الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التزاحم بين الخطاب الفعلي والمجهول

التنبيه الخامس : في الخطابين المتزاحمين الذي تم فيهما وصولا وتنجزا وفعلية خطابين تامين من حيث التنجز والفعلية فاذا كان خطابان احدهما مجهولا والاخر فعلي هل يتحقق التزاحم فيهما او انه يرجع الى التعارض بناءً على وجود حكمين واقعا متضادين فلابد ان يكون احدهما اذ ذكرنا سابقا ان موضوع التعارض عدم امكان تحقق حكمان متضادان واقعا فالنزاع فيما اذا فرض احد المتزاحمين مجهولا ولم يكن فعليا فهل يتصور التعارض فيه ام انه داخل في الترتب، بناءً على القول بالاستحالة او امتناع اجتماع الامر والنهي ويستحيل الا ان يكون احدهما ولابد من تغليب جانب الامر وقلنا باستحالة الترتب فهو من اقسام التعارض، وما بناءً على امكان الترتب هل يصح ان يكون داخل في الاخر

ذهب المحقق النائيني قده في احد تقريراته الى عدم امكان الترتب في المقام وقد تقدم منه ان كل مورد لا يمكن الترتب لا يمكن التزاحم فيه والسر في ذلك اما ان يرجع الى عدم تحقق شرط الترتب وهو اتيان احدهما عند عصيان الاخر او عدم تحقق الموضوع المترتب عليه والمفروض ان هناك حكم مجهول فلا يمكن ان يتحقق موضوع حكم المترتب ولأجل هذا قال بعدم امكان تحقق الترتب فيما اذا كان حكمان متزاحمان احدهما معلوم وتام من حيث الفعلية والتنجز والاخر مجهول، وهل هذا الكلام بكلا شقيه صحيح او لا ؟

والحق امكان الترتب في المقام وصحة الترتب فيه وذلك لان مسألة اجتماع الامر والنهي ومسألة استحالة الترتب وامكانه يختلفان مناطا وملاكا فلا يمكن ان يجتمع حب وكراهة بالنسبة الى موضوع واحد ولذلك قالوا بامتناع اجتماع الامر والنهي فلابد من تغليب احدهما فالمناط في اجتماع الامر والنهي واستحالة اجتماع مبادئ الحكم ومن الحب والبغض والارادة والكراهة في موضوع واحد ولذلك قالوا بامتناع اجتماع الامر والنهي بلا فرق بين ان يكون هناك علم بالحكم او جهل لانه يرجع الى المبادئ، واما مسألة امتناع الترتب وعدم امتناعه هو انه لا يمكن اجتماع الامرين بالنسبة الى الضدين فمناط الترتب هو مرحلة الامتثال لا مرحلة مبادئ الحكم ومناط امتناع اجتماع الامر والنهي في مبادئ الحكم منه انه لا يمكن ان يجتمع ارادة وكراهة في موضوع واحد بينما في مسألة الترتب يرجع الى مرحلة الامتثال فان المكلف لا يمكن ان يجمع بينهما في مرحلة الانبعاث فقياس المقام على مسألة امتناع اجتماع الامر والنهي غير تام .

وهل يمكن ان نقول ان الترتب ممتنع او ممكن ؟ بناءً على ان الاحكام الشرعية من الاعتباريات وهي يمكن ان تتعلق بضدين فلا اشكال في ان الحكم من الاعتباريات يمكن ان يتعلق بضدين ولا يستلزم منه أي محذور اذ يمكن الارادة وهي من الامور التكوينية ان تتعلق الارادة بضدين اذ لا يستلزم محذور لا ذاتا ولا عرضا، واما بناءً على ان الاحكام مشروطة بالقدرة لحكم العقل بقبح تكليف العاجز فلا اشكال في ان احدهما اذا كان مجهولا فلا يتعلق به التكليف فيتعين بالمعلوم، واما اذا كان المراد من الحكم هو بداعي التحريك والبعث حينئذ الحكم هو ان يكون بداعي التحريك والعبث فاذا لم يكن هذا الداعي متوفر فلا حكم حينئذ وهذا المبنى صحيح من ان الاحكام تشرع بداعي التحريك والبعث ولاريب ولا اشكال ان التحريك والبعث ليس المراد منهما الفعليان بل يراد منهما الشأني الاقتضائي اذ لو اريد من التحريك والبعث الفعليين فيختص بالقادر فقط كما انه لا يكلف الجاهل حينئذ يأتي سؤال هل يمكن ان يتحقق الحكم بداعي التحريك والبعث بالنسبة الى حكم مجهول مزاحم لحكم فعلي؟

والصحيح انه يمكن ولا اشكال فيه اذ المراد من الانبعاث الاقتضائي الشأني وليس المراد منه الانبعاث الفعي لكي يستشكل علينا والانبعاث الشأني الاقتضائي يتحقق ولو كان الحكم مجهولا فالمولى يكلف العباد بداعي التحريك والبعث الشأني و الاقتضائي والانبعاث الاقتضائي وهو يتحقق حتى لو كان حكما مجهولا في البين ويقع التزاحم بين الحكم المعلوم التام من حيث الفعلية والتنجز وبين الحكم المجهول فان كان المجهول هو الاهم يترك ويأتي بالمعلوم اذ الاطلاق بالنسبة له تام والفعلية بالنسبة له تامة فيتنجز بحقه المعلوم ومن هنا من صحح الضد العبادي بناءً على امتناع الترتب في هذا السبيل من جميع ذلك يظهر ما ذكره من المناقشة في ما ذكره المحقق النائيني في الوجهين السابقين هذا كله بالنسبة الى كبرى التزاحم الذي هو خارج عن موارد التعارض واما التطبيقات فهي كثيرة ذكرنا بعضها والبعض الاخر مذكورة في الفقة على نحو التفصيل

لكن في المقام وجه اخر من التزاحم ذكره المحقق الخراساني رحمه الله وجعله من التزاحم الراجع الى التعارض بين الخطابين واسماه بالتزاحم الملاكي أي التزاحم في مقتضيات الاحكام وتأثيرها فهل هناك مبرر لتقسيم هذا وجعله تزاحم ملاكي وما هو الدليل عليه ؟