الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/02/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل قاعدة الفراغ والتجاوز هما قاعدة واحدة ؟

رابعا : ما ورد من الحصر في قوله (انما الشك في شيء لم تجزه) وهذا الحصر يدل على ان الشك اذا كان بعد الشيء لا اعتناء به والشارع عبدنا بعدم الاعتناء بالشك في هذا المورد فالشك في اثناء الشك يعتنى به وبعده لا يعتنى به وهذا هو المستفاد من مفهوم الحصر وهو يدل على كبرى كلية فانه يصدق ما اذا كان الشك في ما بعد الشيء في الجزء المركب او في نفسه فلا فرق بينهما وهذه هي الامور التي استفدناها من الاخبار التي دلت على قاعدتي الفراغ والتجاوز واطلاق الفراغ والتجاوز عليها حقيقتا من دون حاجة الى ارتكاب تجوز او اضمار او تقدير فما ذكره بعض الاصوليين ومنهم السيد الخوئي من ان هذه الروايات ظاهرة جدا باعتبارهما قاعدتين فهذا غير واضح فان لفظ الشيء له من العموم ولفظ التجاوز والفراغ لهما من الاطلاق ما يشمل .

المبحث الخامس : المراد من الفراغ والمراد من التجاوز فانه لا ريب ولا اشكال لو ارجعنا هاتين القاعدتين الى قاعدة واحدة باعتبار المضي والتجاوز فان لهما اطلاقان اطلاق في اثناء العمل باعتبار العمل لذلك الجزء واطلاق بعد العمل باعتبار وجود العمل واتمامه ، الا انهم قالوا ان القاعدة التي تجري بعد العمل تسمى قاعدة الفراغ والقاعدة التي تجري اثناء العمل باعتبار المحل الذي عينه الشارع تسمى قاعدة التجاوز فموردهما يختلف وليس قاعدتان تختلفان

اما لفظ الفراغ فله اطلاقات ثلاثة حقيقي واطمئناني الذي له سبب يطمئن له الشخص وثالثا الفراغ العرفي ، اما الفراغ الحقيقي ليس مراد في المقام لانه لا يستلزم الشك فلا يمكن اجتماع الفراغ اليقيني مع الشك واما الفراغ الاطمئناني ايضا غير مراد باعتباره خلاف التسهيل والامتنان فيبقى الاخير وهو الفراغ العرفي البنائي بان يرى المكلف نفيه بانيا على اتمام العمل والعرف يرى انه قد فرغ من العمل وشك فاذا كان بانيا على الفراغ منه فيسمى شك بعد الفراغ اما اذا كان باني على اثناء العمل فهو مجرى قاعدة التجاوز واذا شك في انه كان باني على الفراغ من العمل فلا يمكن الرجوع الى الاخبار التي وردت في ايدينا لانه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فلابد من الرجوع الى الاصول والقواعد الاخرى ومقتضى الاصل هو عدم البناء على الفراغ من العمل بلا فرق بين ان يكون باني وشك في جزء من اجزاء العمل او شك في الجزء الاخير من العمل وسيأتي ان شاء الله ان قاعدة الفراغ تشمل حتى اذا كان في الجزء الاخير من العمل .

واما بالنسبة الى التجاوز والمضي فله اطلاقان تجاوز مضي عن الجزء بمعنى انه نهى عن ذلك الجزء ودخل في جزء اخر وتارة اخرى تجاوز ومضي عن الجزء باعتبار محله الشرعي فلا ريب ولا اشكال في ان المراد من التجاوز والمضي هو المعنى الثاني أي المضي عن الشيء باعتبار محله الشرعي فان العمل المركب الذي له اجزاء تدريجية في الوجود اعتبر الشارع الاقدس ترتيب بين تلك الاجزاء بحيث لا يتقدم احدهما على الاخر فكل عمل ذو اجزاء تدريجية جعل الشارع بينها ترتيب فاذا شك في الجزء بعد تجاوز ذلك المحل فهذا يسمى التجاوز عليه فلا يعتني بشكه واما ان لم يأتي بالجزء الاخر فمعناه ان محل ذلك الجزء باقي على حاله فلابد ان يعيد ذلك الجزء المشكوك كما في حال الصلاة فان لها عمل يبدأ بالتكبيرة وينتهي بالتسليم فجعل الشارع بين هذه الاجزاء ترتيب فلا يجوز تقديم احدها على الاخر فلو شك في جزء بعد ان تجاوز محله فلا يعتني بشكه ومن شك في ذلك الجزء ولم يتجاوز عن محله فلابد ان يعتني بشكه .