الموضوع: علم رياضة القلوب و علم الكلام في الوحي

كنا في هذا الحديث المبارك عن الامام الصادق الذي رواه الخزاز المعاصر للصدوق وزميله وفيه يشرح الامام المدارس الروحية وليس المدارس الكلامية وليس المدارس الاخلاقية اذن هذا باب تعرض له الوحي في القرآن وفي بيان النبي واهل بيته نظام الرياضة الروحية القلبية غير لغة نظام علم الاخلاق وتغاير لغة نظام الاداب هذه علوم تعرض لها الوحي وليس الدين والوحي مقصور منحصر في لغة علم الكلام فقط او العلم العقلي الفكري فقط بلغة فلسفية ، طبيعة الوحي يتعرض الى كل قوى الانسان كيف تتكامل ومنها قوة القلب والروح لكن كما ذكرنا ليس هناك جهود متراكمة متواصلة ، نعم موجودة هناك جهود للحوزات العلمية مثل ابن ميثم البحراني في شرحه على نهج بلاغة خريت علم المعنى ، كمال الدين ابن ميثم البحراني عند شرح نهج البلاغة اربع مجلدات وعند الشرح مجلد واحد هذا الفحل العلمي رحمة الله عليه معاصر للخاجة نصير الدين الطوسي وللعلامة الحلي وفي زمانه كانت عاصمة الحوزات الشيعية مدينة الحلة واصروا عليه ان ينتقل من البحرين الى عاصمة الحوزة وفعلا انتقل ومعروفة قصته عند قصة مع علماء الحلة وشهد له التاريخ بهذه القصة وهو كان من اهل الكرامات ايضا ويقال انه من اهل طي الارض ايضا .

المهم كلامه في شرح نهج البلاغة اية في البلاغة لكن عارضته الادبية والعقلية والمعنوية عجيبة انصافا راجعوا الكتاب ليس تعصبا ترون هذا الشيء يعني كيف كتابات الخاجة نصير الدين الطوسي في القضايا العقلية فيها دقة وجزالة عقلية هذا ابن ميثم هكذا في علم الرياضات الروحية والمعنوية والقلبية جدا كتابته من جهة الدقة الفكرية والعقلية والقلبية يعني مثلا مبحث العرفان العملي مهيمن عليه بشكل عجيب ويلقط النقاط في بيانات امير المؤمنين والقرآن وبيان سيد الانبياء بشكل مهارة ضارعة .

هذا نموذج في علماء الامامية ربما بينه وبين العلامة الحلي او الخاجة الطوسي تبادل تعليم وتعلم يعني هو في جانب الرياضة الروحية على وفق اصول علمية عقلية وحيانية بارعة جدا جدا فكتابه مليء بالمباحث الروحية والاخلاقية والقلبية .

نموذج اخر من علماء الامامية السيد ابن طاووس عنده كتاب محاسبة النفس من الكتب الاخلاقية التي كانت تدرس قديما في الحوزة في علم الاخلاق طبعا كتب الادعية للسيد ابن الطاووس اقبال الاعمال جمال الاسبوع مصباح الزائر هذه الكتب عظيمة المصباح مليئ بالنكات المتناثرة القلبية في نظام قواعد رياضة القلوب او فقه القلوب ورياضة الارواح نكت ونتف كثيرة عنده في هذا المجال .

وايضا من القرون الاخيرة السيد علي خان المدني من اعلام الامامية عنده شرح كامل طبع اخيرا ربما عشر مجلدات اسمه رياض السالكين هنيئا له قضى عمره في شرح الصحيفة السجادية وكثير من اهل التحقيق في المعقول في القضايا العقلية والقلبية ينقلون من هذا الكتاب روايات عجيبة جدا بل وروايات رواها عن ائمة اهل البيت متميزة نادرة جدا من جهة المضمون عجيبة جدا احوال الملائكة واحوال اهل السماء .

وكذا الديلمي ايضا من علمائنا في القرن الثامن او التاسع ارشاد القلوب كتاب عقائدي وفيه فقه القلوب والاخلاق اعلام الدين او اعلام الدين بصفات المؤمنين ايضا هذا كتاب اخر نحن عهدنا الحوزات العلمية منذ نعود اظفارنا يعني هناك حلقات دروس فيه .

ايضا كتاب مجموعة ورام او تنزيل خواطر وتنبيه خواطر هذا جد سيد ابن طاووس من الام اسمه ورام وهذا الكتاب ايضا في الرياضات الروحية وفقه القلوب ومعتمد في الحوزات العلمية يدرس وكثيرا ما ابن طاووس يستشهد بكلمات جده في هذا الكتاب يعبر عنه بمجموعة ورام .

في سلسلة الشهيد الثاني ايضا عنده كتاب كشف الريبة في حرمة الغيبة لكنه يدخل في مباحث فقه القلوب والرياضات الروحية كما في كتابه الاخر منية المريد هناك جملة من العلماء الاعلام خاضوا لكن الحوزات العلمية خالية من هذا الشيء لكن كتعاقب متسلسل مكثف متراكم كما في علم الفرق وعلم الكلام او علم التفسير او علم الاصول او علم الفقه او علم فقه القلوب او رياضة القلوب والرياضات الروحية ليست كثافة جهود العلماء في الحوزات العلمية ككثافة جهودهم في العلوم الاخرى .

مثلا ذكرنا السيد علي خالد المدني المتوفى الف ومئة وعشرين يعني معاصر للمجلسي صاحب البحار وبالمجلس الاب وهذا كتاب عظيم جدا رياض السالكين وهو قاطن في المدينة المنورة وكتب كتابه هناك والى القرن العاشر والحادي عشر عجت مكة والمدينة المنورة بعلماء الامامية حتى ان الحر العاملي شطر من حياته كان مقيم في مكة المكرمة و ابن حجر الهيتمي لما كتب في المدح الايمة الاثني عشر وهو صوفي كتب كتاب يرد على الرافضة فقال انما كتبت كتابي لان ابين اننا نؤمن بالائمة الاثني عشر لكن نرفض الرافضة وهذا الهيتمي وليس العسقلاني شارح البخاري وفي القرن الحادي عشر فيقول وجدت اكثر مذهب اهل مكة من مذهب الرافضة.

فدققوا في هذه العبارة في اول كتاب الصواعق يقول انما الفته لاني وجدت مثلا الرفض هو الغالب في اهل مكة ذاك الزمان وهذي حقيقة تاريخية مهمة وذكر في هذا الكتاب فضائل الائمة الاثني عشر من طرق العامة فضائلهم الاصطفائية وانهم ائمة الملكوت وان الحجة ابن الحسن العسكري ولد في سامراء سنة مئتين وخمسة وخمسين وكذا .

فالمقصود ان فقه القلوب موجود لكن ليس بتلك الكثافة عند علمائنا ومر بنا ان النبي وامير المؤمنين وبقية المعصومين كان عندهم تلاميذ على نمطين نمط علم الكلام ونمط رواة اسرار المعارف ما يسمى الان بعلم العرفان او المعنى وهناك زيارة لامير المؤمنين زيارة الامام الهادي في الغدير والتي هي زيارة عظيمة جدا وصفحات كثيرة طويلة ويحق ان يزورها الانسان كل يوم ويدرس ويغرف من الزيارة بلغة كلامية وتفسيرية هذا النمط من الزيارات كثيرة واما نمط اخر اذا ندقق فيه من زيارات امير المؤمنين ليس بلغة كلامية مثلا زيارة يوم الميلاد او زيارات اخرى من الزيارات المطلقة كلها فيها مقامات غيبية معرفية كلامية مثل الزيارة التي يرويها ابن المشهدي في القرن السادس يروي عن الشيخ الطوسي بواسطتين او بواسطة واحدة عن الشيخ الطوسي في المزار الكبير جملة من الزيارات التي يرويها لامير المؤمنين سيما في زيارة طويلة جدا عظيمة وطويلة هذي طويلة الذيل لكنها لغة كلامية بل بلغة المعارف عالم الذر وعالم الطينة وعالم الرجعة والملكوت طبعا اصولها القرآنية كلها موجودة حتى في الزيارات التي يعرضها الشيخ عباس القمي في المفاتيح او ضياء الصالحين نصفها كلامي بلغة كلامية وبعضها احتجاجية وتفسيرية ولكن جملة اخرى بلغة اسرار معارف يعني في الوهلة الاولى انت ما تقدر تهضمها تتدبر ما هو معناها.

ففي بيانات القرآن وفي بيانات اهل البيت وفي تلامذة اهل البيت نمطين من التعليم الوحياني نمط لغته كلامية لمن لا يأنس بلغة الملكوت واسرار الملكوت ونمط لمن لا يرغب بالاحتجاج والجدل وكذا اللي هي نمط حكمة ، لمن القى السمع وهو شهيد .

اليوم تدبرت في هذه الاية الكريمة في سورة الانعام الاية مئة و احدى عشر يحتج الله عز وجل ليس بلغة كلامية وانما بلغة مكاشفات وبلغة قلبية ولو اننا نزلنا اليهم وهذا ليس بحث كلام هذه حالات روحية قلبية مكاشفات نزلنا اليهم الملائكة نزلنا اليهم يعني يدركون ويشعرون فرق بين انزلنا عليهم وانزلنا اليهم يعني يشعرون به ولو اننا نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم الموتى وهذا بحث فكري بمكاشفات مع البرزخ القرآن يحتج به هذا غير اللغة الكلامية والعقلية البحتة وكلمهم الموتى ما ربط كلام الموتى بالايمان بالغيب؟ وحشرنا عليهم كل شيء قبلا يعني هم رأوا الملائكة ورأوا اهل الموت والبرزخ فيعني ماذا يعني مخلوقات اخرى غير مرئية? وحشرنا عليهم قبلا يعني رأوهم عيانا هذه المخلوقات العديدة الاخرى الغير المرئية ما كانوا ليؤمنون .

كما انت الان لاحظ في موارد اخرى يقول القرآن الكريم يحتج بلغة قلبية لا كلامية ، اذن مكاشفات البرزخ يعتبره القرآن من ايات الغيب ويحتج بها ولكن المعاندين لا يؤثر فيهم ذلك وايضا من حجج الله عز وجل ليس نبي ولا وصي ولا نائب خاص ولا دجل ولا دجال ولكن حجة الله على من يشاهد وهذه النوع من الاليات التي الله عز وجل يستخدمها لاقامة الحجج حيث هناك حجج قلبية من يسمع الموتى ويشاهد الموتى يكون حجة عليه من قبل الله فلا تقل لي غيب ما موجود وبرزخ ما موجود .

فاذن الموتى يمكن يكلمون ويكون حجة على من يسمع حجة ليس بمعنى ان الموتى انبياء كلا بمعنى ان وجود عالم البرزخ حجة الاخرة كما يروي الشيخ الانصاري رواية عن اهل البيت في المكاسب المحرمة ان مشاهدة العوالم غير المرئية هذه نوع من الحجية لها ، اصل الانسان يدرك حجة ولو في عالم الرؤية انه هناك عوالم اخرى وراء عالم المادة اصل هذا الادراك حجة لله على الانسان بان هناك عوالم غيبية وهناك اخرة وهناك غيب .

فلاحظ في كثير من الايات يحتج بالحياة القلبية للفكرية العقلية كعلم الكلام .

مثلا اية اخرى وانا من سنتين او ثلاث اطرح مجموعة من الايات لا بأس لو تجمع يعني نظام البيانات القرآنية في رياضات القلب ورياضات الروح شيء مهم ولو فتحنا لهم بابا في السماء وظلوا فيه يعرجون لقالوا سكرت ابصارنا بل نحن مسحورون كذالك سورة الحجر الاية الخامس عشر الرابعة عشر ولو فتحنا يعني مكاشفة قلبية ولو فتحنا عليهم بابا من السماء وليس باب من الخيال هذه لغة قلبية وليس عقلية فكرية شبيه ما مر بنا في سورة الانعام ولو فتحنا عليهم بابا الفتح باب روحي يحتج به الله عز وجل هل يصيرون انبياء؟ كلا هل يصيرون رسل ؟ كلا ولا ائمة ولا معصومين لكن حجة من الله عليهم وهذه لغة في القرآن وفي موارد عديدة ولو فتحنا عليهم بابا من السماء وليس من الارض وليس من الخيال والوهم فظلوا فيه يعرجون لقالوا انما سكرت ابصارنا يعني عندهم خلل حتى في الاطمئنان بالادراكات القلبية لقالوا انما سكرت ابصارنا بل نحن مسحورون يعني عندهم خلل في القوى الادراكية يعني حتى الادراكات القلبية عندهم فيها اضطراب ، اذعانهم بادراكات القلبية الوجدانية العيانية فيها خلل يقولون هذا سحر .

فنفس احتجاج القرآن الكريم في قبال كفر الامم بالانبياء انه يقولون اما النبي ساحر او مسحور يعني هذا بحث روحي وليس بحث عقلي فكري فقط بحث روحي بامتياز وبحث قلبي لان السحر مرتبط بالروح والقوى الروحية وبقوة الخيال ولكن ايضا مرتبط بالروح بالدرجة الاولى هذه الايات التي تعالج وتفند وتدحض دعاوى الكافرين بالسحر وفلان هذي منطقة لغة قلب وليست الفكر والعقل .

اذن نلاحظ في الزيارات وفي الايات وفي تلاميذ اهل البيت المعصومين هناك نمطان ، عندنا سلمان وعندنا عبد الله بن عباس ، عبد الله بن عباس لغة كلامية كثير من المعاجز التي قام بها امير المؤمنين من الكوفة الى صفين الى النهروان كان عبدالله بن عباس في وجل منه لان لغة المعارف عنده ضعيفة بخلاف سلمان لغته اخرى فاللغتان موجودة في الوحي والتعليم الوحيانية وهذه اللغة الاخرى يجب الالمام بها والتركيز عليها لانه يحتج القرآن بها ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون وهذا احدى حجج الله عز وجل ولو كلمهم الموتى كيف يكلم الموتى? لا هو نبي ولا وصي ولا ولا ولكن حجة من الله ، وهذي يشير الى حجج ونمط حجج .

بلعم بن باعورة وصل لما وصل مع ذلك القرآن يقول هو ليس بمعصوم قد يهوى قد تسوء عاقبته ولكنه حجة كالذي اعطيناه اياتنا يعني ليست قوة فكرية وانما قضية مقامات قلبية روحية فهذه الايات التي اتاه الله لبلعم ابن باعورا لا تجعل منه لا نبيا ولا وصيا ولا امام ولا نائبا خاصا ولا تدل على حسن عاقبته لكن حجة من الله ، شبيه بقول الله تعالى فبعث الله غرابا الباعث هو الله لقابيل اشقى الاشقياء بعث الله غرابا ليريه كيف يواري سوءة اخيه هذا ليس بحث فكري وانما تنبه فطري قال يا ويلتي اعجزت ان اكون مثل هذا الغراب فاستلم الرسالة ، فبعض الابواب القلبية والروحية والحجج القلبية والروحية يقيمها الله ويفتحها على الانسان من دون ان تدل على ان هذا الانسان حسن العاقبة ولا معصوم ولا امام ولا مصطفى وانما حجة من الله عليه ولغة من لغات الحجج الالهية على البشر وهذه موجودة في القرآن يجب ان نجرد لها قائمة منظومة لكي نعرف كي هو نظام معادلتها.