الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

45/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: التأليه و الغلو في اصطلاح القرآن

 

مر بنا انه في زيارة امين الله اكثر من ثلثها في متن الزيارة والبقية حول منظومة مقامات النفس ومقامات القلب مرتبطة بفقه القلوب

الفقرة الثالثة اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة

الاخبات في القلب لابد والوله هو الربط بين الاخبات والالوهية والتأله كل هذا بعض مر بنا فالالوهية والتأليه ليس فقط فكر وانما هو ايضا عبارة عن مشاعر قلبية وجدان قلب والمعرفة بالاله والتعبد وقد استعمل القرآن الكريم موارد عديدة اذا ترصدوها من اتخذ الهه هواه ولم يظن ظان ان الهوى يعني يسجد له بالبدن سجدة كشكل بدني مثلا او يسجد له بهيئة بدنية ولكن القرآن يقول حقيقة اذا اتخذ الهوى اله يطاع منتهى الطاعة

وعليه فهذه حقيقة الالوهية سواء الالوهية لله والذات الازلية او غير ذلك هي ليست المراد به الطقس الشكلي للبدن او الطقوس الشكلية اذن هذا ينبه على ان العبادة والعبودية لها حقائق ليس المراد به خصوص الاشكال المعينة للبدن كطقوس عبادية مثل ما يقول القرآن الكريم واتخذوا احبارهم اربابا من دون الله وملفق بين الاحبار والرهبان

الاحبار يعني العلماء والفقهاء والرهبان يعني اصحاب السير والسلوك يعني صاحب الرياضات الروحية اتخذ اليهود فقهاؤهم وعلمائهم اتخذوهم اربابا كيف اتخذوا اربابا مع ان المعروف ان المسيحيين النصارى لم يؤلهوا الاحبار مثل النبي عيسى في هذا الموضع القرآن الكريم يقول اليهود والنصارى كلاهما اتخذوا احبارهم يعني علماء وفقهاء ومراجع اربابا من دون الله فكما غلوا في المسيح غلوا في الفقهاء والعلماء شبيه انا انزلنا التوراة يحكم بها النبيون والربانيون والاحبار الذين استحفظوا

في سورة المائدة ذكر الاحبار كعلماء وفقهاء فكيف ان اليهود والنصارى اتخذوا الفقهاء والعلماء واصحاب المدارس المعنوية والرياضات الروحية اربابا من دون الله? يعني كما هم غلوا في المسيح غلو في الفقهاء والعلماء واصحاب السير والسلوك ويبين ائمة اهل البيت كيفية ذلك ليسوا فقهاء فقط ايضا اصحاب السير والسلوك من دون الله

لاحظ كلمة من دون الله في بيانات اهل البيت انما غلوا فيهم لانهم امروهم بالمعصية فاطاعوهم ونهوهم عن طاعة الله فاطاعوهم ومن دون الله فالمقصود ان الحرام البين الذي ليس مختلف فيه من ثم الموجود في كتب الرسائل العملية ان الضروريات لا تقليد فيها لانه ضروري وضروريات لا يسوغ للمكلف العامي ان يقلد فيها وهذا ليس معناه انه ينقطع عن العلماء انما لا يجوز ان يعتمد على المرجع بل يرجع الى شيئين الى عموم العلماء وينفتح على جميعهم الاحياء والاموات لان هنا الرجوع الى العلماء ليس من باب التقليد كي يكون الحياة شرط او الممات مانع مثل ما يرجع المجتهد في المباحث الى جميع العلماء وهذا لا يكفي طبعا حتى الرجوع او الانفتاح على جميع العلماء ضروري لكن لا يكفي لا بد ان ينفتح على المصادر فعزل عامة المؤمنين عن تراث الحديث هذا معناه عزلهم عن مصادر الضروريات وهذا لا يجوز

في العقائد ايضا اتفق كلمة علماء الامامية على ان العقائد لا يجوز التقليد التقليد والتعويل على عالم واحد وعلى مرجع واحد فماذا يصنع ؟

العامي وليكن عامي ولكن الامي هل يسوغ له الانقطاع عن القرآن؟ كلا لان القرآن مصدر لتحصيل العقائد او الضروريات، كذلك لا يسوغ للعامي الامي ولو بلغت اميته ما بلغت الانقطاع عن تراث الحديث، لانها المصدران للعقائد ومصدران للضروريات فكيف ينقطع عنهما? نعم يستعين ضرورة في قراءته للقرآن وفهمه للقرآن وفهمه لتراث الحديث يستعين بمجموع العلماء بقدر وسعه وبقدر فهمه لا التعويل فقط او الاستعانة على عالم واحد دون الاخر بقدر ما يسعه في الجانبين الانفتاح على مصادر الثقلين الكتاب والحديث وهذا ليس من باب الاستحباب او من باب الكمال ومندوب من المندوبات انما هذه ضرورة

من ثم اخيرا في الاسابيع الماضية اجبنا على عن سؤال وجه الينا انه في تراث الحديث وكتب الحديث هل يسوق التقليد? انا اقول هذا الكتاب قال العالم الفلاني انه غير معتبر او قال معتبر فهل يسوغ التعويل على كتب الحديث على قول عالم واحد او اثنين او ثلاثة او اربعة كلا لا يسوغ بل لابد في التراث الحديث من الاجتهاد يعني الانفتاح على مجموع العلماء وعلى مجموع المصادر الاخر التي يستطيع بقدر وسعه والالتفات الى ان هذا الكتاب في تراث الحديث يعول عليه ام لا? اما نعتمد على عالم واحد او ثلاثة او عشرة لا يسوغ فيجب الرجوع الى جميع العلماء سيما الفضلاء يجب ان تنفتح على جميع العلماء بقدر الامكان وعلى جميع المصادر

حينئذ تقول هذا المصدر معتبر غير معتبر الاصل الاولي كما ذكر الاصوليون في مبحث الانسداد ان الاصل الاولي في تراث الحديث الالزام بالعلم الاجمالي الكبير ولا ينجز بالخبر الواحد ابدا تنجز التراث كله اجمالا بالعلم الاجمالي الكبير باصل ادلة الدين من يتدين بالدين يلزمه الاكتراث اجمالا بكل تراث الحديث وخروجك ايها المكلف المؤمن خروجك عن عهدة هذه الدائرة الاجمالية يجب ان يكون بدليل لا سيما في العقائد او في الضروريات لا ان الاصل عدم الاعتبار وانما الاصل هو التنجيز هو التنجيز العلمي والعلم الاجمالي الكبير ينجز فيه ذمتك اجمالا

هذا اتفق عليه اصوليون من الاولين والاخرين بشرط ان يتدين الباحث بالدين الا ان يثبت لك خلاف ذلك فهذي نكتة مهمة يجب ان لا نغفل عنها كتب الحديث هذه الاستعانة في الضروريات او في العقائد يجب ان يكون كما مر بنا بركن ثاني وهو الانفتاح على الجميع او المجموع او ما امكن من العلماء تقسيم الكبار من الاولين والاخرين

اجمالا نرجع الى هذا المطلب وهو اذن قضية اصطلاح التأليه ، القرآن الكريم في الوحي فاتخذوا اربابهم واحبارهم من دون الله سورة التوبة وهي من اواخر السور نزولا او حتى كلام انها هي اخر سورة او المائدة لانها تتعرض الى غزوة تبوك وغزوة تبوك كانت في اخريات حياة سيد الانبياء وايضا تتعرض لحجة الوداع سورة التوبة تسمى البراءة التوبة عشر اسماء لها وايتها رقم واحد وثلاثين واتخذوا احبارهم من العلماء والفقهاء والمراجع هذا ليس ذنب للمراجع مطلقا اذا مرجع من المراجع وفقيه من الفقهاء مثل الشلمغاني هذا المقصود نعم هذا صح

بعبارة اخرى في الضروريات لا تقليد او البديهيات العقائدية ليس هناك مزايدة المدار على الوحي الضروري والضروريات كما مر بنا ليس فيها تقليد واتخذوا احبارهم ورهبانهم ما الفرق بين الرهبان والحبر ، الراهب يعني اصحاب السير والسلوك رياضات روحية يأمرك بشيء بخلاف ما هو مقرر شرعا و قال الامام الصادق والله ما سجدوا وعبدوا وركعوا لهم وانما اطاعوهم من حيث الحلال والحرام هذا بحث فقه القلوب مر بنا هذا البحث وكذلك الحال في جانب الحرمة والحلية

انت تلاحظ قصة موسى والخضر يعني قصة عظيمة الله عز وجل امر النبي موسى ان يذهب ويتعلم من الخضر يعني هي ملحمة عظيمة يعني نزلت التوراة عليه ولكن يجب ان يأخذ من الخضر لقد كان في قصصهم عبرة لولي الالباب ليس لعديمي الالباب

لاحظوا كما ينبه اهل البيت عليهم السلام في اخريات حياة النبي موسى انه من اولي العزم بعد نزول التوراة عليه امره الله ان يذهب ويتعلم من الخضر يعني هناك علم وحياني الهي موجود عند الخضر وليس موجود عند النبي موسى فحيث الله لا تناهي ولا ينحصر وحي الله بالنبي موسى رغم ان الله عز وجل امر النبي موسى بوحي من الله ان يتبع ويتعلم من النبي خضر

موسى لما ذا اعترض على هذا وليقل النبي موسى ان الله امرني باتباعه والتعلم اتبعك على ان تعلمني فلماذا النبي موسى اعترض? هذا يدل على النبي موسى وان اتاه وحي ولكن لا يرفع النبي موسى يده عن البديهيات السابقة لديه هذا النبي موسى مع الخضر ويقين عنده ان الخضر مخضرم والوحي وحي ولكنه ليست قصة خيالات كلا وحي اتاه ان الخضر هذا هو يتبعه ، رغم ذلك النبي موسى لم يرفع يده عن البديهيات وهذه ملحمة عظيمة مثلا كيف نحن نرفع يدنا عن الضروريات لاجل لا سمح الله فقيه يفترض مثلا او صاحب سير وسلوك مدرسة روحية مثلا منصور الحلاج هو صاحب رياضات روحية وصاحب سير وسلوك فكيف ترفع يدك عن البديهيات? هذا حرام لذلك لاحظ الحلال البين والحرام البين علامة على استقامة الفقيه واستقامة هذه المدرسة المعنوية اما كيف اصحاب هذه الرياضات يحللون الفجور

هو النبي موسى مع الخضر موسى لم يستجب له لان بديهيات الوحي يعني لا يمكن رفع اليد عنها اقتلت نفسا اخرقت هكذا? لو شئت لاتخذت عليه اجرا ثوابت عنده غاية الامر كيفية هذه الثوابت مع ما صنعه الخضر ولذلك الخضر في اجوبته لم يدع نسخ الثوابت قال ما فعلته كمال الملاءمة مع الثوابت يعني معناه ان الخضر ينقاد للثوابت وهذه نكتة جدا مهمة

الالوهية في مصطلح القرآن والربوبية ليست هي طقوس فان ترفع اليد انا وفلان صاحب مدرسة سير وسلوك قال او فلان فقيه قال ربما ذلك الفقيه قال له تقية لكن كيف تحمي انت ترفع اليد عن الضروريات? ورأينا كثير من المؤمنين انه مقابل كلمة تقية لاحد الفقهاء قالها تقية هذا بناءه ان هذا هو الحق المبين فكيف ترفع اليد عن الضروريات للمذهب مقابل كلمة صدرت من فقيه? فيها ملابسات تقية كذا لازم تلتفت

انت هو الائمة عليهم السلام تصدر من عندهم كلمات واحاديث تقية الى ما شاء الله وبقيت على الفقهاء ؟ الفقهاء تصدر عندهم تقية هذا لو بنينا على على التقية وكما هو تقية اما اذا كان مثل الشلمغاني او كذا فبحث اخر

فاذا الميزان ان الضروريات فوق الكل يعني حتى متحدث ما يصح اني مؤمن او المؤمنين يصغون الى متكلم ولو لم يكن فقيه ولو لم يكن مرجع ولو لم يكن متكلم ويدعي ما يدعي الكلام الكلام ليس فوق الضرورة مثلا الان قضية ضرورة وجود فقهاء احد اجهزة الائمة الفقهاء وجود الفقهاء بين من ينفي اصل الفقهاء وهذا خلاف ضروري مذهب اهل البيت نفس الافراط اعوذ بالله في هذا الجانب او الافراط في هذا الجانب كليهما العلماء والحوزات ضرورة من النبي من زمنه وتبقى الى زمن الامام العصر لكن لا افراط ولا تفريط ان تجعل هذا الفقيه او ذاك العالم او تجعله نائب خاص هذا غلو

حتى عندنا موجود في الروايات اذا قلت مقالا وتعصبت اليه تدين به ومن يدانيك فيه ، فهو مؤمن على الدين ومن لا يدانك ان هذا الميزان ليس شيء ظني يفترض اجتهاد ظني تجعله هو المدار

فالمقصود ان الغلو له انماط وموارد ومواطن قد يصير غلو في المرجع وقد في صاحب مدرسة معنوية قد يصير في فتوى انت تتبناها حتى لو تتبنى فقيها قد يصير في فتواه انت قلدت فلان يقول ان المسألة الفلانية الحكم كذا فواحد اخر قلد في المسألة فقيه اخر يقول المسأل هكذا لماذا تتعاظم انت من حكم الاجتهاد? غلوهو ونوع من الغلو تتعصب له

الشيخ الطوسي يقول من عمل بروايات كذا فليس بمأثوم مع انه يقول انا ليس رأيي هذا ، الروايات الواردة في الشهادة الثالثة يمكن المقصود يقول من عمل بوجوبها بانها واجبة ليس بمأثوم عمل على الموازين يعني ليس الشيخ الطوسي يدعي الضرورة والعجيب انه رحمة الله عليه الف الشهيد الثاني وصل الامر الى ان خلاف ضروري وهاي غفلة عجيبة من الشهيد الثاني ومن بعده غفل عن هذه الغفلة وبقت كأنما ضرورة هو الشيخ الطوسي ابن بجدتها استاذ السيد المرتضى يدعي الوجوب فكيف الشيخ الطوسي يبدع? ما نقول بالوجوب بالعكس الشيخ الطوسي يقول ليس ماثوم يقول اما هذه الغفلات بعض الاحيان تصير نوع غلو غير مقصود حتى انها كميزان العلمي ضروري

فالمقصود انه اذن التأليه او الغلو على انماط حسب القرآن والتأليه من ثم لاحظ عبر القرآن عن انقياد الملائكة المقربين وطبقات الملائكة لخليفة الله انقيادهم بالسجود لكن ليس سجود تأليه بمعنى مطلق

فهذه اصطلاحات وحيانية يقول الامام الصادق يجب فهمها في القرآن ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله هذه ايضا الكلام هوالكلام نوع من التاله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يعني هذا ميزان البديهيات الدينية ميزان لا يمكن لا تجعل فوق البديهيات الدينية هو سيد الرسل لا يتمرد على الضروريات الفرائض الالهية فكيف من دونه? وكذلك الائمة فكيف نطالب بغيرهم ان يتمردوا على ضروريات الدين? التفت الى الموازين الدينية هذه الطبقية في المراتب والحجج هي التوحيد فالغلو الذي يؤكد عليه القرآن الكريم والتاريخ ليس منحصر بالائمة كثيرا ما يقع في الفقهاء وفي اصحاب المدارس.