الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التزاحم بين الواجبات الضمنية

الوجه الثاني : اذا وقع التزاحم بين الواجبات الاستقلالية لازم هذا التزاحم فعلية كل واحد منهما بفعلية شرط كل واحد منهما وقد تقدم سابقا انه لو تركهما معا يكون عاصيا وتاركا للواجب باعتبار ان كل واحد منهما فعلي لفعلية شرطه، وهذا الازم لم يتحقق في الواجبات الضمنية ويستحيل تحققه فاذا استحال هذا الازم استحال الملزوم وهو التزاحم والسر في ذلك انه لو ترك الجزءان اللذان وقع فيهما التزاحم لأستلزم ترك الواجب لان فعلية الشرط فيهما متحققة فلو كان الشرط في الواجبين الضمنيين فعلي معناه ان الشرط في المجموع فعلي وليس مثل الواجبين الاستقلاليين فان فيهما طلب تعلق بالصلاة مثلا وطلب تعلق بالإزالة فجمعا في مورد بينما في المقام هو طلب الجمع بين المتضادين وليس الجمع بين الطلبين والجمع بين المتضادين محال فاذا استحال فمعناه سقط الامر بالنسبة للكل فلا يجري فيه التزاحم

استشكل على هذا الوجه وسائر الوجوه التي ذكرت في المقام بانه يمكن ان يكون متعلق الوجوب المقدور من هذا الواجب فتارة يكون المقدور المجموع من حيث كل الاجزاء تحت هذا التكليف وتارة اخرى يكون المجموع سوى هذين الجزئيين المتضادين المتزاحمين، ولكن ذكرنا سابقا انه لو ترك احدهما لأستلزم توفر القدرة بالنسبة الى الاخر فاذا توفرت فمعناه تتوفر لمتعلق الجامع شامل للقدرة على جميع الاجزاء اذا لم يقع التزاحم بينها والشامل للقدرة على بعضها اذا وقع التزاحم بين واجبين ضمنيين فاذا ترك احدهما يستلزم القدرة على الاخر وعناه قدر على المجموع لتحقق الجامع وهو ما ذكر سابقا ان المناط في التزاحم هو ترك احدهما من اجل اتيان الاخر

رد هذا الجواب بان الدليل الذي يثبت الجزء والشرط في المركب لسانه انما هو لسان الشرطية والجزئية وليس اثبات حكم تكليفي فاذا لم يكن حكم مستفاد من ادلة الشرط حينئذ لا تزاحم في البين ومن اجل ذلك قالوا اذا وقع تزاحم بين جزئيين او شرطين في ضمن الواجب المركب يرجع الى التعارض بين هذين الدليلين ودليل المركب فلابد من اعمال قواعد التعارض .

الا ان جميع ذلك خارج عن روح الواجب الضمني فقد فسره تارة بان واجباته متعددة ولكن واجباتها تحت وجوب واحد وهو المتعلق بالكل واخرى قالوا انما يجري فيه ما يجري في الواجبات الاستقلالية، كل هذا خارج عن روح الوجوب الضمنية فان الواجبات الضمنية ليس فيها تعدد انما هو وجوب واحد تعلق بالمجموع على نحو الانبساط على الاجزاء كالنور المتعلق بجميع اجزاء هذا البيت على نحو الانبساط فاذا خرج واحد من هذا المجموع لا يسقط بالنسبة للبقية وفي المقام من هذا القبيل وجوب انبساطي متعلق بالمركب الذي تكون من الاجزاء والشرائط فاذا تعذر احد شروطه وتعسر لا يسقط بالنسبة الى الباقين فلابد من الرجوع الى ادلة التعارض اذا تزاحم واجبان ضمنيان او وقع تزاحم بين شرطين ولذا قلنا ان ثبوت الحكم بالنسبة الى الميسور عند تعسر بعض اجزائه موافق للقاعدة وهو هذا المعنى .

اما ادلة الاجزاء والشروط يمكن ان نستفيد منها الشرطية والجزئية ولكن لما تشير الى شرط في هذا الواجب انه جزء من الواجب معناه جعله ضمنا ضمن هذا المركب والمركب بما انه تعلق به الوجوب وهو انبساطي رجعنا الى الكلام المتقدم فاذا وقع تزاحم بين جزئيين فلابد من وجود مقيد لبي في البين كما كان مقيد في الواجبات الاستقلالية فما ذكره المحقق النائيني من رجوع التزاحم والتضاد بين الجزئيين في ضمن المركب رجوعه الى التزاحم صحيح ولا اشكال فيه .

التنبيه الرابع : هل هناك تزاحم بين الواجب الموسع والواجب المضيق ؟ ذهب المحقق الثاني رحمه الله انه لا تزاحم بين الواجب الموسع والواجب المضيق فيمكن الجمع بينهما فيمكن ان يتعلق الطلب بالواجب الموسع كما يتعلق في الواجب المضيق في وقت واحد ولا يستلزم منه المحال واستدل على ذلك ان الواجب الموسع متعلقه الجامع بين الافراد الطولية وهي في سلسلة الزمان والطلب لما تعلق فيه لا ينافي ان يكون هناك واجب مضيق جمعا ولا يستلزم منه محال .