الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مقومات الترتب

قال بعض الاصوليين ان البحث في الترتب يحتاج الى شرطين اساسيين وقد تقدم البحث في الترتب مفصلا وقد ذكر السيد الصدر الشرطين على مبناه الذي تقدم في تفسير القدرة الشرعية

الشرط الاول : ان لا تكون القدرة الشرعية بمعنى عدم الامر الشرعي المخالف بان لا يكون مانع شرعي واي مانع في المقام فلا يمكن ان تحقق القدرة الشرعي وان لم تتحقق فلا ملاك ولا خطاب حينئذ لا ترتب في البين

الشرط الثاني : ان لا يكون بين الواجبين تضاد لا ثالث بينهما فاذا كانا من الضدين الذين لا ثالث لهما فعل احدهما مستلزم لترك الاخر وليس طلب من المولى

والظاهر انه لا حاجة الى هذين الشرطين لان مقومات الترتب حاصلة فاذا كانت المقومات التي ذكرناها في بحث الترتب متحققة فلا ريب ولا اشكال في تحقق الترتب وامكانه واما اذا كان القدرة الشرعية هي عدم الامر بالخلاف وهو بنائي كما قالوه سابقا وهل هي هذا المعنى او معنى اخر وهو بنائي واما انه طلب الحاصل غير صحيح فمن قال ان في الضدين طلب الحاصل غير صحيح فان الامر والطالب ان كانا بمعنى البحث فهو صحيح ولكن الغرض المترتب على الطلب لا يحصل في هذا الامر اذ انه يمكن ان يكون الغرض مترتب على خصوص هذا الطلاب اذ ان المولى يريد ان يختبر هذا المكلف .

وقال النائيني اذا كان الواجب مشروطا بالقدرة الشرعية فلا ترتب في البين فاذا لك يكن ترتب فلا تزاحم واستدل على ذلك بانه عندما تكون القدرة المأخوذة في الواجب قدرة شرعية اذا ابتلى بمزاحم اخر فينتفي الملاك واذا انتفى الملاك انتفى الخطاب

وقد اورد عليه بعض مقرريه انه من الدور اذ اننا كنا نستكشف الملاك بالخطاب وفي هذا المورد تقول الملاك انتفى فينتفي الخطاب حينئذ وبناءً على هذا ففي جميع موارد الترتب ينتفي الملاك فينتفي الامر حينئذ ولا معنى للقول بالتزاحم والترتب

ولكن هذا ايضا ممنوع صغرا وكبرا فقد تقدم سابقا ان ملاكات الاحكام لا تدور مدار الخطاب صحيح ان الخطاب كاشف عن الملاك لكن لا تدور هذه الملاكات مدار الخطابات ربما ينتفي الخطاب لأجل عذر من الاعذار لكن الملاك باقي ولذا قلنا في موارد اجتماع الامر والنهي ربما يمكن للمكلف ان ينوي الملاك ويأتي به من دون ان يكون خطاب في البين وقد تقدم تفصيل هذا المعنى في الفقه والاصول كما انه في هذه الموارد سيأتي انه ليس الامر كذلك .

وقد استشكل السيد الصدر رحمه الله على المحقق النائيني من ان الواجب المزاحم للواجب الاخر مشروط بالقدرة الشرعية فلا ترتب فاذا لم يكن ترتب فلا تزاحم اذ ان التزاحم خرج عن مورد التعارض فيما اذا كان الترتب ممكن اما اذا كان غير ممكن فلا تزاحم والسر في ذلك ان القدرة اذا كانت بمعنى عدم الامر بالخلاف فصحيح هذا المعنى لان الشرط بنفسه موجب لانتفاء الملاك والخطاب ايضا اذ مجرد ان يبتلي هذا الواجب المأخوذ بالقدرة الشرعية لم يتحقق هذا الشرط فاذا لم تكن قدرة فلا ملاك ولا خطاب، اما اذا كانت القدرة الشرعية بمعنى عدم الاشتغال بالضد الاهم او المساوي فإمكان الترتب صحيح ولا اشكال فيه فلو اشتغل بالواجب الاخر ينتفي هذا والخطاب فعلي في كل واحد منهما فاذا اشتغل بأحدهما ينتفي بالنسبة للأخر

 

والحق اننا ذكرنا انه خلاف في معنى القدرة الشرعية فاذا اخذناها بالمعنى العرفي المتقدم وهي القدرة الخاصة التي يراد منها تهيأت اسباب العمل ومباشرة المكلف لإتيان ذلك العمل فلا ريب ولا اشكال في ان هذه القدرة اذا ابتليت بالمزاحم لا تكون حاصلة حينئذ فلا يمكن الترتب فلا تزاحم فعلى حسب الكبرى كلام المحقق النائيني صحيح اما بحسب التطبيقات هل ان هذه الكبرى يمكن تطبيقها في كل مورد وواجب يشترط فيه القدرة الشرعية اما الصغريات فليس الامر كذلك فهي تابعة لما يستفاد من لسان الدليل وما يستفاد من المناسبة هو القرائن المحيطة بذلك التكليف من تلك التطبيقات التي ذكرها

الوضوء بالماء فاذا ابتلى بواجب اخر وهو انقاذ النفس المحترمة وعنده ما يكفيه اما للوضوء او يدفعه لشخص ينقذه به من الموت فقال رحمه الله ان الوضوء مشروط بالقدرة فاذا ابتلي بمثل هذا تسقط القدرة فلا ملاك للوضوء فلو توضأ كان وضوئه باطل، الا ان تفصيل الكلام في هذا ان الوضوء لم يكن مشروط بالقدرة الشرعية فقد استدل على اعتبار القدرة الشرعية بالوضوء بالآية الشريفة وقد جعل التيمم بدل الوضوء فكل واجب يكون فيه بدل فان القدرة فيه قدرة شرعية وقد تقدم في مرجحات التزاحم انه يقدم الذي لا بدل له على الذي فيه بدل، ولكن تقدم الكلام انه لا كلية في ذلك ولذا قلنا انه ليس دائما لانه لا دليل عليه

والامر الاول : قوله تبارك وتعالى ( فان لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) فقد فصل تعالى بين الوضوء والتيمم فقد اعتبر في التيمم عدم وجود الماء فمن كان واجد الماء حكمه التيمم ومن لم يكن له الماء فحكمه التيمم والتفصيل قاطع للشركة فيكون موضوع الوضوء وجدان الماء

الامر الثاني : ان قوله تعالى (فمن لم يجد) ليس المراد منه عدم الوجود بل المراد عدم القدرة الشرعية ولو بمعونة ذكر المرض او السفر في الآية الشريفة وتفصيله لا انه لم يوجد الماء بل لا يمكن استخدامه .

الا ان الاشكال عليه واضح اما الاول فليس لنا قاعدة كلية ولا دليل على ان كل واجب له بدل القدرة المأخوذة فيه قدرة شرعية فلا دليل لهذه الكلية اما الثاني فان الآية الشريفة يستفاد منها العجز أي لم يجدوا ماء أي يعجزوا عن استعمال الماء تارة لأجل المرض او لعدم الوجود والعجز غير القدرة الشرعية ولو لمعونة الشارع الاقدس وسع دائرة العجز ليشمل عدم الوجود فان عدم الوجود لا يسمى عجز فحينئذ المراد من الآية وجدان الماء في الوضوء وعدم وجدان الماء في التيمم، وثانيا ان الآية الشريفة لم تكن في تفصيل الحكم والخطاب بل هي تبين التفصيل في هذا المقام ان هناك حكمان متوجهان لهذا المكلف امتثال الوضوء عند وجود الماء امتثال التيمم عند عدم وجدان الماء فحينئذ ما استفدنا ولا دليل على ان الوضوء اخذ فيه القدرة الشرعية فمعناه قدرة عقلية وهذه القدرة يصح فيها الترتب واذا صح فيها الترتب صح فيها التزاحم فمن توضأ ولم ينقذ النفس المحترمة فعل محرم ولكن وضوئه صحيح لوجود الامر فيه والمسألة مورد خلاف بين الاعلام .