الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : موارد الجمع العرفي

والتقيد هو رفع اطلاق دليل الثابت بمقدمات الحكمة مع وجود دال عليه وهو على قسمين تارة يكون متصلا كما لو قال اكرم الادباء الا الفساق منهم واخرى يكون منفصلا ولكن الكلام في ان تقيد هذا تقديمه على الاطلاق ورفع مقدمات الاطلاق هل يكون في جميع الموارد او يختص فيما اذا كان متصلا اما اذا كان منفصلا فقد وقع الخلاف بين الاصوليين

لا ريب ولا اشكال في ان التقيد اذا كان متصلا فانه يرفع مقدمات الحكمة اذ ان بمقدمات الحكمة اثبتنا الاطلاق للكلام فاذا كان القيد متصلا به فانه يرفع مقدمات الحكمة فلا تعارض بين دليل القيد ودليل الاطلاق اذ مع وجود القيد لا تتم مقدمات الحكمة حتى يتحقق التعارض بينهما فالإطلاق والمقيد بمنزلة دليل واحد والدليل الواحد لا تعارض بين اجزائه واما اذا كان دليلان فيقع التعارض بينهما وهل ان هذا الملاك موجود في المقيد المنفصل ام ان تقديم المقيد المنفصل على المطلق له وجه اخر

فان قلنا انه نفس الملاك ان المقيد المنفصل كالمتصل فانه يرفع مقدمات الحكمة ولا تتم مع هذا المقيد فلا يثبت اطلاق في البين لكي يتحقق التعارض بينه وبين المقيد فاذا قلنا بهذا الملاك فلا يسري التعارض بين الاطلاق والتقيد، الا ان هذا الكلام لم يتم ولم يقل به الجميع اذ ان لهم وجه تقيد المقيد المنفصل على الاطلاق وجه اخر والسر في ذلك يرجع الى ان تمامية مقدمات الحكمة يتوقف على عدم المقيد مطلقا سواء كان متصلا او منفصلا او ان تمامية مقدمات الحكمة متوقفة على عدم المقيد المتصل

فقد ذهب جملة من الاصوليين الى الثاني من ان تمامية مقدمات الحكمة يكون فيما اذا لم يكن هناك مقيد متصل اما اذا كان هناك مقيد منفصل فتثبت مقدمات الحكمة ويثبت الاطلاق الا انه اذا ورد مقيد منفصل يرفع حجية الاطلاق واستدلوا على ذلك ان المتكلم لما ينتهي من الكلام يثبت له الظهور الاطلاقي تام ما لم ينصب قرينة على التقيد في ضمن الكلام اما اذا لم ينصب قرينة فلا يتم الظهور الاطلاقي الا في ضمن المقيد ولذا قلنا ان المقيد المنفصل يوجب عدم تمامية مقدمات الحكمة التي هي اساس الظهور الاطلاقي

ان قلت ان احتمال ان المتكلم ينصب قرينة فان هذا الاحتمال كافي في عدم الظهور للكلام لوكن يمكن الجواب عن ذلك بان اصالة عدم القرينة انما يعتمد عليها فيما اذا ثبت ظهور للكلام ثم شككنا في ان هذا الظهور مرتفع بوجود قرينة او لا فأصالة عدم القرينة تثبت هذا الامر ولذلك قالوا ان اصالة عدم القرينة بالأخير روح هذا الاصل يرجع الى اصالة الظهور فاثبتنا هذا الظهور بظاهر هذا الكلام والمقام يختلف فان الظهور ثابت بمقدمات الحكمة فلو شككنا في ان هناك تقيد للكلام فان هذا التقيد يرفع مقدمات الحكمة ولا يثبت ظهور ابدا هذا ما ذكره بعض الاعلام وهو صحيح، وعلى هذا الاساس نقول ان تقديم المقيد المنفصل يرجع الى اساس القرينيه ولا اشكال في ان النكتة في موارد الجمع العرفي كالتقيد والتخصيص والظاهرية والاظهرية كلها مبنية على القرينيه ولا اشكال في ان المقيد قرينة اذا تحقق في ضمن الكلام فالعرف العام يرى ان هذه القرية تتقدم على ذي القرينة سواء كانت متصلة بالكلام ام منفصلة .

ومن جميع ذلك نستفيد انه تارة نحرز الاطلاق يقينا واخرى نحرز الاطلاق بالأصل والظاهر وفي كل واحد منهما شك في البين ما يوجب التقيد او لا يوجب التقيد ففي ثلاثة منها نرجع الى الاطلاق ونرفع اليد عن المشكوك وهي ما اذا احرزنا الاطلاق بالقطع والوجدان وشككنا في وجود شيء يدل على التشكيك وثانيا ما اذا احرزنا الاطلاق بالقطع والوجدان ولكن لم يوجد في الكلام ما يشك في تقييدية شيء وثالثا ما اذا احرزنا الاطلاق بالأصل وشككنا ولن يوجد في البين ما يشك فيه على التقيد ففي هذه الصور الثلاثة نتمسك بالإطلاق ونرفع اليد عن القيد المشكوك اما الصورة الرابعة ما اذا احرزنا الاطلاق بالأصل ثم شككنا بما يوجب التقيد ففي هذه الصورة قال الاصوليون لا يمكن التمسك بالأصل مع وجود ما يشك في كونه مقيد والتفصيل مذكور في بحوث الاطلاق والتقيد .