الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

45/08/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: سلسلة الفرق المنحرفة عن العقيدة المهدوية

مر بنا انه من اسباب الانحراف للفرق الباطنية او المعنوية او ما شابه هو التاويل بالباطل ومر بنا التاويل فيه افراط وتفريط جحد التاويل من اساسه ليس بصحيح والدين قائم على التاويل بالحق بل جل الدين في التاويل بالحق ولكن في حينه هذا لا يصوب التاويل الباطل لا سيما في العقائد ولا سيما في ضروريات الدين واسس الدين .

المنجي العاصم والاستعلام لئلا ينزلق هو اخذ بالقوالب الوحيانية فهو امان من الانزلاق وهذا احد معاني التوقيتية او الدين توقيفي اذا كان في الفروع لا يصاب دين الله بالعقول فكيف يصاب بالعقائد ؟ نعم هناك مساحة بديهية محدودة في العقول البشرية والفطرة والقلوب البشرية لادراك العقائد او ادراك الاخلاق هذا صحيح لكن كل مساحة الحقيقة الاعتقادية او الاخلاقية او الروحية القلبية او الفرعية نعم دين الله لا يصاب بالعقول .

اصل الادلة الواردة في ضرورة الاحتياج الى الدين والى الانبياء والى الرسل والى الاوصياء هذه الادلة والبراهين في المعارف اوكد هي من الفروع ومن ثم وصف الوحي العقائد بالاصول بينما وصف الفروع بالفروع في بيانات عديدة في الايات والروايات .

فاذن خطب المعارف والعقائد في الوحي اعظم اشد وادهى فبالتالي حاجة الانسان اكثر فمعنى توقيفية الدين اذا كانت الصلاة توقيفية ففكيف بالمعارف التي هي اعظم من الصلاة ، وهذا احد معاني مدرسه النص وهو المعني الثالث ان الدين توقيتي وتوقيفي بهداية من الدين والمعنى المراد من التوقيت والتوقيف لا ما يتخيله الحداثويون او الفلاسفة انه سلم امرك للدين عمياء وهذا شرحناه مرارا بما انه ليس معناه التسليم للنص بمعنى العمياوي بل بفهم وعلم نعم اتباع الوحي والنص الوحياني غير موقوف على العلم التفصيلي والفهم التفصيلي بل الدليل الاجمالي يلزم الانسان بالاتباع ، وهذا الالزام لا يغلق لك باب السعي للفهم التفصيلي ، وانما روابط متوازية .

عندما يقول الوحي يعقلون يتفكرون اولي الالباب بالتالي محورية العقل يؤكد عليها القران ففي حين يؤكد القران على العقل والقلب واللب والفهم والفكر والتدبر لكن لا ان تعلق انقيادك وتسليمك للوحي بالفهم التفصيلي ولا عدم تعليق الانقياد والتسليم للدين على العلم التفصيلي يعني غلق باب العلم التفصيلي ، فهل المعادلات صارت واضحة ام لا ؟ لان السعي نحو الفهم التفصيلي مسار على حده والتسليم والانقياد للعلم الاجمالي مسار على حده .

لذلك يقولون الدليل على ان ابن سينا متدين قبل ان يكون فيلسوف انه في كتابه الهيات الشفاء مباحث عقائدية ذكر ان الفلاسفة من اول التاريخ الى الان لم يتنبهوا ولم يقدروا على اثبات عقلي للمعاد الجسماني ، فالدليل تفصيلي ما عندنا يعني لم نقدر عليه لكن لان سيد الانبياء بعثته حق فبهذا نسلم .

فهو يريد ان يقول ان الدليل الفلسفي والدليل التفصيلي اذا لم يتمكن منه الانسان لا يعني انه يسوغ له ان يتمرد على الدين لمن عنده برهان حق اجمالي على ان هذا النبي نبي ومعصوم وامين .

طبعا ابن سينا ليس فقط في هذا الموضع وانما في مواضع عديدة من الالهيات بين ان العلم الوحي اعظم من الفلاسفة من علمهم وعلم البشر ، فالنقطة هذا المطلب انه بعد عندنا مورد ثالث اخر وهذه الموارد لو تطبع ككراس جدا لطيف ودليل على تسليم ابن سينا انه الوحي هو افضل من عقول الفلاسفة من الاولين والاخرين ، وله مقالة ثانية في قضية اللمي والاني مقالة طويلة وموضع ثالث في بداية الشفاء قضية الاحراز والادعية وكذا وكذا والتوسل والاستعاذة يقول من يستهزئ بالتوسل والاستعاذة او الدعاء وكذا هؤلاء متفلسفة وليسوا فلاسفة .

طبعا مع ان الصدوق 100 سنة قبل ابن سينا في كتاب اعتقاداته اشار لبرهان عقلي على المعاد الجسماني لكن عكوف ابن سينا على كتب الفلاسفة دون كتب الروايات غفله عن ذلك بل هذه الغفلة امتدت الى ملا صدرا والى العلامة الطباطبائي الى زماننا مع ان ملا صدرا اكتشف ببرهان عقلي صعب المنال بينما البرهان العقلي الذي يذكره الصدوق على المعادن الجسماني مستكشف من الايات والروايات وبلوره الحر العاملي في كتاب الرجعة .

فالانقطاع عن الوحي يسبب هذه الغفلات العجيبة الغريبة ، فالمقصود ان التسليم للوحي ليس عمياوي وانما تسليم اجمالي فلا يتوقف التسليم والانقياد للوحي على الدليل التفصيلي في حين ان الوحي لا يغلق باب التعليم التفصيلي بشكل مستقل اذن عندما يقال المعارف او الاسماء الالهية توقيفية او المعارف الاعتقادية توقيفية بالنص الوحياني لا يعني غلق باب العقل والتفسير العقلي والفهم وانما يراد ان لا تعلق التسليم والانقياد على ذلك ولكن ذاك الباب يبقى مفتوح .

فالمقصود مر بنا كيف ان النص التنزيلي عاصم منجي سفينة علمية منجية عن انزلاق الفرق المنحرفة كيف هذا في التنزيل كذلك في التاويل لكي لا ينزغ الانسان على الباطل عليه الاعتماد على النص الوحي التاويلي .

طبعا هذا نظام طويل عريض فيكون منجي وله نظام وشرائط .

طبعا ليس كل نص نسب او ادعي الى الوحي يؤخذ به وانما يجب التثبت والتثبت ليس قضية السند وصحة السند وكذا الامر اعظم ففي باب العقائد والمعارف ظنية الطريق لا تفيد بل تمحيصه وكذا كذا اكتشاف خارطة مشجرة في العقائد لابد منها وكيف ان الحديث يفسر بعضه بعضا والقران يفسر بعضه بعضا بهداية العترة والحديث يفسر الايات والايات تفسر الحديث لان الوحي عبارة اخرى عن شبكة مترابطة وهذا اعظم في سلامة التاويل .

هذا التاويل ليس كما بنى عليه متاخري الاعصار او مشهور المتاخرين انه تعبد مجمل هذا معنى جدا خاطئ للتاويل التاويل بالحق والنص الوحياني ليس معنى التعبد غلق الباب التفهم ، هو الله عز وجل يصير ويؤكد ليفهموا ليتفقهوا ليتفقهوا لغة باستعمال القران يعني يتفهموا لا ان يغلق باب الفهم ، العقل دوره متعلم لا انه امعي بغبغاء ربما يقال لماذا العقل متعلم لماذا لا يكون معلم ؟

لان المعلم المفروض هو الوحي كيف يعني الان دكتور يتعلم من بروفيسور فهل هو حلال محلل البشر للبشر ولكن البشر للوحي ليس بمحلل ؟؟

فالبشر طبيعته يحتاج لمعلم لكن دور المتعلم ليس بغبغاء دور المتعلم ينوجد عنده العلم من المعلم نكتة جدا مهمة احد اعظم ادوار سيد الانبياء والائمة ودور الله هوالتعليم يعني يوصل لك العلم ليس هوتعبد مبهم مجمل وانما دليله فيه يعلمهم الكتاب والحكمة ما الفرق بين الكتاب والحكمة ؟

احد ادوار النبي انه معلم الحكمة ، الحكمة في المعارف والسياسة والمنزل وفي الادارة والتدبير ، الحكمة في كل شيء احد ادوار النبي واوصياء النبي تؤخذ منهم العلم والحكمة .

كثير من الكبار نبهوا لكن للاسف ما حصل ، لو تنشر حكم النبي من طرقنا وحكم امير المؤمنين وحكم فاطمة وحكم الحسن والحسين وحكم بقية التسعة المعصومين بلغات مختلفة للعالم هذه الحكم براهين مذهلة فيها .

ذكرت لكم احد التجار له قرابة سببية معنا مقيم في احدى محافظات الصين التجارية هو ربما الان تزوج صينية مسلمة وتشيعت هو ينقل ان مؤسسات ودوائر وكذا في الصين هو حسب نقله ومرات وكرات نقل هذا الشيء يقول يكتبون على تلك المؤسسات في مواضع او الدوائر الحكومية هذا من الحكيم علي وقاله الحكيم علي ، فسالهم من هذا الحكيم ؟ قالوا ليس المهم من قال المهم ما قيل وهو حكمة تثمر لنا نظم اداري ونظم تدبيري وانتاج افضل لانه طبيعة الشعب الصيني يعشق الحكمة في الاخلاق .

فلو تنشر حكم اهل البيت عليهم السلام التي لا يدانيها علوم البشر تنمية انسانية او علوم ادارية او كذا حكم اهل البيت فضيعة في الانبهار العلمي تترجم بلغات العالم ولكن هناك تقصير .

الله عز وجل يقول النبي والال احد وظائفهم نشر الحكمة والحكمة يعني فيما تعني امور حقائق برهانها فيها فاحد ادوار النبي واوصيائه يعلمهم الحكمة ، الحكمة حجيتها فيها ومن يؤت الحكمه فقد اوتي خيرا كثيرا فلما بلغ اشده اتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين .

لاحظ فهنا نفس المؤتى للنبي يوسف او النبي موسى او اي نبي من الانبياء نفس المؤتى حكمة وعلم كيف النبي يعلم بان الذي اوتي وحي ؟ هو الوحي علم والعلم حجية ذاتية ما يحتاج له طريق جبرائيل وميكائيل ، حكمة وعلم والعلم تفسيره العقلي نور بالذات ومنير ، ظاهر بذاته ومظهر لغيره ، الان المصباح حجيته من اين ؟ المصباح حجية كاشف ذاتي في نفسه وكاشف للاخرين .

فاذن احد ادوار الوحي ان يعطيك كاشف ذاتي ويعطيك الحكمة ، لذلك ذكرنا من الكبار ان الادلة من الايات والروايات التي استدل بها على حجية خبر الواحد هي في الاساس في صدد الاكثار من الاخبار لكي تصل الى درجة العلم لا انها في صدد اعتبار اخبار الاحاد .

هذا مفاد تبعي ، لولا نفر يريد ان يقول ايها المسلمون اوجدوا اسباب العلم بتكثر الطرق والاخبار رحم الله من سمع مقالتي فوعاها فنظره فبلغها يعني حث على حفظ الحديث والاخبار به لنسل اخر .

اكثر الادلة التي استدل بها على حجية الخبر الواحد مؤداها الاساسي ليس هو اعتبار الخبر الظني وانما مؤداها هو ايجاد الاسباب التكوينية لنقل المؤدى الى الاجيال بكثرة يعني هي في صدد الحث على تحصيل اسباب العلم لا الظن وذلك من تراكم الظن ونتشبث بالمؤدى التبعي لتلك الادلة وهذا خطا .

فاذا مقام ويعلمهم الكتاب لما الله عز وجل يصف لقمان انه نبي ولا وصي ولا امام ولا رسول مع انه يشيد القران الكريم بلقمان ؟ لان الحكم التي يدلي بها لقمان هي في ذاتها علم وبرهان فالكلام فيما قيل ليس من قال .

موارد عن سيد الانبياء ان سلمان حكمته اعظم من لقمان ، اذا كان الوحي اشاد بلقمان فكيف بسلمان ؟

مثلا في قصة يوسف وشهد شاهد من اهلها فالصبي كيف يكون شاهد وكيف يسميه القران شاهد هل نطقه اعجاز في تقوية شهادته ؟ كلا وانما الدليل الذي ذكره ان كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين .

فبين برهان هو يصير شاهد لاان هذا الصغير شاهد ، فالتدبر هو في المتن هذا الصغير لا هو عادل ولا غير عادل اصلا هو خالي عن الشان الكذا ، القران يقول فشهد شاهد وبعث الله غرابا هل الغراب نبي رسول امام ؟ ليريه كيف يواري سوءة اخيه هذا حكمة ، قال يا ويلتي فهو استلم الرسالة لما قيل اعجزت ان اكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة اخي ، فالغراب كان دوره التنبيه والتعليم .

فلاحظ اذن قضية المؤدى والمتن وهلم جرا .

فاذن قضية النص بالتاويل الحقي الوحياني علمه فيه لا التاويل الذي بنى عليه علماء الامامية كثير منهم انه تعبد مجمل لا ليس المراد هذا ولكن التاويل لا نستطيع ان نعلمه ولا نقدر ان نعلمه لولا علمنا المعلم الالهي الوحيي .

شبيه الان الانسان يريد ان يعرف تراث البشر في الفيزياء بدون معلم وبدون كتب هل يستطيع ان يقف ويطلع على كل ما قامت به البشرية من جهود في علم الفيزياء ؟ هل يمكن ؟ لا يمكن ذلك لعقل البشر ، ما كان لبشر ليهتدي لجهود الفيزياء لولا ان تعلمها من معلم بشري ومن كتب خازنة بجهود تجارب البشر في الفيزياء وكذلك بقية العلوم وهكذا في الوحي .

فالتعلم ليس عمياوية المتعلم وليست بغبغائية المتعلم وليس امعية المتعلم وانما تفهم المتعلم لكن هذا المتعلم عندما يتفهم وعندما يسير الحصول على العلم التفصيلي لا يعلق متابعته لمعلمه على فهم مسار العلم التفصيلي مسار التفصيلي ومتابعته لمعلمه مسار اجمالي اخر .

لماذا ذهب هذا التلميذ الى المدرسة والا ما يفهم تفصيلا المادة العلمية عند المعلم لانه ما يتوقف للعلم الاجمالي لدى المتعلم التلميذ الطالب المدرسي بان هذا المعلم كفوء فيسلم امره له وما يسلم امره له بمعنى ان يغلق باب فهمه التفصيل يظل يراقب ويرصد المعلم في فهمه التفصيلي في حين انه لا يوقف متابعته وتسليمه للمعلم على الفهم التفصيلي لانه عنده دليل اجمالي على ان هذا المعلم من نفس هذا الطالب فهو طريق عقلي عقلائي .

كذلك الحال في الوحي كذلك الحال في التقليد في القضايا الشرعية .

فالبحث في قضية التاويل بالحق طويل ومحطات اخرى ضرورية نثيرها ان شاء الله لانه ان لم يضبط يسبب كثيرا من الانحراف والانزلاق.