الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

45/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عروج الروح او هويها

مر بنا انه في شرح زيارة امين الله البنود المتعددة والمعادلات المتكثرة تشير الى تنوع وتعدد انواع فيوضات الله:

جوائز موفرة عوائد متواترة فوائد مناهل ارزاق وفي دعاء الصباح موجود هذا التعبير وهناك بنود موجودة في دعاء الصباح متطابقة مع زيارة امين الله وهذا يسمونه منهج التشاهد بين الاحاديث فالحديث يصدق بعضه بعضا هذا منهج مهم اهم من الطرق والاسانيد من دون ان نخفي مباحث الاسانيد والطرق هذا صحيح ولكن تشاهد الحديث بعضه البعض مثل الحديث يفسر بعضه بعض بل هذا منهج كما هو تفسير القرآن بالقرآن

ورد في دعاء الصباح ترده ظمآنا ورد الى حياضك شاربا وبابك مفتوح للطلب والوغول ...

وغلى يغلو كما قول سيد الانبياء يا علي هذا الدين متين فاوغل فيه برفق الغول حركة فهل المقصود هنا حركة مكانية? جغرافية ؟ او حركة النفس ومنازل النفس ورياضات النفس ؟ الرياضات العبادية او الرياضات الشرعية او الرياضات الموجودة في ابواب الشريعة ؟

يا علي هذا الدين متين معنى الصراط هو هذا? انه هل نحن نتحرك الان جغرافيا في الارض? وما نتحرك لكن انفسنا حالة سير وحركة وفي مقامات تسمى صراط اذن هذه منازل ومقامات النفس ، العقبات على الصراط يوم القيامة خمسين عقبة يعني خمسين منزل هذه تسير فيها النفس منزل الرحم منزل الصلاة منزل الحج كلها منازل فيسميها النبي حركة ووغول اصلا نفس معنى الصراط منكم من يمر على الصراط يمر يعني حركة ان منكم الا واردها حتى القرآن يقول بئس الورد المورود حسنت مستقرا

فنحن وان كنا جغرافيا واقفون في موقع جغرافي ارضي لكن انفسيا دوما نحن في حالة حركة كما يقول امير المؤمنين ان انفاس الانسان خطاه الى الموت والاجل يعني كل نفس نتنفسه في حركة الى البرزخ شئنا ام ابينا

و ورد في الروايات انه لا زال الانسان يحسب له بالسنين ثم بالاشهر ثم بالاسابيع ثم بالايام ثم بالساعات ثم بالانفس مثلا قدر لانسان ما كم مليار من النفس والعداد يجري ، فهي في حالة حركة لا انه شيء ثابت ولكن العداد يتحرك هذه قضية الحركة في بيانات القرآن والائمة متواترة معنويا بالفاظ عديدة

كلا وحياضك مترعة في ظنك المحول المحول يعني القحط وبابك مفتوح للطلب والوغول هناك ابواب ليست ابواب جسمانية مثل لا تفتح لهم ابواب السماء فهناك ابواب موجودة الصلاة معراج المؤمن اي شيء من المؤمن يعرج? ليس بدنه وانما روحه واذا لم تفتح لهم ابواب السماء لا يستطيعون العروج بارواحهم

في جملة من بياناتهم عليهم السلام ان روح المؤمن يعرج بها يعني بالمنام او غيره يعرج بها الى عوالم نورية تتزود فترجع اما الذين لا تفتح لهم ابواب السماء والارض لا يتزودون من ذلك النور فلا يعرج بهم كي يتزودوا يعرج به افرض في السماء الرابعة او الثالثة فيرجعون حسب اعمالهم ومع ذلك لا يعرج بهم الى العرش فلا يتزودون من النور بخلاف ارواح المؤمنين

والعكس موجود ارواح الاشقياء يهبط بها الى سجين تتزود ظلمانية كثيرا ما هؤلاء الذين هم في حالة السوء او الشقاء عندما ينامون يشتد بهم الارق او الحزن او الكبت او الظلم والضيق في منامهم اكثر من يقظتهم

فاذن في سورة الاعراف الذين كذبوا باياتنا لا تفتح لهم ابواب السماء ، ليس فقط لرقي عقائدهم واعمالهم اليه يصعد الكلم الطيب بل نفس الروح تصعد لو كانت مؤمنة واذا لم تكن مؤمنة لا تفتح لهم ابواب السماء

هنا في زيارة امين لله لاحظ نفس البنود التي ذكرت في دعاء الصباح لامير المؤمنين نفسه موجودة هنا يقول ابواب مفتحة السبل الشارعة فاذن دوما روح البشر سواء مؤمن او غير مؤمن دوما في حالة عروج او هبوط

الصدوق لانه متقيد بقوالب النصوص العقائدية والتي هي مستفيضة ان لم تكن متواترة يعبر الارواح اما صاعدة او هاوية تهوي كتاب اعتقادات الصدوق كتاب عظيم ليس من جهة الصدوق لانه هذا الكتاب عدا مسألة سهو النبي وانساق الصدوق ولم يميز بين ما هو تقية وما ليس بتقية والبصيرة في قضية التقية شيء مهم

من اعضل المعضلات عند العلماء الباحثين المجتهدين الفقهاء المتكلمين المفسرين تمييز ما هو تقية عما هو ليس بتقية في كلامهم عليهم السلام كلامنا في التقية في البيان لان التقية تنقسم الى اقسام التقية في العمل التقية في كذا التقية في البيان يعني ملفلف

احد التفسيرات وجود الايات المتشابهة في القرآن يعني الكلام الذي فيه غموض ونوع من الخفاء يعني يبين الله عز وجل باخفاء ملفلف يعني سواء تسميه التقية او تسميه شيء اخر يعني حتى الله تعالى كتم الاسرار عن غير اهلها فجعله متشابه

هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ...

فحتى القرآن فيه متشابه اذن الفقيه او المتكلم او المفسر او عالم الاخلاق لم يميز المتشابه عن المحكم يظل الطريق ويفتتن ويفتن غيره

لذلك لا يعترض على احاديث اهل البيت لماذا فيها تقية ? هو القرآن فيه مواربة وفيه تكتم لانه من ليس باهل فمن الظلم للحكمة ان تعطيها غير اهلها لكي يساء الاستفادة منها

اذن التقية في البيان حتى في القرآن موجودة كما هي موجودة في احاديث اهل البيت لذلك على الفقيه ان يميز او العالم او المتكلم او المفسر ان يميز بين ما هو تقية يعني بمواربة فيه وبين ما هو غير تقية

ومن ثم ان لم يكن العالم المجتهد الفقيه حاذقا في التمييز بين ما هو تقية عن غير التقية تضيع عليه الامور

كذلك الحال في كلمات العلماء وفتاوى علماء الامامية رضوان الله عليهم ايضا في فتاواهم تقية في البيان ولكن هذه التقية ان لم يميزها اجيال فقهاء اللاحقين سيظنون ان فتاواهم تلك يعني المراد فيها ظاهرها والحال ان التقية ليس كذلك انما المراد من التقية هو مراد مخفي

فالصدوق لم يميز هنا بين التقية للائمة في سهو النبي وبيان غير الائمة كذلك العلماء الصدوق عنده كلمات في التقية وكذلك الشيخ الصدوق عنده فتاوى في التقية من بعد الصدوق وبعد الشيخ الطوسي من الاعلام الكبار اخذوا هذه الفتاوى على محمل الجد واعتبروها هي المراد الجدي والحال هي صدرت تقية وقرائن شديدة موجودة

مثل كلام الصدوق حول الشهادة الثالثة بالاذان هناك عشرة قرائن دامغة على انها تقية من اتى بعد الصدوق بنى على ان هذه جدية فصار فيه تشبيه على الحقيقة وهناك قرائن دامغة على ان فتاوى الشيخ الطوسي في الشهادة الثالثة في المبسوط والنهاية تقية وقفنا على قرائن قطعية يقينية انها تقية ولكن من اتى بعد الطوسي والصدوق بنى على انها جدية لانه بين موقف السيد المرتضى وموقف الشيخ الطوسي لان السيد المرتضى استاذ الشيخ الطوسي موقفهم مائة وثمانين درجة عكسه كيف يصير تناقض? كيف يدعي الشيخ الطوسي انه لم يعمل بها والحال ان استاذه زعيم الطائفة عمل بها

فهناك قرائن شديدة كثيرة على انها تقية فعدم التمييز في كلمات العلماء وبياناتهم وفتاواهم بين ما هو تقية في البيان وبين ما هو جدية له افات لا تنتهي يعني اذا كانت ضرورة المذهب بشكل وهو يفتي بشكل ولو تقية فواضح ان هذا الكلام تقية فهو يأتي يخالف الضرورة

فالمقصود ان البيان الذي فيه التقية سواء في القرآن وهو المتشابه او في بيانات اهل البيت او العلماء عدم يقظة لدى الباحث من المجتهدين والفقهاء اللاحقين وحمله على كونه تقية يسبب الخروج والابتعاد عن الجادة المستقيمة ولديها تداعيات خطيرة جدا

ولذلك كثير من العلماء والفقهاء في القرون المختلفة من اهم الخطوات في الاستنباط لاي عالم في اي علم من علوم الدين ان يلتفت الى ان الرواية هل هي تقية او غير تقية? وهذه نقطة مهمة وكذلك في العلماء والقرآن كذلك اما ان تحمله كله على محمل الجد وان الظاهر هو المراد سوف تظل الطريق وتظل غيرك

هذه قاعدة يجب الالتفات اليها قاعدة في منهج الاستنباط التقية في بيانات القرآن والتقية في بيانات حديث النبي او حديث المعصومين والتقية في فتاوى وكلمات ومواقف العلماء اذا اخذنا على ظاهره سيستلزم تداعيات خطيرة كما قاله القرآن فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه يعني ظاهر المتشابه لا تأخذه ارجعه الى الضروريات المحكمات

هل يسوغ لي ان ارفع اليد عن الضروريات وآخذ بظاهر اية مشابهة او رواية متشابهة انها تقية او من فتاوى العلماء اللي هي متشابهة واترك ضروريات من ضروريات الدين والعقائد ؟ ما يمكن

فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله يعني يفتن غيره فيصير زيغ وفتنوي يصير المنهج فتنوي او المنهج زيغ وهذه نكتة جدا جدا مهمة في كلمات القرآن وكلمات الاحاديث المعصومين وفي فتاوى الفقهاء هذه جملة معترضة فائدة لكن جدا مهمة

نرجع لكتاب اعتقادات الصدوق كتاب قيم في العقائد وكان يدرس في الحوزات العلمية لقرون ولذلك علق عليه الشيخ المفيد وان كان شرح انتقاداتي وكذا لما انه كتاب مهم والمجلسي في البحار شرحه كله ولكن بشكل متناثر ولو يقوم احد الاخوة بجمعه فشيء مهم وهذا عمل جهد علمي مشكور يقام به في رسائل دكتوراة او رسائل اخرى ان يجمع شروح المجلسي وغيره في البحار وغير البحار على كتاب اعتقادات الصدوق يصير منهج دراسي ممتاز لان كتاب اعتقادات الصدوق ليس كلام بشر وكلمات رواة وانما هو عبارة عن قوالب من المعصومين ببيان عقلي ليس ببيان الرواة ومع احترامنا للرواة والرواة اعظم بهم هم حفظوا المذهب لكن الوحي اعظم من الرواة فكل قوالبه مستفيضة عدا سهو النبي هذا زلة عن الصدوق باتفاق علماء الامامية انه غفلة

فالصدوق في كتابه الاعتقادات اتى بقاعدة يعني ان الارواح اما صاعدة عارجة عروج في تكاملها حتى في دار الدنيا او في حالة هوي وهناك حديث بين الفريقين عن سيد الانبياء يبين هذه الحقيقة ان سيد الانبياء كان يخطب في مسجده الشريف وسنجد يوما ما يرجع النبي الى هذه الدنيا ويخطب على منبره لانه النبي موعود ان الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد يعني النبي له رجعة وعندما يرجع وتنعم البشرية بالنظر اليه ويكون ظهور صاحب العصر والزمان ممهد لرجعة جده المصطفى

فعندما يرجع في اثناء خطبة سيد الانبياء انظروا الغيب كيف يتجلى ببركات سيد الانبياء الجذع يبكي المتواتر يعني اثناء خطب النبي الغيب ينجذب لسيد الانبياء فسيد الانبياء مغناطيس اعظم في عالم المخلوقات فمرة كان يخطب سيد الانبياء ففجأة شافوا الزلزلة ورجفة شديدة والسماء كانما صخرة ضخمة وقعت على الارض ففزع اهل المسجد فقال النبي انه احد رؤوس المنافقين وكان ثمانين سنة كالصخرة التي تهوي في جهنم وصل الان الى قعر جهنم يعني هذا من ان بدء ان كان قلم التكليف عليه كان في حالة هوي ليس عروج وصعود

وكما في الخطبة الشعبانية لسيد الانبياء ان البعض يتعلق باغصان الزقوم وهو هوي وبعضهم يتعلق باغصان شجرة طوبى وهي عروج يتصاعد اذن هذا امر في بيانات الوحي ان روح الانسان وهو في دار الدنيا اما في حالة عروج كما يقول الصدوق او في حالة هوي وهذا امر مبده

فترى ان بدنه مستقر على الارض لكن روحه في حالة هوي فهذا بند المعادلة الموجودة في زيارة امين الله في دعاء الصباح انظر تشاهد الحديث مع بعضه البعض منهج او ان الحديث يفسر بعضه بعضا كما ان القرآن يفسر بعضه بعضا وهذا منهج اعظم من الطرق والاسانيد نوع من الفذلكة الصناعية العلمية تواتر صناعي ليس تواتر لفظي او معنوي وانما تواتر استنباطي يعتمد على الفطنة الاجتهادية لا يدركه الا المجتهد ولا يدركه الرواة ان لم يكنوا مجتهدين وهذا باب واسع.