الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

45/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التوحيد والتأليه في القلب مغاير للعقل شاكله

 

لا زلنا بمناسبة فقه القلوب في رواية الكافي للامام الرضا في شرح زيارة امين الله ولعل صار اسبوعين اكثر باعتبار ان زيارة امين الله كلها دورة في فقه القلوب او دورة في وظائف القلب بلحاظ فريضة الايمان ، فالايمان فريضة لا تقتصر على العقل الفكري ولا على اللسان بل كذلك الايمان فريضة مفترضة لا يتحقق الا اذا قام القلب بتلك الفريضة ففريضة كما بين النبي واهل بيته موزعة بين العقل والقلب والبدن او اللسان فلابد للقلب ان يقوم بدوره وبوظيفته فهذه لغة و وظيفة ايمانية يقوم بها القلب

فهنا في الفقرة الثانية او الاخيرة من الزيارة الشريفة والتي هي مبسوطة مر بنا اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة تأليه العقل لشيء لمعنى معين طابع معين اما له معنى يعني له طابع اخر ولكنه تأليه فعندنا تأليه القلب وهناك تأليه العقل تأليه العقل يقول هي الذات الواجبة الوجود الازلية الكذا هذا تأليه اما تأليه القلب يعني ماذا يعني تجعل نهاية مأمولك شيء معين? اما اذا تجعل نهاية مأمولك غير الذات الالهية كالشفاعة والوسيلة فالشفيع ليس نهاية المأمول و غاية المسؤول

الاشكال ليس في كونه شفيع مسؤول او الوسيلة مسؤولة يتساءل كما يقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد تسأل النبي تسأل اوصياء النبي تسأل اهل النبي او بقية الائمة دونه تسألهم حاجتك لا مانع لانه لماذا تسألهم انت ليس قصدك انه غاية المسؤول? يعني سلسلة مسؤول يسأل من مسئول اعلى من ثم الى ان يصل لغاية المسئول فالوسيلة مسئولة والشفيع مسئول ولكنه ليس غاية المسؤول غاية المسئول الالوهية

فالالوهية في القلب اذا جعلت الشيء غاية المسؤول ويقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء ولو سألت انت عامي من عوام المؤمنين عندما تسأله ما مقصودك انه مستقل في القيام بقضاء الحاجة كلا وانما هو يستمد ويسأل تكوينا او اعتبارا يستأذن من الله عز وجل

ففرق بين المسؤول وبين غاية المسؤول غاية المسؤول هي الوهية نفس كون الشيء ، والشخص مسؤول ليس فيه اشكال والا ما الفرق بين ميت وحي ، تقول يا طبيب عالجني وبين ميت لا فرق

فغاية المسؤول يكون الوهية لا اصل كون شيء مسؤول والا الشفيع مسؤول ولكن ليست الوهية ومر بنا ان في الايات الكريمة تعداد كثير على انه الصحيح الجمع بينهما وما تكفي ان تسال من الله ، اوليس الله بكاف عبده? طبعا بالنسبة الى الله هو الغني العلي لا يحتاج الى شفيع ولا الى وسيلة اما انتم ايها البشر ابتغوا الى الله الوسيلة فالحاجة في المخلوق كم من الملائكة تستشفع بالنبي وباهل بيته فالمخلوق يحتاج الى الشفيع ويحتاج الى الوسيلة المخلوق يجب ان يجمع الله

اليس الله بكاف عبده هذا صحيح الا انه قريب صفة لله لكن ليس المخلوق قريب ولا نخلط بين صفات الله وصفات المخلوق فالألوهية ليست في اصل السؤال كما يذكر ذلك الشيخ جعفر كاشف الغطاء في رده على الوهابية وعلى العرفاء الذين يتأثرون بهذه الشبهة الابليسية او الفلاسفة في كتاب منهج الرشاد لمن اراد السداد فان هذا لا يدل على الالوهية اذا جعلت المسؤول غاية المسؤول يصير الوهية ونتج عن غاية المسؤول هذا توجه قلبي

ولذلك يذكر الشيخ جعفر رحمة الله عليه في هذا الكتاب يقول لو سألت واحد من عوام الشيعة انه انت تسأل سيد الانبياء او سيد الاوصياء بما انه مقرب الى الله يعني ليس غاية المسؤول فحتى لو تقتصر

اذن غاية المسؤول الالوهية وليست هنا مسؤولية تسأله حاجتك هذا فاذن غاية المسؤول الالوهية وليس كونه مسئول تسأل حاجتك هذا عادي فتتأمل من النبي وتتأمل من وصي النبي هذا لا مانع اذا جعلت نهاية المأمول الالوهية والمأمول لرجعت فورد في دعاء الصباح وانت غاية المسؤول ونهاية المأمول ففرق بين المسؤول وغاية المسؤول وهذه هي المعاني العقلية في دعاء الصباح الدقية

فهذا نفس عنوان غاية المسؤول او غاية السؤول هذا عنوان عقلي توحيدي يعلمنا ايانا الوحي ان هناك فرق بين الشفيع والشريك الشفيع ليس غاية المسؤول وليس نهاية المأمول ومن ثم يقول الوحي في بيانات اهل البيت عليهم السلام حيث ان سجود الملائكة لادم بداعي وراء ذلك والداعي وراء ذلك هو الخضوع لامر الله فصار هذا السجود لادم والخضوع لادم هذا الخضوع ليس شركا وانما سبيلا الى الله ومنطلقا من امر الله فحتى السجود كذلك

هناك مبحث لطيف لدى الشيخ جعفر كاشف الغطاء وهذا الكتاب ضروري ان يكون من مقررات المناهج الدراسية حيث قبل ثمانين سنة في النجف صار هناك نزاع بين عمالقة من المجتهدين في العرفان بين فريقين منهم طرف التوحيديون والطرف ولائيون واصل الشبهة هي نفس الشبهة الابليسية ان الوسيلة والوسيط كيف يكون? المهم المقصود البحث ليس مبحث سهل لا عقليا سهل ولا فلسفيا سهل ولا عرفانيا سهل ولا تفسيريا سهل ولا كلاميا من اي زاوية من الزوايا هذا البحث فيه ابهام وفيه غموض قد يلتبس وتلتبس الشبهة الابليسية على كثيرين

ووجدنا اعلام رحمة الله عليهم وليس يشكك احد في ولائهم لكن هذه الشبهة الابليسية عجيبة انه هل يجوز قول يا محمد يا علي اكفياني فانكما كافيان وانصراني فانكما ناصران هذه اعوذ بالله مثل حلحلة دي المسألة مهم فالشيخ جعفر كاشف الغطاء ابن بجدتها حلحل هذه المسألة بشكل بديع جدا بلغة عرفانية بلغة كلامية وفلسفية وفقهية وتفسيرية وفعلا ما ينضب

يعني اذا انسان هو في البحث الخارج مع قوة دراسة في المقدمات والسطوح ما يهضمون كمنهج تدريسي بمصاف الكفاية يعني يلا يقدر يهضم يعني ليس من مقدمات او للسطوح وانما في نهاية الكفاية بالكاد يمكن ان يفهم على اية حال هذا الكتاب منهج الرشاد لمن اراد السداد يذكر الشيخ المجلسي صاحب البحار يذكر هذه النكتة اخيرا وقفت هذا المقطع موجود عند المجلسي ولكن اخذ الشيخ جعفر شرحه بشكل عقلي مبسوط فقهي اكثر من المجلسي صاحب البحار يقول هكذا انه لو افترضنا ان الشارع والباري نهى عن السجود لادم او السجود للمعصوم نعم نهى نهيا باتا شرعيا عن سجود الانبياء والرسل او الصيام لكن كان من نية الساجد السجود لهذا النبي او الوصي بما هو نبي يعني الوازع له التعظيم البحت الشيخ جعفر بضرس قاطع يقول هذا ليس شرك وانما معصية لانه نهي عنه لكن ليس الشرك بل هو مر التوحيد ولو كان منهيا عنه

الحائض منهي عنها الصلاة ولو اتت الحائض بالصلاة عبدت الله لكنها معصية ما يريدها الله ان تعبده بهذه الطريقة وانما يريد الله ان تعبده مثلا بان تتوضأ وكذا وتذكر اذكار بقدر الصلاة بدون ان تصلي فالصلاة هي لله وليست لغير الله ، فالنهي يخلق الحرمة والمعصية شيء وكون هذا توحيد او شرك هذا شيء اخر

هذا بحث عقلي عظيم فيقول تعظيم الانبياء وتعظيم الرسل بالسجود وبتقبيل الرجلين باي شيء اخر هذا تارة ننهى عنه وتارة نؤمر به مثل الملائكة امرت به لادم هذا انما يحدد الطاعة والمعصية لكن لا يحدد الشرك والتوحيد فهما ناموس ميزان قائم بغاية المأمول ونهاية المسؤول او غاية المسؤول ونهاية المأمول

هذه من البحوث الجوهرة التي يذكرها الشيخ جعفر كاشف الغطاء طبعا ذكرت لكم ان العلامة الطباطبائي رحمة الله عليه في موضع من تفسيره في نهاية سورة الشورى ذيل هذه الاية ما كان الله ليكلم بشرا الا من وراء حجاب ملحمة عقلية تطابق كلام الشيخ جعفر كاشف الغطاء هنا ضرورة الوسيلة

فالمقصود ارجع الى هذا مطلب اذا طبعا نحن في اداب الزيارة كل الزيارات الواردة من باب اداب الزيارة ان تسجد لله على قبر المعصوم سجود لله اللهم من يتضرع اليك واسجد اليك على تراب واتقرب اليك واتوسل بتراب قبر وليك هذه من البنود المستفيضة المتواترة فليس السجود هو هو للمعصوم السجود لله

ولكن الشيخ جعفر كاشف الغطاء يقول لو افترضنا انه كان منهيا عنه فالسجود الى الله هذا ليس شرك وانما هو مر التوحيد هذه جدا نكتة عقلية دقيقة كلامية فقهية معنوية يذكرها الشيخ جعفر ذكرت لكم هذا الكتاب كل صفحة منه مليء بالقواعد العقائدية الفقهية المعنوية يعني قد العبارة سهلة سلسة لكن المطالب ثقيل جدا

اختلف فيها كبار الاعلام في هذا المطلب حتى السيد اليزدي في العروة تمشكل في حلحلة هذه المسألة ومحشي العروة الذي حلحلها وعالجها الشيخ جعفر كاشف الغطاء لتعلموا انه كيف عنده قدرة علمية جيدة

المهم نرجع الى هذا المطلب اذن طبيعة التأليه او الشرك في القلب يختلف عن الشرك والتوحيد في العقل والفكر يختلف عنه في القلب

مثلا الله عز وجل في الادعية مذكورة من اوصافه التوحيدية لغة القلب ان الله هو منتهى الرجاء يعني يمكن ترجو غير الله لكن ترجو لغير الله يعني سبيل الى الله وهذا لا مانع هذا عين التوحيد ومر بنا مرارا العرفاء والوهابية وبعض الصوفية وابليس يختلط عندهم الامر بين دون الله وسبيل الله وبين غير الله والسبيل الى الله السبيل الى الله مخلوق لكن ليس غير الله وليس دون الله هذا الاصطلاح عنوان دون الله وغير الله في الوحي يراد به ما يقابل السبيل الى الله وما يقابل الطريق الى الله وما يقابل وجه الله وهذه النكات دائما تلتبس ، فمن دون الله هذي مغالطة عقلية تقع فيها الكبار فضلا عن غيرهم

فالتدقيق العقلي مهم ، اصلا الوسيلة عين معنى التوحيد فيها يعني الطريق الى ما ورائها المهم فهذا مبحث مهم لاحظ ما هو معنى التأليه القلبي? يختلف عن التأليه العقلي الفكري اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة هنا تأليه القلوب وليس في العقل الفكري والهة

ادعية اهل البيت عليهم السلام غالبا فيها معالجات لافعال القلب تجاه التوحيد ولكنه تقرأ بهذه القراءة

وسبل الراغبين اليك شارعة مر بنا انه و الراحل اليك قريب المسافة نفس التوجه الى الله بالقلب طبعا ما الفرق بين التوجه بالقلب وتارة التوجه بالفكر ، التوجه في الصلاة تارة بالفكر واخرى بالقلب وتارة بهما معا وهو الاكمل

الفكر يستقبل ام البدن يستقبل فقط ؟ لم يرد عندنا انه قبلة الفكر الكعبة ، الكعبة ليست قبلة فكرية الكعبة قبلة بدنية جغرافية اما قبلة الفكر من? قبلة العقل من? قبلة القلب من؟ فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم في العبادة

﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرت﴾[1]

وهناك غاية اخرى هاي عبادية يعني قلبية وقبلة استقبله بقلبك غايات النيات تجعل قلبك رادار القلب يستقبل هذه الغايات فاذن لدينا قبلة بدنية وهي الكعبة اما القبلة القلبية يتخذ ما ينفق قربات عند الله اولا غاية نهاية وهناك شفاعة النبي وصلوات الرسول الشفاعة يعني الطريق وسيلة هذه الاية نص ان في العبادات غاية الصلاة العبادية ليس فقط انقياد لله وطاعة لله انما قال الرسول شفاعة الرسول واهل الرسول واولي الامر بشفاعة ولي الامر هذه من الغايات القلبية والفكرية للعبادة بتأسيس وتأصيل قرآني ماذا يقول القرآن في سورة التوبة? التوبة من العبادات المحظة وليست توصلية وانما عبادة محضة يقول القرآن عن التوبة ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك يتوجهون بقلبهم وفكرهم لان اصل التوبة هي قلبية فكرية جاؤوك وطرقوا بابك ثم يتوجهون بك الى الله لاحظ الخارطة العظيمة

هذا السيد سيد صاحب روح المعاني هوحنفي ولكنه صوفي يذوب في محبة اهل البيت وان كان حفيده الذي طبع هذا التفسير حذف منه مقامات كثيرة من فضائل اهل البيت لان حفيده كان وهابي بينما هو كان صوفي احد الاخوة قال رأيت النسخة الاصلية الحجرية المخطوطة في اسطنبول تختلف كثيرا عن هذه النسخة المطبوعة والمفروض وزارة التعليم و وزارة الثقافة العراقية المفروض تحقق او العتبات تحقق النسخة الاصيلة لللاوسي لانها فيها براهين من مقامات اهل البيت ربما حتى متكلمي الامامة لم يوردها لانه هو من جهة من محبة اهل البيت يذوب نحن ليس علينا الان في جهات اخرى انظر الى ما قيل ولا تنظر الى من قال

هنا الالوسي في الذيل يبدع في الهيمان في اهل بيته يقول هاي الاية ليس فقط في التوبة هذه في الاوبة الى الله يعني في كل عبادة الاول في المعنى العام يعني العبادة العامة ولو انهم اذ ظلموا انفسهم حتى النبي يقول الصلاة طهورة مطهرة كالنهر الجاري كلما اذنبتم فقوموا الى الصلاة فانها تطهير من الذنوب فالصلاة مطهرة طهور فانها تطهر كواهلكم من الذنوب فالصلاة مطهرة ومطهرة لكل عبادة ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك يعني الاوبة الى الله في كل عبادة فكل عبادة اوبة وتوبة فالاية ليس خاصة بالتوبة يعني في مقام العبادات وان كانت التوبة هي عين العبادة فهنا التوبة التي هي عين العبادة جعل التوجه فيها الى الله والى الرسول جمع فيها التوجه الى الله والتوجه الى الرسول تسأل من تتوجه الى من? تتوجه الى الله ورسوله لا تقبل بس تتوجه الى الله

مثل ابليس هذه سنة ابليس سنة الملائكة وهم على التوحيد تتوجه الى الله والى الرسول ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك


[1] السورة توبه، الأية 99.