الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : قاعدة القرعة

الامر الثاني : بيان الفرق بين الاستخارة و القرعة ولا ريب ولا اشكال في مشروعية الاستخارة وقد جرت سيرة الشيعة علمائهم وصلحائهم وهم بذلك يقتدون بأئمتهم عليهم السلام حيث وردة روايات عديدة في الاستخارة وايضا وردة الاستخارة في عن العامة ولو كانت بصورة مختلفة ومعناها عندهم الاستخارة هو طلب الخير في امورهم الدائرة بينهم سواء كانت عبادية او غيرها واما عندنا هو استكشاف الواقع في الخير وعلى كل حال فان الاستخارة هي من مصاديق تفويض الامر الى الله تعالى وبهذا اشتركت مع القرعة ولذلك حقيقة الاستخارة هو تفويض وتسليم الامر الى الله تعالى بعد فقد كل السبل فاذا حصل للمستخير غير ما هو يقصده او حصل له مكروه يعتبره خير من الله تعالى اليه ولذلك فان الاستخارة عبادة وتسليم وتفويض الامر اليه تعالى وقد ذكر السيد البونجردي في قواعده الفقهية عن بعض الاعلام قال ان الاستخارة من اقوى الحجج على وحدانية تعالى واعتبره بعض المعاصرين ان هذا طريفة ! لكن هذا ليس طريفة فان المستخير لابد ان يكون معتقد بالله مسبقا وانه لا ملجأ الا اليه حيث لا سبيل له لطلب الخير الى منه تعالى وهذا قمة التسليم له تعالى

وكيف ما كان فان استكشاف الواقع بالاستخارة هو المستفاد من الروايات الكثيرة التي وردة في موضوعها وهذا ما عليه سيرة الامامية الاثنا عشرية ولها كيفيات متعددة وذكر لها ادعية متنوعة مذكورة في الروايات فبعضها عمل بها وبعضها اخذت بغير طريق الرواية والسيد الوالد يفصل فيها في مهذب الاحكام من الصلاة المندوبة صلاة الاستخارة واما الروايات فهي كثيرة

منها ما رواه في الكافي بسنده عن يحيى الحلبي عن عمرو ابن حريث عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال : صلي ركعتين واسخر الله فو الله ما استخار الله مسلما الا خار له البتة)

ومنها ما رواه الكليني عن عمر ابن شمر عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال : كان علي ابن الحسين عليه السلام اذا هم بأمر حج او عمرة او بيع او شراء او عتق تطهر ثم صلى ركعتي الاستخارة فقرأ فيها بسورة الحشر وبسورة الرحمن ثم يقرأ المعوذتين وقل هو الله احد واذا فرغ وهو جالس في دبر الركعتين يقول اللهم ان كان كذا وكذا خير لي في ديني ودنياي وعاجل امري واجله فصلي على محمد واله واصرفه عني ربي صل على محمد واله واعزم لي رشدي وان كرهت ذلك او ابته نفسي) وهذه الرواية تعلمنا حقيقة الاستخارة فان وصل الشخص الى مقصودة حصل وان لم يصل الى مقصودة فانه خير اختاره من الله وهذه الرواية تدل على ان الخيرة لم تكن في الامور الدنيا فقط انما حتى امور الاخرة ، وان هذه الرواية وان كانت ضعيفة الا ان شهرتها الروائية وشهرة عمل الاصحاب بها تجبر ضعفها ولذلك لم يستشكل كثير من العلماء عليها

ومنها ما رواه ايضا بسنده عن هارون ابن خارجة عن ابي عبد الله عليه السلام قال : اذا اردت امرا فخذ ست رقاع فكتب في ثلاثة منها بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان ابن فلانة افعل وفي ثلاثة منها بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان ابن فلانة لا تفعل ثم ضعها تحت مصلاك ثم صلي ركعتين فاذا فرغت فسجد سجدة وقل فيها مئة مرة استخير الله برحمته في عافية ثم استوي جالسا وقل اللهم خر لي في جميع اموري في يسر منك وعافية ثم اضرب بيدك الى الرقاع فشوشها واخرج واحدة واحده فان خرج ثلاثة متواليات افعل ففعل الامر وان خرج ثلاثة متواليات لا تفعل فلا تفعله وان خرج واحد افعل والاخرى لا تفعل فأخرج من الرقاع الى خمسة فانظر الى اكثرها فعمل بها ودع السادسة) وهذه الرواية ضعفت بوجهين :-

احدهما سهل ابن زياد فقد ورد كثيرا في سند الكافي فقد اتهم بكثير من الاتهامات وكثير من العلماء نفوا هذه الاتهامات وقالوا انها غير مناسبة فان الكليني ينقل عنه بهذه الكثرة دليل على انه لم تكن به صفات الغير مناسبة التي اطلقت عليه وكذا ذكر كثير من علماء الرجال ان الامر في سهل سهل ، والثاني احمد ابن محمد البصري فقد رمي بالغلو والنجاشي يروي ذلك فمن اعتمد على النجاشي ولا يوجد طريق لتصحيحه واما اذا قلنا النجاشي وغيرهم من علماء الرجال دخل الاجتهاد في تضعيفاته فلم يكن لهم سماع حتى تكون شهادة بالحس وقد ذكرنا ان هذه الرواية لها شهرة روائية وشهرة عملية يمكن جبر ضعفها اذا كانت ضعيفة من هذا الرجل .