الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

45/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: المعية بين فقه العقول و القلوب و الشريعة

 

درس العقائد

مر بنا في الجلسة السابقة ان في فقه القلوب او الرياضات الروحية او الادراكات القلبية والوجدانية ليس هناك تلاعب كما حدث لدى الفرق باطنية او بعض فرق الصوفية او عند بعض العرفاء بل هناك ميزان اعظم وهو محكمات القرآن ومحكمات العترة الطاهرة ومحكمات بديهيات العقل النظري الفكري وليس الظنيات العقلية ومحكمات الفطرة ومحكمات بديهيات الوجدانيات التي جعلها المناطقة من مصادر اليقين فالمناطقة لم يحصروا مصادر اليقين بالحس والحسيات حيث هي انزل مصادر المعرفةاليقينية بينما الوجدانيات لا اقل هي من الامور المتوسطة في مصادر المعرفة وليس من النازلة ، واعلى مصادر المعرفة طبعا الوحي ثم الاوليات ثم بعد ذلك الحدسيات والفطريات والوجدانيات

اذن كل ذي المصادر من المعرفة دائرة البديهات فيها المتفق عليها والمتوافق عليها بين جميع ابناء البشر انها حجة اما غير البديهيات من المكاشفات القلبية او ما شابه ذلك ميزانها الاكبر هو محكمات الوحي من الكتاب وسنة محكمات المعصومين ومحكمات العقل النظري وليس نظريات ظنية

باب انحراف جملة من الفرق الباطنية وجملة من الصوفية في هذا الجانب بالابتعاد عن الشريعة فلابد في حصول الايمان والهداية من فقه العقول وفقه القلوب وفقه الشريعة اما ان تكتفي بفقه دون فقه اخر هذا هو الانحراف بعينه فهو يدعي انه عارف ولكن تراه في ابسط الامور الشرعية يخالفها هذا انحراف بعينه

وبالتالي عدم الاستقامة درجات وليست درجة واحدة لكن الاستقامة الكاملة التامة ان يتقيد الانسان بفقه العقول وفقه القلوب اية محكمة وسنةقائمة كما بينه سيد الانبياء وفريضة عادلة الشريعة اما ان يملص وراء الشريعة بلا شك هذه غواية وليست هداية

ومر بنا مرارا هذه البحوث في بيانات اهل البيت ان الانسان او الجن يمكنه ان يطوي السماوات ومع ذلك ليس علامة للهداية فليس طي الارض فقط بل طي السماوات وهو ليس بالامر السهل يمكن للانسان برياضات شرعية يطوي السماوات ومع ذلك يطرد من السماء السابعة لكن هذا ليس علامة للهداية حيث اذا كان الانسان عنده خلل في الايمان بلحاض وظائفه العقلية او الايمان بلحاظ وظائفه القلبية لذلك عند قاطبة علماء الامامية ان فقه الشريعة بدون فقه العقول وبدون العقائد غواية نعم لابد ايضا من معرفة اصول الدين والمعارف والعقائد وفقه الشريعة من دون فقه العقيدة وفقه العقول انحراف وبدون فقه القلوب ايضا انحراف

فهذه الثلاث محاور التي عينها سيد الانبياء لها ضرورة المعية لكي يستقيم السير ونهج مسير الانسان وكلما استطاع الانسان ان يجمع بين تفاصيل هذه الامور الثلاثة كلما كان اقوم في صراط مستقيم انتم السبيل الاقوم والصراط الاقوم والسبيل الاعظم يعني سبيل الى الله فهناك سبيل عظيم وهناك سبيل اعظم اهل البيت هم السبيل الاعظم وبقية الانبياء سبل لكن اهل البيت السبيل الاعظم اولهم سيد الانبياء السبيل الاعظم واهل البيت ، اهل البيت اصطلاح وحياني اولهم سيد الانبياء اهل النبوة هم الصراط الاقوم ليس القويم القويم في القرآن الكريم هو الصلاة ، دينا قيما مثلا اقوم صراطا اقوم نعم هذا هو اقوم غير قيام مقيما قواما جعل الله الكعبة قياما اما الاقوم شيء اعلى دينا قيما او قيما

المقصود اذن كلما استطاع المؤمن ان يجمع ويوفق ويوافق ويلائم ويراعي التفاصيل الثلاثة فقه الشريعة وفقه العقول وفقه القلوب التي هي ترجمة عصرية للحديث المتواتر كله فضل الا ثلاث اية محكمة فقه العقول ويمكن ان يراد به العقول وسنة قائمة الرياضات الروحية فقه القلوب وفريضة عادلة فقه الشريعة

هذه الاعمدة الثلاثة لابد منها عمود الدين منها وتضييع بقية الاعمدة عمودين منها يسبب انحراف

رحمة الله على الشيخ جعفر كاشف الغطاء عبارة لطيفة عنده في كتاب منهج الرشاد لمن اراد السداد ان الفقيه الذي لا يكون لديه اسس عقائدية يمكنه ان يحول الفقه كما يشاء فيجعله فقه مادي فقه اباحي فقه لا اخلاقي فتراه صورة يركب المعادلات بشكل مرتب ولكن تؤدي الى الاباحية الاخلاقية لا سمح الله او تؤدي الى الطبقية المالية بين المجتمع مثلا او او او كذا

هذا كلام الشيخ جعفر الذي هو عنترة في علم الفقه وفي علم الكلام وفي علم فقه الشريعة اذن لاحظ فقه الشريعة بدون فقه العقائد يصيبه انحراف كما ان فقه العقائد بدون فقه الشريعة ايضا انحراف

اذن هذه الثلاث محاور مع بعضها سمي فقه العقائد وفقه الرياضات الروحية او فقه القلوب او فقه العقائد والمعارف او فقه القلوب وهي فقه الرياضات الروحية وكذا فقه الشريعة هذه اجنحة ثلاثة لا يمكن للمؤمن بدونها يعني للانسان وللجن وللملائكة كمال وللملائكة ايضا كمال ولكل مخلوقات ايضا كمال فعندما يقول سيد السادات سيد الوحي وسيد الكل على الكل عندما يقول العلم كله فضل يعني كل المخلوقات الا ثلاث فالملائكة كمالها هكذا ليس فقط الانس والجن حتى الملائكة البعض يقول الملائكة ليس لديهم شريعة صحيح لكن الملائكة لهم دين ليسوا لا دينيين نعم ليس مختص بالانس والجن الدين بل عام وعميم لكل المخلوقات ففي كل العوالم لابد من هذه المحاور الثلاثة فقه العقائد فقه العقول الفكرية وفقه القلوب وهو ايضا فقه العقائد فقه الرياضات الروحية

طبعا مر بنا ان فقه العقائد غير مختص ومقتصر على فقه العقول ، قسم من فقه العقول وفقه القلوب العقائد الذي اشار اليه وقسم من فقه العقول وفقه القلوب مرتبط بنظام الاخلاق والرياضات الروحية وفقه الشريعة مرتبط بالابدان والاعمال البدنية وما شابه ذلك فلابد من ثلاث محاور في الفقه فقه العقول فقه القلوب فقه الشريعة والقانون الشرعي او فقه العقائد وفقه الاخلاق والرياضات الروحية الشرعية وفقه الشريعة وتكامل الانسان بهذه الثلاثة لولا نفر في كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين المراد هنا هذا الفقه الثلاثي وليس فقط خصوص فقه الشريعة وفقه الفروع

ويقول الامام موسى بن جعفر صلوات الله عليه والرواية موجودة في اصول الكافي ان سلم الدرجات العليا في الدنيا في الدين الدنيا والاخرة سلمت درجات العليا هو المعرفة بهذه المحاور الثلاثة وفق هذه الثلاثة فهم الدين مجموعا لا خصوص احدها

نعم وايضا خاصية اخرى انها مفتاح البصيرة يعني لا تلتبس عليه اللوابس وكذا عدة امور ذكرها الامام هي ان التفقه في الدين ثلاث خصال وكمال العباد ذلك المقصود هذا المطلب وهو اذن لا يلتبس علينا التباس عندما نركز على فقه القلوب ليس معناه اغفال عن فقه العقول وعندما نركز على القلوب والعقول ليس اغفال عن فقه الشريعة بل لابد من الجمع بينهما وبين هذه المحاور الثلاثة كما مر بنا مرارا يعني من باب تقريب الذهن ان الطائرة لها اجنحة ثلاثة جناح جانبي وجناح خلفي والجناح الخلفي قد دوره اخطر من الجناحين الجانبين

نعم فاذا هذه المحاور الثلاثة في بيانات اهل بيت الكمال كل الكمال التفقه في الدين التفقه في الدين ليس تفقه في الفروع فقط في اللغة وفي القرآن وفي الروايات الفقه يطلق على مطلق الفهم علوم وليس على خصوص علم معين من علوم الدين اذن هذا مبحث يجب ان لا نغفل عنه ما ان تشاهد في ايام تركز على محور دون محور الا هذا يدل على وجود خلل والخلل درجات ما نقول كل خلل كفر جلي او كذا لكن انحراف ودرجات بل كل مسألة مسألة وكل باب باب يجب ان يكون ذا اعمدة ثلاثة

ولذلك نرى الايات الكريمة والسور الكريمة في اية واحدة تتعرض الى المحاور الثلاثة انتم دققوا نادرا من الايات والروايات يتمحور لمحور واحد غالبا يتعرض لمنظومة المحاور الثلاثة لان التكامل بها ولكن يفطن الى ذلك من يفطن ويغفل عنه من يغفل

اذن عندما ركزت على فقه القلوب لا يتخيل متخيل ان هذا هو فقط هذا كل شيء ليس كل شيء ابدا حتى فقه القلوب منظومته يجب ان ترسى على المواد الوحيانية نعم اللغة التصورية العقلية المشتركة بين الفلاسفة والمتكلمين والمفسرين والعرفاء هذه صحيحة اللغة التصورية لا التصديقية ليست المباني التصديقية او اللغة القلبية المشتركة بين الوحي وغير الوحي هذه طبعا هذه لغة مشتركة لكن المباني يجب اخذها واستنباطها من الوحي لابد من ذلك رغم ان فقه القلوب يجب ان يؤخذ من الوحي بلغة مشتركة فيجب ان يضم فقه الشريعة وفقه العقول وفقه القلوب تجتمع مع بعضها البعض يجب ان يرتقي العالم في هذه الابعاد الثلاثة

مر بنا مرارا ان ستين او سبعين بالمئة من كتب الشيخ المفيد كلها عقائد وعشرين او ثلاثين بالمئة منها فقه وفروع الفقه وكذلك السيد المرتضى تسعين بالمية من كتبه عقائد عشرة بالمئة فقه وهو المرجع اعلى للشيعة كان عند سيد المرتضى يعني تلاميذ كثيرة ايضا الشيخ الطوسي هو موسوعة علمية رحمة الله عليه في الرجال وفي الحديث من ضمن مؤلفات الشيخ المفيد كتب حديث الشيخ المفيد المتكلم رجالي مفسر فقيه محدث المحدث يا اخوان علم الحديث ضروري سواء كنت انت اصولي او اخباري علم قائم برأسه لا انه يتخيل متخيل المحدث يعني اخباري الشيخ الطوسي والمفيد والمرتضى رغم انهم اصوليون الا انهم لديهم تاليفات في الحديث المحض فالشيخ الطوسي تاليفاته في فقه الشريعة ثلاثين بالمئة من كتبه او اربعين بالمئة من كتبه لكن بقية كتبه في التفسير والرجال والحديث والعقائد مع انه المرجع الاعلى وزعيم الطائفة

العلامة الحلي هكذا الصدوق هكذا الشيخ البهائي المجلسي الاول والثاني يعني في جملة من علمائنا جمعوا بين الابعاد المختلفة وكذلك اسد في علم الكلام واسد في الفقه والشيخ جعفر كاشف الغطاء مستأسد في علم الكلام وفي علم الفقه والفروع والاصول كتاب منهج الرشاد لمن اراد السداد يقولون عنه اول من كتب في رد الوهابية وكل من كتب بعده لم يأت بمثله

ذكرت لكم في شبه تورط فيه يعني في الجواب عنه الميرزا علي القاضي والعلامة الطبطبائي وطبقات تلاميذ منهما اما الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد لمن اراد السداد هذه الشبه العرفانية الموجودةفي التوصل وفي الشفاعة والاستشفاء اجاب عنها بدقة عرفانية فلسفية عجيبة

فكثير من علمائنا يجمعون بينها بحر العلوم رحمة الله عليه ايضا جمع بين المحاور الثلاثة الشيخ محمد حسن المظفر صاحب كتاب دلائل الصدق ايضا كذلك وكذلك الشيخ محمد جواد البلاغي في الاء الرحمن المتضلع في علم الاديان وفي علم الكلام وفي التفسير وفي فقه الفروع وان لم يصدر رسالة ولكنه في النجف كان يتعامل معه كاحد المراجع الكبار حتى ان في بعض المواقف الشيخ البلاغي كما حدثني احد الكبار من النجفيين القدامى قال ان الشيخ البلاغي يعني جبر موقف للسيد ابو الحسن واستدرك يعني بالتالي والسيد ابو الحسن اعظم به واعظم ولكنه يحتاج الى عضيد فكان عضيده فهكذا وزنه في النجف

السيد اليزدي في ترجمته كثير لا يعلم ان السيد اليزدي جمع بين الثلاث ومعروف عنه في الفقه انظروا الى كتبه والى ترجمته قوي في الفقه والعقول متبحر في فقه القلوب دورة معنوية موجودة بتأليف من السيد اليزدي صاحب العروة ودورة ايضا عقلية عجيبة عنده في فقه العقول ومن قرأ حاشية السيد اليزدي يفهم مدى تضلعه في المعقول مع احترامي الشديد للمرحوم صاحب الكفاية السيد اليزدي اكثر تتبعا في فقه الفروع وفي فقه العقول وفي فقه القلوب من الاخوند وجامع بين الثلاثة وان كان الاخوند انصافا جزل في علم الصناعة الاصولية والصناعة الفقهية ولكن المقصود جامعية المرحوم اليزدي

المرحوم النائيني خلافا لما معروف عنه انه رائد علم الاصول كانت عنده مدرسة معنوية خاصة في القلوب وفقه العقول وتظهر هذه انا انقل عن من طالس المرحوم النائيني وهو اغا جمال الدين الكلبيكاني تلميذه الاول فكثير من العلماء من الاولين والاخرين من يجمع بين فقه العقول وفقه القلوب وفقه الشريعة