الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : جريان قاعدة الفراغ والتجاوز في الشروط
قالوا لا مجال لجريان قاعدة الفراغ والتجاوز إذا كان الشرط شرطا عقليا مقوما للمأمور به إذ قاعدة الفراغ فإنها إنما تجري بعد العمل لا في شيء لا ندري بتحققه . وأما قاعدة التجاوز فجريانها هنا يستلزم اللغوية إذ العمل موجود بالواقع القصدي فإن كان موجودا فالقاعدة لغو وإن لم يكن موجودا فهو تصرف في الواقع والشارع لا يمكن أن يجعله .
والجواب عن هذا : أن قولهم أن الشرط العقلي لا يمكن أن يتعلق به جعل شرعي فهو غير صحيح وقد ذكرنا مرارا أن هذا غير صحيح ولا كلية له  وأن الأمور العقلية قد يترتب عليها أثر التعبد والأثر الشرعي ففي مقامنا نجري قاعدة التجاوز ونحكم بصحة العمل.
وثانيا : إن النية التي محل الخلاف أي نية الظهرية أو العصرية أو غيرهما تارة يراد منها نية العنوان المحقق للمعنون ففد يقال إنه لا يمكن إجراء قاعدة التجاوز فيه لأن النية ليست عملا حتى نجري فيه صحة شرطه عند الشك فيه كسائر الأعمال التي يشك في تحقق شروطها. لكن يمكن إجراء قاعدة التجاوز في العمل ذي الأجزاء والشرائط الذي يسبقه النية فإذا شك أثناء العمل أنه هل نوى الظهرية مثلا فيجري القاعدة لأنه في صلاته" أذكر " كما عبرت الرواية.
وتارة يقصد من النية قصد القربة والخلاف في النية معروف فمنهم من ذهب إلى أنه شرط عقلي وأخذ في الشرع بمتمم الجعل أو هو شرط شرعي . فإن قلنا بأنه شرط شرعي ولو بمتمم الجعل فلا إشكال في جريان قاعدة التجاوز فيه حينئذ فإذا شك أثناء الصلاة أنه هل دخلها بقصد القربة أو لا فإنه يجري قاعدة التجاوز وكذلك بعد الفراغ فإنه يجري قاعدة الفراغ إذا شك أنه هل دخل في العمل بنية القربة أو لا . وأما الإشكال بأن النية ليس لها محل ولا بد من المحل ليصدق المضي والتجاوز فقد أجاب السيد الوالد بأن المحل يكون باعتبار المشروط لا الشرط فهنا محل أيضا فالشرط يتبع المشروط .
وقد يقال أننا يمكن أن نصحح الأجزاء السابقة في العمل بقاعد التجاوز ولا يمكن تصحيح الأجزاء اللاحقة كما إذا شك في شرط الطهارة أثناء الصلاة . لكن يمكن الجواب عنه بأنه إذا صح جزء العمل المركب صح مجموعه .
والأقوال في أثر قاعدة التجاوز ثلاثة
الأول : أنها تصحح العمل مطلقا فإذا شك في الطهارة أثناء صلاة الظهر مثلا صح ما بين يديه من العمل وأمكنه أن يأتي بصلاة العصر بهذه الطهارة كما أنه قد يقال إنه وإن صحت الصلاة التي شك فيها في شرط الطهارة بواسطة قاعدة التجاوز إلا أنه لا يصح منه أن يأتي بصلاة أخرى بهذا الوضوء المشكوك . وكذا لو شك في أنه أتى بالظهر فيأتي بالعصر ويصح منه ذلك كما صحت الصلاة التي شك في أثنائها بالوضوء فتصح الصلاة التي بين يديه وهي العصر ولكنه يحتاج أن يأتي بصلاة الظهر بعد العصر .
الثاني : أنها تصحح العمل الذي بين يديه لكنه يحتاج لطهارة جديدة للصلاة الأخرى.
وهنا رأي ثالث يرى أن قاعدة التجاوز تصحح الأجزاء السابقة فقط في العمل فيحتاج إلى الوضوء لتصح الأجزاء اللاحقة فإن استطاع تجديد الطهارة أثناء الصلاة مثلا وإلا بطلت .
وهذه الآراء الثلاثة ترجع إلى الاختلاف في القاعدتين هل هما إمارتان أو من الأصول التنزيلية وأما كونهما من الأصول غير التنزيلية فلم يقل بهما أحد بل قال عنه بعض الأعلام أنه سخيف .
وقلنا إن النزاع لا ثمرة فيه إلا ما يقال أنه إن كانتا أمارتان فهما حجة في مثبتاتها ولوازمها فتصح الصلاة التي بين يديه ويمكنه الصلاة بهذه الطهارة صلاة أخرى . وإن كانتا من الأصول التنزيلية فلا تصح إلا الصلاة التي بين يديه .
فلا بد من الرجوع للروايات لنرى هل تثبت الرأي الأول أو الثاني أو الثالث.
لكن الاحتياط أن نأخذ بالرأي الثالث في الشروط الشرعية التي لها محل كالطهارة .