الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : جريان قاعدة التجاوز والفراغ في الشك في الشروط

القسم الثالث : ما اذا كانت شروط بالنسبة الى اجزاء المأمور به كالجهرية والاخفاتية بالنسبة الى القراءة في الصلاة فانها مركبة من اجزاء ومن تلك الاجزاء القراءة ومن شروطها الجهر في حالة الجهر والاخفات في حالة الاخفات والكلام الذي تقدم يجري في المقام فانه قلنا بجريان قاعدة الفراغ اذا شك بعد العمل في انه اتى بالصلاة جهرا في موضع الجهر او اخفات في موضع الاخفات فيحكم بالصحة وتجري قاعدة التجاوز وهذا لا اشكال فيه انما الاشكال الذي ذكروه ان الشرط ليس له وجود خارج ليس كالجزء فلا يمكن ان يصدق على الشرط التجاوز والمضي لانهما يصدقان اذا كان للشيء وجود لكي يصدق عليه مضي وتجاوز عنه

ولكن الجواب ظهر مما تقدم ان وجود الشرط بوجود المشروط فالقراءة جزء ولها وجود وشرط القراءة الجهر او الاخفات والجهر له وجود بوجود القراءة والاخفات له وجود تبعي بوجود القراءة فالإشكال غير وارد ولا اشكال في جريان قاعدة الفراغ والتجاوز فيه

بقي قسم اخر وهو الشرط العقلي للجزء وهو الموالاة في اجزاء الكلمة فلابد للمتكلم ان تكون في كلامه توالي بين حروف الكلمة الواحدة فالتوالي شرط عقلي في تحقق الكلمة وهل تجري قاعدة التجاوز بالنسبة لهذا المورد والكلام نفس ما ذكرناه سابقا والاشكال نفسه جاري عليه ولا اشكال في جريان قاعدة التجاوز فلو قرأ كلمة في اثناء الصلاة ثم شك في تحقق التوالي في حروفها حينئذ يجري قاعدة التجاوز ولا اشكال فيه ، والاشكال الذي ابر على ما سبق نفسه يجري هنا ونفس الجواب يجاب عليه من له وجود وليس له وجود وقلنا بوجوده بوجود مشروطه الخ .

المبحث الثامن : جريان قاعدة التجاوز في الوضوء بل الطهارات الثلاث

المشهور عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء ويدل على ذلك الاجماع الصريح والنص الصحيح وهي صحيحة زرارة التي تدل على عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء وهي قوله عليه السلام : اذا كنت قاعدا في وضوئك فلم تدري غسلت ذراعيك ام لا فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه انك لم تغسله مما اوجب الله عليك فاذا قمت وفرغت منه وصرت الى حالة اخرى فشككت في بعض ما سمى الله تعالى مما اوجب عليك لا شيء عليك) حينئذ هذه الرواية صريحة في عدم جريان قاعدة التجاوز في اثناء الوضوء وجريان قاعدة الفراغ بعد الوضوء ، انما الكلام في جريان قاعدة التجاوز في التيمم والغسل فهل هما ملحقان بالوضوء فلا تجري قاعدة التجاوز فيها في الاثناء؟ ، مشهور الفقهاء الحاق الغسل والتيمم بالوضوء فلا تجري قاعدة التجاوز فيهما ومتفقون على جريان قاعدة الفراغ في الجميع ويمكن الاستدلال على ذلك بوجهين :-

الوجه الاول : ما ذهب اليه المحقق النائيني رحمه الله من ان الروايات التي دلت على قاعدة التجاوز مختصة بالصلاة فتخرج الطهارات الثلاث تخصصا ، وقد تقدم فساد هذا الرأي من ان الاخبار التي وردت بهذا المضمون لا سيما صحيحة زرارة وموثقة جابر لها من العمومية والشمول والاطلاق بحيث يشمل كل مورد وان الامام طبق كبرى على صغرى (كلما شككت فيه من شيء فأمضه كما هو) فلا اشكال في عمومية هذه الاخبار وشمولها للعبادات وغير العبادات .

الوجه الثاني : ما ذكره الشيخ الانصاري رحمه الله ان الوضوء وان كان مركب من الغسلات والمسحاة الا ان المترتب عليه اثر واحد بسيط وهو اما ان يكون الطهور او النور وهذا امر بسيط ليس فيه اجزاء لكي تجري فيه قاعدة التجاوز فاذا لم تجري القاعدة في الوضوء كذلك في التيمم وكذلك في الغسل حتى ولو كان مركب من اجزاء الا ان المأمور به هو تحصيل هذا الاثر البسيط ، اشكل عليه بوجوه :-

الاشكال الاول : ان هذا منافي لظاهر الآية الشريفة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ[1] ظاهر هذه الآية تحصيل هذه الاجزاء الخارجية وليس الامر متوجه الى تحصيل ذلك الامر البسيط فتصير الغسلات والمسحاة مقدمة لتحصيل هذا الامر البسيط ، وايضا منافي لظاهر الروايات الواردة في الوضوء فانها دالة على وجوب غسل الوجه واليد ومسح الرأس والقدم والروايات ظاهرة في تحصيل هذه الامور وان كان يترتب عليها النور والطهور وما ذكره الشيخ الانصاري منافي لذلك

الاشكال الثاني : انه منافي لظاهر قوله عليه السلام في موثقة ابن ابي يعفور التي تقدم ذكرها (كلما شككت في شيء من الوضوء) معناه اثبت اجزاء للوضوء فلو كان امرا بسيطا لما كان لهذا الكلام وجها

الاشكال الثالث : اذا كان المدار على الاثر المترتب على المركب ففي جميع العبادات تكون كذلك فان الصلاة مركبة ولكن الاثر المترتب عليها بسيط كذلك في الصوم ونحو ذلك فان كل العبادات المركبة من الاجزاء الاثر المترتب عليها امر بسيط فما هو الوجه في تخصيص الوضوء بذلك


[1] المائدة/السورة5، الآية6.