الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/08/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : موارد الجمع العرفي

الشرط الرابع : وهو اعتبار ان يكون التعارض مبني على اساس التعارض الذاتي القائم على التناقض او التضاد واما اذا كان التعارض بينهم عرضي قائم على اساس مخالفة احدهما للواقع ولم يكن على اساس التضاد والتناقض فلا تجري قواعد الجمع العرفي فيه مثال ذلك اذا ورد دليل يدل على وجوب صلاة الظهر يوم الجمعة وورد دليل اخر يدل على وجوب صلاة الجمعة وهو نص فبمقتضى القاعدة نحمل الظاهر على النص فنقول باستحباب صلاة الظهر فتجب الجمعة وتستحب صلاة الظهر ، لكن ورد دليل اخر لا صلاة يوم الجمعة واجبة على المكلف الا واحد فيقع التعارض بين هذين الدليلين الا ان التعارض لم يكن ذاتي بينهما بل حصل على مخالفة احدهما للواقع فنحرز ان احد هذين الحكمين مخالف للواقع ، وهذا الشرط استفادة جمع من الاصوليين من كلمات المحقق النائيني رحمه الله والعمدة التي استدل بها على هذا الوجه بوجوه اربعة :-

الوجه الاول : قياس المقام على ما ذكرناه في الشرط الثاني بين العام والخاص اذا علمنا بكذب احدهما حينئذ بمنزلة علمنا بكذب احدهما ولهذا قالوا قواعد الجمع العرفي لا تجري في المقام ، لكن الجواب عن ذلك ان قياس المقام على ذلك المورد قياس باطل باعتبار ان ذلك المورد علمنا ببطلان احدهما وهنا لم نعلم علم قطعي ببطلان احدهما انما علمنا بمخالفة احدهما للواقع بدليل خارجي فالفرق بين المقام وما قلناه في الشرط الثاني من اننا نعلم بكذب احدهما الفرق بينهما واضح فهناك علمنا بكذب العام او الخاص على سبيل التردد ولكن في المقام لم نعلم بكذبهما او بكذب احدهما فيحمل الظهور الاضعف على الظهور الاقوى الا اننا من خارج علمنا ان احدى هذين الحكمين مخالف للواقع .

الوجه الثاني : قاسوا المقام بموارد اجتباه الحجة بلا حجة ففي المقام اذا علمنا من الخارج بمخالفة احدهما للواقع ونعلم بكذب احدهما فيشتبه الذي نعلم بكذبه في الواقع بغيره الذي هو ليس فيه كذب فيكون اشتباه الحجة بلا حجة ، ولكن هذا ايضا قياس باطل ففي موارد اشتباه الحجة بلا حجة هناك علم تفصيل بكذب احدى الروايتين ثم حصل اشتباه بين هذا المعلوم الكذب مع غيره فيكون اشتباه الحجة بلا حجة ومعناه ان هناك ظهور له دلالة ويكون حجة مع عدم العلم بالمخالفة الا ان هنا علمنا بالمخالفة على سبيل الاجمال وليس على سبيل التفصيل كما في موارد اشتباه الحجة بلا حجة وهنا لم نعلم تفصيلا انما علمنا بمخالفة احدى الحكمين للواقع وهذا العلم الاجمالي بالنسبة الى كل واحد منهما على حد سواء .

الوجه الثالث : ان قواعد الجمع العرفي تجري فيما اذا كان دليلان متنافيان احدهما اقوى من الاخر ويكون احد الدليلين ناظر بمفاده الى مفاد الدليل الاخر ، والعلم بمخالفة احدهما للواقع لا يثبت ان هذا ينظر الى مفاد الاخر مع وجود العلم بمخالفة احدهما للأخر ، والجواب عن ذلك واضح كما تقدم ان موارد التعارض العرضي اذا قلنا انها ترجع الى التعارض الذاتي بين مدلول المطابقي لأحد الدليلين ومع المدلول الالتزامي للدليل الاخر يتنافى مع الدليل المطابقي ففي المقام دليلان ورد علينا مفاد احدهما المطابقي يتعارض ع مفاد الاخر الالتزامي فيقع التعارض الذاتي فرجع التعارض الذاتي الى التعارض الذاتي فيثبت التنافي بينهما فنستعمل قواعد الجمع العرفي وهو حمل الاضعف على الاقوى واما اذا قلنا غير ذلك فالأمر يحتاج الى تأمل وسيأتي بيانه .

الوجه الرابع : ان موارد الجمع العرفي مبني على القرينية وهي التي توجب التصرف بالدليل الاضعف بحمله على الدليل الاقوى فاذا علمنا بمخالفة احد الدليلين للواقع حينئذ هذا العلم يوجب سلب القرينية فلا يتحقق الملاك فيه ، والجواب عن ذلك ان في المقام القرينية والظهور والاقوى والاضعف شيء والعلم الاجمالي بمخالفة احدهما للواقع شيء اخر فالقرينة باقية على حالها وظهور كل واحد من الكلامين باقي على حاله

فالصحيح نقول لا فرق في موارد الجمع العرفي في ان يكون التعارض ذاتي ما اذا كان التنافي بينهما بالتضاد او التناقض او تعارض عرضي حاصل من قيام دليل اخر على مخالفة احد الدليلين المتنافيين للواقع فقواعد الجمع العرفي تجري فالشروط ثلاثة وليست اربعة وهذا مجمل الكلام في شروط التعارض الغير مستقر .

ختام : ما هي الثمرات المترتبة على الجمع العرفي وقواعده ؟ انكم تعلمون بعد ثبوت التعارض بين الدليلين وثبوت القرينة بينهما يقدم الاقوى على الضعف حينئذ فيوجب التصرف بالدليل الاضعف وهو مقتضى قواعد الجمع العرفي الا انه لا ريب في تقديم الدليل الاقوى الا ان الدليل الاضعف الذي قهره الاقوى ما هي الاثار المترتبة على الدليل المقهور هل تبقى دلالته على جمع ما بقي او تخرج دلالته .