الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الشك في الجزء الأخير
تارة يكون في عمل يعتبر فيه الموالاة كالتسليم في الصلاة وتارة لا يعتبر فيه الموالاة كغسل الجانب الأيسر بالنسبة للأيمن في الغسل.وبالنسبة للعمل الذي يعتبر فيه الموالاة هناك أربع صور :
الأولى : أن يشك بعد الفراغ من الصلاة أنه سلم أو لم يسلم.
الثانية : أن يكون بعد الدخول في التعقيب الذي هو عمل مترتب على الصلاة
الثالثة : أن يكون بعد الدخول في عمل غير مترتب على الصلاة سواء كان ذلك العمل مستحبا كقضاء حاجة مؤمن أو مباحا كشرب الماء.
الرابعة : أن يكون بعد فعل المنافي.
ولا حاجة لهذه الصور بعدما عرفنا أن الملاك في قاعدة الفراغ هو الملاك العرفي وهو أن يكون الإنسان بانيا على إنهاء العمل المركب الذي يدخل فيه . فإذا رأى نفسه قد أنهى العمل كفى بذلك الحكم على إنهاء العمل.
وكذلك قاعدة التجاوز فيكفي فيها للحكم بالتجاوز إرادة الدخول في الغير بحيث تكون هذه الإرادة كاشفة عن إنهاء العمل السابق.
واختلفوا في هذه الصور الأربع فقال بعضهم في الصورة الأولى بأنه يجب عليه اعادة التسليم لاحتمال كونه بعد في الصلاة ولم يخرج منها وأنه لا يصدق عليه المضي والتجاوز ومرادهم هنا من المضي المضي الحقيقي . لكن ذهب المحقق النائيني بأن المضي هنا صادق باعتبار مضي معظم الأجزاء فيصدق عليه ( ما قد مضى ) ويصدق عليه التجاوز إذ لا يشترط في التجاوز الدخول في الغير فلا يجب عليه اعادة التسليم . وأشكل على المحقق النائيني بأن المضي لا يصدق إلا بتمام الأجزاء لا معظم الأجزاء وكذلك التجاوز لا يصدق إلا بعد تجاوز المحل والدخول في الغير وكلامهم وكلام المحقق النائيني مبني على الفراغ والتجاوز الحقيقي فما لم يأتي بكل الأجزاء لا يقال له أتم وفرغ من العمل وكذلك التجاوز فإنه لا يكون إلا بالدخول في الغير حقيقة . لكن لم ينص في الروايات على المعنى الحقيقي للفراغ والتجاوز فالحق هو ماذكرناه من أن التجاوز والفراغ في الروايات هو العرفي لا الحقيقي.
أما الصورة الثانية فيصدق عليه الفراغ والتجاوز لأنه قد دخل في التعقيب . وقال المحقق النائيني بأن الفقيه يشرف على القطع بأن الدخول في التعقيب فراغ من الصلاة وتجاوز عنها إلى غيرهاوقال بأن ما يرشد إلى ذلك هو أن التعقيب كالأذان والاقامة الورادين في الرواية فإذا شك في الإقامة بعدما دخل الصلاة لا يعتني بشكه وكذلك إذا دخل في التعقيب وقد شك في التسليم لا يعتني بشكه. وأشكل عليه بأن هذا من القياس إذ ما دل على استحباب الأذان والاقامة دل على أسبقيتهما على الصلاة وأما ما دل على استحباب التعقيب فلا يدل على أسبقية الصلاة على التعقيب بل عو من باب السبق التكويني كأسبقية الظهر على العصر. لكن الإنصاف أن الدليل الذي دل على استحباب التعقيب دل على التقدم والتأخر بين الصلاة والتعقيب بل يرشد إلى ذلك لفظ التعقيب أيضا فإنه يعني عقب الصلاة.
أما الصورة الثالثة فلا ريب ولا اشكال من أحد في صدق الفراغ والتجاوز عليه فلا يجب عليه التسليم حتى عند من يرى الفراغ والتجاوز بمعناه الحقيقي فلا يجب عليه التسليم بعد دخوله في عمل مباح أو مستحب غير التعقيب كقضاء حوائج الاخوان.
وأما الصورة الرابعة فتارة يكون المنافي عمديا وتارة يكون سهويا فلا شك أن المنافي العمدي مجرى لقاعدة الفراغ فلو تكلم عامدا ثم شك في أنه هل أتى بالتسليم فصلاته صحيحة ولا يجب عليه التسليم وكذلك في المنافي السهوي.
وأما الشك في الجزء الأخير من الوضوء فعندما يرى نفسه قد أنهى الوضوء وإرادة الدخول في الصلاة فإنه تجري فيه قاعدة الفراغ . واستشكل بعضهم في أنه إن كان البلل موجودا فلا يعتني بشكه وإن كان البلل غير موجود فيعتني بشكه بناء على القول بالمضي والتجاوز الحقيقي فإنه لا يصدق عليه المضي والتجاوز الحقيقي . لكن عرفتم أن إرادة الدخول في الغير تكفي لصدق التجاوز عليه وكذلك الفراغ إذا كان بانيا على إنهاء العمل فيكفي لصدق الفراغ عليه.
وأما الغسل فحيث لا يعتبر فيه الموالاة فلو دخل في غيره كالصلاة وشك فيها أنه هل جاء بجزء الغسل فلا بد من إتيانه لأنه لا مجرى لقاعدة الفراغ ولا مجرى لقاعدة التجاوز لأنه لا موالاة بين أجزاء الغسل ويدل على ذلك رواية اللمعة الذي ذكرناه في باب الطهارة حين بقيت لمعة على جسد الإمام لم تغسل فأخبره أحد الأصحاب فأخذ الإمام مقدارا من الماء وغسله فيدل على الاعتناء بالشك هنا.
وكل ما ذكروه تفصيل لا طائل تحته وما ذكره السيد الخوئي كذلك فالتحقيق أن كلام المحقق النائيني صحيح في أن المضي يصدق بالإتيان بمعظم الأجزاء وأن البناء على إنهاء العمل كاف في الحكم بالفراغ وأن إرادة الدخول في الغير كافية للحكم بالتجاوز .