الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث العقائد

44/11/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النظام العقلي في الوحي اعظم من النقلي الحسي

كنا في استشهاد المرحوم الكليني بمقاطع استدلالية عقلية وحيانية للمباحث العقائدية في الخطبة الشريفة لامير المؤمنين عليه السلام

في بحث البعد النقلي لهذه الخطبة قال الكليني ان الطرق متكاثرة لكن لم يقل اليقين الحاصل منها معجز من الطرق الكثيرة والتواتر او الاستفاضة لكن في المتن ادعى الكليني ان المتن اعجاز عقلي برهاني

فلاحظ التفاوت لم يساو الكليني في الخطبة الشريفة لامير المؤمنين عليه السلام بين حجية المتن من ذاته و حجية الطرق الكثيرة المشتهرة حتى بين العامة والخاصة المتواترة ، وهذه وقفة مهمة منهجية ان الكليني يتبنى وهذي منهج عمدة علماء الامامية عدد المتأخرين عن بعض مسلك متأخرين العصر ان المتن اليقيني البرهاني حجيته فوق التواتر والاستفاضة

فواضح من الكليني ان بحسب هذه القواعد العقلية الوحيانية المبهرة هي بنفسها كاستدلال مستقل يهيمن ويفوق التواتر او الاستفاضة وجهة النقل

اثبت العرش ثم انقش ، اي عرش? هذا النقل الطرق فرش وليست عرش ، العرش هو المتن وليس النقل وليس الطرق مرارا مر بنا في فرق بين العلوم النقلية والعلوم الوحيانية ، جامع بين علوم العقل والنقل ، في علوم الوحي لا علوم العقل البشري في علوم النقل الوحي ليس اسيرا للنقل وان كان كواسطة تكوينية لا واسطة قانونية اعتبارية كواسطة تكوينية لابد من وصول الوحي لنا عبر النقل لكن لا بما هو معتبر او غير معتبر وساطة النقل لا كوساطة قانونية اعتبارية معتبرة او غير معتبرة وهذا خلط بين الوساطة التكوينية والوساطة الاعتبارية القانونية للنقل ، لولا وجود الوساطة التكوينية للنقل لما وصل الينا التراث الوحياني هذا صحيح وربما يصل الينا الوحي عن طريق الضعاف المجهولين ممكن? لانه ليس دور الوحي واعتباره للنقل بالبعد التكويني لوساطة نقلهم كما يشير القرآن الكريم في سورة النبأ ان جاءكم فاسق بينما دور الفاسق هنا فسقه له دور او هو بالتالي كوساطة فتبينوا هم قد يكون صدق بعبارة اخرى الوصول التكويني للتراث يختلف عن اعتبار الوصول من الوصول التكويني والوساطة التكوينية والايصال لابد من النقل طبعا لكي يصل الينا التراث

رحم الله امرؤ بلغ مقالتي في حجة الوداع يقولها سيد الانبياء صلى الله عليه واله هنا بمعنى لابد من وساطه هنا تريد تقول المسلمون في الصدر الاول لهم دور الوساطة التكوينية في ايصال تراث الوحي لا ان لهم دور في اعتبار الوصول الاعتباري او اعتبار الوصول والايصال وحجية الوصول ، هذه ليس لها دور تكويني هذه ليست لها دور

قلت ان خبر عادل او خبر غير عادل معتبر او غير معتبر لايصال التكويني يتأثر الايصال التكويني لمتن حديث او متن مجموع الاحاديث يتأثر بكون الناقلين عدول غير عدول والايصال التكويني يتأثر ولذلك يتولد تكوينا من الايصال التكويني التواتر

والتواتر يخطئ من يتوهم وفي سبات من يتوهم ان التواتر اعتبار الطريق الظني هذا التواتر تولد تكويني من النقل من البعد التكويني في الناقل لماذا? لان ضابطة التواتر ليست اتية من اعتبار الخبر العادل وعدالة العادل كلا التواتر ضابطة تكوينية امتناع تواطؤ الطرق المختلفة للزيف او الوضع هذا ممتنع لتباعد الطرق عن بعضها البعض وهذا الاتفاق ممتنع ان يكون صدفة لا الصدفة ممكنة ولا التواطؤ ممكن اذا الانسان قاطع هذا هو التواتر ضابطته فلا صلة له باعتبار الطرق تواتر حتى الاستفاضة ربما بعض الفقهاء يتوهم ان الاستفاضة لابد يكون احاد الشهود او الذين يدلون بشهادتهم في رؤية يكونون عدول او ثقاة كلا الاستفاضة سواء كانوا عدول او كانوا غير عدول مؤمنين او غير مؤمنين حتى غير المؤمنين حتى لو كانوا مسيحيين بحيث الانسان يطمئن بعدم تواطؤهم على الكذب لذلك ورد في روايات الهلال : اذا استفاضت رؤية الناس وليس كلمة المسلمين او المؤمنين اذا كان اعدادهم قليلة قليلة اي اربعة ستة اثنين ثلاثة لازم بينة وضبط وكذا وفلان واما اذا كانت الكثرة مناط الحجية فيها في باب الهلال او الكثرة بدرجة الاستفاضة او الكثرة بدرجة التواتر لا صلة لها بعدالة الشهود او وثاقة الشهود احتملنا حتى ذلك في الطلاق الطلاق اليس يشترط به شاهدين عادلين? اذا كانت كثرة بحيث كلهم اسمائهم كانوا غير عدول ولكن يمتنع تواطؤهم على الكذب في الطلاق مثلا عدم مصلحة مشتركة ولا هل يقال بتصحيح الطلاق ام لا? مع التواتر? او الاستفاضة? محل البحث العلمي ان الشهادة ارفع من البينة بين اثنان استفاضة يطمئن لها وماذا لو كانت قرائن وشواهد توجب القطع النوعي العقلائي ، مثل التسجيل وكذا وفلان الحضور في محكمة لا يوجد تواطؤ وكذا مثلا فطلاق المحكمة كيف يصير? مع كون تلك الدلائل توجب القطع هل تكون بديلة عن البينة? محل بحث يمكن بحثها علميا ان الشهود ليسا شهود ظنيين اذا استبدل بشواهد ودلائل كيف يكون الحال؟

نرجع فاذن المرحوم الكليني رحمة الله عليه في هذا المبحث يقول ان اليقين الحاصل المعادلات العقلية الوحيانية اعظم من التواتر او الاستفاضة الحاصلة من الطرق الظنية هذا المنطق المنهجي يا له من منطق متلألأ فهل يعتمد على اخبارية الرواة او يعتمد على ما يأتي من اصولية المنهج واصالة المنهج وصناعة المتن ؟ من هو الاخباري? ومن هو الاصولي? من يتشدد في النقل بما هو نقل واخبارية الراوي هذا اصولي ؟ هذا يعتمد على تأصيل الاصول ؟ حاشا

لذلك ذكرت لكم القدماء مثل المفيد والمرتضى والطوسي والمحقق الحلي عندهم ليس التقسيم على حسب الاخبارية والاصولية تقسيم هناك قشرية وهناك محققين لكن الازمة في الحشوية القشرية من الفريقين

اجمالا سؤال يطرح نفسه الكليني يدعي هنا ونعم الادعاء يدعي ويقول لو اجتمع السنة الجن والانس على ان يبين التوحيد بمثل ما بينه امير المؤمنين عليه السلام ما قدروا هذه العبارة مرت منا هذا اعجاز ، شق البحر لو احياء الموتى هذا الاعجاز اعجاز عقلي هذا ليس اعجاز حسي مادي يعني يتبنى الكليني ان علي ابن ابي طالب امير المؤمنين عليه السلام معجزته عقلية اعظم من معاجز النبي عيسى والنبي موسى والنبي ابراهيم والنبي صالح والنبي نوح ع

هذه خطبة واحدة عند الكليني يجب ان ندرس ما وراء كلامه : المرء مخبوء تحت لسانه لا طيلسانا ، انظر لسان مباني الكليني سؤال يطرح نفسه اثارة علمية منهجية جيدة في العقائد من جهة الكليني يدعي ونعم ما يدعي والقرآن قبل ذلك يدعي القرآن ونعمة الدعوة لو اجتمع الجن والانس على ان يأتوا باياته اذن كانوا عاجزون عن ذلك

سؤال اذا كان البشر عقلهم عاجز عن هذا كيف تكون المعجزة برهان لهم? اعيد السؤال اذا كانت معجزة القرآن وهي معجزة سيد الانبياء صلى الله عليه واله ثم معجزة سيد الاوصياء وكذلك بقية الائمة المعصومين الاربعة عشر اذا كانت معجزتهم عقلية عقلية يعني لا يقدر البشر عليها اذا كان لا يقدر البشر عليها كيف تكون برهان لهم?? هم لا يقدرون عليها

الجواب :

ارأيت مثلا التلميذ المتعلم? هو من نفسه لا يستطيع ان يبتكر علم الفيزياء او علم الكيمياء او علم الاحياء او علم الميكانيك او الرياضات و ليس له قدرة ان يبتكر معادلات ميكانيكية لطيران الطائرة في الهواء و ليس لديه قدرة ان يبتكر ذلك لكن لديه قدرة ان يدرك وينفعل وليس فاعل وانما ينفعل فالعجز في الفاعلية وليس العجز في الانفعال والادراك وهذا شيء طبيعي

فالمعجزة العقلية يعني البشر من انفسهم لا يستطيعون ان يكونوها ويؤسسوها ويكونون فاعلين فيها لكن عندهم قدرة ان يدركوها ادراك الانفعال وفرق بين العقل النظري والعقل العملي يقولون ان العقل العام النظري كالمرآة تنعكس فيها شعاع الحقيقة هذا العلم الحصولي او النظري ؟ العقل النظري

اما العقل العملي طبيعة ليس مؤسس ينشئ فالمقصود ايا ما كان عندما يقال معجز ولا يستطيعه العقل المراد به يعني لا يستطيع ان يؤسسه وينشئه ويبتكره لكن يدركه يستطيع ان يدركه وكافي في المعجزة لتتحقق برهانيتها ان يدركها الانسان لا ان ينشئها

مثال ابسط معادلة معقدة رياضية الشاطر في المدرسة او المعلم يستطيع ان يحلها ولكن الطلاب ما يستطيعوا ان يحلون المعادلة المجهولة لكن بعد ما يبين المعلم يفهمون يستطيعون ادراك الحل ام لا? طبعا لكن هم يقرون من انفسهم لو بقوا الى ابد الدهر لم يكن بمكنتهم ان يبتكروا او يكتشفوا الحل من انفسهم

لا يستطيعون ان يكتشفوا الحل لا بمعنى انه عندما يبين له الحل لا يستطيعون ان يفهموه انفعالا تلقيا وهذي هي لغز المعادلة بين الوحي والعقل البشري ان العقل البشري متعلم والوحي معلم لا ان العقل يشطب عليه بالمرة ، ابدا العقل له دور لكن دوره متعلم يعني يسلك العلم ليس مولوية و امرية واجبار ، اعظم كمال البشر في ان يتعلم ، وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك ، العلم لا المولوية والامرية والتهديد مثلا بالعقوبة او الطمع في الجنة وانما دور المتعلم

هذه العلاقة العظيمة التي بين العقل البشري والوحي ، العقل البشري متعلم والوحي هذا عظمته وهو معلم وهذه النكتة هي تفسر معنى وصف الامام الخامس باقر العلوم بباقر العلوم ، يعني هو فتق في المسلمين وفي علماء المسلمين وعلماء المذاهب ابوابا من العلم ما كانوا ليستطيعوا فتقها وفتحها لولا محمد ابن علي ابن الحسين ابن علي الباقر عليه السلام

شاهد اذكره فقط في باب الحج كل كتب الحديث السنية في الكتب الفقهية ذكروا انه ما كان الناس ليفقهوا احكام الحج لولا محمد بن علي بن الحسين بن علي الباقر علم الناس احكام الحج عندهم ذكر هذا المطلب والامام الصادق كما ذكر قال لولا ابي لما عرف المسلمون احكام الحج

فباقر العلم بهذا المعنى هذا مثال في باب فقهي او مثال العملة النقدية ما كان نظام بني امية الذي يمتدحه البعض ما كان يفقه كيف يقيم العملة النقدية الاسلامية في مقابل الدولار الروماني انذاك ، لاحظ هذه ابتكار باقر العلوم ذاك الزمان ان يؤسس عملة وطنية وعملة نقدية وفي هذا الزمان بعد ان تكونت الدول الكثيرة بتسلط دولة واحدة انتبهوا انه يجب ان نؤسس عملة هذا الحل بينه باقر العلوم في القرن الاول وهذه باقر العلوم باب النقد علم النقد

رحمة الله عليه الكلانتر او الشيخ المظفر في شرح اللمعة يذكران ابتكارات الباقر ع في العلوم الاسلامية منها حتى البريد ، البشرية ما كانت تحصي قضية البريد والمسافات والمساحات بين المدن ابتكرها باقر العلوم باسهامات عظيمة

ما شاء الله الطرف الاخر يطمس واحنا بنطمس يعني بنطمس احنا كيف نطمس نطمس من اتبع الى ابداعات العظيمة لائمة اهل البيت

فالمقصود ان المراد من باقر العلوم اذن ندرك ان هذا معجزة يعني ماذا معجزة? يعني ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا المعلم الالهي هو هذه معناه فما ينافي انها معجزة واحنا عجزنا عنها يعني عجز عن ابتكارها عن فهمها و من يبينها لنا الوحي وهذا ايضا يحل امور كثيرة في المعارف

مثلا القرآن كله بين يعني هو بين في نفسه بالنسبة الينا نحن العجزة من انفسنا نحتاج الى معلم الهي لا اقول كل درجات القرآن المقصود درجات البطون وانتاجات الغيوب القرآنية وغيبية للدرجات النازلة المتنزلة فليس من القرآن ولكن لا بد من معية معلم الهي

اي نفس الجدلية التي بين العقل والعلم عند العلمانيين هي الجدلية بين مذهب الامامية ومذاهب المسلمين ان القرآن عظيم لكن يحتاج الى معلم كما ان البشر عقلهم يحتاج الى معلم واحيانا اصل الدين واصل الرسالة لا ان البشر يعني يلغون عقلهم لكنهم ما كانوا ليهتدوا لولا ان يهديهم الله ومعلم ينصره الله كذلك الحال في القرآن الكريم يعني المعادلة يجب ان نلتفت اليه متعلم ومعلم ، والمتعلم لا يلغى دوره هو المخاطب الاصلي لكن لابد من معلم.