الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : اقسام التعارض – الورود
كان الكلام في الورود وهو من موارد التعارض غير المستقر واطلاق التعارض على غير المستقر مسامحي لانه لا يكون الا بين التنافي بين الدليلين وتكاذبهما، والوراد من الورود هو كون احد الدليلين رافعا لموضوع الدليل الاخر ونافيا له حقيقتا فلا ريب ولا اشكال في تقدم دليل الوارد على دليل المورود ولا يحتاج الى برهان في هذا فان تصور الورود وفرض والورود يكفي في ذلك .
ثم قلنا انه لا فرق في الورود بين ان يكون دليل الوارد متصل بدليل المورود او يكون الدليلان منفصلين اذ ليس الكلام في مباحث الالفاظ هذا يكون لفظ هذا وذاك ينعقد وله ظهور انما الكلام في ان هذا يرفع موضوع الدليل الاخر وينفيه، والورود بالمعنى العام يختلف بحسب منشأه تارة يكون الدليل الذي ينفي موضوع الاخر منشأه الدليل الشرعي وتارة لا يكون بالتعبد والنظر الشرعي وسمي بالتخصص، والورود تارة يكون من جانب واحد وتارة يكون من جانبين ان هذا الدليل ينفي مرتبة من الموضوع الاخر وذاك ينفي مرتبة من الموضوع الاخر فيكون من الجانبين .
البحث الثاني : ان الورود انما يرتبط بمراحل الجعل فان كل حكم شرعي يمر بمراحل وهي الجعل والفعلية والوصول والتنجز والامتثال وهي المراتب التي ذكروها في بحث الاحكام فالمثال الاول ما اذا كان دليل الاول ناظر الى الحكم في طرف المورود ونافي له بحسب الجعل فان الزكاة لا تتعلق بشيء مرتين وهو المثال المعروف وفسر بانه لا تدخل عين زكوية في نصابين فلو كان عنده في الستة اشهر عنده عشرون من الابل وزكاتها الاربعة شياه ولكن هذه النصب لم تصل الى مرحلة الفعلية بل مقيدة بان تصل الى اخر السنة، فلو زادة في الستة اشهر الاخر زادة خمسة وصارت خمسة وعشرون من الابل فيقع التعارض بين دليل النصاب الاول ودليل الثاني فبما انهما يتعارضان فليس في عين زكوية نصابين يدخل هذا النزاع فالدليل الوارد ينفي دليل الاخر بحسب الجعل، الا ان هذا المثال موضوع نقاش في علم الفقة فبعضهم يقدم النصاب الثاني وبعضهم يقدم الاول، اما اذا كان احد الدليلين رافع لموضوع الاخر في مرحلة الفعلية كالمتزاحمين بناء على استحالة الترتب وهو نزاع بين الاصوليين هل ان بين المتزاحمين ترتب او لا يترتب عليهما ترتب وهو ممكن وثابت يترك المهم ويأتي بالاهم اما بناء على استحالة الترتب فان فعلية تكليف الاهم يمون نافيا لتكليف المهم بحسب الفعلية فاذا اردنا منها الاعم من التنجز اما اذا قلنا المراد من الفعلية التنجز يدخل في القسم الثالث وسيأتي بيانه .
اما اذا كان في مرتبة الوصول فان التكليف الوارد في دليل الوارد يرفع موضوع الحكم في دليل المورود بحسب الوصول كالمتزاحمين الذين بينهما ترتب ونقول بعدم استحالة الترتب فيكون اهم ومهم فاذا اتى بالاهم يسقط التكليف بالنسبة للمهم .
اما اذا كان في مرتبة التنجز فاذا ورود دليل ينفي الحكم في دليل المورود في مرحلة التنجز، واما مرحلة الامتثال ان هذا التكليف رافع لحكم الموضوع الاخر بحسب الامتثال كما في مورود المتزاحمين الذين لا يمكن الجمع بينهما فيقدم الاهم او المساوي بناء على امكان وصحة الترتب .
وقلنا سابقا في موارد الورود لا تعارض بينهما اذا لا تكاذب بين الجعلين وانما رفع احد الدليلين مشروط بعدم الاخر وهذا لا يرجع الى التكاذب بين الجعلين ولذا قلنا ان الورود من اقسام التعارض غير مستقر وهو تعبير مسامحي، وقد يتحقق ورود بين دليلين احدهما يرفع مرتبة من موضوع الدليل الاخر  والاخر يرفع مرتبة من دليل الوارد وهو موجود وامثلته قليلة كما لو كان حج ونذر فان الورود ان الحج مشروط بعدم النذر الحج مشروط بعدم الحج هل يمكن تصور هذا المثال فانه يرجع الى الدور وهو بحد نفسه غير معقول، اما اذا قلنا ليس على نحو الاطلاق ان احدهما متوقف على عدم وجود الاخر أي لولا عدم الاخر لتحقق الاخر فان بينهما لولائية لولا النذر لوجب الحج ولولا الحج لوجب النذر فاذا لم يكن توقف احدهما على عدم الاخر على نحو التقيد فان تصحيحه ممكن ونزاع في هذه المسألة يقدم النذر فيسقط الحج كما لو نذر ان يزور الحسين عليه السلام يوم عرفة مطلقا طوال حياته فهل يقدم النذر ويسقط الحج ان كان مستطيعا او يقدم الحج على النذر فنزاع بين الاعلام بهذا الشأن فان هنا ورود لكن من جانبين فاذا كان على نحو الاطلاق فقلنا انه بحد نفسه غير معقول لانه يستلزم الدور واما اذا قلنا ان تقيد احدهما بالنسبة للأخر مقيد وليس مطلق أي لولا وجود هذا استلزم العمل بالنسبة للأخر فهذا ممكن ويصح تصحيحه .