم الابواب تنضاف الى بعضها البعض اما الدين كلا هو تولد جديدا واكمل .

لذلك كما مر الله عز وجل في اية الغدير في سورة المائدة قال اليوم رضيت لكم الاسلام دينا يعني اصلا سابقا ما كان مرضي ولكن كان من باب تدريجية البيان لا انه كنت راضي والان ازداد شرط رضاي اصلا ما كان رضا والان تحقق فالشهادتان لا واقع لهما ولا حقيقة لهما بدون الثالثة وهذا الدليل حاكم على ماهية التشهد في اي باب من ابواب الدين كما يقول السيد بحر العلوم هذا الدليل حاكم على ان حقيقة التشهد بدون الشهادة الثالثة ما كان الله تبارك وتعالى راضي به ولكن من باب التدريج في التعليم .

كما لو قال من البداية انا عندي الخمر محرم لما كانوا يستوعبوه ، هل كان الله عز وجل يرضى بالخمر في بداية الشريعة? ما كان يرضى ولكنه ما بين ، فالخمر مبغوض لله ومحرم في كل الشرائع وهو من الدين وليس من الشرائع ولكن في البداية ما يستوعبون وهذا ليس معناه ان الله يرضى بالخمر ولا يرضى بالزنا ولا يرضى باللواط حاشا لله الفواحش لم يرضي بها الله عز وجل ولكن لم يبينها وانما بينها تدريجيا وكذلك الربا وكثير من اصول المحرمات والفجور من البدء بل قبل بعثة سيد الانبياء الباري لم يكن راضي بها ولذلك نزل جبرائيل عن الله ممجدا لجعفر ابن ابي طالب ومخبرا رسول الله ان الله يحب في جعفر اربع خصال لم يزن قط ولم يسجد لوثن قط ولم يكذب قط ولم يشرب الخمر قط ، فقال يا رسول الله لو ان الله لم ينزل بذلك ما كنت ابوح انظر ، جعفر عصمة خاصة من ثم صار طيار وهذا مقام ملكوتي لجعفر الطيار رزقنا الله زيارته وانا في عمري ما وفقت لزيارته نسال الله ذلك .

فالكلام هذا انه اليوم رضيت يعني الشهادتين الله من الاول ما راضي بها ولكن ما بينه وما ابرزه والان ابرزه والا تحريم سجود الوثن من الاول مبغوضة ولكن بتدريجية البيان حصل وتدريجية البيان امر واما اصل واقعية الهوية هي من الاول فلذلك قيد الله عز وجل بيان عظيم اليوم رضيت لكم الاسلام دينا هذا الاسلام هو مرضي اما النسخ الاخرى من الاسلام الله لم يكن راضي بها ولكن انتم ما تستوعبون بل انتم الان لا تستوعبون وتقولون هؤلاء اقرباء وعصبيات قبيلة وعشائر ، كلا ان الله اصطفى ادم ونوحا وال ابراهيم وال عمران وال يعقوب وال بيوتات الانبياء على العالمين فالامر يختلف وليس مثل بقية البشر هؤلاء بيوتات ذرية بعضها من بعض .

فاليوم رضيت لكم الاسلام اي من قبل ما كان رضا لله عز وجل ، فهل ان الله يأمر بشيء يبغضه? هل التشهد الذي يبغضه الله عز وجل هو الذي يأمر به في الصلاة ؟ هل يتعقل هذا? ولكن كما يقول السيد بحر العلوم هذا دليل حاكم على الامر بالتشهد في اي باب من الابواب سواء في الاذان في الاقامة في تشهد الصلاة في تلقين الميت في اي شيء والله عز وجل يقول ماهية التشهد قائمة بالشهادة الثالثة ، اليوم رضيت لكم الاسلام دينا والا قبل ذلك لم يكن مرضي لي ولكنكم لا تستوعبون ذلك وتتمردون والله يعصمك من الناس لان الناس ما تستجيب .

يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس يعني من نفس المسلمين ويعصمك من الصحابة ان يتمردوا ويعصمك من طلقاء قريش ان يتمردوا ويعصمك من مسلمة الفتح ان يتمردوا فدعهم يستجيبون ولو صوريا ، فاذن هذه الكلمات ماهوية تكوينية عجيبة ، الشهيد مطهري ينقل عن فلاسفة ومتكلمي الشيعة هذه النكات العجيبة انه اكملت غير اتممت وقال اليوم رضيت ولم يقل رضيت اليوم هذا في علم البلاغة مقرر ان الظرف معمول للفعل فيجب ان يتأخر الظرف عن الفعل فهنا لماذا قدم الظرف على الفعل? في علم المعاني او علم البيان وفي علم البلاغة قرر انه هذا دليل على انه قبل ذلك ما كان موجود ، فانا قبل ذلك ما راضي ولكن اليوم حصرا هو حصر بياني وزماني .

السيد عبدالحسين شرف الدين لما سئل كيف انت اطلعت على هذه الحقائق من الايات? قال علم البلاغة يخليك تستيقظ وما تنام لماذا يؤخر? ولماذا يقدم? هذا كله علم المعاني والبيان ويقال انما حصل لي ذلك بتكرار تدريس كتاب المطول تسعة عشر مرة ، فبحوث الدلالة مهمة عقلية بلاغية ادبية كلامية فلسفية فقهية كذلك قول سيد الانبياء وهو سيد الكائنات وسيد الخلق الذي اوتي جوامع الكلم يقول بحديث متواتر او مستفيض بين الفريقين بعثت لاتمم وليس لاكمل ، ولذلك الامام الصادق يسأل عن بعض المكارم الاخلاقية قيم الاخلاقية في الجاهلية او في الشعوب الاخرى قال هذه مكرمة يعني اصل القيم الاخلاقية الشارع لا ينهى عنها وانما هي فطرية ، كذلك الاداب التي هي مكرمة وكذلك الرياضات الروحية عند الله عز وجل لمن لم يسمع دعوة الاسلام لكنه يجاهد نفسه فالله يعطيه من الملكوت وهذا موجود في رواية الفريقين الى ان هذه قضايا فطرية تكوينية .

اذن هذه قضية ما هو المنهج في نظام الاخلاقي ونظام الاداب بحوث ملحة على الطاولة البشرية والدولية والتعارف بين الشعوب والملل والنحل والاديان وهذا منهج مهم في قواعد علم الاخلاق وفي التعايش وفي التعامل البشري فالاشياء المشتركة ما ينفيها الدين فقال النبي اتمم ولم يقل اكمل ، وكذلك الرياضات الروحية والرياضات القلبية ، اذن ليست القضية انها نص خاص ونجمد عليها وانما يجب ان نستكشف المنهج سواء في الرياضات القلبية وفقه القلوب او في الرياضات الروحية او في القضايا الاخلاقية او في الاداب .

طبعا عندما يقال العقل حجة بشرية محدود وعندما يقال الفطرة حجة هي محدودة لا تستغني عن ترشيد الوحي وعن تعليمه واحتياجها لتعليم الوحي لا ينفي اصل حجيتها لكن بدرجة محدودة فهذا وهذا معا تكتمل المسيرة ، وانا اصر على هذا المنهج لان هذا المنهج صراحة في علم الاصول ما بحث بشكل مفصل مع انه في اسس بحثية موجودة لكن حجية العقل مثلا والفطرة في تنبيهات القطع حجية العقل الفكري او العقل العملي او الفطري وسبق ان اشرنا اليه في كتاب الامامة الالهية الجزء الاول نقلا عن كلمات الاعلام لكن المقصود ان المنهجية امر ضروري ترتيب المنهج ونظام المنهج والقواعد في هذه العلوم الاربع علم فقه القلوب والرياضات القلبية والحالات القلبية والمكاشفات بعبارة اخرى المكاشفات القلبية هل صحيحة ام لا? هل صح مطلق? صح نسبي? او اصلا ليست بصحاح ؟ كما ان حجية العقل البشري الفكري المحدود لا تجعل من الانسان معصوم ولكن ليس انه بحجة من رأس هو امر بين امور وهكذا هي المكاشفات القلبية لا تقولوا حجة مطلقة ولا تقولوا لاحجة مطلقة ولا تقولوا لو كانت الحجة بمقدار محدود انه تكسب الانسان العصمة اما اذا لم تكسب الانسان العصمة فهل هي لا ثمرة فيها ؟ كلا وانما بين بين .

اصلا هذا البحث بحث فقه القلوب او الرياضات القلبية يعني بحث المكاشفات القلبية والادراكات القلبية غير الادراكات العقلية الفكرية لغتان وقوتان زود الله عز وجل بهما الانس والجن والملك ، والملك وان كان هو في الملكوت لكن يكشف له عن ملكوت وراء ملكوته وطبعا الادراكات القلبية كما قال ائمة الملكوت اهل البيت عليهم السلام هي انواع الهام معاينة بصرية معاينة مع ادراك سمعي والقرآن يشير بذلك ما مر بنا كلمهم الموتى في سورة الانعام الاية مئة واحدى عشر الاية تقول كلمهم الموتى وليس بهذا البدن ولكن يسمعون ، نزلنا اليهم الملائكة قبلا يعني معاينة بصرية ولكن ليس ببصر هذا البدن ، في القرآن مكاشفة بصرية ومكاشفة سمعية وحشرنا عليهم كل الشيء قبلا ، قبلا يعني معاينة.

فالقرآن تعرض على عدة مكاشفات ويعتبرها حجة ولا يقول القرآن ايها المكاشف ان حصلت لديك هذه المكاشفة فانت نبي وانت وصي وانت معصوم وانت يؤخذ منك الحجية بل يقول حجة عليك والمكاشفة حجة على من حصلت له ولا يعني انه اذا كانت حجة عليه استغنى بها عن مكاشفة سيد الانبياء وعن وحي سيد الانبياء وها هنا زوايا عديدة لا ان يكون حفظت شيئا وغابت عنك اشياء .

فالزوايا عديدة فلا عندك نفي مطلق ولا اثبات مطلق انتم الاسلاميون الم تقولوا ان العقل حجة? يعني العقل الفكري ؟ فهل العقل ملك الملوك ؟ كلا وانما العقل محتاج الى الوحي ولكن ليس معناه انه نشطب عليه مثل بعض الاخباريين .

مر بنا امس في التفسير ان دين الله يخاطب العقول ولا تدركها العقول بمفردها فما قال دين الله لا يخاطب العقول وانما قال لا يصاب بالعقول ولكن لا تدرك العقول بمفردها لكن تدركها بمعونة الوحي ، هذه حالة وسطية في الحجية ومنهج منظومي صعب في زوايا عديدة .

رحمة الله عليه الشيخ محمد رضا المظفر يقول هذا النزاع الفكري بين الاصوليين والاخباريين ازبد لنا تنقيح مباحث لدى الاصوليين والاخباريين لولا هذا الشجار العلمي لما تنقحت لدينا هذه المباحث ، ودائما السجال العلمي يولد عملية تنقيح وتطوير وتنوير للمباحث لان المباحث لها زوايا عديدة والمنهج له زوايا عديدة خطوة خطوة ومعادلة معادلة وحلقات تتصل بعضها البعض .

الشيخ الانصاري في تنبيهات القطع اضاف شروط اخرى لحجية العقل في الرسائل مثلا يأتيك شيوعي ويقول انا قاطع فهل هو معذور? وحتى المتكلمون بحثوا في المستضعف القاصر والمقصر تقصير قصور درجات التقصير والجحود درجات والعناد درجات فهي بحوث عديدة دقيقة .

فاذن منهجية البحث في المكاشفات القلبية او فقه القلوب والرياضات القلبية كلها تحوم حول بحث القلب ولها اسماء عديدة وعندنا ايضا الرياضات الروحية وحالات الروح ، فالروح كالرادار يستلم امواج غيبية كما ان القلب هكذا وهذا لا يجعل الانسان نبي ولا وصي ولا دجال اعور لكن الله عز وجل جعل في الانسان ما يمكن ان يفهم به النبوة ما هو معناه ، صحيح انت عندك رادار خاص ولكن ليس معناه انها نبوة ولا يجعلك نبي ولا امام ولا وصي ولا معصوم ولا تجعل منك حجر صماء انت عندك رادار ورادارات مختلفة وذبذبات تصلك من الغيب ولا تجعلك معصوم ولا تجعلك مستغني عن المعصوم وعن الدين ، هو الانبياء كموسى وغيرهم لا يستغنون عن سيد الانبياء وكذلك الائمة لا يستغنون عن سيد الانبياء وسيد الاوصياء فكيف بغيرهم? ثم هناك اشراف ملكوتي لامير المؤمنين على ملكوت الائمة الاحدى عشر كما ان هناك للنبي اشراف ملكوتي على ملكوت امير المؤمنين وفوق ملكوت كل ملكوت ملكوت ، فكيف بالغير?

فضل من استغنى بالرياضات القلبية والروحية عن الوحي كما انه ضل من استغنى بعقله الفكري عن الوحي كما انه ضل من استغنى بعلم الكلام او المباحث الفقهية وقال حسبنا في الفقه كتاب الله او ان هذا التراث الحديثي لا نريده ونكتفي بالمتواترات فقط من الحديث وفقط بالايات القرآنية ، هذا ضل في ذلك في الفقه في علم الكلام في اي علم من العلوم لابد من الاستمداد من الوحي فالمنهجية مهمة لانها تعصمنا من الانحرافات والسونار يبين لنا اين الانحراف واين الاستقامة وتوقفنا في المنهجية كثيرا لانها مبحث صعب حتى ربما جملة من الاكابر والاجلة الصورة ليست منقحة عندهم بشكل منظومي.