الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مرجحات باب التزاحم

اذا كان هناك حكمان متزاحمان فما هو الموجب لترجيح احدهما على الاخر وقد ذكروا مرجحات في البين البعض منها يرجع الى نفي التزاحم والبعض منها يرجع الى مرجحات باب الورود وكيف ما كان فقد ذكروا لها مرجحات :

المرجح الاول : تقديم ما هو المشروط بالقدرة العقلية على ما هو المشروط بالقدرة الشرعية عند التزاحم بينهما فاذا كان هناك حكمان متزاحمان كان احدهما مشروطا بالقدرة العقلية والاخر مشروط بالقدرة الشرعية فيقدم ما هو المشروط بالقدرة العقلية على ما هو مشروط بالقدرة الشرعية كما اذا كان عليه وفاء دين حال وكذا كان عليه حج واجب ولم يكن عنده من المال ما يكفي الا لأحدهما، فقد ذكر الاصوليون والفقهاء تقديم ما هو مشروط بالقدرة العقلية أي وجوب ايفاء الدين ولا يجوز له ان يصرفه في الحج والدليل على ذلك انه اذا صرف المال على وفاء الدين فقد انتفت القدرة على الحج فينتفي موضوع الوجوب لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه بخلاف ما هو مشروط بالقدرة العقلية فان الحكم فيها فعلي وموضوعها فعلية الحكم بفعلية موضوعه، والكلام يقع في ضمن امور:-

الامر الاول : ما هو المراد من القدرة الشرعية وقد ذكروا لها معاني الاول ما ذكره المحقق النائيني وهي ما اذا كانت دخيله في ملاك الحكم ووجوبه بحيث اذا انتفت القدرة ينتفي الملاك والمصلحة فان كل حكم يشترط فيه المكلف ان يكون قادر على اتيانه فحينئذ الحكم بالنسبة الى الاحكام بالقدرة العقلية عقلي بينما اذا انتفت القدرة الشرعية ينتفي ملاك ذلك الحكم ومصلحته فالقدرة العقلية لم تكن داخلة في ملاك الحكم حتى تنتفي اذا انتفى الحكم .

الامر الثاني : ان القدرة الشرعية هل هي مقابلة للعجز التكويني الاضطراري، وبناء على هذا التفسير لا فرق بين القدرتين اذا وقع التزاحم بينهما لا يمكن تقديم احدهما على الاخر لفعلية كل واحد منهما فان كل حكم بالسبة لهما فعلي فحينئذ لا موجب على ترجيح احدهما على الاخر

واذا كانت القدرة العقلية مقابل العجز مطلقا الشامل للعجز الحاصل بالاشتغال بالضد الواجب فان الانسان لم يكن عاجزا تكوينا الا انه لما اشتغل بالضد الواجب حصل له العجز ففي هذه الصورة يمكن القول انه اذا دار الامر بين القدرة الشرعية والقدرة العقلية بهذا المعنى يقدم ما هو المشروط بالقدرة العقلية على ما هو المشروط بالقدرة الشرعية .

او اذا كان المراد من القدرة الشرعية المساوقة للقدرة العقلية والقدرة التي يأخذها المولى فحينئذ هذه المساوقة يمكن القول عند التزاحم بين الواجبين احدهما مأخوذ فيه القدرة العقلية والاخر القدرة الشرعية فيقدم القول المأخوذ فيه القدرة العقلية لما ذكرناه من ان هناك تقيد لبي بالنسبة الى القيد الشرعي اذا لم يشتغل بضد واجب فاذا اشتغل بالضد الواجب تسقط القدرة .

وبناءً على الاحتمال الاول لا معنى لتقديم احدى القدرتين على الاخرى لفعلية الخطاب في كل واحد منهما فاذا كان الحكم فعلي لا موجب لترجيح احدهما على الاخر، في الثاني والثالث يمكن القول ما هو مشروط بالقدرة العقلية على ما هو المشروط بالقدرة الشرعية وان اختلف الدليل في كل واحد من الدليلين كما ذكرنا، ولا يخفى ان ما ذكره بعض الاصوليين اشبه بالفروض العقلية فالمعنى الثالث هو الرجوع الى العرف في تعين القدرة الشرعية والقدرة العقلية فاذا رجعنا لهم نرى ان القدرة الشرعية هي قدرة خاصة انما يكون المراد منها تهيأت اسباب الفعل وما يرتبط به حتى يتمكن من اتيان ذلك الفعل ومباشرته له هذه هي القدرة الخاصة التي يعتبرها الشارع الاقدس في بعض الواجبات مقابل القدرة العقلية التي هي المناط في كل تكليف أي لا يكون عاجزا لانه محال عند العقل وهذا هو الفرق بين القدرتين فما ذكره الشيخ النائيني بحاق المطلب يرجع الى ما ذكرناه عرفا اما ما ذكره بعض الاصوليين من تقسيم القدرة فمجرد فروض ان رجعوا الى المعنى العرفي فهو المتبع والا فلا دليل عليه .

الا انه اذا احرزنا القدرة الشرعية فلا اشكال واما اذا شككنا في ان القدرة المأخوذة في هذا التكليف هل هي قدرة شرعية ام عقلية عامة في كل خطاب والشك اما لعدم دليل على ذلك او ان الخطاب الذي تعلق بالحكم لم نستفد منه شيء فما هي الحيلة حينئذ والبحث تارة يقع بحسب الاصل العملي واخرى يقع بحسب القاعدة واطلاق الادلة فهل اطلاق الادلة هي القدرة الشرعية ام انها تقتضي مجرد القدرة العقلية والكلام يقع في مقامين ان شاء الله .