الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : هل قاعدة الفراغ من الأصول أو الأمارات ؟
والأصول منها تنزيلية مثل الاستصحاب ومنها غير تنزيلية ولا ريب أن قاعدة الفراغ والتجاوز ليست من الأصول غير التنزيلية ؟ ولكنهم اختلفوا هل هي من الأصول التنزيلية أو من الأمارات.
كما أنهم اتفقوا على تقدم قاعدة الفراغ والتجاوز على الأصول سواء كانت تنزيلية أو غير تنزيلية.
ذهب بعضهم إلى كونها من الأمارات مستدلا بوجهين :
الوجه الأول :
أن مقومات الأمارة أمران
الأول : كاشفيتها وطريقيتها ولو كان كشفا ناقصا. لأن الكشف التام التكويني في القطع فقط.
الثاني : أن الشارع يتمم هذا الكشف ولا يردع عنه فإذا ردع عنه فليس بأمارة كما ألغى كاشفية القياس فلم يكن أمارة وإذا لم يكن فيه أي جهة كشف واعتبره الشارع كاشفا فهو أصل تنزيلي .
إذن قاعدة الفراغ والتجاوز أمارة لكاشفيتها وتتميم الشارع لكاشفيتها واعتبارها طريقا لصحة وتمام العمل المشكوك بنقص جزء منه بعد الفراغ فجعله الشارع تاما أو أثناء العمل كذلك.
الوجه الثاني : استدل بالروايات الواردة كقوله ع "هو أذكر " أثناءالعمل . فهذا يدل على تمام العمل وكاشفيتها عن تمام العمل.
لكن التحقيق أن روايات قاعدة الفراغ والتجاوز مختلفة ففي بعضها " إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره وشككت فشكك ليس بشيء " وكذا قوله ع " كل ما مضى من صلاتك وطهورك قذكرته تذكرا فامضه ولا إعادة عليك " فهذا يدل على عدم الاعتناء بالشك أي نزل الشك منزلة المعدوم فالفراغ والتجاوز أصل تنزيلي تعبدي محض لا يكشفان عن شيء كما يظهر من هذه الروايات.
فلا يمكن الاستفادة من الأخبار في تعيين أنها أصل تنزيلي أو أمارة فلا بد من المصير إلى أمر آخر.
والحق أنهما من القواعد العقلائية التي كشف عنها الشارع كسائر القواعد الفقهية وهي من صغريات أصالة عدم السهو والخطأ والغفلة والشارع قرر وأشار إلى ذلك .فالإنسان إذا أراد عملا فإن إرادته تتعلق بأن يأتي به تام الأجزاء والشرائط خاليا من الموانع وأما أن تتعلق إرادته بأن يأتي به ناقصا أو مع المانع فهذا خلاف الفرض . وما يطرأ على العمل من نقص فهو بسبب النسيان والغفلة والأصل أن الإنسان يريد أن يأتي بعمله كاملا .
وقد تظهر الثمرة فيما إذا قلنا بأنها أمارة وقلنا بأن الأمارات حجة في لوازمها العقلية دون مثبتات الأصول فلو شك بأنه أتى بالصلاة بوضوء ثم صححنا الصلاة والوضوء فاللازم العقلي أن هذه الطهارة يصح أن يأتي بها بأعمال أخرى غير الصلاة التي كانت مشكوكة الطهارة . لكن لا صحة للقول بأن مثبتات الأمارة حجة دون الأصول ولا كلية لهذه المقولة بل المتبع هو العرف فإذا حكم العرف في أمارة من الأمارات بأن لازمها حجة أخذ به وكذا إذا حكم العرف في أصل من الأصول أنه حجة في مثبتاته . فلا ثمرة عملية في القول بأن قاعدة الفراغ والتجاوز أصل تنزيلي أو أمارة . فهما يتقدمان على الاستصحاب على كل حال .