الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مقومات الترتب

ومن الموارد لا ترتب فيها ما اذا كان المتزاحمان طوليين في عمود الزمان وكان الواجب المتأخر اهم فانه لا امر بالمتقدم حتى يحصل الامر بالترتب فلا تزاحم بينهما وهذا فيما اذا كان كلاهما مشروطين بالقدرة العقلية واما اذا كانا مشروطين بالقدرة العقلية او كان احدهما بالعقلية والاخر بالشرعية فلا ترتب ولا تزاحم بينهما كما تقدم من ان الواجب المشروط بالقدرة الشرعية لا يمكن ان يقع مزاحم مع غيره

استدل على وجود الامر بالترتب بوجوه اربعة

الوجه الاول : انه لا يعقل ان يكون الامر بالمهم مشروط بعدم اتيان الاهم نه شرط متأخر وهو مستحيل وهو لا يفيد في رفع غائلة المنافات بين الامر الترتبي ووجوب حفظ القدرة لإتيان الاهم

الوجه الثاني : ان يكون الامر المتقدم مقيدا بعدم تعقب الواجب المتأخر والتعقب شرط مقارن فارتفع الاشكال الاول وهو استحالة الشرط المتأخر ولكن الاشكال الثاني يجري فيه وهو لا يرفع غائلة منافة الامر الترتبي مع وجوب حفظ القدة للواجب الاهم مضافا انه لا دليل على اتيان امر مقيدا بعدم التعقب

الوجه الثالث : ان يكون الامر المتقدم مقيدا بعصيان الامر المتأخر وهذا ايضا مستحيل لانه اما ان يتحقق بنفس اتيان الامر المتقدم او يتحقق بضد ثالث لو فرض وجوده فاذا كان بالأمر المتقدم فلا معنى للثاني لانه من طلب الحاصل وان كان بضد ثالث يكون من الجمع بين الضدين

الوجه الرابع : ان يكون الامر المتقدم مقيدا بالعزم على عصيان الامر المتأخر وهذا ايضا مستحيل لما تقدم في بحث الضد ان الامر الترتبي لا يتقيد بالعزم على ترك الاخر

الان انه يمكن الاشكال على هذه الوجوه بانها مبنية على استحالة الشرط المتأخر وقد تقدم انه لا استحالة في الشرط المتأخر وما ذكروه في وجه الاستحالة غير تام وانما يجوز الالزام او الامر او الطلب ولو كان على نحو الشرط المتأخر وكل هذه الوجوه مبنية على هذه النقطة وهو استحالة الشرط المتأخر

واما الوجه الجزء الثاني الذي ذكره في الوجه الاول وهو انه لا يرفع غائلة المنافات بين الامر الترتبي ووجوب حفظ القدرة لإتيان الامر الاهم نقول ان وجوب حفظ القدرة ليس وجوبا شرعيا بل هو حكم عقلي والعقل يحكم بقبح تفويت الواجب عليه وهذا انما يكون بنفي القدة او صرفها بشيء اخر وهذا الحكم يستتبع حكم بوجوب اطاعة المولى وعلى فرض التنزل وقلنا ان هذا الحكم شرعي والوجوب شرعي الحكم الشرعي على قسمين تارة يكون له موضوعية وهو مما يزيد من محركيته في البين وتارة يكون طريقي لحفظ القدرة فلا يكون هناك محركيه سوى الامر بالاهم حينئذ فلا منافات بين الامر الترتبي ووجوب حفظ القدرة لإتيان الامر الاهم وهذا ما ذكره الشيخ النائيني قده .

ومن الموارد التي ذكرها المحقق النائيني ما اذا كان هناك واجب وحرام وكان الواجب هو الاهم ولابد من ارتكاب الحرام لفعل الواجب فهل هناك ترتب على اتيان الحرام لتحقق ذلك او لا ترتب؟ ولا ريب في ان الحرام اذا تزاحم مع الواجب يكون مقدمة لفعل الواجب وهذا المورد مبني على الاقوال في وجوب المقدمة

القول الاول : عدم وجوب المقدمة اصلا وانما وجوبها عقلي صرف ولا نحتاج لوجوب شرعي وهذا ما ذهب اليه جمع من الاصوليين

القول الثاني : انما يجب من المقدمات فقط المقدمة الموصلة كما اختاره بعض المحققين

القول الثالث : القول بوجب القدمة على جميع التقادير حتى وان لم تكن موصلة كما قال به المحقق الخراساني

بناءً على القول الاول والثاني وهو عدم وجوب المقدمة مطلقا او اختصاصها بالموصلة فلا تزاحم بينها ولا تعارض فيخرج عن موضوع البحث بالكلية واما على القول الثالث ان المقدمة واجبة بالوجوب الشرعي ويستحيل تقيدها بالموصلة ففي هذه الصورة يمكن ان يقال ان اطلاق النهي والتحريم باقي في هذه المقدمة وهي محرمة يجب ارتكابها للوصول الى الواجب يمكن ان يكون ببقائها والقول بالترتب ولكن هذا الترتب يستلزم ان تكون المقدمة موصلة وهي منافية لما ذهب اليه الخراساني من تقيد المقدمة بالموصلة فلا فائدة في هذا القول فعلى جميع المسالك لا يتحقق الترتب في البين فلا يوجد الا تكليف واحد وهو اتيان الواجب الاهم واما ارتكاب الحرام فهو شيء اخر والمسألة فقهية اكثر من كونها اصولية .