الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل قاعدة الفراغ والتجاوز هما قاعدة واحدة ؟

لا مانع ثبوتا في اتحاد هاتين القاعدتين اما بجعلهما من صغريات اصالة م السهو والغفلة والجهل التي هي من الاصول العقلائية ولكن احد القاعدتين موردها اثناء العمل والاخرى بعد العمل ولكن يكون المورد سبب لاختلافهما فهو امر بعيد واما ما نستفيده من الاخبار وهي متعددة نذكر المهم

منها : ما رواه الشيخ في التهذيب بسنده عن ابن ابي يعقور في الموثق عن ابي عبد الله عليه السلام قال : اذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء انما الشك اذا كنت في شيء لم تجزه) [1] فهذه الرواية تدل على انه لو كان الشك في اثناء الوضوء فلابد ان يتني بشكه واما اذا كان بعد العمل في الوضوء وغيره فلا يعتني به فالحديث ظاهر في ان الشك اثناء العمل لابد من الاعتناء به ولكن قاعدة عامة في انك لو تجاوزت عن شيء له محل شرعي فلا تلتفت اليه وهذا يمكن استفادة الكلية .

ومنها : ما رواه الشيخ بسنده عن زرارة قال قلت لأبي عبد لله عليه السلام رجل شك في الاذان وقد دخل في الاقامة قال ع يمضي قلت رجل شك في الاقامة وقد كبر قال ع يمضي قلت رجل شك في التكبير وقد قرأ قال ع يمضي قلت شك في القراءة وقد ركع قال ع يمضي قلت شك في الركوع قال ع يمضي في صلاته ثم قال ع : يا زرارة اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي) فان صدر هذا الحديث يدل على صغريات في الخروج من شيء والدخول من غيره واما ذيل الحديث فانه يدل على كبرى كلية فكلمة (شيء) ما يشمل اثناء العمل وبعد العمل فيشمل الاجزاء ويشمل المجموع ولها من العموم ما يشمل العبادات وغير العبادات وقد خرج عن هذا العموم فقط خصوص الوضوء للرواية المتقدمة ، وانكر الشيخ النائيني قاعدة التجاوز وارجعها الى قاعدة الفراغ وقال ان قاعدة الفراغ تختص بخصوص الصلاة ولا تشمل غيرها ولكن عندما نطرح ذيل الحديث على الفهم العرفي نرى ان اهر هذا الحديث فيه من الكبرى الكلية التي تنطبق على الصلاة وغير الصلاة وكلمة (الشيء)لها من العموم والاطلاق ما يشمل كلا القاعدتين فما ذكره الشيخ النائيني بعيد عن سياق الرواية لكن وان كان للحديث من العموم ما يشمل جميع الموارد الا انه خرج باب الطهارات اما تخصيصا او تخصصا .

ومنها : موثقة ابن بكير عن محمد ابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال : كلما شككت به مما مضى فأمضى كما هو) [2] فان لهذه الرواية لها من الاطلاق ما يشمل الجزء ويشمل مجموع المركب وله من الاطلاق ما يشمل كلتا القاعدتين .

ومنها : معتبرة اسماعيل ابن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال : ان شك في الركوع بعدما سجد فليمضه وان شك في السجود بعد ما قام فليمضه كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمضه) وكلمة الشيء يشمل الجزء ويشمل مجموع المركب .

ومنها : ما رواه حماد ابن عثمان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اشك وانا ساجد فلا ادري ركعت او لا قال عليه السلام قد ركعت) وهذه الرواية تطبيق كسابقتها للكبرى الكلية .

والمستفاد من هذه الروايات : اول انها تدل على قاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ فالبعض يدل على اثناء العمل واخرى تدل على بعد العمل ومنها ما يشمل كلا الامرين فلا ريب ولا اشكال في دلالة هذه الروايات على مشروعية قاعدة التجاوز وقاعدة الفراغ

ثانيا : ان المستفاد منها التعبدية فلو شك في اثناء العمل فيمضي أي يتعبد بان الشيء موجود وكذلك اذا شك من بعد العمل في ان هذا العمل صحيح او ليس بصحيح فيمضي ويتعبد بكون العمل صحيح ولكن هل نستفيد من الروايات التعبدية المحضة بحيث تكون القاعدة قاعدة شرعية محضة ام انها من صغريات اصالة عدم الغفلة والسهو والخطء التي هي من الاصول العقلائية

ثالثا : ان هذه الروايات كما يستفاد منها قاعدة التجاوز الشك اثناء العمل يستفاد منها الشك بعد العمل ولكن كلتاهما يرجعان الى شيء واحد لكلمة (الشيء) الواردة في بعض هذه الروايات التي لها من العموم ما يشمل الاجزاء واثناء العمل ويشمل الفراغ أي المجموع المركب وسميت القاعدة التي تجري اثناء العمل بقاعدة التجاوز وسميت القاعدة التي تجري بعد العمل بقاعدة الفراغ فهو اصطلاح من العلماء والا فهو غير مذكور من الروايات .


[1] القواعد الفقهية، السيد البجنوردي، ج1، ص336.
[2] القواعد الفقهية، السيد البجنوردي، ج1، ص300.