الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التعارض

ومن جميع ما ذكرناه في معنى واقسام التعارض وما يستشكل عليه يظهر ما ذكره الاصوليون في المقام وعلى طول كلامهم تظهر امور :-

الامر الاول : ما ذكره الشيخ النائيني رحمه الله انتصارا لتعريف المشهور وهو لا يشمل موارد الجمع العرفي، والسيد الخوئي قده فصل الكلام توضيحا لما ذكره استاذه فقال كل دليلين اذا لوحظ النسبة بينهما فلا تخلو اما ان تكون على وجه التخصص او الورود او الحكومة او التخصيص ويجمع هذه الاربعة عنوان الجمع العرفي

فأما الورود فلا يدخل في التعارض ابدا لانه خروج موضوعي بمعنى خروج موضوع احد الدليلين عن الدليل الاخر فلا تنافي بينهما لكي يدخل في عنوان التعارض

واما التخصص فانه خروج موضوعي تكوينا باعتبار ان هذا الدليل يشمل وذاك الدليل يخرج هذا فيخرج الموضوع عن الدليل الاخر ولكن الفرق بين الورود والتخصيص ان الورود خروج تكويني بعناية تعبد الشرع والتخصص خروج تكويني فلا يشمل هذا الدليل لموضوع ذلك الدليل ابدا فلا يتحقق بينهما التنافي فلا يدخل في عنوان التعارض

واما الحكومة فانه يكون احد الدليلين ناظر الى الدليل الاخر نظر شرح وتفسير بمدلوله اللفظي باي اسلوب كان فاذا ورد في الدليل كلمة (أي او اعني ) فهو يدل على انه نظر شرح و تفسير فيحكم على ذلك خروج هذا الدليل عن ذاك اما بخروج موضوعي او خروج حكمي، اما ان يكون طبع الدليلين اذا لاحظنا احدهما مع الاخر انما يكون بينهما لسان حكومة لا بلسان اللفظ كما بالنسبة الى ادلة الاصول وادلة الامارات فأننا اذا لاحظنهما معا نرى ان ادلة الامارات شارحة لأدلة الاصول حاكمة عليها رافعة لموضوع الاصول فلا ريب ولا اشكال انه لا تنافي بين دليل الحاكم ودليل المحكوم حتى يقع التعارض بينهما .

واما التخصيص فهو قرينة وذي القرينة فان احدهما له ظهور في العموم والدليل الاخر قرينة على ان ذلك العموم لم يكن مرادا للمتكلم فلا اشكال على انه لا تنافي بينهما حتى يتحقق التعارض بينهما، الا ان السيد الخوئي ارجع التخصيص الى الحكومة وقال ان الامور ثلاثة التخصص وهو الخروج التكويني او الورود وهو الخروج التكويني بعناية التعبد او الحكومة بحيث ان لسان الدليل ناظر الى الدليل الاخر يرفع موضوعه او يرفع حكمه والتخصيص ايضا يرجع الى الحكومة وذكر كلام طويل بذلك

لكن حق المقام اننا لو ارجعنا الامر الى النظر العرفي لاستغنينا من هذا التطويل فان العرف يرى ان هناك دليلان اذا كان احدهما قرينة على تعين الظهور في الخر او تعين المراد فلا ريب ان العرف يقدم القرينة على ذي القرينة اذ لا تنافي بين القرينة وذي القرينة فلا يتحقق موضوع التعارض ابدا، واما ارجاع التخصيص الى الحكومة ففيه كلام سيأتي توضيحه فليس فيه أي ثمرة لا علمية ولا عملية سواء جعلناهما امران مختلفان او احدهما يرجع الى الاخر .

الامر الثاني : ذكر السيد الصدر قده بناءً على تعريف المشهور او بناءً على تعريف صاحب الكفاية للتعارض ان موارد الجمع العرفي داخل في التعريف لا محال فلا يمكن ان نخرج موارد الجمع العرف عن التنافي بين المدلولين او التنافي بين الدلالتين، اما بين المدلولين فاذا كان هذا المدلول يثبت شيء وذلك المدلول شيء اخر ويكون بينهما تنافي فيتحقق التعارض بينهما ورفع ذلك التعارض يكون بالجمع العرفي، واما الدلالة فالمراد منها اما ان يراد منها الظهور او الحجية فاذا كانت بمعنى الظهور في موارد اذا كانت الخاص منفصل عن العام فان العام انعقد ظهوره فيأتي الخاص منفصل فيقع التعارض بينهما وكذلك في موارد الدلالة اذا كان المراد منها الحجية فيقع التنافي بينهما فلابد من رفعه بالجمع العرفي .

والجواب عن ذلك باننا لو جعلنا بين العام والخاص قرينة وذي القرينة وجعلنا بين هذا الدليل والدليل الاخر قرينة وذيها فلا اشكال لا تنافي بين القرينة ولا ذي القرينة فان لم يحصل التنافي فلا تعارض بينهما وان موارد الخاص المنفصل الظهور الذي يحصل للعام ظهور اقتضائي ومعناه معلق على عدم وجود قرينة على التصرف فيه فيكون ظهور تعليقي والظهور التعليقي اذا كان غير مستقر فلا يمكن العمل به فلابد من ان يستقر لكي يتم العمل به وهذا الفرض نادر بان يحصل على ظهور ويعمل به ثم نعثر على خاص ونرفع اليد عن ظهور العام في مقام العمل كلهم متفقون انه لا يجوز العمل بالدليل مالم نعثر على القرينة الموجودة فيه فان تفحصنا ولم نعثر عليهما نعمل بالظهور وان لم نتفحص يكون ظهور تعليقي

وحينئذ تنافي مدلولي الدليلين او تنافي الدليلين في مدلولهما و بحسب الدلالة كما في تعريف الخرساني فموارد الجمع العرفي خارج عن التعريفين بالكلية .

الامر الثالث : ايضا ذكر السيد الصدر قده ان العام والخاص تارة يكون بينهما تعارض بين دليل الخاص ودليل حجية العام وتارة يكون بين دليل حجية الخاص ودليل حجية العام وثالثا يكون بين نفس دليل الخاص ونفس دليل العام

اما الصورة الاولى : فلا تقابل ولا تعارض بينهما اذ ان دليل الخاص مقدم على دليل العام فان احد الحكمين واقعي والاخر ظاهري وقد ذكرنا ان التعارض لابد فيه من وحدة المرتبة .

اما الصورة الثانية : ايضا فلا تعارض بينهما ابدا اذ ان فيهما ظهور وهو غير مستقر فلا يعتنى به الا بعد معرفة ان هناك قرينة على هذا الظهور او لا .

واما الصورة الثالثة : فإنما يكون تخصيص وفي القسمين الاوليين فلا تخصيص فانه فيهما ورود وفي هذا القسم ان يكون بين نفس دليل الخاص وبين نفس دليل العام تقابل وبذلك يريد ان يرد على ما ذكره استاذه السيد الخوئي قده

ولا حاجة الى هذا التفصيل اذ ان المناط كله ان يكون بين الدليلين تقابل بدون ان يكون قرينة او ذي القرينة فلو تحقق في احدهما كونه قرينة على التصرف في ظهور الطرف الاخر او في المراد من الدليل الاخر فلا تقابل بين القرينة وذي القرينة فلا تعارض .