الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التعارض

ذكرنا ان الكلمات الواردة في تعريف المشهور هي الدليل الدلالة المدلول التنافي وقد ذكرنا ان الدليل في عرف المناطقة والاصوليين ما يمكن التوصل به الى مطلوب خبري سواء كان هذا التوصل علمي او ظني واما في مقام العمل فانه يكون اوسع فيقولون ما يمكن التعويل عليه لأثبات حكم شرعي او موضوع حكم شرعي سواء كان عقلي معتبر او ظني معتبر، وذكرنا ان الدلالة هي ما يلزم العلم بها العلم بشيء اخر وفي تعريف الشيخ الطوسي ما يمكن العلم به التوصل الى علم اخر وهما يقتربان شيئا ما، وذكرنا معنى التنافي وهو ان يكون بين مدلول احدهما منافات وعدم امكان اجتماع مع مدول الاخر على وجه التناقض او التضاد .

ثم ذكرنا ان المراد من تقيدهم التنافي بينهم يكون على وجه التناقض والتضاد لإخراج مطلق التنافي اذ ان مطلق التنافي لا يدخل في التعريف اذ ربما يكون بين العام والخاص تنافي بين الحاكم والمحكوم تنافي، وان المراد من الدليل في التعريف الاعم من الاثنين والاكثر من الاثنين أي مطلق التعدد فان التعارض من التفاعل والتفاعل لابد ان يكون بين متعدد سواء اكان اثنين او اكثر وتخصيص المشهور بالاثنين لانه اظهر الافراد، فما ذكره الآخوند في تعريف لفظ الادلة هو استدراك زائد .

والتناقض والتنافي والتضاد تارة تكون حقيقية كما اذا دل دليل على وجوب شيء والدليل الاخر دل على حرمة الشيء نفسه، وتارة يكون حكمي كما لو دل الدليل على وجوب شيء الدليل الاخر دل على وجوب شيء اخر واتى دليل ثالث بين عدم اجتماعهما كما لو دل الدليل على وجوب الجمعة في يوم الجمعة وصلاة الظهر في يوم الجمعة ولكن قام الاجماع على ان في الجمعة ليس هناك الا ظهر او جمعة ليس بينهم اجتماع فحصل بينهم التعارض الحكمي، وتارة يكون تنافي الدلالتين هو عدم امكان اجتماع الدلالتين دلالة احدهما مع مدلول الاخر والتنافي تارة يكون بالذات كما لو كان دليل يدل على وجوب شيء والدليل الاخر يدل على حرمة ذلك الشيء فيكون التنافي ذاتي، وقد يكون التنافي عرضي كما لو دل دليل اخر على عدم اجتماعهما في الضمن ، فما ذكره السيد الصدر في تعريفه على ان يكون التنافي ذاتي هو هذا التنافي الخاص .

ثم انهم قيدوا التنافي على وجه التناقض والتضاد اما لإخراج اذا كان التنافي بينهم في مقام العمل لا بحسب الدليل كما في موارد التزاحم كما لو دل الدليل على وجوب انقاذ الغريق ودليل على وجوب الصلاة واجتماعا ولا يمكن الجمع بين ادائهما دفعة واحدة، او كان تنافي بحسب المرتبة كما لو دل الدليل معارض له بحسب الظاهر فانه خارج عن بحث التعارض كما لو دل الاستصحاب على نجاسة الدم ولكن قامة البينة على انه ليس من دم الانسان فتقيد التنافي لإخراج هذين الامرين .

ثم ان الاثنينية تارة تكون شخصية كما لو دل دليل على وجوب شيء والدليل الاخر يدل على حرمته وتارة تكون نوعية تدل على اكثر من واحد وكل واحد من هذين الدليلين يخالف صاحبيه كما لو دل الدليل على حرمة ذلك الشيء واخر دل على كراهته والثالث دل على اباحته .

الا ان الاصوليين خصوا بحث التعارض في خصوص الامارات الشرعية التي تدل على الاحكام الشرعية ولا ربط لهم بين التنازع بين الدليلين العقليين وبحثهم في التعارض يخص باب التعارض بخصوص الامارات الشرعية التي تدل على الاحكام الشرعية وغير ذلك خارج، وعندهم لا فرق بين ان يكون التعارض شخصي في دليل من الادلة كتاب مع كتاب او سنة وع سنة بحسب النوع هو واحد او بحسب الصنف فقد يكون سنة واحدة يدل فيها على شيء ودليل في نفس هذه السنة يدل على شيء اخر .

ومن هنا عرفنا ما يتعلق بالتعريف الذي ذكره المتأخرون وتعريف السيد الصدر فيتضح من جميع ما ذكرناه التعاريف الثلاثة وعمدة الخلاف بين تعريف المشهور وتعريف المتأخرين هو ان تعريف المشهور يشمل موارد الجمع العرفي اذ ان فيها تنافي بحسب المدلول وتعريف المتأخرين اخرجوا موارد الجمع العرفي حيث لا تنافي بين الدلالة ومقام الاثبات وان كان بينهم تنافي بحسب المفهوم مضافا الى ان تعريف المشهور مختص بالاثنين لانه اظهر الافراد وهو يشمل اكثر من اثنين فما ذكره الشيخ الخراساني استدراك في التعريف .

وقبل بيان النقاش في هذه التعاريف لابد من التذكير بشيء وهو ان هذه التعاريف لم تكن مورد نص لكي نتعبد به اذ ان الشيء الذي يرد في النص لابد من التعبد به فاذا ورد عليه ايراد فلابد من توجيهه اما هذه التعاريف فهي اعتبارية ورد من احد العلماء ومن ثم تطابقت الآراء عليه فصار مشهورا، ولكن هل في التعارض تعريف خاص في البين ام اننا نرجع فيه الى العرف فما حكم به العرف انه تعارض نحكم به .