الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/12/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تعارض الاصلين

واما ما ذهب اليه السيد الصدر رحمه الله وهو اذا كان دليل الاصليين دليل اصلين عرضيين متنافيين ودليلهما واحد كما في توارد الحالتين فانه لا يجري الاصل في المقام لاستلزام التنافي بينهم في دليل الحجية اما اذا كان لكل اصل دليل يثبت كل واحد منهما به فعندئذ نرجع الى ملاك الاخصية فان كان في احدهما اخصيه يتقدم على الاخر لذلك قال رحمه الله ان قاعدة اليد وقاعدة التجاوز تتقدمان على الاستصحاب باعتبار اخصيتهما ، واما البراءة الشرعية فان الاستصحاب يتقدم عليها ان كانت الشبهة موضوعية فلأجل السببية فان الاستصحاب سبب لرفع الشك في الشبهات الموضوعية اما في حالة الشبهات الحكمية فان كانت البراءة عقلية فان الاستصحاب يتقدم عليها بملاك الورود وان كانت براءة شرعية فان الاستصحاب يتقدم عليها بملاك الاظهرية فان دليل الاستصحاب لا تنقض اليقين بالشك ابدا

وهذه هي الاقول في المورد الثاني وهو ما اذا كان هناك اصلان عرضيان متنافيان ولكن الكل لا يمكن المصير اليه الا اذا رجعت هذه الاقوال الى القرينية العرفية فاذا استفاد العرف من دليل الاستصحاب ان الاستصحاب تصرف في الدليل الاخر اما بقرينة الاخصية او بقرينة الاظهرية او بقرينة اخرى يعينها العرف يكون تقديم الاستصحاب على غيره اما اذا لم توجد قرينة عرفية فيتعارضان ويتساقطان وحينئذ لابد من الرجوع الى العرف في تعين خصوصيات هذه القرينة وهذا التقدم سميه بالحكومة او بالورود او بالتنزيل فلا مشاحة في التسمية

وعلى هذا الاساس نقول في المقام في المورودين السابقين ففي الاول العرف يستفيد من دليل الاستصحاب انه بمنزلة الدليل ويعتمد عليه في حالة الشك لان فيه حالة سابقة وهي لم توجد في سائر الاصول العملية فالدليل اما ان يكون حقيقي علما او امارة واما ان يكون دليل تنزيلي وهو الاستصحاب ولا اشكال في ان الدليل بكلا قسميه يتقدم على سائر الاصول العملية يرفع موضوعها سواء كان الدليل حقيقي او تنزلي وحينئذ في مورد الدليل الحقيقي ان كان التقدم على سائر الاصول بملاك الورود يكون الدليل التنزيلي ايضا بملاك الورود وان كان الدليل الحقيقي متقدم على سائر الاصول العملية بملاك الحكومة يكون الدليل التنزيلي ايضا متقدم على سائر الاصول بملاك الحكومة

وبالجملة الدليل حاكم مطلقا انما يتقدم على الاصول مطلقا والاستصحاب من الدليل التنزيلي ومن هنا قلنا في ما سبق من كلامنا انه لو قلنا بتقديم الاصل غير الاستصحاب على الاستصحاب لأستلزم اللغو الباطل او يستلزم التخصيص بلا مخصص ولذلك قلنا ان الفهم العرفي لدليل الاستصحاب هو الذي اوجب تقدم الاستصحاب على سائر الاصول لان فيه حالة سابقة وفيها دليل مفاده ومؤداه نجريه في حالة الشك بلا فرق بين ان يكونا الاصلان متفقان في المؤدى او مختلفان .

المورد الثاني : في تعارض الاستصحابين واي واحد منهما يتقدم على الاخر والاقسام فيه ستة :-

القسم الاول : ما اذا كان الشك في احدهما مسبب عن الشك في الاخر كما اذا كان الشك في كرية الماء الموجب للشك في طهارة الثوب المتنجس المغسول فيه فاذا شككنا في كرية الماء وانه ليس بكر واذا غسلنا فيه شيء لا يوجب تطهيره بل الماء يتنجس حينئذ بينهم سببيه ومسببيه فيتقدم الاصل الجاري في السبب على الاصل الجاري في المسبب لفهم العرف من ان ازالة الشك في الاول يوجب ازالة الشك في الثاني فاذا استصحبنا كرية الماء فيوجب طهارة الثوب المغسول فيه ولو عكسنا الامر واجرينا الاستصحاب في السبب دون المسبب يستلزم التخصيص بلا مخصص .

القسم الثاني : ان يكون الشك في كل واحد منهما مسبب عن الاخر وهذا القسم لا وجود له لا في الشرعيات ولا في الخارج لاستلزامه الدور انما هو مجرد فرض .

القسم الثالث : ان لا يكون بينهما سببية ومسببيه لكن في جريان الاصل في الطرفين يستلزم مخالفة عملية وذلك ما اذا علمنا بنجاسة احد الأناءين فلو اجرينا الاصل في كلا الاناءين يستلزم مخالفة عملية وهو وجود نجاسة في البين فكيف كون العمل بكليهما مع علمنا بنجاسة احدهما فيجري الاصل في كل واحد منهما ويتساقطان في التعارض ولا يجري الاصل في الفرد المردد منهما لانه لا وجود له لا في الخارج ولا في الذهن كما لا يجري الاصل في احدهما دون الاخر لانه ترجيح بلا مرجح ولذلك قالوا ان العلم التفصيلي بنجاستهما معا يوجب اجتنابها معا كذلك العلم الاجمالي بنجاسة احدهما يوجب الاجتناب عنهما معا هذا ما تقدم في بحث العلم الاجمالي .